الرئيسية
رؤية لرجل سيموت وهو يغني كتبها : وليد رباح
زائر الليل والنهار لا يرحم .. يأتيك دون ان تستدعيه وفي يده منجل تحده الشفرات من كل جانب ليقول لك ( انبطح ارضا يا رجل ) فاني قد جبت الفيافي بحثا عنك لكي استل منك الروح وارمي بجسدك الذي سيتعفن الى قارعة الطريق .. فان كنت راض عما افعله فابتسم ..و الا فلك ان تكشر او تغضب او تنوح او تبكي او تضحك معلنا عن هستيريتك التي تثبت انك قد جبت الدنيا عرضا وطولا وفي نهايتك انت خرقة بالية لا تساوي حتى ( نكلة) بالعملية العثمانية القديمة .تحاول ان ترشوه .. ان تصنع له فنجانا من القهوة العربية الرائعة فتكتشف انه لا يشرب القهوة ولا يأكل المناسف .. ترمي برزمة النقود التي تقتنيها تحت مخدتك عله يبتعد عنك ولكنك تعلم ان النقود لا تساوي شيئا عنده .. فهو لا يشتري أو يبيع وانما يدخل دون استئذان فيأخذ ما يريد ثم يخرج حاملا معه اغلى ما يمتلكه الانسان .. الروح ..تحاول ان تغريه ان يأخذ روح جارك قبل ان يأخذ روحك .. فذلك سمين مكتنز اللحم عصي على المزاح يأكل المال الحرام ويغطس في الخمر والميسر حتى اذنيه فيقول لك بكل رفق وهدوء : لم يأت يومه بعد .. اليوم هو يومك .وعندما تخفق كل المحاولات التي تبذلها تحاول ان تستنجد باولادك .. بزوجتك .. بجيرانك . ولكنك تكتشف ان صوتك قد اختنق في حنجرتك فلا يخرج ولا يسمعه احد غيرك .. ثم تبدأ شفرات سيف عزرائيل بالتحرك يمينا وشمالا بصورة لولبية وهي تقترب من عنقك البض الذي كان في هذه الدنيا يطاول السحاب مثل عنق الغزال فتتحسسه برعب .. ترجوه ان يتوقف قليلا .. ان يعرض عليك آخر امنية يمكن ان تصل الى اقربائك قبل ان تذهب الى العالم الاخر .. يعطيك ورقة وقلما ويجلس قبالتك لتكتب وصيتك .
الوصيــــــــــــــــةسيداتي وسادتيأنا العبد لله .. فقيره الذي كنت في الدنيا ابيع الحرام واحلف اغلظ الايمان انه حلال من صلب حلال .. اقتني المال والذهب والفضة واغرفها من عرق اليتامى والثكالى والمحرومين والجائعين .. وافخر بيني وبين نفسي انني اضحك على ذقونهم .. ابيع كل المواد المتعفنة التي اشتريها واحلف انها طازجة لم يمسسها احد .. افصل التهم للناس على مقاساتهم فمنهم الخائن والجاسوس والعميل والرذيل .. الوطني والقومي والاسلامي والاقليمي .. السعيد والتعس .. القاتل والمقتول .انا المواطن التعس الذي كان الناس يرونني ذاهبا الى المساجد تارة والى الكنائس تارة اخرى كي اثبت لكل من حولي انني شريف عفيف لا التزم بدين معين لانه لله .. ثم من بعد ان اخرج من المسجد او الكنيسة اخلي طرفي من الاخرة واذهب لملاذ الدنيا فاكتنز كل ما تصل اليه يدي ..انا الخائف دائما على مستقبلي ومستقبل اولادي وليذهب مستقبل الناس الى الجحيم .. الذي يشبع وليجع كل الناس .. الذي يدعو على كل من يسوق سيارة فاخرة ان يبتليها الله بحادث ضخم لتصبح حطاما لا اثر لها .. غيور حسود فاجر متعجرف يصعر خده للناس كلما مر بهم في الاسواق .انا المواطن (س) الذي يضعف امام الحسناوات فيفرغ كل ما في جعبته امامهن .. ارضيهن واغضب الله .. امالؤهن على حساب اهلي وعائلتي .. انهل من جمالهن ثم اختفي فجأة للبحث عن اخرى . أنا الذي جمع كل مثالب الدنيا بين يديه .. وحاول ان يقنع الناس انه لطيف المعشر خفيف الظل فائق الحسن جميل الطلعة لا تشوبه شائبة ..