- 3 - قــــراءات
بعد الاتصالات الإنسانية، والفكرية، واللقاءات، والاتصالات المادية، والرحلات، سيدرس المقارن العلاقات، خاصة الأدبية منها : الترجمات، والآداب في الترجمة. إننا نرى أنه ليس هناك أي حل في الاستمرارية بين التبادلات في الفصل السابق، واكتشاف الآخر من خلال النص المترجم، هذه التجربة مع العالم الخارجي التي هي الترجمة. المترجم وسيط لغوي، وثقافي إذا أعدنا أخذ نص والتربنجامين الموجود في - أسطورة وعنف، دينويل، 1971)، فإن مهمة المترجم هي مهمة التفسير، والترجمة، والنقل .(1)
تعني الترجمة أن ننقل نصاً من ثقافة إلى أخرى، ومن منظومة أدبية معينة إلى منظومة أخرى، إنها إدخال نص في سياق آخر.
وقد يكون المفسر دائماً ناقداً إلى حد ما : إن إعادة الكتابة عنده هي عمل التفسير، وإعادة التفسير. وهو بدوره سيثير أحكام الجمهور على الترجمة، والنص الأصلي، دون شك، وعلى الصورة الأدبية، والجمالية، وحتى الأخلاقية للأدب، والثقافة اللذين جاء منهما هذا النص الثقافة - المصدر). بصورة أو بأخرى يحتفظ النص المترجم ببعض السمات الأجنبية، وإذا حاول أن يذوب في النتاج الأدبي للبلد المترجم، أو في الثقافة - المستقبلة)، فإنه سيكون دائماً، إلى حدما، أدباً مستورداً، وقطعة دخيلة ضمن المنظومة الأدبية التي تستقبله. وفي النطاق الذي لا يستطيع فيه الأدب المترجم) أن يمحي، بصورة كاملة، أصله الأجنبي، فإنه سيثير قراءات ليست فقط ذات قيمة جمالية. إن دراسة هذه القراءات، تؤدي إلى وعي الطبيعة الخاصة لبعض الاتصالات الأدبية.
- الترجمة : تأملات في ممارسة :
الترجمة نشاط غريب: إن قراءة نص أجنبي ستنتج نصاً ثانياً، أو نسخة ثانية عن الأول. ستصنع متابعة القراءات لنفسها كتابة سجينة ضرورات متناقضة في الظاهر : فمن جهة احترام النص الأصلي، النص المصدر، ومن جهة أخرى ضرورة إنتاج نص آخر، النص - المستقبل، وهو نص مبدع، أوأعيد إبداعه. يجب أن يفهم من إعادة الإبداع، هذا الخلق الغريب تحت رقابة النص الأول، مع فرض حرية ضرورية، وتأرجح بين الانقياد المطلق ترجمة أمينة، أو أدبية، أو حتى ترجمة مقابلة للأصل)، والحرية في الاقتباس أو التغيير، أو التزوير، في الوقت نفسه. النص المترجم نوع من اليوتوبيا)، واللامكان كلمات استخدمت سابقاً لوصف الأدب المقارن)، لا يشبه النص الأصلي بصورة كاملة، ولا يمكن أيضاً تمثله ضمن نص كتب مباشرة في اللغة نفسها التي كتب بها والتي هي لغة الاستقبال. يؤدي النشاط الترجمي إلى تحويل نص مستقبل إلى نوع من التناص.
كتابة اختلاف :
الترجمة هي التعبير اللغوي، والأدبي عن تباعد بين ثقافتين، وعن اختلاف انظر أيضاً تعريف الصورة في الفصل القادم). هذا الاختلاف هو بالتحديد الجزء المبدع، والأصيل في حالة الترجمة. أيضاً، هل السؤال الدائم عن أمانة الترجمة هو سؤال مزيف مثل سؤال زيف الصورة)؟ من وجهة نظر اللغة _ المنبع، يمكن أن تقرأ أي ترجمة كخسارة، ولكن من وجهة نظر اللغة - المصب يمكن أن تفسر الترجمة كقراءة جديدة تستطيع أن تجلب للنص الأصلي معانيَ جديدة، وأبعاداً جديدة يمكنها أن تدفع إلى الاحتجاج على الخيانة.
