:: منتدى شبابنا ::

الروح والنفس والموت 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الروح والنفس والموت 829894
ادارة المنتدي الروح والنفس والموت 103798


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

:: منتدى شبابنا ::

الروح والنفس والموت 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الروح والنفس والموت 829894
ادارة المنتدي الروح والنفس والموت 103798

:: منتدى شبابنا ::

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
:: منتدى شبابنا ::

منتدى الشباب منتدى متكامل به كل ماتتمناه به اقسام للكمبيوتر اقسام للترفيه المرئيات قسم للخريجين الطلبة المنتدى الاسلامى قسم الديكور والكثير الكثير

مواضيع مماثلة


2 مشترك

    الروح والنفس والموت

    eed
    eed
    مشرف برتبة ( وزير )
    مشرف برتبة  ( وزير )


    ذكر
    عدد الرسائل : 2070
    العمر : 52
    الموقع : القليوبية
    العمل/الترفيه : فنى
    السٌّمعَة : 8
    نقاط : 655
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    بطاقة الشخصية
    الاسم ثلاثى: النشاط
    العمر :

    الروح والنفس والموت Empty الروح والنفس والموت

    مُساهمة من طرف eed السبت مايو 24, 2008 6:36 pm

    الحلقة الأولى

    موضوع الحلقة:

    ما هو الموت والحياة ؟ وهل هما مخلوقات من مخلوقات الله تعالى؟

    الموت مخلوق كسائر مخلوقات الله تعالى وإن تدبرنا آيات القرآن الكريم لوقفنا عند بعض الكلمات التي يجب تدبر معانيها فقد قال تعالى في سورة تبارك الملك (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {1} الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {2}) فكأنما يريد الله تعالى أن يقول تبارك الذي خلق الموت وخلق الحياة. والفرق بين المسلم وغير المسلم أن للمسلم قرآن قال تعالى عنه أنه روح فيجب أن يحيا المسلم بالقرآن حياة تختلف عن حياة الآخرين على سبيل المثال الموت في القرآن هو بداية الحياة للمسلم فتوصيف الموت على هذا النحو في القرآن يجعل المسلم يتفاعل مع الموت على أنه بداية لحياة جديدة هي الحياة الآخرة والله تعالى كتب الموت على كل نفس ووصف تعالى الحياة الدنيوية بـ (الدنيا) ووصف الآخرة بـ (الحيوان) وهي دلالة على أنها ممتلئة والتي لا موت بعدها أو الحياة الحقيقية، وصيغة فعلان في اللغة تدل على الإمتلاء وليس لها مثيل مثل صفة رحمن وهذه صفة لا تطلق إلا على الله تعالى على عكس صفة رحيم فهي قد تطلق على البشر وقد أطلقها تعالى على الرسول r في قوله (بالمؤمنين رؤوف رحيم) . والحيوان واحد وهي الحياة الآخرة.

    ويوم القيامة الذي بعده خلود دائم لا يجب أن يكون فيه موت ولذلك فإن الله تعالى يُجسّد الموت على الصراط ويسأل أهل الجنة إذا كانوا يعرفونه فيجيبون بنعم ويسأل أهل النار إن كانوا يعرفونه فيجيبون بنعم ثم يُذبح على الصراط فلا موت بعد اليوم إما خلود في الجنة أو خلود في النار. والموت ينقل من دار الفناء إلى دار الخلود والبقاء ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة وهو شيء محتوم. وعلى المسلم الحقّ أن لا يفزع أو ينهار إذا سمع بموت أحد الناس حتى لو كان من أقرب أقاربه لأنه إذا كان يقرأ القرآن ويفهمه لعرف أن وراء هذا الموت للمسلم حياة نعيم وخلود أبدي وأن الله تعالى يجازي الصابرين كما في الحديث القدسي "قبض ولد العبد المؤمن" "يسأل الله تعالى ملائكته هل قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي يقولون حمدك واسترجع فيقول تعالى ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة سمّوه بيت الحمد" وورد في الأحاديث أنه إذا قُبض صفيّ العبد فصبر فلا جزاء له إلا الجنّة. وإنما الصبر عند الصدمة الأولى والموت إنما هو ابتلاء من الله تعالى للمسلم فإذا عرف المسلم معنى قوله تعالى (خلق الموت والحياة) لقال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون. والصبر هو ركن من كل أركان الإسلام فالصلاة والصيام والحج كلها تحتاج لصبر فالصبر هو الأساس في كل هذه الأركان.

    ومما يجب التنبيه له أنه عادة ما يسأل المسلم عن عذاب القبر والأولى أن يسأل عن حساب القبر لأنه بمجرد أنه ذكر عذاب القبر فقد افترض الأسوأ والمسلم لإيمانه برحمة الله وعدله ولطفه قوي جداً والمسلم الذي هو على يقين بكل ما جاء في القرآن والسنّة يعلم أن في القبر حساب يعقبه نعيم أو عذاب. ومن المؤسف أن نرى كثيراً من الدعاة يرهبون الناس بعذاب القبر ويوردون الأحاديث الضعيفة عن عذاب القبر وأهوال القبر حتى وكأنما يظهر للناس أن الله تعالى يتشفّى من عباده وحاشا لله أن يكون هكذا فهو رؤوف رحيم رحمن الدنيا والآخرة. إذن على المسلم أن يسأل عن حساب القبر.

    ولنبدأ بمراحل الخلق. أول ما خلق الله تعالى القلم فقال له اكتب فكتب مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ومن تقدير الله تعالى أن تكون هناك حياة يترقبها موت فكل مخلوق من مخلوقات الله تعالى يترقب الموت (وقضى أجلاً وأجل مسمى عنده) وخلق الله تعالى الخلق وقضى آجالهم وحدد وقت القيامة. ومع اختلاف الفلاسفة حول أمور كثيرة إلا أنهم جميعاً اتفقوا على أن الحقيقة الواحدة هي الموت. ولمّا خلق الله تعالى آدم كتب الموت والفناء والهلاك على جميع خلائقه وأوجب الوجود لجلاله وأوجب الوجود لعظمة ذاته كما جاء في قوله تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكّل بكم ثم إلى ربكم تُرجعون) وقوله تعالى (إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة) (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (كل شيء هالك إلا وجهه). فهو تعالى الحيّ الذي لا يموت وما غيره يموت حتى الموت نفسه فما من مخلوق إلا ويموت أو يفنى أو يهلك بطريقة ما. فكلمة الحياة تختص بكل مخلوق على حدة فالإنسان له قوام حياة تُسمّى الروح والحيوان له قوام حياة والجماد أيضاً له قوام حياة. فالإنسان يموت وكل المخلوقات على وجه الأرض يفنى فلو جبلنا بعض الإسمنت بالماء وبنينا به جداراً ثم وقع هذا الجدار لا يمكننا أن نعيد جبل الجدار المنهار مرة أخرى لأنه بكل بساطة مات.