انا كل ذلك .. اكتب وصيتي على من يجدها ان ينفذ بعضا منها حسب استطاعته لانني كتبتها في ظروف عصيبة وملك الموت ينظر الى ( قرعتي) يتلمظ لحشها والقائها على قارعة الطريق ..اذا مت ادفنوني هنا .. لان مدافن الوطن موبأ للعب القمار والخارجين على القانون والسكارى والحائرين ومن لا يجدون مكانا يأوون اليه سوى المقابر ..اذا مت ادفنوني في هذه البقعة . حيث الاشجار والورود والنخيل والاعناب والبساط الربيعي الذي ينمو حول القبور بمناظر خلابة لان مدافننا في الوطن جرداء قاحلة كئيبة المنظر لا تسر العين ولا يستريح لها القلب .اذا مت ادفوني في منتصف المقبره .. حيث الزهور تفوح من كل جانب فاستعيض عن وحشة الموت بشم الياسمين الذي يأتيني من كل المنازل القريبة من المدفن .. اما هناك فان المقبرة مركزا للمخاوف والجن والعفاريت فلا يؤمها الناس الا اياما معدودات لكي يدفنوا نزيلا آخر ثم يخرجون بمثل ما اتوا به من السرعة حتى لا تطاردهم جموع الجن وحشود العفاريت ..اذا مت مدافن امريكا اولى بجسدي .. هنا تجد كل شىء في المدفن .. حتى انك ان فكرت ان تخرج من القبر يوما لتلعب الورق او الكوتشينه فانك يمكن ان تجد مقاعد تجلس اليها .. اما هناك فان القبور تتخذ مراكز للواط وتنبش وتدفن فيها الخبايا واللقايا تختزن ليوم الكريهة ..هنا ايها السادة لا تشعر انك ميت ان دفنت .. لماذا ؟ لان جسدك محترم لا يمكن ان يعتدي عليه احد .. اما هناك فان اكتشف الاهل بعد موتك انك تحتفظ بسن ذهبي فانهم ينبشون قبرك لخلع ذلك السن وبيعه .. وربما كان العذر لهم لانهم لا يجدون ما يأكلون ..هنا ايها السادة يلغى كل شىء بعد الموت .. فلا يتابعك اللدائنون ولا يلحقك السماسرة والبائعو تجار الاغذية .. اما هناك فيمكن ان ينبش قبرح وتعاد محاكمتك عندما تكتشف ادلة ضدك تفيد انك فعلت شيئا ضد السلطة في زمانك ..هنا في هذه الارض يمكن ان تحاكم ان كنت وزيرا او اميرا او متنفذا اثناء حياتك .. وهناك يمكن ان تحاكم ان كنت وزيرا او مسئولا بعد موتك .. وعادة ما تتذكر اجهزة الامن انك ارتكبت الخطايا في حياتك فيحاسبونك بعد موتك ..سيداتي وسادتي لا تظنو ا انني اروج لهذه البلاد واحسنها في عيونكم حتى تدفنوا موتاكم فيها .. ولكني ادعوكم الى التعلم كيف يمكن للبشر ان يكونوا سعداء في مقابرهم حتى بعد موتهم ..فقد يجوب الانسان هذه الارض طولا وعرضا ، ويشقى فيها وتتشقق قدماه تعبا .. ولكنه في النهاية بحاجة الى قطعة من الارض لكي يستريح فيها من عناء الدنيا .. فلا اقل من ان تكون قطعة الارض هذه جميلة المنظر تسر من يزوره يوما في مقبرته ..ايها السادة .. ايتها السيدات .. ان ملك الموت يستعجلني .. وهذه كلمة اخيرة لكم .. لقد اعطاني فرصة لكي اموت وانا اغني .. فتلك اجمل ما يمكن للانسان ان يفعله في حياته الاخيرة .. وقد يكون الغناء صلاة ان كنت مقتنعا ان الله سوف يقبلها .. لقد عشت هذه الدنيا طولا وعرضا وكنت اظنها ملكا لي .. فاذا بها مثل رماد يمكن ان يتطاير عندما تذروه الرياح .. والسلام
