عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّ رجلاً ذكر عنده الروم ( الأوروبيين ) فقال عمرو:"لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعاً: إنهم لأحلمُ الناس عند فتنة، وأسرعُهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكُهم كرَّة بعد فرَّة، وخيرُهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسةٌ حسنة وجميلة:وأمنعُهم من ظلم الملوك".
هكذا ينوه عمرُو بنُ العاص ـ وهو الخبير السياسي الدولي ـ عن هذه الخصلة الخامسة بأسلوب تشويقي خاص:" وخامسةٌ حسنة وجميلة:وأمنعُهم من ظلم الملوك".
إنها تستحق عند عمرو التنويه بها والاعتناء بها ولفتَ النظر إليها.
إن عمراً عندما قال قولته ـ وهو تلميذُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ـ إنما يتحدث عن قوم جُلهم أو كلهم كفار، وهم ثانية محاربون لدولة الإسلام التي ينتمي إليها، ومع كل هذا لم يمنعه كفرهم ولا حربهم من الاعتراف لهم بما يملكون من فضائل، بل والتنويه بها وتعظيمها.
هكذا منهج الإسلام، وهكذا عدله، وهذه روعته وجاذبيته.
لقد لفت نظري منذ أكثرَ من عام كلمة أذاعتها إحدى القنوات التلفزيونية عن رئيس الوزراء الإسباني السابق (أزنار) وقد امنتع عن الترشح لرئاسة الوزراء رغم أنه رئيس الحزب فقال : إن الذي منعه من الترشح خاطر خطر على قلبه يوماً وقد تولى حكم بلاده لمرات متتالية، فإذا بخاطر يوسوس له: هل يصلح لحكم إسبانيا رجل غيري ؟ فقرَّر من فوره ـ ومنذ هذا الخاطر الذي اعتبره شيطانياً وهو كذلك ـ أن لا يترشح بعدها!.يالها من يقظة رائعة يفتقدها الكثيرون وخاصة في بلادنا نحن المسلمين!إن هذه الخصلة الحسنة الجميلة ـ كما يقولُ عمرُو بنُ العاص ـ لمصدرُ أسوة واقتداء للأمم الأخرى، وهاهي أمم الأرض تتغنى بها وتنشدها وتناضل من أجلها، أفلا نكون نحن المسلمين وقد جاءنا القرآن وبعث إلينا الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرجنا الله بهما من الظلمات إلى النور، ومن الذلة إلى العزة، ومن التبعية إلى الريادة، أفلا نكون نحن أحقَّ بها وأهلها؟
قال تعالى:﴿ وَلا تركنوا إلى الين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون﴾ [هود 113]. ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء؟ فقال: لا، فقيل له: يموت، فقال: دعه يموت".
وعن الحسن البصري قال:" من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله فى ارضه
وقال الألوسي [12/154]:"ويشمل النهيُ حينئذ مداهنتَهم وتركَ التغيير عليهم مع القدرة، والتزيِّيَ بزيهم، وتعظيمَ ذكرهم، ومجالستهم من غير داع شرعي، وكذا القيام لهم، ونحو ذلك .. وإذا كان حالُ الميل في الجملة إلى مَن وُجد منه ظلمٌ ما في الأفضاء إلى مَساس النار فما ظنك بمن يميلُ إلى الراسخين في الظلم كلَّ الميل ويتهالكُ على مُصاحبتهم ومُنادمتهم، ويُتعب قلبه وقالَبه في إدخال السرور عليهم، ويستنهض الرَّجْلَ والخيلَ في جلب المنافع إليهم، ويبتهج بالتزيي بزيهم، والمشاركة لهم في غيِّهم، ويمدُّ عينه إلى ما مُتعوا به من زهرة الدنيا الفانية، ويَغبطهم بما أوتوا من القطوف الدانية، غافلاً عن حقيقة ذلك، ذاهلاً عن منتهى ما هنالك، وينبغي أن يُعدَّ مثلُ ذلك من الذين ظلموا لا من الراكنين إليهم؛ بناء على ما رُوي أن رجلا قال لسفيان : إني أَخيط للظلمة فهل أُعَدُّ من أعوانهم فقال له : لا، أنت منهم، والذي يبيعك الإبرةَ من أعوانهم".
وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت أمتي تهاب فلا تقول للظالم يا ظالم فقد تُوُدِّعَ منهم" رواه الحاكم
إن هذا الحديث يضع هذا المعيارَ الواضح لحياة هذه الأمة متى فُقد فقد تُوُدِّعَ منهم.
يقول المناويُّ وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى تجنب سبل الردى، فإذا سعى المتقون بنورهم الحاصل بسبب التقوى احتوشت ظلماتُ الظلم الظالمَ فغمرته فأعمته حتى لا يغني عنه ظلمه شيئا.
وقد خطب عمر بنُ الخطاب رضي الله عنه يوماً فقال: ألا وإنكم تسمون الهاربَ من ظلم إمامه: (العاصي) ألا وإن أولاهما بالمعصية الامامُ الظالم [ ثم إن ترك الظالم في ظلمه مناف لمحبته وأخوَّته ونُصرته، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال: تأخذ فوق يديه " وفي لفظ:" تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصرُه " [ البخاري
ولا يفوتني في الختام أن أذكر كلَّ ذي مسؤولية ـ في تجمع أو دائرة أو حزب ـ بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من أمير عشَرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكُّه إلا العدل أو يوبقه الجَور" .