    ننتقل الآن إلى موضوع الروح ودلالاتها في القرآن الكريم حتى نفهم معنى الروح والموت بشكل أوضح. وعندما نتكلم عن الموت فإننا نتكلم عن نقض الحياة وقد أجمع علماء اللغة أن الموت هو نقض الحياة. ولو نظرنا إلى سهم الحياة لوجدناه يسير على الشكل التالي:

    ماء + تراب ¬ طين لازب ¬ صلصال من حمأ مسنون ¬ صلصال من فخّار ¬ ينفخ الله تعالى الروح

    وإذا نظرنا إلى سهم الموت لوجدنا أنه عكس سهم الحياة:

    الروح ¬ صلصال من فخّار ¬ صلصال من حمأ مسنون ¬ طين لازب ¬ ماء + تراب

    فالروح هي آخر ما يدخل في الجسد في مرحلة الخلق والحياة وهي أول ما يخرج من الجسد في مرحلة الموت أو نقض الحياة .

    وردت الروح في القرآن الكريم بستة معاني وهي :

    الروح التي هي قوام الحياة وهي الروح الوحيدة التي نٌسبت إلى الله تعالى كما في قوله تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وقوله تعالى (ثم سواه ونفخ فيه من روحه).

    الروح بمعنى عيسى u كما في قوله تعالى (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه).

    الروح بمعنى جبريل u كما في قوله تعالى (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين)

    الروح بمعنى السكينة والنصر والتأييد كما في قوله تعالى (وأيّدهم بروح منه).

    الروح بمعنى الوحي كما في قوله تعالى (يُلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده) وهو الوحي الذي يعطيه الله تعالى للأنبياء الذين اصطفاهم وهذا الوحي قد يكون عن طريق الإلهام أو جبريل أو غيره. إذن الروح هنا هي بمعنى الوحي على الإطلاق.

    الروح بمعنى القرآن خاصة لأن القرآن يُسمى روحاً كما في قوله تعالى في سورة الشورى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52}) وهذه الآية في سورة الشورى حلّت الإختلاف بين المفسرين حول آية سورة الإسراء (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) لأن بعض المفسرين فسروا الروح هنا على أنها القرآن ولكنها في الحقيقة هي قوام الحياة. فالروح التي هي من أمر الله إما أن تكون الوحي (يُلقي الروح من أمره) وإما أن تكون القرآن (أوحينا إليك روحاً من أمرنا). وسُمّي الوحي روحاً وسُمي القرآن روحاً لأنهما يجعلان للمسلم أو المتّبع عامة حياة جديدة مصداقاُ لقوله تعالى (استجيبوا للرسول إذا دعاكم لما يحييكم) بمعنى يحييكم بالقرآن وكذلك في قوله تعالى (نزل به الروح الأمين على قلبك) الضمير (به) يعود على القرآن. وفخر لكل عربي أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين فيجب علينا أن نتلقى منه الروح التي تنقلنا إلى حياة جديدة. وللمسلم حياتان الحياة الأولى بالروح التي هي قوام الحياة والثانية بالقرآن ومن عظمة القرآن أن الوحي كلّه سُمّي روحاً والقرآن وحده سُمّي روحاً. أما الروح التي هي قوام الحياة فهي سر من عند الله تعالى وهي كما أسلفنا الروح الوحيدة التي نُسبت إلى الله تعالى في القرآن الكريم.

    الفرق بين الموت والوفاة:

    ننتقل الآن إلى تعريفات الموت في القرآن. فقد ورد في القرآن أمثلة على الموت وأراد تعالى أن يُعلمنا كُنه الموت وحقيقة الوفاة. وحتى نفهم الموت يجب أن نستعرض القرآن الكريم. فهل قبض الروح هو بداية الموت؟ يقول تعالى (الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمّى) فالموت شيء والوفاة شيء آخر. والوفاة قد تكون موتاً وقد لا تكون. وفي الآية وردت حالتان للوفاة (حين موتها) و (التي لم تمت في منامها) فالنوم إذن وفاة وليس موتاً مع أنه يُسمى الموتة الصغرى لأن فيه شِقّ موت. ملك الموت يقبض الروح بعد هذا فيه وفاة الروح نفسها أي خروجها من الجسد. ساعة الموت وخروج الروح يقبض ملك الموت الروح والله تعالى يتوفّى النفس (وهنا عُبّر عن النفس بالروح مجازاً) إذن تخرج الروح بالموت والنائم روحه متوفاة عند الله تعالى وسمّاها الرسول r الموتة الصغرى لأن روح النائم هي متوفاة عند الله تعالى كما يشير إليه دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم قبل النوم "باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت روحي ارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" وكذلك الدعاء الذي ورد عنه r عند الإستيقاظ من النوم "الحمد لله الذي ردّ علي روحي" ولهذا جاء في الحديث أنه على المسلم أن ينام على وضوء. فكل موت وفاة وليست كل وفاة موتاً.

    إذن تكون الوفاة قبل الموت هي النوم والوفاة ساعة الموت هي بعد قبض الملك للروح.

    النفس:

    النفس جاءت في القرآن الكريم بثلاثة أوصاف: نفس لوّامة ونفس أمّارة بالسوء ونفس مطمئنة. والنفس الأمارة بالسوء واللوامة تستخدم في الكلام عن النفس التي تمثّل الحياة وليس الموت، أما النفس المطمئنة فهي لا تكون إلا بعد الموت لأن النفس لا تطمئن إلا ساعة الموت لأنها لو اطمأنت في الدنيا لضاعت (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) وهذا مصداقاً لقوله تعالى في سورة الفجر (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي {30}) هذه هي النفس التي توفّت ساعة الموت وعند الوفاة لأن الوفاة تكون للنفس وليس للروح. ولهذا قال تعالى (ارجعي) ولم يقل اعملي فهذا دليل على أن النفس المطمئنة هي النفس بعد الموت.
    eed
    eed
    مشرف برتبة ( وزير )
    مشرف برتبة  ( وزير )


    ذكر
    عدد الرسائل : 2070
    العمر : 52
    الموقع : القليوبية
    العمل/الترفيه : فنى
    السٌّمعَة : 8
    نقاط : 655
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    بطاقة الشخصية
    الاسم ثلاثى: النشاط
    العمر :

    الروح والنفس والموت Empty رد: الروح والنفس والموت

    مُساهمة من طرف eed السبت مايو 24, 2008 6:38 pm

    الحلقة الثانية

    الروح والنفس (2)