مع الترجمة، يجب قبول أن يظهر نص ثانية في مرآة لغة، وثقافة أجنبية بحسب الصورة السعيدة لأنطوان بيرمان .(2)
ولكن هذه المرآة، لكي تستطيع أن تكون مرآة ثقافة أجنبية، فإنه لايمكنها أن ترسل إلا صورة ليست أمينة، ولكنها أخرى.
عندئذ نتكهن ببعض الطرق الخاصة، ونأخذ علم الترجمة) كما فهمه المقارنون. هؤلاء ليسوا مسؤولين قط، هذه المرة، عن هذا التعبير الجديد : لقد أخذ من جان - ريني لادميرال (3) ، ومن هنري ميسشونيك .(4)
ستنطلق الدراسة المقارنة من هذا المفهوم الأساسي للتباعد، والاختلاف، وستحاول إيضاح طبيعة هذه التبدلات الأدبية الداخلية ووظيفتها الممكنة، والتي يشكل مجموعها ما يسمى ترجمة. الترجمة فعل قراءة ،وتفسير، وإعادة كتابة، ومشروع استيراد وتطبيع، وهي نتيجة مجموعة من الخيارات ذات طبيعة لغوية، وأسلوبية، وجمالية، وأيضاً إيديولوجية. لماذا هذه الخيارات؟ هذا هوا السؤال الكبير والوحيد.
- الترجمة الأدبية :
تحاول الترجمة المقارنة)، بسرعة إلى حد ما، أن تدرس كنشاط اجتماعي، وتواصلي. يحتفظ المقارن بالترجمة من اجل عملية على لغة أجنبية، وعلى تفكير الآخر أيضاً، وجماليته وثقافته : هذه المنظورات أنتروبولوجية) بمقدار ما هي لغوية أو أدبية. ولكن لأن الأمر يتعلق بالأدب، فإن الترجمة الأدبية) عملية على لغة تعد اصطلاحاً تعبيرياً متميزاً وخاصاً بكاتب معين. في هذه الحالة، نريد أن نتكلم عن تفسير في المعنى الموسيقي للمصطلح : تعني الترجمة نوعاً من الاحترام للنص الآخر الذي يجب فهمه، واستيعابه، ولكن يجب أيضاً الاحتفاظ بأصالته غير القابلة للتشويه، وبغيريته (5) كذلك القول في الحلم، مثل رولان بارت في أمبراطورية العلامات) :
" الحلم : معرفة لغة أجنبية غريبة) دون فهمها، وإدراك الاختلاف فيها دون أن يسترجع هذا الاختلاف أبداً من خلال اجتماعية مصطنعة للغة، تواصلية أوعامة، ومعرفة استحالات لغتنا، المتوزعة إيجابياً ضمن لغة جديدة: معرفة نظامية غير المعقول، وهدم واقعنا) تحت تأثير تقطيعات، وقواعد أخرى، واكتشاف مواقع غريبة للموضوع ضمن التعبير، ونقل طوبولوجيته )(6) ، بكلمة واحدة، الدخول ضمن ما يتعذر نقله أوفهمه. " لماذا تبدّت نقطة النهاية هذه بصورة متناقضة؟ في حالة الترجمة الأدبية ،من المهم السير حتى حدود الممكن، وما يمكن نقله.
يقوم المترجم، بعد الكاتب الذي يترجم له، بهذا النزول الغريب إلى الجحيم الذي يسمى صمتاً، وانعدام الحديث، وغياب الكلمة. وخلال الزمن كله الذي تستغرقة ترجمته التي هي نقل وتحويل)، ويستغرقه صعوده الجديد، فإنه سيحتفظ، من نزوله، بقليل من هذا الغامض الذي هو كل كتابة. هذا هو إذن مدى حقل الدراسات المقارنة للترجمة، بدءاً من المعطيات التاريخية، والثقافية التي تختبر حضور الاتصالات اللغوية ودورها، وكذلك ظواهر التبادلات، والانتقالات اللغوية، والأدبية، والجمالية، والإيديولوجية ، مسائل المثاقفة)، وحتى الوقائع الشعرية، مروراً بسلسلة التجارب الثقافية وحقائقها التي تختصرها كلمات القراءة، والتفسير، والتلقي. يعطي أهمية هذا المسار وغناه، حتى الآن، عذراً لبول فان تييغم عندما قدم سابقاً دراسة الترجمان بوصفها : " مقدمة ضرورية لأكثر أعمال الأدب المقارن "
- الترجمة والتاريخ الثقافي.
الترجمة ظاهرة تبادلات تتطلب رؤية واضحة، ومحددة، ومفصلة للسياق الذي انبثقت عنه، والذي تتوجه إليه.
سنفهم أن الأمر يتعلق ببحوث معقدة، مدارة أحياناً بطريقة جماعية. إذا كانت تبدو قليلاً أن لها علاقات مع تصور تعليمي خالص، فإن لها أهمية كبيرة أيضاً في الفكر المقارني، ويجب أن تكون حاضرة في الذهن عندما نريد أن نضع برنامجاً عاماً للدراسات حول الترجمة .
- البحوث الوصفية والكمية :
من أجل دراسة مكانة النشاط الترجمي ترجمة وطبع)، في حقبة وأدب معينين، يجب امتلاك فهارس) مفصلة تقدم مجموعة النصوص التي طبعت، وانتشرت، وإلى حدما، التي قرئت : لقد نشرت هذه النصوص إذن معارف قادمة من بلد أجنبي. ويجب أخذ هذه المعارف بالمعنى الواسع. في إسبانيا، كانت النخبة المثقفة، في عصر الأنوار، تترجم أعمالاً بلغة فرنسية، منها ما هو مترجم أحياناً من الإنكليزية، وذلك بسبب الإحساس بنوع من التخلف في المجالات العلمية، والتقنية الطب، والفيزياء، والكيمياء) ولم تكن الترجمات الأدبية الأكثر عدداً. يوجد هنا جانب كمي يسمح بإعطاء الأدب مكانة أكثر دقة مما أعطاه له التاريخ الأدبي. إن جمع المواد والمعلومات عملية صعبة. ومملة. لقد قارنها بعض الباحثين حديثاً بسباق حواجز) P.L.C، 1989 / 2).
إذا لم يكن هناك أهمية كبيرة لأن يعرف الأدبي) ضخامة الترجمات العلمية التي حصلت في بلد معين، فإن هناك مجالات مطلوب فيها المعرفة الأكثر دقة ممكنة : مثلاً عندما يتعلق الأمر بالمسرح، سندرك فائدة معرفة الترجمات المنفذة كلها وليس فقط المقدمة) ،والمطبوعة، والمخطوطة أيضاً، يمكن لهذه الترجمات المخطوطة أن تكون موضوع عروض خاصة، لايستهان بجمهورها حتى في القرن التاسع عشر. يجب إذن الوصول إلى قائمة بالترجمات المنتجة) حقيقة، والمكتوبة، والمطبوعة أوغير المطبوعة، والمطبوعة ثانية دلائل على بعض النجاح ). بذلك يحصل المختصون على فهارس يجب أن تتضمن المعطيات المادية والاجتماعية.
نحن قريبون من تاريخ الكتاب، كما يفعل المؤرخون بشيء من التحديد، كلما كان ذلك ممكناً، حول الحجم، والثمن. من أجل العودة إلى خصوصية البحث، يجب إعطاء اهتمام خاص للإيضاحات التي تنبئ ببعض نماذج الترجمات أو ممارساتها : تقليد لـ ....) اقتباس من ...) وفق...)، هذه الصيغ، والتعابير لها قيمتها بوصفها مؤشراً من أجل تقويم النشاط الترجمي. يمكننا العمل بالاعتماد على بطاقات المكتبات وفهارسها، وعلى المعلومات والإعلانات الصادرة في الصحافة الصحف، والمجلات): للبحث الفضل في تقديم معلومات حول التلقي، حتى في غياب مقالات نقديه مرافقة. تسمح بعض البيانات التي هي في منتصف الطريق بين الخبر والدعاية بدءاً من القرن الثامن عشر تحت أشكال بدائية)، بتقويم ماحُمِل أو أوصي به لقراءة جمهور محدد. لايمكن إهمال هذه المعلومات عندما نعود إلى عصور لايوجد فيها فهارس) عامة عن المكتبة) : نقصد عن الإنتاج والنشاط المطبعيين.