قال ابن بطال : هذا وعيد شديد على دلالة الجور، فمن ضيع من استرعاه أو خانه أو ظلمه فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة
هكذا ينوه عمرُو بنُ العاص ـ وهو الخبير السياسي الدولي ـ عن هذه الخصلة الخامسة بأسلوب تشويقي خاص:" وخامسةٌ حسنة وجميلة:وأمنعُهم من ظلم الملوك".
إنها تستحق عند عمرو التنويه بها والاعتناء بها ولفتَ النظر إليها.
إن عمراً عندما قال قولته ـ وهو تلميذُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ـ إنما يتحدث عن قوم جُلهم أو كلهم كفار، وهم ثانية محاربون لدولة الإسلام التي ينتمي إليها، ومع كل هذا لم يمنعه كفرهم ولا حربهم من الاعتراف لهم بما يملكون من فضائل، بل والتنويه بها وتعظيمها.
هكذا منهج الإسلام، وهكذا عدله، وهذه روعته وجاذبيته.
لقد لفت نظري منذ أكثرَ من عام كلمة أذاعتها إحدى القنوات التلفزيونية عن رئيس الوزراء الإسباني السابق (أزنار) وقد امنتع عن الترشح لرئاسة الوزراء رغم أنه رئيس الحزب فقال : إن الذي منعه من الترشح خاطر خطر على قلبه يوماً وقد تولى حكم بلاده لمرات متتالية، فإذا بخاطر يوسوس له: هل يصلح لحكم إسبانيا رجل غيري ؟ فقرَّر من فوره ـ ومنذ هذا الخاطر الذي اعتبره شيطانياً وهو كذلك ـ أن لا يترشح بعدها!.يالها من يقظة رائعة يفتقدها الكثيرون وخاصة في بلادنا نحن المسلمين!إن هذه الخصلة الحسنة الجميلة ـ كما يقولُ عمرُو بنُ العاص ـ لمصدرُ أسوة واقتداء للأمم الأخرى، وهاهي أمم الأرض تتغنى بها وتنشدها وتناضل من أجلها، أفلا نكون نحن المسلمين وقد جاءنا القرآن وبعث إلينا الرسول صلى الله عليه وسلم وأخرجنا الله بهما من الظلمات إلى النور، ومن الذلة إلى العزة، ومن التبعية إلى الريادة، أفلا نكون نحن أحقَّ بها وأهلها؟
قال تعالى:﴿ وَلا تركنوا إلى الين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون﴾ [هود 113]. ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك فى برية هل يسقى شربة ماء؟ فقال: لا، فقيل له: يموت، فقال: دعه يموت".
وعن الحسن البصري قال:" من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله فى ارضه
وقال الألوسي [12/154]:"ويشمل النهيُ حينئذ مداهنتَهم وتركَ التغيير عليهم مع القدرة، والتزيِّيَ بزيهم، وتعظيمَ ذكرهم، ومجالستهم من غير داع شرعي، وكذا القيام لهم، ونحو ذلك .. وإذا كان حالُ الميل في الجملة إلى مَن وُجد منه ظلمٌ ما في الأفضاء إلى مَساس النار فما ظنك بمن يميلُ إلى الراسخين في الظلم كلَّ الميل ويتهالكُ على مُصاحبتهم ومُنادمتهم، ويُتعب قلبه وقالَبه في إدخال السرور عليهم، ويستنهض الرَّجْلَ والخيلَ في جلب المنافع إليهم، ويبتهج بالتزيي بزيهم، والمشاركة لهم في غيِّهم، ويمدُّ عينه إلى ما مُتعوا به من زهرة الدنيا الفانية، ويَغبطهم بما أوتوا من القطوف الدانية، غافلاً عن حقيقة ذلك، ذاهلاً عن منتهى ما هنالك، وينبغي أن يُعدَّ مثلُ ذلك من الذين ظلموا لا من الراكنين إليهم؛ بناء على ما رُوي أن رجلا قال لسفيان : إني أَخيط للظلمة فهل أُعَدُّ من أعوانهم فقال له : لا، أنت منهم، والذي يبيعك الإبرةَ من أعوانهم".
وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت أمتي تهاب فلا تقول للظالم يا ظالم فقد تُوُدِّعَ منهم" رواه الحاكم
إن هذا الحديث يضع هذا المعيارَ الواضح لحياة هذه الأمة متى فُقد فقد تُوُدِّعَ منهم.
يقول المناويُّ وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى تجنب سبل الردى، فإذا سعى المتقون بنورهم الحاصل بسبب التقوى احتوشت ظلماتُ الظلم الظالمَ فغمرته فأعمته حتى لا يغني عنه ظلمه شيئا.
وقد خطب عمر بنُ الخطاب رضي الله عنه يوماً فقال: ألا وإنكم تسمون الهاربَ من ظلم إمامه: (العاصي) ألا وإن أولاهما بالمعصية الامامُ الظالم [ ثم إن ترك الظالم في ظلمه مناف لمحبته وأخوَّته ونُصرته، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال: تأخذ فوق يديه " وفي لفظ:" تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصرُه " [ البخاري
ولا يفوتني في الختام أن أذكر كلَّ ذي مسؤولية ـ في تجمع أو دائرة أو حزب ـ بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من أمير عشَرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكُّه إلا العدل أو يوبقه الجَور" .
قال ابن بطال : هذا وعيد شديد على دلالة الجور، فمن ضيع من استرعاه أو خانه أو ظلمه فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة، فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة