السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا حكومة لا تلدغينا ولا نريد منك علاوة
لم أعد أكره في حياتي مثل لفظة «علاوة»، واليوم الذي سوف تعلن فيه العلاوة، والساعة التي سيتم فيها تطبيق العلاوة، لأنها تحولت من مصدر لإسعاد الناس، إلي بعبع يخيفهم، أو وسيلة من وسائل عكننتهم، وقلة راحتهم، وزيادة إحباطهم.
فبمجرد تطاير أنباء عن فتافيت علاوة أو حوافز أو مكافآت، للموظفين أو العمال، تقوم الدنيا ولا تقعد، وتنشط فيروسات الطمع والجشع وقلة المسؤولية، وينطلق شياطين الانتهازية، من مصاصي أرزاق الناس وأقواتهم، لابتلاع هذه العلاوة الجديدة، بإشعال نيران الغلاء،
ورفع أسعار جميع السلع الأساسية وغير الأساسية، المحلية والمستوردة، ويقع المواطن في حيص بيص، ويبدأ في اتخاذ إجراءات بهلوانية لمواجهة تقلص موارده، وتقليل الفجوة بين ما يتقاضاه من أجور، وبين ما يتعرض له من انفلات مستمر للأسعار، وغالبا ما يفشل في تحقيق هدفه، ليسقط صريع اليأس والإحباط، بعد أن يجد النوافذ الخلفية سبيله الوحيد لمعالجة أزمته المادية الطاحنة،
وهكذا تغتال القيم علي أعتاب الحاجة، وهكذا صارت العلاوة بمثابة الضوء الأخضر لهدم الاستقرار الاجتماعي، وشغل الناس عن قضاياهم المصيرية بالبحث عن لقمة العيش. وعلاوة هذا العام بالذات لها العجب،
فإذا كان التجار في كل مرة هم الذين يقودون فوضي الغلاء فإن الحكومة في هذه المرة هي التي تبنت قهر المواطن وإذلاله نيابة عن المستغلين والسماسرة.
وللأسف الشديد منذ أن تسلمت (الحكومة) مقاليد السلطة في عام ٢٠٠٦، اتسع الخرق علي الراقع، واغتيل الانضباط والاستقرار، وتحول المواطنون للقمة سائغة في أفواه بعض الأرانب من المحتكرين،
وصار طبيعياً أن ترتفع الأسعار بلا ضابط أو رابط بمبرر ودون مبرر، فما بالنا عندما يعلن الرئيس مبارك، عن علاوة للموظفين والعمال بنسبة ٣٠%؟ وما الذي يمكن أن تفعله الحكومة من أجل توفير ١٣ مليار جنيه قيمة هذه العلاوة؟
وأظن أن الإجابة يعرفها الجميع، فالحكومة التي فشلت في تحقيق أي نوع من أنواع التنمية الزراعية أو الصناعية أو العلمية أو الصحية أو السكانية ،لا يستبعد منها أن تكون مواردها لتمويل العلاوة الجديدة من جيوب محدودي الدخل، لذا لم يكن غريباً ما قرره ملياردير الحديد السيد أحمد عز وأعوانه،
من رفع أسعار البنزين والسولار والكيروسين والغاز والسجائر والطفلة المستخرجة من المحاجر، ورسوم تراخيص السيارات والضرائب علي المناطق الحرة، لم يكن غريباً أن يوافق ٢٩٧ نائبا ـ ممن يطلق عليهم نواب الأغلبية ـ علي مشروع السيد عز، رغم ما فيه من اللامنطقية واللادستورية، وأن يعترض علي هذا المشروع الظالم ٧٦ نائبا فقط، وكأن الشعار الحالي لأغلبية النواب: (طالما بعيد عن مصالحي خلاص).
ولم يكن غريباً أن تلتهم العلاوة بعد ٤ أيام من إعلانها، وقبل أن يتذوق الناس حلاوتها وطعامتها بـ ٢٤ يوما. لم يكن غريباً أن تعاود الأسعار ارتفاعها من جديد، وكأن العلاوة مجرد كلمة السر التي ينطلق بعدها شياطين الشر من قماقمهم لمص دماء الناس.
من المستحيل أن نتحدث عن تحسين المستوي المعيشي للمواطن طالما أن رعاته هم من يقودون قاطرة الغلاء ويحكمون علي الناس بالمعاناة الشاقة المؤبدة، من المستحيل أن تحقق العلاوة غرضها في ظل غياب الضوابط والرقابة علي الأسواق، وعدم وضع استراتيجيات جادة لزيادة الطاقة الإنتاجية والعمل علي تنمية الصادرات وخفض الواردات،
وعدم وضع حد أدني لهامش الربح خاصة السلع الأساسية، وأعتقد أن ما أطلق عليها العلاوة بصورتها التي رسمتها الحكومة، ما هي إلا محاولات لإلغاء تدريجي للدعم، والذي بدأت حلقاته بزيادة أسعار المحروقات،
ومن المتوقع أن تنتهي بأن يكلم الناس أنفسهم في الشارع، لذلك أقول لحكومتنا المبجلة: خذوا علاوتكم وارفعوها عنا فلسنا في حاجة لمزيد من الكي بنيران الغلاء، وكفاكم استخفافا بنا، وأعتقونا من عشوائيتكم، واتركوا لنا ما تبقي من خير هذا البلد، وبصراحة ومن الآخر، لا تلدغونا ولا نريد منكم علاوة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
بقلم د. طارق عباس ١٠/٥/٢٠٠٨
يا حكومة لا تلدغينا ولا نريد منك علاوة
لم أعد أكره في حياتي مثل لفظة «علاوة»، واليوم الذي سوف تعلن فيه العلاوة، والساعة التي سيتم فيها تطبيق العلاوة، لأنها تحولت من مصدر لإسعاد الناس، إلي بعبع يخيفهم، أو وسيلة من وسائل عكننتهم، وقلة راحتهم، وزيادة إحباطهم.
