:: منتدى شبابنا ::

الأدب العام والمقارن - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الأدب العام والمقارن - صفحة 2 829894
ادارة المنتدي الأدب العام والمقارن - صفحة 2 103798


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

:: منتدى شبابنا ::

الأدب العام والمقارن - صفحة 2 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الأدب العام والمقارن - صفحة 2 829894
ادارة المنتدي الأدب العام والمقارن - صفحة 2 103798

:: منتدى شبابنا ::

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
:: منتدى شبابنا ::

منتدى الشباب منتدى متكامل به كل ماتتمناه به اقسام للكمبيوتر اقسام للترفيه المرئيات قسم للخريجين الطلبة المنتدى الاسلامى قسم الديكور والكثير الكثير


2 مشترك

    الأدب العام والمقارن

    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:38 pm

    -6- الأساطير

    تعد الأساطير فتحاً حديثاً نسبياً بالنسبة للباحث المقارن. وذلك على عكس الموضوعات والصور. فمنذ نصف قرن يجري الحديث عن " دون جوان " بوصفها أسطورة خرافية أكثر من كونها أسطورة :‏

    لم يخرج الأدب المقارن عن الطريق الذي خطه الفولكلوريون، الذي يهتمون بدراسة الحكايات، والأساطير الخرافية، والأساطير.‏

    ويفرد كتاب " تاريخ الأساطير الخرافية (1) مكانة هامة لأسطورتي فاوست ودون جوان اللتين أصبحتا دعامتين من دعامات " علم الأسطورة المقارن " ربما تفسر هذه الإضافة الجديدة ما يسميه بيير برونيل في مقدمة عمله " قاموس الأساطير " (2) " غموض المصطلح الذي لايمكن توضيحه، أبداً، بصورة كاملة "‏

    ومماله مغزى أن كتاب بيشوا - روسو وضع تحت عنوان " علم الموضوعات " بعض الموضوعات الخيالية مثل العجائب الفولكلورية، والخيال الكتبي والأساطير) التي تتعارض مع مجموعة ثانية من الموضوعات " الواقعية "، المؤلفة من " نماذج نفسية واجتماعية "، و " شخصيات أدبية "، و " أشياء ومواقف ".‏

    على كل حال " الباحث المقارن هنا في بيته " (3) . ويجب ألا نسخر من هذا البيت ذي الجدران المتحركة. مع ذلك تجدر الإشارة إلى أنه أمكن الحديث عن " موضوعات أسطورية ". وبقي ريمون تروسون مبتكر هذا التركيب متردداً بين الموضوعات والأساطير بين عامي 1965-1981، إلى أن استطاع أخيراً التمييز بينهما.‏

    يصف إيف شيفريل، من جهته، أوديب، ودون جوان، وبروميثيوس، وفيرتر بأنهم " رموز أسطورية " من المؤكد أن الأسطورة تتداخل مع الموضوع، والفاعل، والدافع، والصورة، والرمز، والنموذج. ومن المؤكد أيضاً، مثلما يذكر بيير برونيل، أنه لابد للأدب المقارن من أن يعيد النظر في مصطلحاته، من وقت لآخر، بغية تنقيتها. ولكن غالباً ما تخفي قضايا المصطلح مشاكل في المنهج. تعد الموضوعات، والأساطير، والصور، والشخصيات، والدوافع جزءاً من كلٍ هو النص.‏

    إن كل أسطورة " موضوع " لنص معين، بالمعنى الواسع للكلمة، ولكن ليس كل موضوع أسطورة، على الرغم من أن الموضوعات والأساطير تدخل في بنية النص. من هنا يأتي سؤال مزدوج : ما هي الأسطورة الأدبية؟ وماذا تعني الأسطورة بالنسبة للأدب المقارن؟‏

    - من الأسطورة إلى الأسطورة الأدبية :‏

    يهتم بالأسطورة كل من علماء الفولكلور، وعلماء الإناسة، ومؤرخي الديانات، وعلماء الاجتماع. وهم يعطونها، عمداً، دلالات تنتقص من قيمتها الأساطير الدعائية). تمكن رولان بارت، في كتابه " علم الأساطير " (4) من القيام بعدة دراسات حول الخيال في فرنسا بين عامي 50-60. هناك أيضاً الأسطورة " البدائية " عند علماء السلالات وعلماء الإناسة، والتي لايمكن إغفالها في مجال الأدب، لأن الحديث سيتناول " الموقف الجوهري "، أو " الموقف الإنساني النموذجي عند جماعة معينة " (5) قد يكون مغرياً الحديث عن " مواقف جوهرية " في قضية التحالف مع الشيطان في " فاوست "، أو العقاب في " دون جوان "، أو التضحية في " إيفجيني "، أو السخرية من الموت في " دون جوان أو أنتيغون ". وقد يدرس الأديب أوالباحث المقارن، إذن، مخططات أساسية، وذلك لأنها حكايات خرافية أولاً تكون معدة مسبقاً عند لحظة ظهور النسخ الأدبية الأولى. وتوجد هذه المخططات في نص تاريخي، وتكتب بكلمات مختلفة بين ثقافة وأخرى، ومن عصر لآخر : وهنا نرى التشابه مع الموضوع والاختلاف الذي يبدو أنه يحمل على الميزة الثابتة أو " البيانية " للمادة المستخدمة. لأن الأسطورة والموضوع والصورة المقارنة مواد يتم من خلالها إعداد النصوص التي يدرسها المقارنون : لا تنفصل هذه الأشياء عن " مادة النصوص " استطاع علماء القرون الوسطى الحديث عن " مادة بريطانيا " في الروايات الأرثورية). لكننا نعلم أن لا وجود لمادة دون شكل ولا شكل دون مادة) وربما يجد هذا التأثير المتبادل حلاً أصيلاً وفعالاً مع الأسطورة، على الرغم من كون هذا التأثير واضحاً وصعباً على الدراسة في الوقت نفسه‏