زائر الليل والنهار لا يرحم .. يأتيك دون ان تستدعيه وفي يده منجل تحده الشفرات من كل جانب ليقول لك ( انبطح ارضا يا رجل ) فاني قد جبت الفيافي بحثا عنك لكي استل منك الروح وارمي بجسدك الذي سيتعفن الى قارعة الطريق .. فان كنت راض عما افعله فابتسم ..و الا فلك ان تكشر او تغضب او تنوح او تبكي او تضحك معلنا عن هستيريتك التي تثبت انك قد جبت الدنيا عرضا وطولا وفي نهايتك انت خرقة بالية لا تساوي حتى ( نكلة) بالعملية العثمانية القديمة .تحاول ان ترشوه .. ان تصنع له فنجانا من القهوة العربية الرائعة فتكتشف انه لا يشرب القهوة ولا يأكل المناسف .. ترمي برزمة النقود التي تقتنيها تحت مخدتك عله يبتعد عنك ولكنك تعلم ان النقود لا تساوي شيئا عنده .. فهو لا يشتري أو يبيع وانما يدخل دون استئذان فيأخذ ما يريد ثم يخرج حاملا معه اغلى ما يمتلكه الانسان .. الروح ..تحاول ان تغريه ان يأخذ روح جارك قبل ان يأخذ روحك .. فذلك سمين مكتنز اللحم عصي على المزاح يأكل المال الحرام ويغطس في الخمر والميسر حتى اذنيه فيقول لك بكل رفق وهدوء : لم يأت يومه بعد .. اليوم هو يومك .وعندما تخفق كل المحاولات التي تبذلها تحاول ان تستنجد باولادك .. بزوجتك .. بجيرانك . ولكنك تكتشف ان صوتك قد اختنق في حنجرتك فلا يخرج ولا يسمعه احد غيرك .. ثم تبدأ شفرات سيف عزرائيل بالتحرك يمينا وشمالا بصورة لولبية وهي تقترب من عنقك البض الذي كان في هذه الدنيا يطاول السحاب مثل عنق الغزال فتتحسسه برعب .. ترجوه ان يتوقف قليلا .. ان يعرض عليك آخر امنية يمكن ان تصل الى اقربائك قبل ان تذهب الى العالم الاخر .. يعطيك ورقة وقلما ويجلس قبالتك لتكتب وصيتك .
الوصيــــــــــــــــةسيداتي وسادتيأنا العبد لله .. فقيره الذي كنت في الدنيا ابيع الحرام واحلف اغلظ الايمان انه حلال من صلب حلال .. اقتني المال والذهب والفضة واغرفها من عرق اليتامى والثكالى والمحرومين والجائعين .. وافخر بيني وبين نفسي انني اضحك على ذقونهم .. ابيع كل المواد المتعفنة التي اشتريها واحلف انها طازجة لم يمسسها احد .. افصل التهم للناس على مقاساتهم فمنهم الخائن والجاسوس والعميل والرذيل .. الوطني والقومي والاسلامي والاقليمي .. السعيد والتعس .. القاتل والمقتول .انا المواطن التعس الذي كان الناس يرونني ذاهبا الى المساجد تارة والى الكنائس تارة اخرى كي اثبت لكل من حولي انني شريف عفيف لا التزم بدين معين لانه لله .. ثم من بعد ان اخرج من المسجد او الكنيسة اخلي طرفي من الاخرة واذهب لملاذ الدنيا فاكتنز كل ما تصل اليه يدي ..انا الخائف دائما على مستقبلي ومستقبل اولادي وليذهب مستقبل الناس الى الجحيم .. الذي يشبع وليجع كل الناس .. الذي يدعو على كل من يسوق سيارة فاخرة ان يبتليها الله بحادث ضخم لتصبح حطاما لا اثر لها .. غيور حسود فاجر متعجرف يصعر خده للناس كلما مر بهم في الاسواق .انا المواطن (س) الذي يضعف امام الحسناوات فيفرغ كل ما في جعبته امامهن .. ارضيهن واغضب الله .. امالؤهن على حساب اهلي وعائلتي .. انهل من جمالهن ثم اختفي فجأة للبحث عن اخرى . أنا الذي جمع كل مثالب الدنيا بين يديه .. وحاول ان يقنع الناس انه لطيف المعشر خفيف الظل فائق الحسن جميل الطلعة لا تشوبه شائبة ..