    تحدثنا في الحلقة السابقة عن الروح ومعانيها المختلفة كما وردت في القرآن الكريم وعن الخلق والحياة ونؤكّد في هذه الحلقة على هذه المعاني. الروح وردت في القرآن في أكثر من موضع وإنما اجتماع المواضيع يعطي ستة معاني مختلفة لكلمة الروح وهذا ما تتميز به اللغة وما يتميز به القرآن وأن الكلمة الواحدة قد يكون لها أكثر من معنى. أخذنا الروح كمثال لنؤكد ما فيها من معاني عميقة لمعنى الروح فجاءت كما قلنا في الحلقة السابقة بمعنى عيسى u وُصف بأنه روح بحدّ ذاته (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) وبمعنى جبريل سُمي روحاً وهذا توصيف لجبريل في القرآن (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين) وبمعنى السكينة والنصر والتأييد (وأيّدهم بروح منه) والمعنى العام لكلمة الروح والمشهور عند الناس هو قوام الحياة (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وهنا أحب أن أشدد على أنه يجب أن نأخذ اللغة من باطن الفصحى لا من باطن العامّية لأن بينهما فرق كبير. وقلنا أن آية سورة الشورى حلّت الإشكال الذي وقع فيه بعض المفسرين في تفسيرهم لكلمة الروح التي جاءت في سورة الإسراء (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) وقالوا إنها قوام الحياة لكن الآية الوحيدة التي نُسبت فيها الروح لله تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وهي الروح التي أقام الله تعالى بها حياة آدم u. وبقي معنيان آخران للروح وهما الروح بمعنى الوحي مطلقاً (يُلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده) وبمعنى القرآن خاصة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) الشورى) فالوحي مطلقاً سُمي روحاً والقرآن خاصة سُمي روحاً والملك المكلّف بتبليغ الوحي على الرسول r سُمي روحاً أيضاً. وعندما نزلت الآيات واستقر القرآن في سورة الاسراء (يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) الغالب على المفسرين أنهم يقولون بأنها قوام الحياة لكن منهم من يقول إنها القرآن لأن ما قبلها وما بعدها يدل على ذلك وأكّد ذلك كما قلنا في سورة الشورى الآية 52. فالروح من أمر الله تعالى هي الوحي والقرآن والروح عموماً بمعنى عيسى u لأما الروح قوام الحياة فهي من أسرار الله تعالى.

    أما النفس فهي جِماع الروح والبدن في الغالب ويجب أن نقف عند توصيف النفس في القرآن لنؤدّي مُراد الله تعالى في الحياة. والنفس أنواع : النفس الأمّارة والنفس اللوامة والنفس المطمئنة. وقلنا في الحلقة السابقة أن النفس إذا اطمأنّت في الدنيا ضاعت لأنه إذا اطمئن الإنسان لإيمانه لن يصلي ولن يصوم ولن يعمل صالحاً. النفس على إطلاقها أمّارة فإذا رضي الله تعالى عنها جعلها لوّامة لذا أقسم تعالى بها (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) القيامة) أما النفس المطمئنة يشرحها المفسرون في بعض التفاسير أنها النفس التي صاحبها عمِل صالحاً هذا كلام جيد لكننا ننتبه إلى قول الله تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) الفجر) قال تعالى ارجعي ولم يقل اعملي وهذا يدلنا على أن النفس المطمئنة هذه لا تكون مطمئنة إلا ساعة الموت. فالنفس اللوامة تطمئن ساعة الموت (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق) سكرة الموت تأتي بالحق فالنفس اللوامة التي كانت تلوم صاحبها تطمئن ساعة الموت (فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)) ويمكن أن نأخذ حلقة كاملة في النفس المطمئنة. النفس الأمارة على الإطلاق واللوامة للمؤمنين والمتقين والمحسنين هؤلاء هم أصحاب النفس المطمئنة ساعة الموت. فلو قلنا أن النفس المطمئنة هي في الدنيا تأتي الآيات في القرآن لتعطينا عكس هذا المفهوم قال تعالى في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16)) فلو كان المقصود بالنفس المطمئنة تلك التي اطمأنت في الدنيا لركن الغني إلى الغنى واطمئن وركن الفقير إلى الفقر واطمئن وجاء الرد من الله تعالى بعد هذه الآية (كلا) وفيها الإجابة و(كلا) هذه كلمة زجر وردع لأنه لا الفقر دليل الإهانة ولا الغنى دليل الكرم إنما حلّ القضية قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ويكون المتّقي في الدنيا صاحب النفس المطمئنة عند الموت بدليل كلمة (ارجعي) في الآية ولم يقل (اعملي).

    والغنى والفقر هما من الابتلاءات في الحياة من الله تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الملك)، والإبتلاء يأخذ أشكالاً كثيرة كالإبتلاء في الصحة والمال والولد والغنى والفقر وغيرها.

    ويسأل المقدم حول صحة ما يقال عن أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء فيردّ الدكتور أن هذه مسألة غير مطلقة فقد يكون هناك فقراء غير مسلمين وأغنياء مسلمين وصالحين والمهم هنا أن نسأل هل سننجح في هذا الاختبار وهل يصبر الفقير على فقره وهل يشكر الغني على غناه؟ وكل لفظ في القرآن له دافع لأدائه فالفقر يوجب الصبر والغنى يوجب الشكر والصحة تحتاج لتلقي سليم. وساعة الهجرة هاجر الفقير والغني والفرق بينهما أن الفقير يحتاج لمن يساعده ليهاجر والغني يدفع ليهاجر والرسول r عندما كان في المدينة قال لعبد الرحمن بن عوف وكان من أغنياء المسلمين "أولِم عنهم" بعد أن كان يقول لكل من تزوج "أولم بشاة" وهذه الوليمة هي لاشهار الزواج والمعنى أن الرسول r طلب من عبد الرحمن بن عوف ممازحاً إياه أن يولِم عن الباقين لغناه. وعلينا أن نغتنم الأيام فبل انقضائها كما جاء في حديث الرسول r " اغتنموا خمساً قبل خمس" لأن اليوم الذي ينقضي لا يعود كل فجر يقول يا ابن آدم أنا فجر جديد على عملك شهيد فاغتنمني فإني لن أعود إلى يوم القيامة. فالصبر إذن هو ركن ركين في كل عمل من أعمال المسلم.

    نعود إلى مسألة الخلق ويسأل المقدم الدكتور أن يتحدث عن موضوع بداية الخلق خلق السماوات والأرض والبشر والقرآن وهنا يقطع الدكتور على المقدم ليبيّن خطورة القول بخلق القرآن ويقول: حاول الكثيرون أن يعتبروا أن القرآن مخلوق وهو ليس مخلوق ومات من أجل هذه القضية علماء كُثُر وعُذّب علماء كثر منهم الإمام أحمد ابن حنبل ونقول أن القرآن إنما هو كلام الله تعالى باقٍ ببقاء الله عز وجل. والذين افتعلوا هذه الفتنة أرادوا أن يصلوا منها إلىأن كل الخلق سيموتون وبما أن القرآن مخلوق سيموت أيضاً وهذا كلام لا يليق فقد رفضه علماء كثيرون وماتوا لاجل الدفاع عن هذا الأمر فالقرآن باق إلى يوم القيامة والله تعالى ينادي به (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر) فالقرآن ليس بمخلوق وإنما هو كلام الله باقٍ ببقاء الله تعالى.