    - من الأسطورة السلالية - الدينية إلى الأسطورة الأدبية :‏

    يمكن اعتبار الانتقال من الأساطير البدائية، مادة الأديان والمعتقدات، إلى الأدب على أنه تطور يوضح الانتقال من القدسي إلى الدنيوي.‏

    - من القدسي إلى الدنيوي.‏

    لقد تعرفنا على محوري فكر ميرسيا إلياد (6) . ويمكن أن نذكر أيضاً دونيس دو روجمونت (7) ، وك. ليفي - شتراوس الذي يرى في الأسطورة المنتقلة إلى الأدب، على أنها " آخر همسة في البنية المنتهية ". في المقابل، نكتشف مع بيير برونيل الدور الأساسي الذي يؤديه كل من الأدب والفنون والسينما في أيامنا الحاضرة) :‏

    وهو دور " المحافظ على الأساطير ". استطاعت الأسطورة الاستمرار في الحياة لأنها " تغلفت بالأدب ". لكن الأسطورة " الأدبية" تضفي على الأسطورة البدائية دلالات جديدة. يقول بيير برونيل إنه لا وجود للأسطورة الأدبية قط دون " تقمص يحييها في عصر تكون قادره فيه على " التعبير الأمثل عن مشاكله الخاصة " (Cool

    الدعوة توجه هنا للقيام بدراسة مقارنة تتناول كل ما طرأ على الاساطير القديمة من استخدامات جديدة وتغيرات وظهور وغياب من عصر لآخر في أعمال بعض الكتاب، مثلما يجب دراسة أسباب الغياب الفجائي لهذه الأساطير، والاقتباس الاستثنائي الذي تتعرض له. بالنسبة للأدب ولخياله، تعد الاسطورة تاريخاً ديناميكياً ونموذجياً جماعياً مثلما هو فردي أيضاً.‏

    - بعض الاختلافات الأساسية :‏

    عرض فيليب سيللييه بعض الاختلافات الأساسية بين الأسطورة السلالية - الدينية والأسطورة الأدبية أدب، 1984).‏

    1- تعد الأسطورة " السلالية - الدينية " قصة تأسيسية، مجهولة، وجماعية، وتؤخذ على أنها حقيقة، لكن عند تحليلها تظهر تناقضات بنيوية صارخة. وعندما تنتقل هذه الأسطورة إلى الأدب، فإنها تحتفظ " بالطابع الرمزي " والتنظيم الصارم، والإضاءة الميتافيزيقية، لكنها تفقد طابعها التأسيسي والحقيقي ويظهر اسم الكاتب عليها.‏

    2- هناك أساطير أخرى، قصص نموذجية، وليدة الأدب : مثل تريستان وإيزو، وفاوست، ودون جوان، وهناك في الأدب أيضاً " عناصر أسطورية"، مثل شراب ميديه، والتحالف مع الشيطان في فاوست، أو التمثال الحجري في دون جوان.‏

    3- يضاف إلى ذلك تجليات أدبية أخرى للأسطورة، يمكن اعتبارها، بشيء من التحفظ، أساطير أدبية : كأساطير المدن مثل البندقية التي لا يبدو أنها تنتج موقفاً متطوراً في السرد. مع ذلك، نلاحظ أنه عندما اقترنت البندقية بالموت من خلال تطورات تاريخية وثقافية في الأدب معقدة ومتعاقبة )، أصبحنا أمام مخطط أولي لقصة تاريخية، لا بل أمام سيناريو لتاريخ معين.‏

    ويذكر فيليب سيللييه أيضاً الأساطير " السياسية - البطولية " مثل الاسكندر، وقيصر، ولويس الرابع عشر، ونابليون) حيث إمكانيات السرد فيها غير محدودة، وحيث كتابة الأسطورة تذكّر بتطور الملحمة، وأخيراً الأساطير المصاحبة للأناجيل الغوليم (9) ، واليهودي الضال، ونهر ليتيه (10) )، التي تفترض هنا أيضاً صياغتها في إطار قصة أصيلة. يعيد بيير برونيل أخذ هذه الأصناف ويضيف عليها الصنف الذي قدمه أندريه دابزي في أعماله : الاسطورة إيضاح لموقف إنساني نموذجي، و " الصور - القوى " عند علماء الاجتماع التقدم، العِرْق، الآلة )، التي أثبتت، في الواقع، أنها " قادرة على ممارسة سحر جماعي شبيه بسحر الأساطير البدائية ".‏

