تلقى الرسائل المجهولة التى تلقاها الدكتور طه حسين أو أرسلها إلى آخرين أضواء ليس على صاحبها فقط بل على عصر من التنوير وجيل اختلفت فيه الآراء ولا تزال. ويحظى حسين الذي لقب بعميد الأدب العربي إلى الآن بمكانة مرموقة في الفكر العربي باعتباره نموذجا للمفكر الموسوعي الذي يؤمن بأن له دورا أكبر من حدود الجامعة فهو الذي أطلق صيحة "التعليم كالماء والهواء" حين أصبح وزيرا للمعارف (التعليم) في مصر عام 1950. والرسائل التي تنشر لأول مرة ضمها مجلد ضخم يقع في 1081 صفحة كبيرة القطع بعنوان (طه حسين.. الوثائق السرية) وحققه الناقد المصري عبد الحميد إبراهيم وأصدرته دار الشروق بالقاهرة.
وقال إبراهيم في تقديم الكتاب إن اللحظة التاريخية في مطلع القرن العشرين "انتقت شخصا واحدا له من الملكات والقدرات ما يستطيع به أن يفي بمقتضياتها" في إشارة إلى عميد الأدب العربي (1889 - 1973). لكنه أشار تحت عنوان (لحظة التغريب) إلى أن كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) الذي صدر للعميد عام 1938 كان "وثيقة إعلان انتصار النموذج الأوروبي. إن النموذج الأوروبي لم يعد قابلا للنقاش عند طه حسين كما أن الظواهر الأوروبية التي تغلبت على حياتنا المادية والمعنوية لم يعد يفهمها طه حسين مرتبطة بلحظتها التاريخية ولم يعد ينظر إليها بموضوعية من خلال تراث المنطقة."
وأضاف أن حسين لم يكن يهدف من وراء المقارنة بين النموذجين الغربي والشرقي إلى الخلاص من الجهل في بيئته وإنما "إلى تفريغ النموذج الشرقي من ثقافته وثوابته وإعداده لكي يتقبل الحياة الجديدة ويندمج في الثقافة الأوروبية... طه حسين وضع البذور الأولى لتفريغ الحضارة العربية من عنصر الدين" مشيرا إلى أنه كان يستخدم أسلوبا مناورا لا يجاهر فيه بالفكرة بل "يدسها" عبر أسلوبه الجميل الذي يتسلل إلى مشاعر القارئ. وربما تكون الصفحات التسعون التي شغلتها مقدمة إبراهيم موضوعا لدراسة أو كتاب مستقل عن فكر العميد وليس مكانها المناسب كتابا عن رسائل أقرب إلى مدخل إنساني إليه. ويضم الكتاب رسائل وقصائد مجهولة كتبها شعراء وأدباء بارزون في مدح العميد ومنهم العراقي محمد مهدي الجواهري واللبنانيان خليل مطران وجورج جرداق والمغربي علال الفاسي ومن المصريين عباس محمود العقاد وأحمد زكي وإحسان عبد القدوس والشيخ محمد متولي الشعراوي.
وتكشف الرسائل عن جانب من شخصية كاتبيها إذ يكتب عبد القدوس رسالة للعميد الذي عاتبه على عدم إرسال كتبه إليه فيقول إن مشكلته "الحقيقية أني منذ عامين وقد فقدت الثقة في نفسي إلى حد أني لم أعد مقتنعا بأن لي إنتاجا أدبيا يستحق أن يقرأه أستاذي الكبير طه حسين. ووجدت نفسي صريع أزمة نفسية قاسية أبعدتني عن كل الناس وكل مراكز الحركة وكل من أحبهم واكتشفت في نفسي أني إنسان ضعيف غاية الضعف."
ويضيف عبد القدوس الذي اكتسب شهرة من جرأته في تناول القضايا الاجتماعية وبخاصة ما يمس تحرر المرأة أنه ظل يحمل ضعفه منذ الطفولة وكان يحاول إخفاءه "تحت ستار من العناد الكاذب والغرور المفتعل" وأنه كان لا يستطيع الهروب من ضعفه إلا عندما يكتب.
