(عودة الشيوعية لمصر بقرار من مجلس الوزراء)
بقلم: إلهامي الميرغنى
يسلط المقريزي الضوء على حال الدولة في عهد الشدة المستنصرية فيقول: "ازداد ظلم أتباع السلطان ومماليكه، وتكاثر جورهم وعظم طمعهم في اخذ البراطيل والحمايات". هكذا كان الفساد من أسباب المجاعة وليس شح ماء النيل فقط. . وحين حلت المجاعة وانفجر السخط الاجتماعى وصف الأوضاع في مصر قائلاً " انتهب الخبز من الأفران والحوانيت، حتى كان العجين إذا خرج إلى الفرن انتهبه الناس فلا يحمل إلى الفرن ولا يخرج منه إلا ومعه عدة يحمونه بالعصي من النهابة. فكان من الناس من يلقي نفسه على الخبز ليخطف منه، ولا يبالي بما ينال رأسه وبدنه من الضرب لشدة ما نزل به من الجوع"
العلامة تقى الدين المقريزى
إغاثة الأمة بكشف الغمة
مقدمة
لقد وصف لنا عمنا المقريزي بعبقرية فريدة تطور المجاعات وأسبابها في مصر قبل الإسلام وبعده، لذلك رأيت أن يتصدر قوله هذه القراءة للغلاء في مصر وتطوره خلال السنوات الأخيرة. لقد عشنا فترة الستينات حيث كانت توجد تسعيرة جبرية للسلع الأساسية وبطاقات تموينية بمقررات من السلع الأساسية ومجمعات استهلاكية تبيع السلع الغذائية الرئيسية بأسعار مدعمة، ولكن حدثت اختناقات في بعض السلع وعرفنا السوق السوداء للسلع الأساسية وتسربت السلع من المجمعات الاستهلاكية إلى التجار وكان المصريين يقفون بالساعات في طوابير من اجل الحصول على دجاجة مجمدة أو كرتونة بيض ( 30 بيضة ). ونتيجة فساد بعض المجمعات أتهم النظام التعاوني بالكامل بالفساد وبأنه رمز للشيوعية، ولأن الدعم كان وسيلة من وسائل التوازن الاجتماعى فقد دعينا إلى ترك الحرية للأسواق وهى ستتوازن من تلقاء نفسها.
عندما بدء الرئيس السادات مرحلة التحول من الرأسمالية المخططة إلى رأسمالية السوق المفتوح بشر المصريين بأنهار السمن والعسل وانتهاء عصر الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وبطاقات التموين رمز الشيوعية المقيته ووصف أحمد فؤاد نجم عصر الانفتاح عند زيارة الرئيس ديستان لمصر " بأن التليفزيون هيلون ( اى يتحول من نظام الأبيض والأسود إلى الألوان ) والجمعيات تتكون ( مثل جمعيات رجال الأعمال ) والعربيات هتمون بدل البنزين برفان ( دليل الرفاهية ) .وقذف المصريين ببطاقاتهم التموينية إلى الدواليب لأننا وبفضل الجهود الحكومية انتهينا من ظلمات عصر البطاقات التموينية وطوابير الجمعيات الاستهلاكية وانتقلنا إلى بهجة عصر السوبر ماركت الذى تباع فيه كل السلع ولكن بأسعار تفوق طاقة الملايين من المصريين .
عندما جاء الرئيس مبارك اعتبر أن الانفتاح كان سداح مداح وهو يحتاج إلى ترشيد وإننا بحاجة إلى إصلاح اقتصادي للتوجه الرأسمالي نحو اقتصاد السوق وسلمت الحكومة القيادة الاقتصادية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى وراحت الحكومات المتعاقبة تنفذ توصيات المنظمات الدولية فتم بيع القطاع العام وتصفيته وتم تعويم سعر الصرف للجنيه المصري وتخلت الحكومة عن تعيين الخريجين ولجأت إلى الاقتراض من الخارج والداخل لتمويل مشروعات البنية الأساسية التى تجاوزت قيمتها 250 مليار جنيه.وتواكب مع الإصلاح دعوات لإلغاء الدعم السلعى وتقليص المبالغ المخصصة له في الموازنة العامة وقالوا لنا أن محدودي الدخل سيتضررون في المدى القصير ولكن السوق سيتوازن من تلقاء نفسه وتتحسن أوضاعهم على المدى الطويل ومضى أكثر من أربعة وعشرين عاماً على هذه التصريحات تمت الخصخصة وعام الجنيه المصري وتحولت الصحة والتعليم إلى سلع لايتعامل معها إلا من يملك وانتشرت الدروس الخصوصية والجامعات الأهلية والمستشفيات الخاصة وتقلصت مخصصات الدعم واغلقت العديد من المجمعات الاستهلاكية. ومن المفترض أن نتساءل بعد ما يقرب من ربع قرن على بدء التطبيق إلى أين قادتنا سياسات التنمية الرأسمالية واقتصاد السوق الحرة وبرامج التكيف الهيكلى لمنظمات التمويل الدولية ؟!!! والى أين وصلنا في عهد الشدة المباركية!!!