    وقبل أن نبدأ الحديث عن الخلق وكيف بدأ الخلق نقول أن الموت مخلوق لله وطالما نتحدث عن الموت نتحدث عنه كنقض للحياة ويجب أن نتكلم عن الحياة لنستوعب قدرة الله تعالى في الخلق حتى إذا تكلمنا عن الموت يكون أهون علينا مما هو الآن لأن بعض الناس أو معظمهم يخاف من الموت ويجب أن ننظر إلى الموت على أنه السبيل للقاء الله عز وجل "من أحبّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه". وأُحذر نفسي والمشاهدين من أمور يفتعلها الشيطان حتى نسرح بخيالنا من سؤالنا عمن خلق السماوات وخلق الأرض إلى السؤال من خلق الله؟ والرسول r يعلّمنا أن تقف عند حدّ معين عندما نتفكر ونتدبر في الخلق هذا الحدّ هو الله تعالى ونهانا الرسول r عن إطلاق التفكّر. وأذكر أنه جاء أناس من اليمن للرسول r فقالوا: جئنا نسألك عن هذا الأمر (أي الخلق) فأجابهم الرسول r إجابة بليغة حاسمة فقال: كان الله ولم يكن شيء قبله (في رواية أحمد) وكان الله ولم يكن شيء غيره (في رواية البخاري). ومن هذا الحديث يعلّمنا الرسول r أن الله تعالى هو البداية فالله تعالى هو الأول ليس قبله شيء وهو الآخر فليس بعده شيء وهو الظاهر فلا شيء وقه وهو الباطن فلا شيء دونه وقد علمنا الدكتور رمضان عبد التواب أن نأخذ بينهما أيضاً فالله تعالى هو الأول والآخر وما بينهما وهكذا. فالله تعالى هو كل بداية كل شيء ويتعالى أبو هريرة ويباهي الصحابة على الحديث الذي قال فيه: "أخذ رسول الله r بيدي وقال خلق الله عز وجل التُربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء (المكروه هو كل ما يكرهه الانسان) وخلق النور يوم الأربعاء وبثّ الدوابّ يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة في آخر ساعة من ساعات الجمعة من العصر إلى الليل". وللأسف أن العوام من الناس يتناقلون حديثاً أنه في يوم الجمعة ساعة نحس وهذا القول يُخرج من المِلّة لأنه في الحديث الصحيح عن رسول الله r أنه قال:"خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خُلِق آدم وفيه أُدخِل الجنة وفيه أُخرِج منه وفيه تقوم الساعة" رواه أحمد. وعلينا أن نأخذ الكلام من فم رسول الله r .

    وحديث أيام الخلق الستة يوضح أن الله تعالى خلق كل شيء بقدر وحكمة وكأن الحديث يقول أن الله تعالى خلق كل الكائنات لأجل آدم ومسخّر له. وفي حديث آخر عندما خلق الله تعالى الأرض جعلت تميد فألقى الله تعالى الجبال لتثبيتها وتعجبت الملائكة فقالوا أهناك شء أشد من الجبال فقال تعالى الحديد فسألوا أهناك شيء أشد من الحديد فقال النار ثم النار تُذيب الحديد ثم الريح تُطفئ التار ثم ابن آدم إذا تصدّق بيمينه ما لم تعلمه شماله.

    يسأل المقدم عن خلق الله تعالى لآدم وأنواع الخلق فيجيب الدكتور أن الله تعالى خلق آدم من دون ذكر وأنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى (من آدم)، وخلق البشر جميعاً من ذكر وأنثى وبقي هناك نوع من الخلق وهو الخلق من أنثى بلا ذكر فكان عيسى ابن مريم وأمه وبهذا يثبت الله تعالى لعباده أن قدرته الرباعية على الخلق بكافة أشكاله مكتملة وقال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران) يضرب الله تعالى المثل في عيسى ثم تأتي الآية بعدها بخلق آدم من تراب وكأننا بالله تعالى يقول يا من حاججتم في خلق عيسى من أم بلا أب كان يجب أن تحتجوا على خلق آدم الذي خُلق بدون ذكر ولا أنثى فعيسى كان له أمٌ تحمله أما آدم فلا فإن لم تسألوا عن خلق آدم فلِمَ تسألون عن خلق عيسى؟ فالذي لا يستوقف في خلق آدم ويستوقف في خلق عيسى فكلامه مردود عليه والقادر على الخلق بلا ذكر وأنثى قادر على أن يخلق من أنثى بلا ذكر وقادر على أن يبعث الخلق من جديد يوم القيامة (كما بدأنا أول خلق نعيده).

    خلق آدم:

    لمّا قضى الله تعالى الخلق خلق القلم فقال له اكتب فكتب مقادير الخلائق وعندما قال تعالى (إتي جاعل في الأرض خليفة) هذا الأمر كان مقضياً به ساعة خلق القلم. يقول الرسول r أن الله تعالى أخذ قبضة من الأرض فجاء الناس على قدر الأرض فيقول الرسول r فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك وجاء منهم السهل والحزن وبين ذلك. ومعنى على قدر الأرض أنه عندما تحلل التربة نجدها تتكون من عناصر كثيرة مختلفة وليست كلها من مادة واحدة وكذلك البشر ليسوا سواء ولكل إنسان طبعه وشكله ونشاهد في الحج كل ألوان البشر وكل الطباع. والمفروض أن يغيّر الاسلام طباع البشر فيصبح الإنسان المسلم راضياً صابراً تعلوه السكينة والسلام وهذا يبيّن قدرة الله تعالى في الخلق.

    قلنا في الحلقة السابقة أن سهم الحياة (تراب + ماء تعطي طيناً هذا الطين وصفه تعالى بأنه طين لازب وهذه المرحلة محددة بدقة وهي بين المرحلة السائلة والمرحلة الصلبة تماماً ثم نجد أن الحمأ المسنون لا يكون إلا بعد الطين اللازب (صلصال من حمأ مسنون) وهنا تظهر كلمة لا يقولها الله تعالى بعد من صلصال كالفخار هذه الكلمة هي (فسوّيته) ولو استعرضنا القرآن كله نجد أن كلمة سوّيته لا تأتي إلا بعد ذكر صلصال كالفخار وهذه هي آخر مرحلة وهي مرحلة التصوير. وهناك فرق بين الخلق والتصوير كما في قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) الأعراف) فالخلق هو ما كان من ماء وتراب ثم أصبح طيناً لازباً ثم صلصال من حمأ مسنون أما التصوير فهو عند الفخار وهذه هي التسوية.

    ثم بعد أن سوّى الله تعالى آدم تركه أربعين سنة جثة كما يقول البخاري ستون ذراعاً طول وفي رواية انفرد بها الإمام أحمد ستون ذراعاً طول في سبعة أذرع عرض، هذا الخلق تركه الله تعالى لحكمة وهي استعراض الملائكة لهذا المخلوق واستعراض ابليس له. والملائكة كانت ترى هذا المخلوق ولا تقول شيئاً رهبة من الله تعالى أما ابليس فهو الذي تساءل عن هذا المخلوق وهذا يعلّمنا أن العداء بين ابليس وابن آدم قديم لأن الشيطان كان يدور حول آدم ويقول : من أجل أمر ما خُلِقت. ثم زال خوف ابليس من هذا المخلوق لمّا وجده أجوفاً لأنه علِم أنه لن يتمالك بمعنى أن الشهوة تغلِب عليه (شهوة البطن والفرج) فيسمع كلام ابليس. فقال ابليس للملائكة لا تخافوا من هذا فإنه أجوف وربّكم صمد. والصمّد في اللغة الشيء المُصمد هو الشيء الذي لا جوف له. وفي قوله تعالى (الله الصمد) قال بعض المفسرين أنها تعني المصمود إليه في الحوائج وهذا المعنى لا يشفي الغليل من اللفظ ولكن الصمد هو الذي لا يحتاج إلى ولد أو زوجة وهذه الكلمة (الصمد) لم تأت في القرآن إلا مرة واحدة وهي من الكلمات الفريدة. وفي بعض البلاد العربية يسمون الصمد المكان الذي ليس فيه طعام ولا شراب ونحن نقول إذا كان للقنينة غطاء يلف لفّاً نسميه غطاء فإن كان يدخل فيها ويُحكِم إغلاقها نسميه صماد.