بالنسبة لفرنسا، لاوجود لأداة موثوقة إلى حد ما إلا بدءاً من عام 1811م. يؤدي التحقق من عنوان أحياناً إلى لغز أكثر مما يؤدي إلى معلومة حقيقية : إن ترجمة معينة دون اسم المؤلف، مع عنوان مزيف بالمقارنة مع عنوان النص الأصلي، تجعل العودة إلى العمل الأصلي صعباً. وعليه، فإن دراسة الترجمة يمر عبر التعرف على مؤلف النص الأصلي، والمترجم إذا أمكن ذلك. يمكن لبعض الترجمات أن تشكل موضوع نسبة، أوإعادة نسبة، وهذا له أهميته في تقويم نشاط هذا الكاتب أو ذاك. وهذه ليست الألغاز الوحيدة، أونتائج التمويه : إن ذكر الأعمال الكاملة لكاتب ما) يجب أن تجبر الباحث على التأكد من أنه لايوجد، ضمن هذا الكم، ترجمات جزئية، ومقاطع لم تظهر أبداً في طبعة مستقلة، ولكن يجب، مع ذلك، أخذها بعين الاعتبار. يمكن أن لاتكتمل الترجمة وهذه حالة أكثر شيوعاً مما نتوقع)، ولكن لها أهميتها في التقويم الدقيق لوجود مؤلف، ونص أجنبي، وانتشارهما، وثروتهما هذه الكلمة مفضلة في الأدب المقارن ).
- الترجمات والتاريخ الأدبي .
هكذا يمكن لتاريخ الترجمات أن يتكوّن ويأتي ليوسع التاريخ الأدبي، إنهما غالباً متقاربان أكثر من كونهما متوازيين. دون العودة إلى مثال ليفيوس أندرونيكوس المترجم اللاتيني للأوديسا لهوميروس الذي سجل، في القرن الثاني قبل الميلاد، بدايات أدب لاتيني جديد، وأشار، عند الحاجة لذلك، إلى الدور المحرَِض) الذي قام به النص الأجنبي، فإنه من المستحيل تقريباً دراسة حقبة أدبية دون الأخذ في الحسبان الدور الذي قامت به الترجمات : سواء تعلق الأمر بالروايات) القروسطية الأولى رواية THEBES، ورواية الاسكندر)، أو بالنهضة مع AMYOT، مترجم حياة رجال مشهورين) لبلوتارك، أو لوثر مترجم النص المقدس الذي حدد نصه ولادة الألمانية الحديثة ... إن استعراض الموجات الكبيرة للترجمة بإيجاز، مثل الترجمات في فرنسا عن الإسبانية في النصف الأول من القرن السابع عشر، وعن الإنكليزية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، طريقة للتعرّف على المؤثرات) الأجنبية، والتيارات الأدبية، فذلك إذن كتابة أو إعادة كتابة للتاريخ الأدبي. في عصرنا، يمكن لمجلد شامل عن الترجمات أن يساعد على تقديم بعض الملاحظات حول آلية التبادلات الأدبية والثقافية.
هكذا ،فإن فرنسا، بصورة عامة، ترجمت، لحقبة طويلة، أقل بمرتين من ألمانيا أقل من ثلاثة آلاف عنوان عام 1977 مقابل أكثر من ستة آلاف في الطرف الثاني من الراين ).