نتائج تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
رصد لنماذج من الغلاء
الآثار الاجتماعية للغلاء
الدروس الخصوصية حلقة في سلسلة الغلاء
الحل الحكومي المقترح
أسباب الغلاء
ماذا نفعل لمواجهة غول الغلاء ؟!
نتائج تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
كان المفترض أن تؤدى سياسات الإصلاح الاقتصادي إلى تقلص الديون وجذب الاستثمار الاجنبى والمحلى ورفع معدلات التنمية وتخفيض الواردات وزيادة الصادرات وتثبيت الأسعار وتقليل الغلاء.
ــ يوجد 1.3 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و 14 سنة يعملون في سوق العمل وقد ارتفعت نسبتهم من 12% من هذه الفئة العمرية عام 1988 إلى 36.4 % من هذه الفئة العمرية يعملون بأجر في عام 1998. كما تزايدت معدلات الإصابة بالأنيميا عند الأطفال إلى 35% من الأطفال في مصر. كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود 150 ألف طفل مشرد في مصر، كذلك تشير دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن مدينة القاهرة هي أكثر المدن التي ينتشر بها المشردون، حيث تؤوي في شوارعها 31.6% من المشردين، تليها محافظة بورسعيد 16.8%، بينما تقل النسب في مدن ومحافظات الجنوب. الفقر هو السبب ويأتي معظم هؤلاء من عائلات مفككة أو فقيرة. وهو ما يشير إليه أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، عندما يعزي المجدوب أسباب هذه الظاهرة إلى التفكك الأسري والفقر ونمو وانتشار التجمعات السكانية العشوائية التي يرى أنها البؤر الأولى والأساسية المفرزة والمستقبلة للأطفال المشردين. كما يعترض الدكتور المجدوب على تسمية "أطفال الشوارع" التي يرى أنها مستعارة من التسمية التي يطلقها علماء الاجتماع على اللقطاء في دول أمريكا اللاتينية، حيث أن الأطفال المتسكعين في شوارع مصر لهم عائلات يعرفونها وبعضهم يبيت في منزل أسرته، وإن كان يقضي نهاره وجزءا من ليله هائما على وجهه في الشارع، ولذلك يفضل أن يطلق عليهم اسم "المشردون".( موقع BBC العربي على الإنترنت في 23 أكتوبر 2003 ) .
ـ ارتفاع نسبة تعاطى وإنتاج مصر من المخدرات إلى 14.5 مليار جنيه عام 2002 ونحو 13 مليار في العام السابق له 2001م، وإلى 16.4 مليار جنيه عام 2000م، وتوقعت الدراسة التى أعدها معهد التخطيط القومى أن يصل حجم الإنفاق على المخدرات عام 2003م إلى 16.3 مليار جنيهًا، وأن يتزايد الإنفاق على المخدرات بمعدل مليار جنيه سنويًا حتى عام 2012م، بينما لم يكن هذا الرقم يتجاوز مائة أو مائتي مليون في فترة السبعينيات، وحتى عام 1980م (254.5 مليون جنيه).كما أشارت الدراسة التى تمت حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية للإنفاق على المخدرات أن معدل الإنفاق على المخدرات أصبح يمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي.هى التى صنعت إمبراطوريات مثل النخيلة ونجع عبد الرسول وغيرها من أوكار السموم.