    فلمّا علِم ابليس أن آدم أجوف اطمئن وقال لآدم جملة يجب أن نفهمها جيداً ونفهم معناها: لئن سُلِّطتُ عليك لأُهلكنّكَ ولئن سُلِّطتَ عليَّ لأعصينّك. وهذا يبيّن أن العداوة بين ابليس وآدم واقعة من وقت أن أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم وكان ابليس حاضراً عند الأمر بالسجود.

    ثم نفخ الله تعالى في آدم من روحه فدخلت الروح وكلما دخلت إلى جزء من جسد آدم تحول الفخار إلى لحم وجلد ودم ويقال أن أول ما دخلت الروح إلى رأسه من الأنف فعطس آدم وهناك حديثان حول هذا الأمر أحدهما أنه ساعة عطس آدم قال الحمد لله فقال الله تعالى يرحمك الله والثاني أن الملائكة علّمت آدم أن يقول الحمد لله وهذا العطس والدعاء بعده هو دعوة للعاطس بالرحمة. إذن دخلت الروح من المداغ وهذا الموضوع دخلت فيه الكثير من الاسرائيليات ثم مشت الروح حتى وقفت عند البصر فنظر آدم إلى ثمار الجنة ثم أول ما وصلت الروح إلى بطنه اشتهى الطعام فشبّ ليأكل منه ولم تكن الروح قد وصلت لرجليه بعد (خُلِق الإنسان من عجل) وهذا عيب الشهوة لأنه كان متعجلاً للطعام ومن هنا كان فضل الله تعالى علينا بالصيام لتأديب النفس وتعويدها على الطاعة ففي الصيام منع النفس عن الحلال فإن استطاعت هذه النفس أن تمتنع عن الحلال فيمكنها أن تمتنع عن الحرام وهذا من فضل الله تعالى علينا. ثم وصلت الروح إلى القدمين واستوى الخلق وساعة تمّت تسوية آدم ودخول الروح إلى سائر أعضائه أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم وهذا الأمر بالسجود صدرمن الله تعالى قبل الخلق وليس بعده ولهذا ضاق ابليس بهذا المخلوق (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).

    وساعة خُلِق آدم وساعة سوّاه الله تعالى وساعة أتمّ الخلق كتب الله تعالى في كتاب فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي فكأن الله تعالى يقول إن هذا المخلوق خُلِق للمعصية وساعة عصى آدم ربه كانت التوبة جاهزة (فتلقّى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) والله تعالى غفّار وغفور وفي الحديث : إن لم تّذنبوا لاستبدل الله قوماً غيركم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم.

    فأسأل الله تعالى أن نستوعب هذه القضية ونعلم أن الشيطان يتربص لنا كالموت وأسأل الله تعالى أن يُجنّبنا الشيطان وأن يجنّب الشيطان ما رزقنا. واختتم الدكتور الحلقة بدعاء.
    eed
    eed
    مشرف برتبة ( وزير )
    مشرف برتبة  ( وزير )


    ذكر
    عدد الرسائل : 2070
    العمر : 52
    الموقع : القليوبية
    العمل/الترفيه : فنى
    السٌّمعَة : 8
    نقاط : 655
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    بطاقة الشخصية
    الاسم ثلاثى: النشاط
    العمر :

    الروح والنفس والموت Empty رد: الروح والنفس والموت

    مُساهمة من طرف eed السبت مايو 24, 2008 6:40 pm

    باقى الحلقه اسئلة المشاهدين


    سؤال 1: سألت إحدى المشاهدات عن عذاب القبر وهل يكون في القبر حساب مع العلم أن الحساب يكون يوم القيامة فكيف نقضي الفترة بين القبر والقيامة؟ وما صحة ما يُقال في عذاب القبر وضيقه والثعبان الأقرع؟ وهناك سؤال آخر عن ما يُعرف بـ(عِدّية يس) وهي أن تُقرأ أربع مرات وتكرر كل آية عدد معين من المرات؟

    الجواب: أولاً دعونا نقول حساب القبر وليس عذاب القبر فهل عندنا في القرآن عذاب فقط أليس عندنا نعيم؟ سورة الرحمن التي تتكلم عن الجنان أليست نعيماً؟ فواجب المتكلمين أن يتصدوا لهذا الأمر لأن كلمة عذاب تكون نتيجة شيء وهذا الشيء يجب أن يكون له إحدى نتيجتين العذاب أو النعيم فلماذا نشدد على العذاب وبصراحة وللأسف لقد عشنا فترة طويلة من الدعوة بأسلوب الترهيب ولا ننكر أن أسلوب الترهيب هو من وسائل الدعوة لكن لا ننسى أسلوب الترغيب أيضاً ونأخذ ما جاء عن ابن عباس رضي الله لنتعلم : جاء رجل الى ابن عباس وسأله أللقاتل توبة؟ فنظر إليه وقال نعم للقاتل توبة وبعد أربعة أيام جاءه رجل آخر فسأله أللقاتل توبة؟ فنظر إليه ابن عباس وقال لا ليس للقاتل توبة فسأله أحد الحاضرين يا إمام أنت تكيل بكيالين قال ابن عباس إن الذي جاء أولاً جاء وقد قتل ويريد أن يتوب (وتعلّم من حديث رسول الله r عن رجل من بني إسرائيل قتل تسعاً وتسعين نفساً) فكالما قتل ويريد التوبة فالتوبة بابها مفتوح ليل نهار أما الثاني فيسأل قبل أن يقتل هو يريد معرفة الحكم قبل أن يقتل فلو أجابه ابن عباس بنعم لثتل ثم عاد ليتوب فأراد ابن عباس أن يمنعه من القتل فقال لا ليس للقاتل توبة وكأننا بابن عباس يمنع جريمة. وهذه من فراسة ابن عباس كما في الحديث:" اتقوا فراسة المؤمن فنه ينظر بنور الله". فالترغيب ينفع في أوقات والترهيب ينفع في أوقات.

    هناك حساب يعقبه نعيم إذا كان الرجل (بمعنى الرجل والمرأة) من أهل الصلاح أو يعقبه عذاب إذا كن الرجل من أهل الطلاح.

    أما بالنسبة للسؤال حول عدية يس فليس هناك ما يسمى بهذا وإنما أقرأ يس لأنها سورة من سور القرآن وليس للتكرار الذي سألت عنه الأخت أي صحة ولا سند له في السنّة الصحيحة. ويجب أن نخرج من هذه الألفاظ وسنستعرض في حلقة لاحقة موضوع الأحاديث في سورة يس وعرض لها بالتفصيل ونبين الصحيح منها من الموضوع. ونقول إن سورة يس هي سورة من القرآن نقرأها لما شئنا.