    ولذلك، إذا أصبحت مثل هذه الشخصية التاريخية أسطورية، وإذا بدا نابليون " كآخيل جديد، أوبروميثيوس آخر، أوغول كورسيكا " فإن المهم هوالمغزى في الضمير العام. فالأساطير هي " كل ما حوله الأدب إلى أساطير " بيير برونيل). وربما يمكننا التحديد أكثر فنقول : إنها كل ما استطاعت ثقافة معينة أو أرادت تحويله إلى أسطورة.‏

    الأَسْطَرَة جعل الشيء أسطورياً).‏

    تذكّر هذه الفكرة بفكرة " الموضعة " تحويل الشيء إلى موضوع )، وتعني تطور دخول مادة معينة في أدب ثم في نص معين. وتسمح بالإمساك بالأسطورة الأدبية في صيرورتها الدائمة التي تصبح موضوع دراسة. الأسطورة بالنسبة للأدب، " نص أولي " أو نص تمهيدي، مستوحى، في حالة الأساطير القديمة، من التراث الشفوي وهي، كما يقول الاختصاصيون، "نص - سلالي " )، مثلما أنها تاريخ يدخل في الأدب. فمثلاً كان أورفي ونابليون في البداية، " نصوصاً - أولية " قبل أن يصبحا أوبرا عند مونتيفيردي، ورواية عند تولستوي. وأدت الرواية والأوبرا إلى زيادة الأسطرة أو التقليد الأسطوري. هل تصبح الأسطورة موضوعاً ناجحاً مثل بعض الكلمات والنماذج والصور التي تحولت إلى سيناريو، مثلما رأينا في الفصل الرابع)؟ وإذا كان الحال كذلك، هل نعزو هذا التحول الأسطرة) إلى طبيعة الأسطورة يمكن لأجيال متعددة أن تعيد أخذ حكاية معينة لأنها تحمل معاني مختلفة )، أو إلى الوظيفة التي تشغلها تستطيع الحكاية أن تمتلك علاقات مع المجتمع من خلال قيمتها النموذجية والتفسيرية، مثلما فعلت الأساطير القديمة التي أسست ديناً، وهذه الكلمة مشتقة من الرابطة) وماذا لو كان من طبيعة الأسطورة نفسها أدبية أم لا) أن يكون لها هذه الوظيفة الخاصة؟‏

    - من ميثيولوجيا إلى أخرى.‏

    سننطلق من مقالة صغيرة كتبها جاك بومبير الباحث المهتم بشؤون الإغريق، حيث درس الأسطورة مثلما ظهرت في كتاب " الشعرية " لأرسطو، على ضوء المنهج البنيوي الذي حدده جان بياجيه (11)‏

    - الأسطورة كبنية.‏

    حافظت الأسطورة على ثلاث سمات من " البنية " استخرجها جان بياجيه : الشمول، والتحول، والتنظيم الذاتي. بالنسبة لأرسطو، الأسطورة تركيب، وتنظيم يقوم على الوحدة العضوية. مع ذلك، شهدت عدة تحولات، ويمكن لمضمونها أن يتغير، ويمكن القول أيضاً إن هذا المضمون هو حركة بصورة أساسية. لكن الأسطورة تضبط ذاتها بصورة تجعلها أقرب إلى المحافظة على بنيتها الأساسية لذا لابد للعناصر اللازمة لبنائها من الاستمرار : وإلا فإن البنية تزول وتترك مكانها لبنية أخرى. الأسطورة نظام، وكتلة متجانسة وديناميكية تتطور وفق ضرورات، ومقاييس داخلية خاصة. هنا نجد الأدب، أو بالأحرى الشاعر في مواجهة مأزق أشار إليه أرسطو الشعرية، 14، 1453 ب) : إذ لا يمكنه تغيير الأساطير الموروثة، ومع ذلك عليه أن يثبت براعته في الإبداع. وهذا مبدأ في منتهى الديناميكية أو الجدلية) للمحاكاة التي لا تندمج مع التقليد، ونكتشف أن الأسطورة تقدم على طريقتها، نوعاً من الخيال المراقب. ويحضر في ذهننا الآن النص " المبرمج " إلى حد ما الذي له علاقة بالصورة. فالأسطورة بالنسبة للأدب قصة مبرمجة، أونص أولي. يتحدث أندريه سيغانوس عن " الحد الأدني من التركيب التعبيري للأسطورة " الذي لولاه لايمكن أن يوجد تنظيم بنيوي من أجل تشكيل الأسطورة أوالاعتراف بها كأسطورة ضمن قصة أعاد تناولها الأدب المينوثور (12) و أسطورته، P.U.F 1993) يوجد نوع من المنطق في الأسطورة يجب التقيد به في الصياغات الأسطورية) الأخرى، التي لايمكنها أن تصل إلى حد مناقضة النص الأصلي : يلاحظ أن دون جوان قد أنقذ ولم يعاقب، مثلما أنقذت إيفيجيني ولم تترك لمصيرها. ولكن المخطط المعكوس، أو التحريف الساخر، يفترضان وجود المخطط المستخدم كنموذج ومعرفته.‏