من وجهة نظر الفرانكوفونية)، فإن سويسرا، وبلجيكا ـ وكيبيك تضاعف كثيراً من النشاط المطبعي لفرنسا في موضوع الترجمة، وبذلك تنوع خيارات النشر وإمكانياته. من جهة نظر مزدوجة للمجال الثقافي وسوق الطباعة بين عامي 1945- 1975 ، فإننا نجد أنه من أصل أربعمئة ألف عنوان تشكل الإنتاج الفرنسي المطبعي، هناك خمسة وأربعون ألف عنوان مترجم من بلدان مختلفة، أي ما يمثل 11%) من مجموع الإنتاج. ولكن انطلاقاً من هذا المعطى الإحصائي تكشف معطيات أخرى عن خيارات، أوعلى الأقل عن توجهات : تمثل البرازيل التي تعد في فرنسا إحدى قمم الإثارة، / 2,0 % / مع نحو مئة من العنوانات خلال ثلاثة عقود. ترجمت إيطالياً عدداً كبيراً من الأعمال الفرنسية في حين أن فرنسا قد ترجمت قليلاً عن الإيطالية. نسجل أو نكتشف أن هناك عدم توازن، وتناسق في التبادلات. إن وجود لغات تسمى نادرة) ضمن النظام التعليمي الفرنسي، يمثل تفسيراً من بين تفسيرات أخرى، الذي يمكنه أيضاً أن يمثل جزءاً من مشاريع بحوث أو أفكار. أيّ نماذج من الدراسات المقارنة الخالصة نستطيع أن نواجه، في هذا المستوى التاريخي؟ من خلال المقاربة التاريخية للترجمات، يمكن أن تحدد معرفة للإنتاج الأدبي. يمكننا القيام بمقابلات تزامنية أو تعاقبية بين الترجمات وتطور الأجناس مسألة مطروحة في الفصلين السابع والثامن). تسمح المنظورات التزامنية والتعاقبية بمقاربة مسألة معرفة نص أجنبي وانتشاره، وذلك هو أساس كل دراسة للتلقي، كما سنرى لاحقاً.
يفضل بعضهم الترجمة الأولى للامساك بتطور دخول نص أو مؤلف ضمن ثقافة أجنبية. ولكن سنكون حذرين إزاء تأريخ الترجمات الذي لايحترم إلا نادراً نظام خروج النصوص الأصلية. لهذا التأريخ المزدوج نتائج لايستهان بها في نشر عمل في العالم الخارجي، وفي صورة كاتب في لحظة معينة. دراسة شخصية مترجم ونشاطاته تتقاطع مع الدراسة المخصصة للوسطاء : إنها تستطيع أن تقترب من الدراسة الأحادية، أو السيرة الذاتية، وتستطيع أيضاً أن تؤدي إلى إظهار الفروقات بين معارف العلاقات الأدبية بين البلدان أوالقارات.(7)
أما فيما يتعلق بتقويم عمل الترجمة، بالمعنى الخالص للكلمة، فإنه غير ممكن إلا بتجاوز المنظور التاريخي والوصفي إلى المنظور الذي ينفتح على مسائل الشعرية، لأنها تخص تكوين النص. فيما يتعلق بالكتّاب المترجمين، من الأفضل عدم فصل النشاط الترجمي عن النشاط الإبداعي بالمعنى الدقيق للكلمة.
- شعرية الترجمة :
قبل كل تحليل، يجب التأكد من أن النص الأصلي هو النص المصدر للترجمة، التي تستطيع أن تستخدم نصاً ثانياً، وترجمة أولى تقوم بدور النص الوسيط : يبقى البحث الفهرسي والمتبحر نقطة انطلاق إجبارية .