    سؤال 2 : قال الدكتور في الحلقة الماضية بخصوص الروح والنفس هداية أن الروح هي قوام الحياة وذكر الأدلة من كتاب الله وأنا أوافقه الرأي لكن كما قرأت فإن الروح خالدة لا تموت، ومن هذا المبدأ أرى والله أعلم أن الروح عندما تدخل الجسد ينتج عنها النفس التي هي الأحاسيس والتفاعلات الروح مع الجسد ثم إن هذه النفس إما تُقتل (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) أو تموت (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً) أو يتوفّاها الله تعالى (الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها). فهل هذا التفسير منطقي؟ لأننا إذا جزمنا أن الروح قوام الحياة وهي التي تعطي الحياة للجسد فلماذا يُعبّر عن النفس بأنها هي التي تموت أو تُقتل أو تُتوفّى؟ أتمنى أن تتوسع في هذا الموضوع لأنه موضوع حسّاس وقد يُضيّع الكثيرين.

    الجواب: النفس عُبّر بها عن الروح أحياناً معينة وعلينا أولاً أن نفرّق بين الموت والقتل:

    الموت هو الحالة التي تخرج فيها الروح من بدن الإنسان بعد أن أدّت مهمتها في هذا البدن وبعد أن بقيت فيه المدة التي شاءها الله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2) الأنعام).

    والقتل هو عندما يُهدم الجسد أو الوعاء الذي يحتوي الروح فيصبح هذا الجسد غير صالح لاستيعاب الروح فتخرج الروح من هذا الجسد لفساده.

    والموت والقتل هما بأمر الله تعالى وبإذنه. وقد تطلق كلمة النفس على الروح في القرآن لكن الروح لا تُطلق على النفس فالتي تتوفى في الحقيقة هي الروح عُبّر عنها بالأنفس (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) لأنه يوجد من هو نائم فلو أن النائم روحه خرجت يكون قد مات ولهذا لا يصح أن نقول الروح بدل النفس لأنه لو قالها مع النائم لأوجب أن يموت هذا النائم ولذها أطلق الله تعالى كلمة النفس هنا بمعنى الروح ، واطلاقات النفس بدل الروح في القرآن لهدف في القرآن ففي الآية (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) الأنفس بمعنى الأرواح والتي تُمسك هي التي ستموت والتي تُردّ هي روح النائم. والفرق بين الموت والوفاة أن كل موت وفاة وليس كل وفاة موت وأيّ موت يشمل الوفاة وللتأكد من الفرق بينهما ننظر إلى قوله تعالى في قصة عيسى u (إني متوفّيك ورافعك إلي ومطهرك) عيسى لم يمت ولكنه متوفّى ولهذا قال تعالى متوفيك ولم يقل مميتك وكذلك نفى عنه الصلب والقتل في آية أخرى (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) النساء) هذا ليس موتاً وإنما وفاة لذا فعيسى u متوفّى وليس ميتاً.

    سؤال 3: تسأل إحدى المشاهدات عن سكرات الموت وهل هي دليل على صلاح الميت؟

    الجواب: لا تأخذوا سكرات الموت على أنها قضية مسلّم بها فمنهم من يُشدّدُ عليه وهو من الصالحين ومنهم العكس فلا نأخذها بشكل عام ونحن لا نملك أن نقول هذا في الجنة وهذا في النار فهل إذا مات أحدهم فجأة يكون هذا دليل على عدم صلاحه؟ الله أعلم قد يكون هذا الرجل من الصالحين وسنستعرض في حلقات قادمة موت الرسول r ويعض الصحابة. وأقول أن علامات الصلاح والطلاح تظهر على الإنسان في حياته فهل كان هذا الإنسان محسناً مصلياً صائماً مصلحاً بين الناس أو كان على عكس هذا؟ فالسكرات ليست دلالة على صلاح أو فساد المتوفى.

    سؤال 4: تسأل إحدى المشاهدات أن أباها مات من شهرين مبطوناً بالقلون فهل يُعتبرشهيداً؟

    الجواب: في الحديث عن رسول الله r أن المبطون شهيد. ولا نملك إلا أن نسأل لهذا الميت الرحمة والمغفرة وسنعود للحديث عن الشهيد في حلقات قادمة. فالشهيد قبل أ يكون مبطوناً أو غيره إن كان من العلماء فهو من الشهداء مصداقاً لوله تعالى في سورة البقرة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) فمن أمة محمد r من قرأ القرآن وفهمه وأصبح قادراً على أن يكون شهيداً على الناس. وأقول للأخت السائلة أكثري من الصلاة والقيام وقراءة القرآن وتدبره فيطمئن الأهل إلى أنك ستكونين من الشهداء.

    سؤال 5: من له الحق بالدخول على المتوفي قبل التكفين ومن يحق له تغسيل الميت؟

    الجواب: رجال من أهل بيت الميت الأدنى فالأدنى إن كان رجلاً أو نساء من أهل بيت الميتة الأدنى فالأدنى وهذا لأن القريب لا يفضح الميت إن رأى فيه عيباً أو ما شابه بل يستر عليه. وسنأخذ بالتفصيل في الحلقات القادمة هذا الموضوع والرسول r كان عنه الصدّيق وبعض الصحابة فسألوه من يلي غُسلك يا رسول الله؟ قال رجال من أهل بيتي الأدنى فالأدنى. والدخول على الميت له آداب وليس كما يفعل الناس هذه الأيام وإنما يدخل عليه أولاده وزوجته وأهله كما سنشرح في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.

    سؤال 6: هل إذا عُذِّب الانسان في القبر يخفف عنه من عذاب يوم القيامة؟

    الجواب: عذاب القبر لا يخفف من عذاب الآخرة ولا علاقة له بعذاب الآخرة وإنما هو عبارة عن مقعد الإنسان يوم القيامة يراه في قبره.

    سؤال 7: إحدى المشاهدات اتصلت وسألت أن ابنة خالتها البالغة من العمر عشرون عاماً توفيت في رمضان ودخلت في غيبوبة مدة 13 يوماً لكنها لم تكن تصلي وكانت السائلة معها في المستشفى فطلبت منها ابنة خالتها أن تعطيها بعض الهواء علماً أنهم وضعوا لها الكسجين فلم تعرف الأخت ماذا تفعل فأخذت تهويّ لها بثيابها لكنها تشعر الآن أنها قد تكون قصّرت في حق ابنة خالتها فهل عليها وِزر؟ ثمإن السائلة لا تحافظ على الصلاة.

    الجواب: لا ذنب عليك إن شاء الله ونسأل الله أن يغفر لها ويرحمها. ويجب على الإنسان أن يأخذ عظة مما يحصل أمامه وعلى السائلة أن تأخذ من هذا الموقف دافعاً لها لتحافظ على صلاتها ولا يؤلم الإنسان ساعة الموت إلا تقصيره في الصلاة والعبادات
    eed
    eed
    مشرف برتبة ( وزير )
    مشرف برتبة  ( وزير )


    ذكر
    عدد الرسائل : 2070
    العمر : 52
    الموقع : القليوبية
    العمل/الترفيه : فنى
    السٌّمعَة : 8
    نقاط : 655
    تاريخ التسجيل : 10/05/2008

    بطاقة الشخصية
    الاسم ثلاثى: النشاط
    العمر :

    الروح والنفس والموت Empty رد: الروح والنفس والموت

    مُساهمة من طرف eed السبت مايو 24, 2008 6:42 pm

    الحلقة الثالثة (بداية ومراحل الخلق)

    خلق الله تعالى الخلق في أربع أنواع: خلق آدم u بدون أب ولا أم، وخلق حوّاء من ضلعه أي من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى u من أنثى بلا ذكر، وخلق بني آدم جميعاً ومنهم الرسول r من ذكر وأنثى.