بقلم: إلهامي الميرغنى
يسلط المقريزي الضوء على حال الدولة في عهد الشدة المستنصرية فيقول: "ازداد ظلم أتباع السلطان ومماليكه، وتكاثر جورهم وعظم طمعهم في اخذ البراطيل والحمايات". هكذا كان الفساد من أسباب المجاعة وليس شح ماء النيل فقط. . وحين حلت المجاعة وانفجر السخط الاجتماعى وصف الأوضاع في مصر قائلاً " انتهب الخبز من الأفران والحوانيت، حتى كان العجين إذا خرج إلى الفرن انتهبه الناس فلا يحمل إلى الفرن ولا يخرج منه إلا ومعه عدة يحمونه بالعصي من النهابة. فكان من الناس من يلقي نفسه على الخبز ليخطف منه، ولا يبالي بما ينال رأسه وبدنه من الضرب لشدة ما نزل به من الجوع"
العلامة تقى الدين المقريزى
إغاثة الأمة بكشف الغمة
مقدمة
لقد وصف لنا عمنا المقريزي بعبقرية فريدة تطور المجاعات وأسبابها في مصر قبل الإسلام وبعده، لذلك رأيت أن يتصدر قوله هذه القراءة للغلاء في مصر وتطوره خلال السنوات الأخيرة. لقد عشنا فترة الستينات حيث كانت توجد تسعيرة جبرية للسلع الأساسية وبطاقات تموينية بمقررات من السلع الأساسية ومجمعات استهلاكية تبيع السلع الغذائية الرئيسية بأسعار مدعمة، ولكن حدثت اختناقات في بعض السلع وعرفنا السوق السوداء للسلع الأساسية وتسربت السلع من المجمعات الاستهلاكية إلى التجار وكان المصريين يقفون بالساعات في طوابير من اجل الحصول على دجاجة مجمدة أو كرتونة بيض ( 30 بيضة ). ونتيجة فساد بعض المجمعات أتهم النظام التعاوني بالكامل بالفساد وبأنه رمز للشيوعية، ولأن الدعم كان وسيلة من وسائل التوازن الاجتماعى فقد دعينا إلى ترك الحرية للأسواق وهى ستتوازن من تلقاء نفسها.
عندما بدء الرئيس السادات مرحلة التحول من الرأسمالية المخططة إلى رأسمالية السوق المفتوح بشر المصريين بأنهار السمن والعسل وانتهاء عصر الجمعيات التعاونية الاستهلاكية وبطاقات التموين رمز الشيوعية المقيته ووصف أحمد فؤاد نجم عصر الانفتاح عند زيارة الرئيس ديستان لمصر " بأن التليفزيون هيلون ( اى يتحول من نظام الأبيض والأسود إلى الألوان ) والجمعيات تتكون ( مثل جمعيات رجال الأعمال ) والعربيات هتمون بدل البنزين برفان ( دليل الرفاهية ) .وقذف المصريين ببطاقاتهم التموينية إلى الدواليب لأننا وبفضل الجهود الحكومية انتهينا من ظلمات عصر البطاقات التموينية وطوابير الجمعيات الاستهلاكية وانتقلنا إلى بهجة عصر السوبر ماركت الذى تباع فيه كل السلع ولكن بأسعار تفوق طاقة الملايين من المصريين .
عندما جاء الرئيس مبارك اعتبر أن الانفتاح كان سداح مداح وهو يحتاج إلى ترشيد وإننا بحاجة إلى إصلاح اقتصادي للتوجه الرأسمالي نحو اقتصاد السوق وسلمت الحكومة القيادة الاقتصادية لصندوق النقد الدولى والبنك الدولى وراحت الحكومات المتعاقبة تنفذ توصيات المنظمات الدولية فتم بيع القطاع العام وتصفيته وتم تعويم سعر الصرف للجنيه المصري وتخلت الحكومة عن تعيين الخريجين ولجأت إلى الاقتراض من الخارج والداخل لتمويل مشروعات البنية الأساسية التى تجاوزت قيمتها 250 مليار جنيه.وتواكب مع الإصلاح دعوات لإلغاء الدعم السلعى وتقليص المبالغ المخصصة له في الموازنة العامة وقالوا لنا أن محدودي الدخل سيتضررون في المدى القصير ولكن السوق سيتوازن من تلقاء نفسه وتتحسن أوضاعهم على المدى الطويل ومضى أكثر من أربعة وعشرين عاماً على هذه التصريحات تمت الخصخصة وعام الجنيه المصري وتحولت الصحة والتعليم إلى سلع لايتعامل معها إلا من يملك وانتشرت الدروس الخصوصية والجامعات الأهلية والمستشفيات الخاصة وتقلصت مخصصات الدعم واغلقت العديد من المجمعات الاستهلاكية. ومن المفترض أن نتساءل بعد ما يقرب من ربع قرن على بدء التطبيق إلى أين قادتنا سياسات التنمية الرأسمالية واقتصاد السوق الحرة وبرامج التكيف الهيكلى لمنظمات التمويل الدولية ؟!!! والى أين وصلنا في عهد الشدة المباركية!!!