انا كل ذلك .. اكتب وصيتي على من يجدها ان ينفذ بعضا منها حسب استطاعته لانني كتبتها في ظروف عصيبة وملك الموت ينظر الى ( قرعتي) يتلمظ لحشها والقائها على قارعة الطريق ..اذا مت ادفنوني هنا .. لان مدافن الوطن موبأ للعب القمار والخارجين على القانون والسكارى والحائرين ومن لا يجدون مكانا يأوون اليه سوى المقابر ..اذا مت ادفنوني في هذه البقعة . حيث الاشجار والورود والنخيل والاعناب والبساط الربيعي الذي ينمو حول القبور بمناظر خلابة لان مدافننا في الوطن جرداء قاحلة كئيبة المنظر لا تسر العين ولا يستريح لها القلب .اذا مت ادفوني في منتصف المقبره .. حيث الزهور تفوح من كل جانب فاستعيض عن وحشة الموت بشم الياسمين الذي يأتيني من كل المنازل القريبة من المدفن .. اما هناك فان المقبرة مركزا للمخاوف والجن والعفاريت فلا يؤمها الناس الا اياما معدودات لكي يدفنوا نزيلا آخر ثم يخرجون بمثل ما اتوا به من السرعة حتى لا تطاردهم جموع الجن وحشود العفاريت ..اذا مت مدافن امريكا اولى بجسدي .. هنا تجد كل شىء في المدفن .. حتى انك ان فكرت ان تخرج من القبر يوما لتلعب الورق او الكوتشينه فانك يمكن ان تجد مقاعد تجلس اليها .. اما هناك فان القبور تتخذ مراكز للواط وتنبش وتدفن فيها الخبايا واللقايا تختزن ليوم الكريهة ..هنا ايها السادة لا تشعر انك ميت ان دفنت .. لماذا ؟ لان جسدك محترم لا يمكن ان يعتدي عليه احد .. اما هناك فان اكتشف الاهل بعد موتك انك تحتفظ بسن ذهبي فانهم ينبشون قبرك لخلع ذلك السن وبيعه .. وربما كان العذر لهم لانهم لا يجدون ما يأكلون ..هنا ايها السادة يلغى كل شىء بعد الموت .. فلا يتابعك اللدائنون ولا يلحقك السماسرة والبائعو تجار الاغذية .. اما هناك فيمكن ان ينبش قبرح وتعاد محاكمتك عندما تكتشف ادلة ضدك تفيد انك فعلت شيئا ضد السلطة في زمانك ..هنا في هذه الارض يمكن ان تحاكم ان كنت وزيرا او اميرا او متنفذا اثناء حياتك .. وهناك يمكن ان تحاكم ان كنت وزيرا او مسئولا بعد موتك .. وعادة ما تتذكر اجهزة الامن انك ارتكبت الخطايا في حياتك فيحاسبونك بعد موتك ..سيداتي وسادتي لا تظنو ا انني اروج لهذه البلاد واحسنها في عيونكم حتى تدفنوا موتاكم فيها .. ولكني ادعوكم الى التعلم كيف يمكن للبشر ان يكونوا سعداء في مقابرهم حتى بعد موتهم ..فقد يجوب الانسان هذه الارض طولا وعرضا ، ويشقى فيها وتتشقق قدماه تعبا .. ولكنه في النهاية بحاجة الى قطعة من الارض لكي يستريح فيها من عناء الدنيا .. فلا اقل من ان تكون قطعة الارض هذه جميلة المنظر تسر من يزوره يوما في مقبرته ..ايها السادة .. ايتها السيدات .. ان ملك الموت يستعجلني .. وهذه كلمة اخيرة لكم .. لقد اعطاني فرصة لكي اموت وانا اغني .. فتلك اجمل ما يمكن للانسان ان يفعله في حياته الاخيرة .. وقد يكون الغناء صلاة ان كنت مقتنعا ان الله سوف يقبلها .. لقد عشت هذه الدنيا طولا وعرضا وكنت اظنها ملكا لي .. فاذا بها مثل رماد يمكن ان يتطاير عندما تذروه الرياح .. والسلام
