سامي شرف يروي في مذكراته تفاصيل انتحار عبد الحكيم عامر أيام المشير الأخيرة
تظل حادثة انتحار المشير عبد الحكيم عامر واحدة من أكثر حوادث الانتحار السياسي إثارة للجدل والشكوك والتكهنات في ان واحد. فالحادثة التي جرت في الرابع عشر من سبتمبر من العام 1967 بفيللا صغيرة بإحدي ضواحي الجيزة ما زالت تثير بين الحين والاخر الزوابع بل والاعاصير، التي وصل بعضها الي قاعات المحاكم من خلال بعض افراد اسرة المشير التي ما زالت تصر حتي الان علي أنه "مات مقتولا ولم ينتحر".
في مذكراته التي بدأ السيد سامي شرف في نشرها تباعا في صحيفة "الخليج" الاماراتية، يكشف مدير مكتب الرئيس عبد الناصر لشؤون المعلومات العديد من الاسرار الجديدة في تأزم العلاقة بين الرئيس عبد الناصر والمشير، ويروي بالتفصيل وقائع الايام الاخيرة من حياة المشير، والعديد من اسرار الازمة التي بدأت تشتد عقب نكسة يونيو من العام 1967.
عبد الناصر اقاله من قيادة الجيش وعينه نائبا له والمشير كان يقول لاتباعه: لن اعمل طرطورا أو تشريفاتي مثل صلاح الشاهد
الثابت أن العلاقة بين الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبد الحكيم عامر فسدت علي نحو درامي وسريع عقب فجيعة نكسة يونيو المدوية، التي أصدر الرئيس عبد الناصر يعدها قرارا بتنحية عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش وتعيينه نائبا للرئيس، وهو القرار الذي رفضه المشير بشدة، وحزم حقائبة واتجه الي بلدته في الصعيد ليقضي بها بعض الوقت، غير أنه سرعان ما عاد الي القاهرة بعد ايام وتحديدا في أول يوليو 1967، واستقر في منزله بالجيزة. ويؤكد السيد سامي شرف في مذكراته أن نية الرئيس كانت قد استقرت حينذاك ودون تراجع علي تنحية عبدالحكيم عامر ومعه شمس بدران، وإن واصل في الوقت ذاته محاولات احتواء الأزمة ومنع تفاقمها.
اقطاعية تابعة للمشير
كان جوهر القضية حسبما يشير سامي شرف في مذكراته هو أن المشير "كان ينظر إلي الجيش علي أنه إقطاعية تابعة له ولا يريد التنازل عنها تحت أية ظروف، بل أنه كان يري أيضا في استرداده سلطاته في الجيش بمثابة رد اعتبار له في ضوء مسؤوليته الكبري عن وقوع الهزيمة العسكرية، في نفس الوقت الذي كان يسعي فيه الرئيس عبدالناصر إلي إعادة بناء قوات مسلحة جديدة محترفة ووفقا لمعايير تختلف تماما عما كان سائدا قبل النكسة، والعمل علي إبعادها عن الصراعات السياسية وتفرغها الكامل للمعركة القادمة من أجل استرداد الأرض المحتلة.
ويقول سامي شرف أن شمس بدران حاول التقدم بحلول وسط، لكن جمال عبدالناصر أصر علي عدم عودة المشير عامر إلي القوات المسلحة مرة أخري، بينما أقدم المشير علي بعض التصرفات التي زادت الأزمة اشتعالا ربما كان من اهمها قيامه بتوزيع نص استقالة زعم أنه قدمها للرئيس عبدالناصر بعد النكسة، بينما كانت هي نفس الاستقالة التي سبق أن تقدم بها عقب أزمة مجلس الرئاسة سنة 1962 ، وكانت شقيقة السيدة نفيسة عبدالحميد حواس الشهيرة ببرلنتي عبدالحميد، زوجة المشير عامر- بعقد عرفي- وتدعي السيدة زهرة هي التي قامت بإعادة طبع هذه الاستقالة في إحدي قري مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، وقامت بتوزيعها هي وزوجها، بهدف خلق رأي عام مؤيد للمشير، وقام جهاز المباحث العامة بضبطهما مع الآلة الكاتبة والمطبعة.