    - الأسطورة كتاريخ :‏

    منذ متى نستطيع الحديث عن أسطورة نابليون؟ عندما تحل قصة ثانية مكان القصة الحقيقية ضمن حكاية مبنية :" الأسطورة الخرافية " للأمبراطور، والسجلات المشهورة للأمبراطورية. وتعتمد القصة الثانية على أساطير موجودة مسبقاً ضرورية لأسطرتها، مثلما أظهر جان تولار (13) : هناك إمكانية للمقارنة بين " قدر" نابليون وشخصية المسيح، والاقتراب من أسطورة بروميثيوس، والتطفل على نموذج الغول. وهكذا تتحول شخصية نابليون إلى رمز أسطوري عندما تصبح حكاية أو قصة، أو موضوعاً يسمى فيما بعد أسطرة : وهذا ما فعله شاتوبريان في مقالة نقدية بعنوان " من نابليون والبوربونيين " 1814).‏

    إنها حكاية " سلبية " فيما ترويه، ولكنها " إيجابية " فيما يخص الوظيفة التي شغلتها في خيال العصر. إن الحكاية الأسطورية التي تتسم بقدرتها على أن تكون سلبية أو إيجابية كان لها، مع مراعاة الفوراق النسبية، دور ووظيفة، عند بعض الأجيال، يشبهان ما حصلت عليه الأساطير القديمة في المدن القديمة عند الشعراء. وفي حالة نابليون، كان للأسطرة أعلامها وأسماؤها : بايرون، وبيتهوفن، وغويا، وكارل ماركس، وتولستوي، بالإضافة إلى شاتوبريان، ودوفيني، وهوغو، وأراغون، وآبل غانس. إن الأسطورة، سواء كانت قديمة أم حديثة، هي حكاية حيّة عند من يعيد خلقها أو يسمعها أو يقرؤها.‏

    يمكن أن تحافظ الحكاية الأسطورية غير المستخدمة على اسمها " أسطورة " ضمن منظور تعاقبي واسع، غير أنها تفقد ذلك منذ أن تصبح أحد عناصر الثقافة أوالأدب المدروسين. لكنها تستطيع أن تنبعث من جديد عندما يعاد تفعيل المرجعية، وتقدم حكاية جديدة تغذي الخيال. لكل عصر أساطيره المفضلة، وعلم أساطير خاص به. وبهذا المعنى، يمكن أن تستخدم الاساطير، كالموضوعات، من أجل إغناء الاختلافات بين الآداب وإبرازها. يمكننا أن نتحدث عن أساطير عصر معين، مثلما استطعنا الحديث عن موضوعاتية عصر معين. ويقدم سي. م. بورا في كتابه " الخيال الرومانسي " (14) إسهاماً جديداً، أو تقليدياً، في دراسة " الخيال الرومانسي، إذ نجد جنباً إلى جنب أعمالاً و " أضواء عليها " ودراسات موضوعاتية وتصورات أسطورية دون جوان، وبروميثيوس). في كتاب " نهاية قرن، الأسطورة والغشتالية "(15) (16) ، جمع هانزهينتر هاوزر بعضاً من عناصر ميثيولوجيا نهاية القرن أوعصر الانحطاط : مثل عودة المسيح، والمدن الميتة، وتمرد الدانديين (17) ، والنساء قبل - الرافائيليات (18) ، والسنتور (19) يعد مسيح نهاية القرن مثل سابقيه، موضوعاً لسيناريو مقنّن ماذا لو عاد وقام بالأعمال نفسها؟ )، وله قيمة نموذجية عند جيل أوعدة أجيال.‏

    يجب إذن أن ندرس كيف يستطيع الموضوع أو الرمز، أوالصورة، أو مجموعة كبيرة من الصور، أوالكلمة أحياناً، أن تتحول إلى قصة، أو تصبح بنية واحدة، أو مجموعة من العناصر الأساسية المتغيرة، وكيف يتم فهم الدور النموذجي الذي استطاعت هذه القصة الحصول عليه من أجل إثارة تكرارات وإعادات جديدة. يمكن لقصة أو رمز معينين أن ينتشرا في ثقافة معينة، في حين أنهما قد لا يجدان حظاً وافراً في ثقافة أخرى. في دراسة قديمة (20) ، تتناول ماريا سوليداد كاراسكو أورغواتي حالة خاصة موجودة في الأدب الإسباني بصورة أساسية تتعلق " بالشغف بالأدب العربي المغاربي " ومن المناسب أكثر أن نقول حالة من الهوس )، وكذلك أسْطرة شخصية ابن سراج الأخير(21) . لاقى هذا الرمز نجاحاً كبيراً في أيطاليا وفرنسا في القرن السابع عشر، واستفاد منه أيضاً شاتوبريان، والأمريكي واشنطن إيرفينغ، لكنه يبقى مرتبطاً بالرحلة إلى غرناطة وبأسطورة الحمراء.‏