فبمجرد تطاير أنباء عن فتافيت علاوة أو حوافز أو مكافآت، للموظفين أو العمال، تقوم الدنيا ولا تقعد، وتنشط فيروسات الطمع والجشع وقلة المسؤولية، وينطلق شياطين الانتهازية، من مصاصي أرزاق الناس وأقواتهم، لابتلاع هذه العلاوة الجديدة، بإشعال نيران الغلاء،
ورفع أسعار جميع السلع الأساسية وغير الأساسية، المحلية والمستوردة، ويقع المواطن في حيص بيص، ويبدأ في اتخاذ إجراءات بهلوانية لمواجهة تقلص موارده، وتقليل الفجوة بين ما يتقاضاه من أجور، وبين ما يتعرض له من انفلات مستمر للأسعار، وغالبا ما يفشل في تحقيق هدفه، ليسقط صريع اليأس والإحباط، بعد أن يجد النوافذ الخلفية سبيله الوحيد لمعالجة أزمته المادية الطاحنة،
وهكذا تغتال القيم علي أعتاب الحاجة، وهكذا صارت العلاوة بمثابة الضوء الأخضر لهدم الاستقرار الاجتماعي، وشغل الناس عن قضاياهم المصيرية بالبحث عن لقمة العيش. وعلاوة هذا العام بالذات لها العجب،
فإذا كان التجار في كل مرة هم الذين يقودون فوضي الغلاء فإن الحكومة في هذه المرة هي التي تبنت قهر المواطن وإذلاله نيابة عن المستغلين والسماسرة.
وللأسف الشديد منذ أن تسلمت (الحكومة) مقاليد السلطة في عام ٢٠٠٦، اتسع الخرق علي الراقع، واغتيل الانضباط والاستقرار، وتحول المواطنون للقمة سائغة في أفواه بعض الأرانب من المحتكرين،
وصار طبيعياً أن ترتفع الأسعار بلا ضابط أو رابط بمبرر ودون مبرر، فما بالنا عندما يعلن الرئيس مبارك، عن علاوة للموظفين والعمال بنسبة ٣٠%؟ وما الذي يمكن أن تفعله الحكومة من أجل توفير ١٣ مليار جنيه قيمة هذه العلاوة؟
وأظن أن الإجابة يعرفها الجميع، فالحكومة التي فشلت في تحقيق أي نوع من أنواع التنمية الزراعية أو الصناعية أو العلمية أو الصحية أو السكانية ،لا يستبعد منها أن تكون مواردها لتمويل العلاوة الجديدة من جيوب محدودي الدخل، لذا لم يكن غريباً ما قرره ملياردير الحديد السيد أحمد عز وأعوانه،
من رفع أسعار البنزين والسولار والكيروسين والغاز والسجائر والطفلة المستخرجة من المحاجر، ورسوم تراخيص السيارات والضرائب علي المناطق الحرة، لم يكن غريباً أن يوافق ٢٩٧ نائبا ـ ممن يطلق عليهم نواب الأغلبية ـ علي مشروع السيد عز، رغم ما فيه من اللامنطقية واللادستورية، وأن يعترض علي هذا المشروع الظالم ٧٦ نائبا فقط، وكأن الشعار الحالي لأغلبية النواب: (طالما بعيد عن مصالحي خلاص).
ولم يكن غريباً أن تلتهم العلاوة بعد ٤ أيام من إعلانها، وقبل أن يتذوق الناس حلاوتها وطعامتها بـ ٢٤ يوما. لم يكن غريباً أن تعاود الأسعار ارتفاعها من جديد، وكأن العلاوة مجرد كلمة السر التي ينطلق بعدها شياطين الشر من قماقمهم لمص دماء الناس.
من المستحيل أن نتحدث عن تحسين المستوي المعيشي للمواطن طالما أن رعاته هم من يقودون قاطرة الغلاء ويحكمون علي الناس بالمعاناة الشاقة المؤبدة، من المستحيل أن تحقق العلاوة غرضها في ظل غياب الضوابط والرقابة علي الأسواق، وعدم وضع استراتيجيات جادة لزيادة الطاقة الإنتاجية والعمل علي تنمية الصادرات وخفض الواردات،
وعدم وضع حد أدني لهامش الربح خاصة السلع الأساسية، وأعتقد أن ما أطلق عليها العلاوة بصورتها التي رسمتها الحكومة، ما هي إلا محاولات لإلغاء تدريجي للدعم، والذي بدأت حلقاته بزيادة أسعار المحروقات،
ومن المتوقع أن تنتهي بأن يكلم الناس أنفسهم في الشارع، لذلك أقول لحكومتنا المبجلة: خذوا علاوتكم وارفعوها عنا فلسنا في حاجة لمزيد من الكي بنيران الغلاء، وكفاكم استخفافا بنا، وأعتقونا من عشوائيتكم، واتركوا لنا ما تبقي من خير هذا البلد، وبصراحة ومن الآخر، لا تلدغونا ولا نريد منكم علاوة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
بقلم د. طارق عباس ١٠/٥/٢٠٠٨