تحولت قضية حديد التسليح في مصر إلى لغز كبير ، الحديد "ولع" خلال الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة بصورة عجيبة ، والكل نفض يده من غلاء الأسعار ، يتحرك الحديد من أربعة آلاف للطن حتى وصل إلى حافة التسعة آلاف ، وأصبحت هناك ظاهرة طريفة جديدة في مصر ، وهي ظاهرة الطوابير على شراء حديد التسليح ، لأن هناك حالة هوس الآن بأن الحديد لن يقف ، وهناك حالة من عدم اليقين بما سوف يحدث غدا ، وتوقع الأسوأ دائما ، لأن الحكومة لا تستطيع أن تقف في وجه "أباطرة" الحديد ، ولأول مرة نجد الصراع علنيا بين رجل أعمال نافذ وبين الحكومة ووزيرها المختص رغم أنه رجل أعمال أيضا ، كما هو الحال بين أحمد عز وبين رشيد محمد رشيد ، حيث يبدو الوزير ضعيفا ومحبطا ، مثل قيادات المعارضة التي تصرخ أمام الميكروفونات وتهدد بالاحتجاج على غلاء الحديد ، والامبراطور يقبع في استرخاء تام يوزع ابتساماته وتوجيهات في البرلمان غير عابئ بهذه المعارضة التي يمثلها الوزير والحكومة ، هذا الوضع المقلوب وأمثاله هو الذي يعطي الانطباع بأن أحوال البلد شديدة الاضطراب ، وأنه لم يعد هناك يقين بأن الناس تتعامل مع دولة بالمفهوم المؤسسي ، وباستثناء صورة الأمن وكتائب الأمن المركزي التي تنتشر في الشوارع بكثافة مخيفة عند أصغر نازلة ، باستثناء ذلك لن تجد أي انطباع يوحي للمواطن بأنه يتعامل مع دولة ، وقضية حديد التسليح حالة نموذجية للمخاطر التي تحدثنا عنها قبل ذلك كثيرا ، من خطورة تزاوج السلطة والثروة ، بتلك الصورة الفجة ، خطورة أن يكون رجل الأعمال هو الذي يحدد سياسات الدولة وينفذها ، لأنه في النهاية لن يخدم إلا مصالحه والبيزنس الخاص به ، وبالتالي أصبحنا أمام هذا المشهد الغريب ، الذي تبدو فيه الدولة عاجزة ووزيرها عاجز عن أن يتخذ قرارا أو يمنع احتكارا ، مجرد "هتيف" أمام الميكروفون ، والذي يثير دهشتك أكثر أنه عندما فكرت الحكومة في استخدام بعض قدراتها غير المباشرة لتحجيم هذا "الاستهبال" في رفع أسعار الحديد ، وقررت أن تلغي الجمارك المفروضة على استيراد حديد التسليح ، وقامت الصحف القومية بعمل "زفة" كبيرة لهذا القرار الخطير الذي سيرغم "أباطرة" الحديد على التواضع وخفض الأسعار ، وهو كلام صحيح بالفعل رياضيا ، لكن المدهش أن العكس هو الذي حدث ، فبعد أسبوع واحد فقط من انخفاض الأسعار عادت الأسعار إلى الارتفاع بوتيرة أسرع وأكثر وحشية ، وهذا أمر يصعب فهمه بأي مقاييس اقتصادية ، وقد لاحظ المتابعون لهذا الملف انتشار الحملات الأمنية المكثفة على تجار الحديد وخاصة المستورد ، والقيام بالضبط والمصادرة والحجز على الحديد ، بدون أي اتهامات محددة ، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء ، أو بمعنى آخر "الراجل يروح يستورد من وراء أحمد عز" ، مما أدى إلى وقف عملية الاستيراد تقريبا ، خوفا من المداهمات الأمنية والملاحقات ، وعلى الرغم من أن معظم المتضررين في مجلس الشعب الارتفاع الجنوني للحديد هم من أعضاء الوطني ، إلا أن أحدا منهم لم يجرؤ على التحرك ضد هذا الهوس ، وانتظروا أو ربما تمنوا ، وربما طلبوا ، من مصطفى بكري أن يتقدم ببلاغه إلى النائب العام ، وحسنا فعل ، وواضح من استجابة النائب العام السريعة للتحقيق وإحالة الملف إلى رشيد محمد رشيد أن هناك جناحا في الدولة يشعر بالغضب الشديد والاستياء مما يحدث ، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بالعجز عن التصدي "للامبراطور" ، وأعتقد أنهم لن يفلحوا ، لأن الحكومة التي يراها الناس هي في الحقيقة حكومة ظل للحكومة الفعلية .
مواضيع مماثلة
2 مشترك
امبراطورية الحديد
love@egypt- اركان حرب
عدد الرسائل : 3141
العمر : 34
الموقع : بتنا
العمل/الترفيه : بخنق في زميلي وبشارك في المنتدي
المزاج : يعني شويه كده وشويه كده
السٌّمعَة : 4
نقاط : 147
تاريخ التسجيل : 09/05/2008
- مساهمة رقم 1
امبراطورية الحديد
new_star174- عميد
عدد الرسائل : 769
العمر : 39
الموقع : مصر
العمل/الترفيه : صاحب شركة كمبيوتر
السٌّمعَة : 3
نقاط : 21
تاريخ التسجيل : 07/05/2008
- مساهمة رقم 2
رد: امبراطورية الحديد
طول مافى احتكار للحديد اللى يمنع الاسعار من الارتفاع
واحد يقدر يكسب كتير مش هيرضى
واحد بيتحكم فى الحديد مش هيغلى
ايه المانع
فى حد يوقفه ؟
فى حد ينافسه؟
واحد يقدر يكسب كتير مش هيرضى
واحد بيتحكم فى الحديد مش هيغلى
ايه المانع
فى حد يوقفه ؟
فى حد ينافسه؟