    وجاء في الحديث الشريف عن الرسول r أن أهل اليمن جاءوا إلى الرسول r قالوا: جئناك لنسألك عن أوّل الأمر (بمعنى كيف بدأ الخلق) ففهم الرسول r السؤال وعرف أنه يحتاج إلى إجابة منه حتى لا يترك الناس للأهواء والعبث والشيطان فقال r: "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض." وفي رواية أخرى (ولم يكن شيء غيره). والماء الذي عليه العرش هو الماء كله الي خلقه الله تعالى وكتب في الذكر معناها اللوح المحفوظ. فيجب أن نجعل الله تعالى بداية تفكيرنا حتى لا ننتقل من سؤال من خلق كذا ومن خلق كذا لنصل إلى سؤال من خلق الله؟ وهذا من عبث الشيطان ببني آدم.

    وللإجابة عن السؤال كيف بدأ الكون؟ يجد الإجابة في حديث الرسول r فكتابة كل شيء في الذكر كان بل خلق السمولت والأرض والحديث يتفق مع حديث آخر (إن الله خلق القلم فقال له اكتب فكتب مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) إذن خلق الله تعالى العرش ثم القم وأمره أن يمتب كل شيء ثم السموات والأرض وهذا كله قبل خلق آدم u. إذن آدم خُلق بعدما خلق الله تعالى له الخلق كلّه كما جاء في حديث أبو هريرة: أخذ رسول الله r بيدي وقال: " خلق الله التُربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبثّ الدواب يوم الخميس وخلق آدم آخر ساعة من ساعات الجمعة من العصر إلى الليل في آخر الخلق." لأن الله تعالى كرّم آدم على سائر المخلوقات وقال في سورة الإسراء (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً {70}) هذا التكريم يدلّ على أنه خلق آدم بين شريف (وهم الملائكة) ووضيع (الحيوان) فكان آدم وسط بين الإثنين وجعل له مفاتيح إن أخذها يستطيع أن يتقرّب من الملائكية وإذا تركها تدنّى للحيوان (بالشهوة الحيوانية) يقال ليتيم الإنسان من فقد أبوه أما يتيم الحيوان فهو من فقد أمه لأن ذكر الحيوان يأتي شهوته ثم يترك صغاره فتربيهم أمهم. ولا يتدنى للشيطان لأن الشيطان خلق آخر مخلوق من مارج من نار. فالإنسان إما أن يكون من أولياء الله أو من أولياء الشيطان اتّباعاً وليس خلقاً وهناك فرق بين الإتباع والخلق. وحينما يصوم الإنسان يتجرّد من بشريته ويعلو ويتقرب من الملائكية بدليل ما جاء في القرآن الكريم على لسان مريم عليها السلام (إني نذرت للرحمن صوماً فلن أُكلّم اليوم إنسيا) نفت كلامها مع الإنس لكن لو جاء جبريل لكلمته، فالصيام يرفع درجة الإنسان إلى درجة الملائكية وهي الطاعة العمياء لأن الملائكة جُبلت على ذلك والبشر الطائعين أفضل عند الله تعالى من الملائكة لأن الإنسان الطائع الذي أمامه الفجور والتقوى اختار الطاعة والتقوى أما الملائكة فهي طائعة بالكليّة. وقوله تعالى في سورة البلد (وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة) وقوله في سورة الشمس (فألهمها فجورها وتقواها) الإلهام هنا بمعنى الإرشاد أي أن الله تعالى يُرشد الإنسان إلى الطريقين طريق الخير وطريق الشر وهذا من رحمته ومن نعمه على الإنسان لأنه عندما يبيّن لنا طريق الشر يعيننا على تجنبه فلا نفع في المعاصي ولا نقع في شرور الأعمال وهذا من فضل الله علينا وعندما يُبيّن لنا طريق التقوى نتيعها وهذا لا يتعارض مع النفس البشرية التي جُبلت على الفطرة. إذن إلهام الفجور هو من فضل الله ونعمه علينا حتى نجتنب الفجور وما يؤدي إليه.

    وإذا لاحظنا القرآن كله نجد أن الله تعالى ذكر أنه خلق بيده شيئين اثنين فقط هما آدم u (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) والسماء في قوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) وهذا من باب تكريم آدم u. وهناك أربعة أمور كرّم الله تعالى بها آدم u هي:

    كرّم الله تعالى آدم بأن خلقه بيده (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) وكما أوضحنا سابقاً خلق الله تعالى آدم والسماء بيده فقط على ما نصّ عليه القرآن الكريم.

    أن الله تعالى نفخ في آدم u من روحه (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) وهذا لم يحدث في أي خلق من خلق الله تعالى.

    أسجد له الملائكة (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) وهذا أيضاً لم يحدث لخلق آخر من خلق الله تعالى.

    علّمه الأسماء كلها (وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة). والأسماء هي كل شيء خلقه الله تعالى حتى الكلام ولهذا لم يقل وعلّمه الكلام لأن الكلام ليس هو الأسماء أما الأسماء فهي تشمل الكلام. الكلام هو أسماء وأفعال وحروف لكن يوجد كلام ليس به أسماء وقد يكون أفعالاً وحروفاً فقط فلو قلنا مثلاً يلعب الولد بالكرة وأعربنا يلعب لقلنا أنها فعل مضارع، فإذا قلنا اعرب فعل مضارع نقول فعل مبتدأ ومضارع خبر إذن توصيف الفعل هو إسم كذلك (في) حرف جر وكلمة (في) اسم ولذلك قال تعالى علّمه الأسماء ولم يقل علمه الكلام أي علّمه الأسماء بما فيها من أفعال وحروف وكلام. ثم قوله تعالى (ثم عرضهم على الملائكة) تدل على صحة قولنا هذا وأنها ليست مجرد أسماء وإلا لقال تعالى ثم عرضها على الملائكة.