نتائج تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
رصد لنماذج من الغلاء
الآثار الاجتماعية للغلاء
الدروس الخصوصية حلقة في سلسلة الغلاء
الحل الحكومي المقترح
أسباب الغلاء
ماذا نفعل لمواجهة غول الغلاء ؟!
نتائج تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي
كان المفترض أن تؤدى سياسات الإصلاح الاقتصادي إلى تقلص الديون وجذب الاستثمار الاجنبى والمحلى ورفع معدلات التنمية وتخفيض الواردات وزيادة الصادرات وتثبيت الأسعار وتقليل الغلاء.
ــ يوجد 1.3 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و 14 سنة يعملون في سوق العمل وقد ارتفعت نسبتهم من 12% من هذه الفئة العمرية عام 1988 إلى 36.4 % من هذه الفئة العمرية يعملون بأجر في عام 1998. كما تزايدت معدلات الإصابة بالأنيميا عند الأطفال إلى 35% من الأطفال في مصر. كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود 150 ألف طفل مشرد في مصر، كذلك تشير دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن مدينة القاهرة هي أكثر المدن التي ينتشر بها المشردون، حيث تؤوي في شوارعها 31.6% من المشردين، تليها محافظة بورسعيد 16.8%، بينما تقل النسب في مدن ومحافظات الجنوب. الفقر هو السبب ويأتي معظم هؤلاء من عائلات مفككة أو فقيرة. وهو ما يشير إليه أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، عندما يعزي المجدوب أسباب هذه الظاهرة إلى التفكك الأسري والفقر ونمو وانتشار التجمعات السكانية العشوائية التي يرى أنها البؤر الأولى والأساسية المفرزة والمستقبلة للأطفال المشردين. كما يعترض الدكتور المجدوب على تسمية "أطفال الشوارع" التي يرى أنها مستعارة من التسمية التي يطلقها علماء الاجتماع على اللقطاء في دول أمريكا اللاتينية، حيث أن الأطفال المتسكعين في شوارع مصر لهم عائلات يعرفونها وبعضهم يبيت في منزل أسرته، وإن كان يقضي نهاره وجزءا من ليله هائما على وجهه في الشارع، ولذلك يفضل أن يطلق عليهم اسم "المشردون".( موقع BBC العربي على الإنترنت في 23 أكتوبر 2003 ) .
ـ ارتفاع نسبة تعاطى وإنتاج مصر من المخدرات إلى 14.5 مليار جنيه عام 2002 ونحو 13 مليار في العام السابق له 2001م، وإلى 16.4 مليار جنيه عام 2000م، وتوقعت الدراسة التى أعدها معهد التخطيط القومى أن يصل حجم الإنفاق على المخدرات عام 2003م إلى 16.3 مليار جنيهًا، وأن يتزايد الإنفاق على المخدرات بمعدل مليار جنيه سنويًا حتى عام 2012م، بينما لم يكن هذا الرقم يتجاوز مائة أو مائتي مليون في فترة السبعينيات، وحتى عام 1980م (254.5 مليون جنيه).كما أشارت الدراسة التى تمت حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية للإنفاق على المخدرات أن معدل الإنفاق على المخدرات أصبح يمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي.هى التى صنعت إمبراطوريات مثل النخيلة ونجع عبد الرسول وغيرها من أوكار السموم.