- العمليات والمعالجات النصية :
يمر تحليل عمل الترجمة عبر تحقيق عدد من العمليات، والمعالجات، والتدخلات من قبل المترجم، وطرق الكتابة، يشكل مجموعها جمالية الترجمة، مع الميل إلى تحقيق بعض الاستقلال إزاء النص - المصدر (
لايتعلق الأمر إذن فقط بالتقاط الأغلاط)، و التشويهات)، والإسقاطات، والمقاطع المتجاوزة، و الحذف)، كما كان يقال في العصر الكلاسيكي، وعصر الخائنات الجميلات) لبيرو ألبانكور، وهي نماذج عن الترجمة الحرة، وشرح النص، وإعادة تشكيل وتوسع أكثر من كونها نماذج لكتابة ثانية (9)
- مرفقات النصوص :
من بين تدخلات المترجم الأكثر وضوحاً، سنرفع التمهيد أوالملحق (10) ، والإشارات في أسفل الصفحة، والمصطلحات المضافة في نهاية النص، على شكل قاموس للصعوبات، أو الكلمات التي من الصعب ترجمتها، أو تدجينها)، باختصار مجموع مرفقات النصوص) المحيطة بالترجمة، والتي لا نستطيع التقليل من أهميتها من وجهة نظر تلقي النص المترجم (11)
- ماتتعذر ترجمته
بالطريقة نفسها، يجب الانتباه إلى الكلمات غير المترجمة، أو التي وضعت بالإيطالياني (12) ، أو بين قوسين عمل لايقوم فقط على المبادرة الطباعية)، ولآثار التلاعبات، والإشارات التي تحدد التوقفات في تطور نقل لغة إلى أخرى، أو إرادة تنبيه القارئ إلى آثار التشويه.
- البعد بين النص - المصدر، والنص - المستقبل :
بصورة عامة يمر تحليل الترجمة عبر فحص أصغر وحدة ممكنة ذات نظام معجمي)، إلى الوحدة الأكثر اتساعاً الفصل أو المشهد) مروراً بالوحدات المتوسطة المقطع الذي يمكن أن يتبدل من النص - المصدر، إلى النص - المستقبل) يحتفظ هذا التقسيم المنتظم بالإضافات والحذف وآثارها، وكل تصرف يهدف إلى تشويه الشكل العام للنص - المصدر وإيقاعه، ومبادئه في التوزيع إضافات للعنوانات أو حذف منها، .. إلخ) يمكن أن نطرح فرضية أن مجموع هذه الإجراءات يهدف إلى مقاربة النص - المصدر وتدجينه، أو العكس إلى وضعه جانباً، وجعله دخيلاً. يوجد ضمن الكلمات أو الإجراءات المختارة عوامل تقريب، أو إبعاد، وتغريب.
- التصنيف الممكن.
تتطلب دراسة استراتيجية المترجم مبادئ تصنيف، ومفردات، وعلم قوانين التصنيف. أحد الحلول المقدمة كان الحل الذي قدمه هنريك فان غورب باقتباس عمليات البلاغة القديمة، التي أعيد استخدامها في البلاغة العامة لجماعة MU )(13)
إنه يميز : الإضافة ADICTIO) ، والحذف DETRACTIO) ، والإبدال IMMUTATIO)، أي الحذف - الإضافة، والاستبدال TRANMUTA TIO) أوتغيير نظام العناصر المدروسة وليس طبيعتها.
إلى ماذا أراد أن يضيف التكرار، بتمثّل أعمال جوليا كريستيفا.(14)
تُشّبه الترجمة بشكل من النص الثاني، أو ماوراء النص ).
تسمح كل عملية بتصنيف الممارسات، والمعالجات الخاصة.
هكذا، يمكن أن تتضمن عملية الإضافة كل أشكال التوسع بدءاً من إضافة مقدمة، أو رأي للقارئ مرفقات النص) وحتى تحريف الشروحات، والحواشي ماوراء النص). يمكن للإبدال أن يضم التفسير، والاقتباس، والتحريف، يؤدي الحذف إلى النص المُصغّر مقاطع، خلاصات، اختزالات، أشكال شائعة للترجمات، وحتى الأدبية، والتي تقطع ظواهر - التعميم ).
يندرج تحت عنوان الاستبدال) إعادة تشكيل محتمل أو مونتاج). الرواية المختلفة للنص المشهور مهمة من أجل الترجمة، وهي ظاهرة تهم الطبعة أو التاجر، وهي أيضاً شكل من الإضافة التي توجه القراءات والتلقي. هذه الإجراءات المنتجة لمعنى تجعل من الترجمة نصاً متقطعاً إلى حد ما، يحمل مجموعاً، ونظاماً له منطقه. إنها برامج قراءة مختلفة، ونتيجة خيارات واعية غالباً، ومقصودة من قبل المترجم.