    يردد الكثير من الناس مقولة أن آدم هو خليفة الله في الأرض وهذا كلام باطل وفيه كفر لأن القرآن الكريم لم يقلها أصلاً وإنما قال تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) مطلقة ولم يقل خليفة لي. ثم إن هناك أمر آخر يقال خليفة في اللغة لمن يخلف غيره ويقوم مقامه في غياب المخلوف أو موته أو فنائه. وآدم u جاء خليفة في الأرض لمن كان قبله من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض وأفسدوا فيها وسفكوا الدماء ولهذا في حوار الملائكة مع الله تعالى قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) لأنهم علموا ما فعل الجن سابقاً ثم لما أفسدت الجن في الأرض أمرهم الله تعالى بإخراجهم إلى جزائر البحور ولو فهمت الملائكة أن الله تعالى أراد أن يخلق آدم ويجعله خليفة له لما تساءلت كما ورد في الآية والملائكة أعلم بذات الله من حيث الطاعة والعبادة. ولا يمكن أصلاً أن يكون لله تعالى خليفة فالله تعالى ليس كمثله شيء، وأطرح سؤالاً مت يُعين خليفة؟ والجواب عندما يموت المخلوف ! الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه عُيّن خليفة لرسول الله r بعد وفاة الرسول r، أما الله تعالى فحيّ لا يموت ولا يجب علينا التجرؤ على الله تعالى بمثل هذه الأقوال . ومقولة الناس آدم خليفة الله في الأرض كلام خطأ باطل مفترى وكأن الله تعالى يحتاج لخليفة في الأرض وآخر في السماء وآخر في الجبال وحاشاه سبحانه وتعالى عما يقولون. البشر فقط هم من يحتاج إلى خلائف والحاكم الواحد قد يحتاج لأكثر من خليفة أما الله تعالى فليس كمثله شيء ولا يمكن أن يكون له خليفة. وقد اعتمد ابن كثير في تفسيره على قول الله تعالى (وجعلناكم خلائف الأرض) في تفسير آية سورة البقرة (إني جاعل في الأرض خليفة).

    ذكرنا سابقاً أربعة أوجه لبيان قدرة الله تعالى في الخلق هي خلق آدم u، خلق حواء، خلق عيسى u وخلق باقي البشر ومنهم الرسول r، ونبيّن الفرق بينهم.

    خلق الله تعالى آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض وتفرّد آدم u أنه خُلق من تراب وماء ثم كان طيناً لازباً ثم حمأ مسنوناً ثم فخاراً ثم نفخ الله تعالى فيه من روحه فتحول الفخار إلى الجسد البشري وآدم u خُلق بدون ذكر أو أُنثى. ثم خُلقت حواء من ضلع آدم u أي من ذكر بلا أنثى ثم خلق الله تعالى بقية الخلق من البشر من ذكر وأنثى فبقي أن يخلق تعالى بشراً من أنثى بلا ذكر فخلق عيسى u لتثبيت قدرته على الخلق بجميع أنواعه. وهنا نأتي لمن توقفوا عند خلق عيسى ونقول لهم كما قال تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) فيا من توقفتم عند خلق عيسى وقلتم خلق بطريقة غريبة كان الأولى بكم أن تتوقفوا عند خلق آدم فعيسى على الأقل كان له أم تحمله أما آدم فخُلق من دون ذكر ولا أنثى والتوقف عند خلق عيسى كان لمجرد الكفر لأن كان يجب عليهم أن يقولوا سبحان الله إن الذي خلق آدم بهذه الطريقة قادر على خلق عيسى من أنثى بلا ذكر.

    أما بنو آدم فلننظر في آيات القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول r يتضح لنا مراحل خلق بني آدم. جاء في حديث الرسول r: " إن خلق أحدنا في بطن أمه يكتمل في أربعين يوماً ثم يصبح مضغة مثل ذلك ثم علقة مثل ذلك ثم يأتيه ملك من قِبل الله فيسأل أربع أسئلة عن رزقه وعن أجله وعن عمله وشقي أم سعيد" وفي رواية البخاري ينفخ فيه الروح قبل الأسئلة، وفي رواية مسلم ينفخ فيه الروح بعد الأسئلة، ورواية أحمد والترمذي جمعت الروايتين.

    والفيصل في مراحل خلق الإنسان ما جاء في أوائل سورة المؤمنون فقد أوقع تعالى خلق الإنسان توقيعاً بليغاً فقال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}) والآية تشير إلى خلق آدم (من سلالة من طين) وهو بداية الخلق ثم يأخذ من هذه البداية خلقاً آخر (ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) وهذه طريقة خلق ذرية آدم u، وقد جاء في الآية في سورة الأعراف (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {172}) وهذا حدث في عالم الذرّ والذي فيه يتكلم الناس ويشهدون ويلبّون ويفعلون ما يأمرهم الله تعالى تنفيذاً لحكم الله ولعلم الله وقدرته. وهذه الآية هي حقيقة حصلت فعلاً وكل البشر من آدم u إلى الساعة شهدوا بوحدانية الله تعالى وحينمت أمر تعالى ابراهيم u بأن يؤذن في الناس بالحج أجاب ابراهيم وما يبلغ صوتي فقال تعالى عليك الأذان وعلينا الإبلاغ فصعد ابراهيم u فوق جبل أبي قبيس ونادى: يا بني آدم إن الله تعالى بنى بيتاً فحجّوه فأجابت كل الأرواح في عالم الغيب الأمين لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك فالذي أجاب هم كل من كتب الله تعالى له الحج أو العمرة. وفي موضوع الخلق آية سورة الأعراف دليل على أن الله تعالى أخذ من أصلاب الآباء الحيوانات المنوية التي ستصبح بشراً فيما بعد. ولماذا أشهدهم الله تعالى على أنفسهم في عالم الذر؟ أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، غير المسلم يأخذ باله وينتبه جيداً للتكنولوجيا وآخر المستجدات والأبحاث والإكتشافات العلمية ول يأخذ باله او يتفكر في بمن أوجد كل هذا الكون وخلقه من عدم بما يدلّ على وجود الخالق العظيم. وقد سُئلت امرأة على الفطرة هل جاءك الإسلام فقالت لا قالوا كيف عرفت أن الله واحد فأجابت البعرة تدل على البعير والخطى تدل على المسير كونٌ له بحار وأرض وجبال ألا يدل ذلك على وجود الحكيم الخبير؟. وابراهيم u لما خرج يتأمل في الكواكب يبحث عن الخالق لم يقتنع بأي من الكواكب أن تكون ربه لأنها كانت تأفل والآفل هو المتغير فقال ابراهيم في نفسه إن الذي يتغير له مُغيّر فالمغيّر هو الذي يستحق العبادة. وهو أولى بها. بقي ابراهيم u يبحث في المتغيرات إلى أن وصل إلى الذي يُغيّر ولا يتغيّر فقال (إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلما) وابراهيم u كان من الذين اشهدهم الله تعالى على أنفسهم، فالفطرة السليمة تصل بالإنسان للتوحيد وآيات الخلق في سورة المؤمنون تدل على أن الفطرة السليمة تصل بالإنسان إلى الإله الحقّ.

    شرّف الله تعالى آدم كما قلنا سابقاً إن خلقه بيده فكيف أعصاه؟ ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته ومن ضمن التشريف لآدم أن الشيطان لم يسجد له لأنه عاصي والتشريف الرابع أنه علّمه الأسماء كلها (علّم الإنسان ما لم يعلم) فلا يجوز للإنسان أن يقول اخترعت لكن يجب أن يقول اكتشفت لأن الإختراع أن تنشئ الشيء والمنشيء والواجد هو الله تعالى وأما البحوث فتصل بالإنسان إلى اكتشاف الأشياء
    maged
    maged
    مقدم
    مقدم


    ذكر
    عدد الرسائل : 307
    العمر : 46
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 0
    تاريخ التسجيل : 15/05/2008

    الروح والنفس والموت Empty رد: الروح والنفس والموت

    مُساهمة من طرف maged السبت مايو 24, 2008 6:44 pm

    بارك الله فيك يااخى عيد
    وافادكم الله كما تفيدونا

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 18, 2024 8:09 am