    من المؤكد أنه ليس هناك ديمومة أو شمولية للأسطورة : فقد اكتسبت الأساطير اليونانية شموليتها من هيمنة أوروبا الثقافية التي استوحيت منها هذه الحكايات. في المقابل، هناك حياة ، واستمرار وبعث للأساطير القديمة، كما تظهر أساطير جديدة، ويتم تحويل قصص قديمة إلى نصوص حديثة، وقد تنمو بعض العناصر أو الرموز الأسطورية في بعض القصص النموذجية عن طريق الأدب وغيره من الوسائل الأخرى.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:40 pm

    - نحو تعريف للأسطورة الأدبية.‏

    يميز بيير برونيل، في أبحاثه عن الأسطورة ضمن المعجم الذي مر ذكره، بين ثلاثة عناصر لتعريف الأسطورة، يسميها هو " الوظائف " - الأسطورة - السرد. تحكي الأسطورة قصة، فهي سرد. وهذا ما يميزها عند أفلاطون، عن الحوار والمناقشة. إن فكرة الأسطورة كسرد وسيناريو تعيدنا إلى التصورات البنيوية لتوما شيفسكي الذي عرّف الأسطورة بأنها " نظام من الدوافع "، وهذا يذكرنا بـ ك، ليفي - شتراوس، أو بالصورة عندما تدخل الأدب) ينتج عن القصة الخاصة التي هي الأسطورة تكرارات، وإعادة استخدام بعض العناصر وهذا ما يسميه ليفي - شتراوس " موضوعات أسطورية ". ويذّكر بيير برونيل، بصورة مناسبة، بتعريف الأسطورة من وجهة نظر ميرسيا إلياد : تروي الأسطورة قصة مقدسة، وتسرد حدثاً جرى في الزمن الأول، الزمن الأسطوري البدائي). وهناك أيضاً تعريف جيلبير ديران : هي نظام ديناميكي من الرموز، والنماذج والتصورات الخيالية التي تحاول أن تتآلف في حكاية، بتأثير مخطط ما). مخطط يصبح حكاية، هذا ما يمكن أن يكون أول عنصر في تعريف بسيط وواضح يبرز فكرة " السيناريو الأسطوري ". وسيناريو " أسطورة " أنتيغون هو التناقض بين البطلة والطاغية، وخطر استعباد أحد الأخوة، وخرق المحرمات، وخطوبة ابن الطاغية، والحكم والموت (22) .‏

    يمكن أن تتبدل هذه المعطيات الثابتة بحسب رأي بيير برونيل، وهذا مؤشر على " حرية الأدب وحياته ". مثلما تدل أيضاً على إرغام، كبير إلى حد ما، للخيال عندما نوجهه نحوهذا السيناريو. أحياناً، يكون هذا الإرغام واقعياً كثيراً، ويمكن أن يترتب عليه نتائج خطيرة من ناحية جمالية. ويمكن القول بحق إن النجاح الكبير الذي لاقاه عمل ميلتون " الفردوس المفقود " أدى أيضاً إلى تشويش خيال الذين حاولوا تسجيل الأصل من جديد، ويعود ذلك إلى أن الشاعر الإنكليزي قدم سيناريو دراماتيكياً، وصوراً رائعة، وأسس أيضاً عقيدة حقيقية تصعب منافستها، أي إبداعها، ويبدو هامش المناورة، بالنسبة للخيال، بين أسطورة ميلتون والتوراة، ضيقاً جداً .(23)‏

    الأسطورة - التفسير :‏

    الأسطورة حكاية تبحث في الأسباب، إنها حكاية خرافية توضيحية، تفسر أصل الغار عبر التاريخ، وأسطورة تحول " دافني " والأسم يعيد إلى الشيء )(24) إنها تحكي لماذا تشكّل الواقع على هذه الصورة، وكيف تطور العالم، وأي نوع من العلاقات تربط الناس به. إذا أردنا التحديد أكثر قلنا إنها تفسير لأنها في الأصل معرفة موجودة في قصة معينة. وهذه المعرفة تظهر لنا كيف أن الأسطورة هي تنيظيم للعالم : وكل أسطورة هي حكاية عن الأصول، تكون أسطورة تأسيسية. على الصعيد الثقافي، الأسطورة سلطة، ومرجعية دائمة إلى حد ما، تستدعي التكرار والطقوس الدينية.‏