كان الغالبيبة العظمي من رجال الثورة في تلك الايام العصيبة عقب نكسة يونيو مقتنعين بأن الرئيس لن يتراجع عن ابعاد المشير عن القوات المسلحة كحد أدني، حسبما يقول سامي شرف، فيما كان البعض الاخر يري في قبول ذلك اقرار بادانة المشير وتثبيت أنه المسؤول عن الهزيمة العسكرية، لكن عباس رضوان نجح في اقناع المشير عبدالحكيم عامر بالتوجه لمقابلة الرئيس في منشية البكري. وقد كان ذلك اللقاء هو نقطة البداية للعملية "جونسون" التي وضعها الرئيس عبد الناصر لمحاكمة المشير عامر أمام مجلس قيادة الثورة، واعلانه بقرار عزله من قيادة الجيش.
العملية جونسون
المشير كان ينظر إلي الجيش علي أنه إقطاعية تابعة له وكان يري في استرداده لسلطاته رد اعتبار له في ضوء مسئوليته عن وقوع هزيمة يونيو
ويروي سامي شرف قصة تلك العملية قائلا: التقينا نحن الثلاثة في مكتبي عقب صلاة الجمعة الموافق 25 أغسطس من العام 1967 شعراوي جمعة وأمين هويدي وأنا، دخلنا الي منزل الرئيس، وفي الصالون قام الرئيس بالمراجعة النهائية للخطة وأقرها، وقال ان ساعة الصفر هي الرابعة بعد الظهر من نفس اليوم، ويضيف سامي شرف:" خرجنا الي مكتبي وقررنا تأخير بدء الاتصالات واستدعاء المسؤولين الذين سيشاركون في التنفيذ لآخر لحظة ممكنة حيث اتصلت في الرابعة تماما بالرئيس تليفونيا لأخذ موافقته النهائية علي بدء العملية.
عندما اكتمل وصول الذين استدعيناهم، عقد في مكتبي اجتماع كان الحضور فيه كلا من: شعراوي جمعة وزير الداخلية، وأمين هويدي وزير الحربية، والفريق أول محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة، واللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية، واللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة، والعميد محمد الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري، والعميد سعد زغلول عبدالكريم مدير الشرطة العسكرية، وتم تلقين الحضور كل فيما يخصه من واجبات حسبما ورد في الخطة، مع التنبيه مشددا علي محاولة تفادي اطلاق النار قدر المستطاع.
تظل حادثة انتحار المشير عبد الحكيم عامر واحدة من أكثر حوادث الانتحار السياسي إثارة للجدل والشكوك والتكهنات في ان واحد. فالحادثة التي جرت في الرابع عشر من سبتمبر من العام 1967 بفيللا صغيرة بإحدي ضواحي الجيزة ما زالت تثير بين الحين والاخر الزوابع بل والاعاصير، التي وصل بعضها الي قاعات المحاكم من خلال بعض افراد اسرة المشير التي ما زالت تصر حتي الان علي أنه "مات مقتولا ولم ينتحر".
في مذكراته التي بدأ السيد سامي شرف في نشرها تباعا في صحيفة "الخليج" الاماراتية، يكشف مدير مكتب الرئيس عبد الناصر لشؤون المعلومات العديد من الاسرار الجديدة في تأزم العلاقة بين الرئيس عبد الناصر والمشير، ويروي بالتفصيل وقائع الايام الاخيرة من حياة المشير، والعديد من اسرار الازمة التي بدأت تشتد عقب نكسة يونيو من العام 1967.
عبد الناصر اقاله من قيادة الجيش وعينه نائبا له والمشير كان يقول لاتباعه: لن اعمل طرطورا أو تشريفاتي مثل صلاح الشاهد
الثابت أن العلاقة بين الرئيس جمال عبدالناصر والمشير عبد الحكيم عامر فسدت علي نحو درامي وسريع عقب فجيعة نكسة يونيو المدوية، التي أصدر الرئيس عبد الناصر يعدها قرارا بتنحية عبد الحكيم عامر عن قيادة الجيش وتعيينه نائبا للرئيس، وهو القرار الذي رفضه المشير بشدة، وحزم حقائبة واتجه الي بلدته في الصعيد ليقضي بها بعض الوقت، غير أنه سرعان ما عاد الي القاهرة بعد ايام وتحديدا في أول يوليو 1967، واستقر في منزله بالجيزة. ويؤكد السيد سامي شرف في مذكراته أن نية الرئيس كانت قد استقرت حينذاك ودون تراجع علي تنحية عبدالحكيم عامر ومعه شمس بدران، وإن واصل في الوقت ذاته محاولات احتواء الأزمة ومنع تفاقمها.