كما تكشف الرسائل مستوى الرقي في التخاطب بين المثقفين حتى لو اختلفت مذاهبهم. إذ تبدأ رسائل العقاد بكثير من الاحترام "حضرة الأستاذ القدير الدكتور طه حسين" و"سيدي الدكتور الأجل" و"حضرة الأخ الأستاذ العالم الجليل" أما توفيق الحكيم فكانت رسائله تبدأ باقتضاب "صديقي العزيز" و"أخي الجليل".
وقال إبراهيم في تقديم الكتاب إن اللحظة التاريخية في مطلع القرن العشرين "انتقت شخصا واحدا له من الملكات والقدرات ما يستطيع به أن يفي بمقتضياتها" في إشارة إلى عميد الأدب العربي (1889 - 1973). لكنه أشار تحت عنوان (لحظة التغريب) إلى أن كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) الذي صدر للعميد عام 1938 كان "وثيقة إعلان انتصار النموذج الأوروبي. إن النموذج الأوروبي لم يعد قابلا للنقاش عند طه حسين كما أن الظواهر الأوروبية التي تغلبت على حياتنا المادية والمعنوية لم يعد يفهمها طه حسين مرتبطة بلحظتها التاريخية ولم يعد ينظر إليها بموضوعية من خلال تراث المنطقة."
وأضاف أن حسين لم يكن يهدف من وراء المقارنة بين النموذجين الغربي والشرقي إلى الخلاص من الجهل في بيئته وإنما "إلى تفريغ النموذج الشرقي من ثقافته وثوابته وإعداده لكي يتقبل الحياة الجديدة ويندمج في الثقافة الأوروبية... طه حسين وضع البذور الأولى لتفريغ الحضارة العربية من عنصر الدين" مشيرا إلى أنه كان يستخدم أسلوبا مناورا لا يجاهر فيه بالفكرة بل "يدسها" عبر أسلوبه الجميل الذي يتسلل إلى مشاعر القارئ. وربما تكون الصفحات التسعون التي شغلتها مقدمة إبراهيم موضوعا لدراسة أو كتاب مستقل عن فكر العميد وليس مكانها المناسب كتابا عن رسائل أقرب إلى مدخل إنساني إليه. ويضم الكتاب رسائل وقصائد مجهولة كتبها شعراء وأدباء بارزون في مدح العميد ومنهم العراقي محمد مهدي الجواهري واللبنانيان خليل مطران وجورج جرداق والمغربي علال الفاسي ومن المصريين عباس محمود العقاد وأحمد زكي وإحسان عبد القدوس والشيخ محمد متولي الشعراوي.
وتكشف الرسائل عن جانب من شخصية كاتبيها إذ يكتب عبد القدوس رسالة للعميد الذي عاتبه على عدم إرسال كتبه إليه فيقول إن مشكلته "الحقيقية أني منذ عامين وقد فقدت الثقة في نفسي إلى حد أني لم أعد مقتنعا بأن لي إنتاجا أدبيا يستحق أن يقرأه أستاذي الكبير طه حسين. ووجدت نفسي صريع أزمة نفسية قاسية أبعدتني عن كل الناس وكل مراكز الحركة وكل من أحبهم واكتشفت في نفسي أني إنسان ضعيف غاية الضعف."
ويضيف عبد القدوس الذي اكتسب شهرة من جرأته في تناول القضايا الاجتماعية وبخاصة ما يمس تحرر المرأة أنه ظل يحمل ضعفه منذ الطفولة وكان يحاول إخفاءه "تحت ستار من العناد الكاذب والغرور المفتعل" وأنه كان لا يستطيع الهروب من ضعفه إلا عندما يكتب.
كما تكشف الرسائل مستوى الرقي في التخاطب بين المثقفين حتى لو اختلفت مذاهبهم. إذ تبدأ رسائل العقاد بكثير من الاحترام "حضرة الأستاذ القدير الدكتور طه حسين" و"سيدي الدكتور الأجل" و"حضرة الأخ الأستاذ العالم الجليل" أما توفيق الحكيم فكانت رسائله تبدأ باقتضاب "صديقي العزيز" و"أخي الجليل".