    الأسطورة - كشف :‏

    للأسطورة وظيفة كشفية، ويمكن القول مع ميرسيا إلياد، إن كل علم أسطورة هو قياس درجة الإحساس بالنور لدى الكائن.‏

    وإذا كانت الأسطورة تكشف المقدس، فإن الأسطورة الأدبية ستكون أيضاً " جواباً ". لقد استطاع بيير برونيل، بحسب رأي أندريه جول (25) ، التمييز بين السؤال الذي يطرحه الإنسان والجواب الذي يتلقاه، وهو المجال الممكن " لصيغة " تسمى الأسطورة. في الحقيقة، إن لذلك الجواب وظيفة مزدوجة أو قيمة مزدوجة : أخلاقية وتعويضية. فالأسطورة لها دور التاريخ، ومن هنا تأتي القيمة المثالية للتاريخ، ولبعده الأخلاقي بصورة أوسع. وكما أدت الأساطير القديمة إلى تماسك الجماعات التي أقرّتها كأساس ديني، وكلغة رمزية، كذلك الحال بالنسبة لكل أسطورة حديثة جان دارك، نابليون، تشي غيفارا)، إذ إن لها قيمة أخلاقية عند الأمة التي تعرفت على ذاتها من خلال هذه القصص. هناك إذن التحام جماعي حول تاريخ ما، كان فردياً في الأصل، ثم أصبح جماعياً. وبما أن الأسطورة " جواب " فإن لها بالضرورة وظيفة تعويضية، مثلما ذكر بيير باربيريس عن أسطورة نابليون مجلة التاريخ الأدبي في فرنسا، 1970) : نتحدث هنا عن تاريخ ثانٍ. يجب عدم التقليل من أهمية هذا الطابع الثانوي وهذه الوظيفة الأخلاقية، بمعناها المحايد، في إقامة روابط بين الأسطورة والأيديولوجيا، وبين الأسطورة والخيال.‏

    في الأدب، تتخذ وظيفة " الجواب " في الأسطورة مظهراً فريداً ذا نتائج عديدة. فالكاتب الذي يعود إلى الأسطورة فإنه يبحث عن " جواب " وتتم الكتابة حول " جواب " وهذا السيناريو موجود هنا مسبقاً. وهنا لابد من تحليل ما تقدمه الأسطورة وما يقدمه الكاتب عن العصر والثقافة المعنيين.‏

    لايمكن دراسة الأسطورة الأدبية إلا عند نقطة لقاء تطورين متكاملين : الحفاظ على السيناريو وتحولاته حيث يقرأ العمل، وخيار الكاتب. وإذا استطاع ك. ليفي - ستراوس وصف الأسطورة بأنها مجموع هذه التبدلات، فإننا نستطيع الإدعاء بأن الأسطورة في الأدب العام والأدب المقارن هي أيضاً مجموع التحولات التي يخضع لها السيناريو، وهي ذات طابع فكري وجمالي أو ناتجة عن خيال ما مختلف عن خيال الأسطورة في نصوصها القديمة التي يتناولها الكاتب. ولا بد أيضاً من تفسير لماذا يلجأ كاتب أو جيل ما إلى استعادة سيناريو معين وتفعيله. هنا نفهم أهمية ما يقترحه جان لوي باكس (26) : " إن الأسطورة ليست مادة للتفسير، وإنما هي موضوع لمعارف من حياة سابقة " وهكذا يجب إعادة تقويم هذه المعارف عند استحضارها، لا إعادة تفسيرها، لكي تدلنا على القوانين، والأطر، والنماذج الناظمة لها، مع إمكانية إعادة استخدامها آنياً. لا تستطيع الأسطورة، بالتأكيد، تناسي أصولها الدينية بسهولة، ولايمكنها أخذ بعد أدبي إلا إذا بقيت كلاماً حياً.‏

    - مبادئ النقد الأسطوري :‏

    قبل بيير برونيل الحديث عن نقد أسطوري في الأدب العام والمقارن لكن بحذر وبشيء من التحفظ(27) . وتقدم القوانين الثلاثة التي صاغها تصورات مفيدة لنا، انظر الفصل الرابع).‏

    - الانبثاق :‏

    المقصود هنا الإشارات الأسطورية التي ترد في نص معين، دون التوقف عند الإشارات الواضحة فقط. فقصة " كولومبا " لميريميه سرعان ما أصبحت بديلاً عن أسطورة " إلكترا ". ولا يقتصر عمل المقارن على التعريف بالشخصيات فقط، بتفسيرها أيضاً، ويمكن أن يستند في ذلك على التاريخ الأدبي أبحاث في التسلسل التاريخي).‏

    يجب ألاّ ننسى أبداً أنه لا بد للأسطورة من " تقديم " قصة معينة يوضح لنا روجيه كايوا (28) في بضعة سطور عنوان " نهر ألفي " علي صورة ترجمة ذاتية فكرية. إلا أن مرجعه في ذلك أسطوري علمي دون أن يكون أسطورياً. على الرغم من الثبات الشعري القوي المجرى الذي يخرج من البحر ليصبح نهراً، أو ينبوعاً). وبالأحرى، لايمكن الادعاء بأن هذه المرجعية مجاز مسيطر أو " أسطورة شخصية " بالمعنى الذي استخدمه شارل مورون في النقد النفسي).‏