اقطاعية تابعة للمشير
كان جوهر القضية حسبما يشير سامي شرف في مذكراته هو أن المشير "كان ينظر إلي الجيش علي أنه إقطاعية تابعة له ولا يريد التنازل عنها تحت أية ظروف، بل أنه كان يري أيضا في استرداده سلطاته في الجيش بمثابة رد اعتبار له في ضوء مسؤوليته الكبري عن وقوع الهزيمة العسكرية، في نفس الوقت الذي كان يسعي فيه الرئيس عبدالناصر إلي إعادة بناء قوات مسلحة جديدة محترفة ووفقا لمعايير تختلف تماما عما كان سائدا قبل النكسة، والعمل علي إبعادها عن الصراعات السياسية وتفرغها الكامل للمعركة القادمة من أجل استرداد الأرض المحتلة.
ويقول سامي شرف أن شمس بدران حاول التقدم بحلول وسط، لكن جمال عبدالناصر أصر علي عدم عودة المشير عامر إلي القوات المسلحة مرة أخري، بينما أقدم المشير علي بعض التصرفات التي زادت الأزمة اشتعالا ربما كان من اهمها قيامه بتوزيع نص استقالة زعم أنه قدمها للرئيس عبدالناصر بعد النكسة، بينما كانت هي نفس الاستقالة التي سبق أن تقدم بها عقب أزمة مجلس الرئاسة سنة 1962 ، وكانت شقيقة السيدة نفيسة عبدالحميد حواس الشهيرة ببرلنتي عبدالحميد، زوجة المشير عامر- بعقد عرفي- وتدعي السيدة زهرة هي التي قامت بإعادة طبع هذه الاستقالة في إحدي قري مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، وقامت بتوزيعها هي وزوجها، بهدف خلق رأي عام مؤيد للمشير، وقام جهاز المباحث العامة بضبطهما مع الآلة الكاتبة والمطبعة.
كان الغالبيبة العظمي من رجال الثورة في تلك الايام العصيبة عقب نكسة يونيو مقتنعين بأن الرئيس لن يتراجع عن ابعاد المشير عن القوات المسلحة كحد أدني، حسبما يقول سامي شرف، فيما كان البعض الاخر يري في قبول ذلك اقرار بادانة المشير وتثبيت أنه المسؤول عن الهزيمة العسكرية، لكن عباس رضوان نجح في اقناع المشير عبدالحكيم عامر بالتوجه لمقابلة الرئيس في منشية البكري. وقد كان ذلك اللقاء هو نقطة البداية للعملية "جونسون" التي وضعها الرئيس عبد الناصر لمحاكمة المشير عامر أمام مجلس قيادة الثورة، واعلانه بقرار عزله من قيادة الجيش.
العملية جونسون
المشير كان ينظر إلي الجيش علي أنه إقطاعية تابعة له وكان يري في استرداده لسلطاته رد اعتبار له في ضوء مسئوليته عن وقوع هزيمة يونيو
ويروي سامي شرف قصة تلك العملية قائلا: التقينا نحن الثلاثة في مكتبي عقب صلاة الجمعة الموافق 25 أغسطس من العام 1967 شعراوي جمعة وأمين هويدي وأنا، دخلنا الي منزل الرئيس، وفي الصالون قام الرئيس بالمراجعة النهائية للخطة وأقرها، وقال ان ساعة الصفر هي الرابعة بعد الظهر من نفس اليوم، ويضيف سامي شرف:" خرجنا الي مكتبي وقررنا تأخير بدء الاتصالات واستدعاء المسؤولين الذين سيشاركون في التنفيذ لآخر لحظة ممكنة حيث اتصلت في الرابعة تماما بالرئيس تليفونيا لأخذ موافقته النهائية علي بدء العملية.
عندما اكتمل وصول الذين استدعيناهم، عقد في مكتبي اجتماع كان الحضور فيه كلا من: شعراوي جمعة وزير الداخلية، وأمين هويدي وزير الحربية، والفريق أول محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة، واللواء محمد أحمد صادق مدير المخابرات الحربية، واللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة، والعميد محمد الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري، والعميد سعد زغلول عبدالكريم مدير الشرطة العسكرية، وتم تلقين الحضور كل فيما يخصه من واجبات حسبما ورد في الخطة، مع التنبيه مشددا علي محاولة تفادي اطلاق النار قدر المستطاع.