    هناك، بالتأكيد صبغة أسطورية في النص، أو بعض الإشارات، ولكن الحكاية الخرافية القديمة لا تحرض على أي نسج خرافي جديد، أو إطناب في الكلام. فهناك انبثاق دون تألق.‏

    - المرونة :‏

    يذكر هذا المفهوم بالسهولة في الاقتباس ومقاومة العنصر الأسطوري في النص , وهي مرحلة أساسية كمرحلة معرفة مقاومة المخطط الذي هو كل أسطورة وتقويمه. لذا لابد من مواجهة النص بمخطط الأسطورة الأساسي، الجاهز مسبقاً. إن هذا المخطط هوعمل الباحث واكتشافه خاصة حيث يقرأ في القصص بعض العناصر المتواترة، والمقاطع الأساسية التي تشكل ما يسميه أندريه سيفانو " التركيب الأدنى ".‏

    ففي أسطورة " المينوثور " ظهرت ثلاثة مقاطع متتالية، خرق النظام الطبيعي عن طريق ولادة الوحش، والوضع القائم : المينوثور يتصرف، فهو فاعل، واتهام البطولة : معاناة المينوثور. تظهر هذه المقابلة بين المخطط والنصوص إمكانيات "التبديل " كما يقول أندريه سيفانو. ويوجد " حضور آخر " ضمن النص المدروس، وفق التعبير الناجح لبول برونيل .‏

    - الإشعاع :‏

    لابد لهذا الحضور أن يكون له دلالة فمن خلاله ينتظم تحليل النص. ولا بد للعنصر الأسطوري أن يمتلك قدرته على الإشعاع، وإن كان دقيقاً وكامناً. إذ يمكن الانطلاق من العنوان " الإشارة التي يوضع تحتها الكتاب أوالنص " أو من فكرة الكتاب التي يمكنها أن " تفسر " مثلاً، الصرخة التي يفتتح بها القسم الثاني من " أوريليلا " لدونرفال ؛ " أوريديس! أوريديس !" التي تبدو، كما يقترح بول برونيل، " مرجعاً مزدوجاً للأسطورة والأوبرا معاً".‏

    ويتأكد ذلك من خلال قراءة أول جملة وضاعت مرة أخرى )، ونهاية النص. يجب مقارنة الإشعاع بالشكل الأدبي : مثلاً، يدخل مخطط الأسطورة في منافسة مع النوع الأدبي مسرحة الأسطورة، ومنطق أسطوري، ومنطق روائي) في المقابل، يمكن اعتبار الأسطورة " كنص ناقص " بحسب مصطلح جيرار جينيت، وكنتيجة شعرية بعيدة المدى، والنص المدروس " كتناص جمعي "، بالمقارنة مع المخطط الأسطوري، مما يستدعي مواجهة العلاقات بين المخطط الأسطوري والنص كعلاقات تناصية خلص بيير برونيل من كل ذلك إلى اقتراح مصدرين للإشعاع " تحت - نصي) : الأول هوعمل الكاتب الذي تكون فيه الأسطورة حاضرة، لكنها تشع في نص آخر، حيث لا تكون واضحة مع ذلك، والثاني هو الأسطورة " وإشعاعها المحتوم " في " ذاكرة كاتب وخياله، والذي لا يحتاج إلى جعلها واضحة ".‏

    وبما أن الأسطورة، قبل كل شيء، بنية، فلا بد من وصف تنظيم النص، إذا أردنا، حقيقة، إنتاج قراءة للأسطورة "وصف تنظيم النص ". مثلما يذكر بيير برونيل، يجب الاتفاق، في هذه الحالة، على أن " كل واحد منّا يقوم بالتحليل البنيوي دون أن يعرف ذلك ".‏

    ولادة الأسطورة الأدبية وتطورها :‏

    نتحدث هنا عن ولادة ولا نتحدث عن أصول. من البديهي أن الأسطورة السلالية - الدينية) تغرق في العهود السحيقة من التاريخ، ولا يمكن لدارس الأدب المقارن تناول هذا المجال الوحيد، لأنه خارج التاريخ.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:40 pm

    - الأسطورة والتاريخ الثقافي :‏

    يتدخل المقارن عند أول تحول كبير في الأساطير القديمة:‏

    إن مبدأ بشرية الآلهة قد أعيد أخذه ودخل المذهب المسيحي بواسطة " لا كتانس " في " مؤسساته اللاهوتية "، واستمر لوقت طويل أثناء العصور الوسطى، وفي العصر الذهبي لإسبانيا أيضاً، وكان مملوءاً بالحكايات الخرافية والأساطير " المُلحدة"، كان إيفيمير، وهو كاتب يوناني من القرن الثالث قبل الميلاد، يعتقد بوجود شخصيات بشرية مشهورة وراء صور الآلهة). ويمكن أن نستشف من خلال الأساطير القديمة والنصوص المقدسة والرمزية، تلميحاً للحياة البشرية، وتخفي تزيينات الخيال حقائق مقدسة.‏

    وهذا ما طرحه خوان بيريزدي مويا في " الفلسفات المقدسة " خمس طبعات بين عامي 1585- 1673) ؛ وفراي بالتسار دي فيتوريا في " مسرح الآلهة في جنتيليداد " 1620).‏

    ويفسر نظام التفكير أيضاً الاستغلال الشعري " للتحولات " لأوفيد كنماذج شعرية مثلما يشرح التفسيرات الكاثوليكية للإله " بان " في الحكاية الخرافية " إيكاونرسيس" التي أعادت قراءتها الراهبة خوانا إينس دولاكروز في " تأليه نرسيس "، كرمز للكنيسة العاشقة للسيد المسيح أوكتورية ممكنة " لحدائق غازلات الصوف " للرسام فيلا سكويه.‏

    - التاريخ الأسطوري وأصله :‏

    إذا تناولنا أرضية التاريخ الأدبي، فمن الممكن النجاح في دراسات تعاقبية بصورة واسعة، والتي تظهر كيف يتم الانتقال من شخصية ما أونموذج أدبي إلى الأسطورة. وتقدم تاريخين مختلفين للتطورات .‏

    * إيفيجيني :‏

    تتبع جان - ميكل غليكسون تاريخها في " إيفيجيني من اليونان إلى أوروبا في عصر الأنوار " 1985 P.U.F)وسرعان ما تتجاوز شخصية إيفيجيني أبعاد شخصية أدبية صرفة أسم، كنية، نسب )، وتبدو " متأصلة في المكان والزمان "، و" تشغل مكاناً في عمق خيال الشعب اليوناني " تغير المأساة، مسبقاً، النظرة إلى العالم المشترك، هذه النظرة المقدمة من الأسطورة الخرافية، والتراث الأسطوري. وتفسح المجال للمقارنة بين التراث الديني والمفاهيم الجديدة في القانون والفلسفة. فالشرط الإلهي معروض، لكن أوربيد يركز على المأساة البشرية. وهكذا تطرح الأسطورة مسألة الروابط بين المؤثر والمقدس، بتعابير جمالية ودينية ويميز ج. م. غليكسون مأساة حول معبد التضحية تصل إلى مأساة " روترو ". إلا أن التجديدات المتأنقة بدأت تحل تدريجياً، دون إلغاء المؤثر جروح العاطفة محل " القلق الذي يأتي مباشرة من السماء، بحسب المأساة القديمة" وتبقى مأساة أوربيد النص الأساسي، إلا أن النصوص الجديدة تظهر علاقة تردد بين العاطفة و " بطولة محرومة، من الآن فصاعداً، من إطارها الديني غير المتفق عليه ". إن المسرحيين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر عادوا إلى المؤثر " الخالص "، الأكثر قرباً من النموذج القديم، وهم يرفضون، بوضوح، الخاتمة الدينية لأوربيد التجلي الإلهي، و " النور الديني ")، لكنهم يستنجون الوعد النهائي بدين " أقل همجية ". أصبحت شخصيات إيفيجيني أيضاً " أناشيد للبشرية الفاضلة "، وحذف منها المعنى الديني للمسرحية اليونانية ولغزها. أماغوته الذي نهل من أعماق ينابيع التراث الأسطوري، فإنه يعطي " هالة من القدسية " إلى دين للبشرية يختزل الأسطورة " صورة تورية فلسفية ". إلا أنه لايمكن التقليل من دور الروابط بين المؤثر والمقدس، بوصفها العنصر الأساسي لهذه " الأسطورة الخرافية " على الرغم من تقلبها.‏

    أسطورة هيلين :‏

    تمكننا الدراسة التي قام بها جان لوي باكس عن هذه الأسطورة، من فهم ولادة التاريخ الأسطوري وتطوره، و المشكوك فيه دائماً. وهذه الملاحظة أقرب إلى التناقض : إن أسطورة هيلين ‎ " لم تنل حظاً كبيراً " إنها بعيدة عن فرض وجودها " بالعظمة نفسها" كأعمالٍ مثل أوديب، وفاوست، وتريستان أودون جوان.‏

    ويبدو أن قدر " هيلين " أن تكون هامشية، في نصوص هوميروس. " العنصر الوحيد الثابت منها هو اسمها : وهذا قليل ". مع ذلك، لا تخلو الشخصية من صفات بشرية وإلهية في الوقت نفسه. وقد يبدو تاريخ هيلين، عندئذ، كتاريخ " الوجود المحتمل للمقدس في صميم الشخصية الأسطورية الخرافية " وهنا يطرح السؤال : " ما مصير الأسطورة الحقيقية التي كانت حية قديماً، عندما تتناولها آلة التفسير الهائلة : الأدب؟ " وماذا يعني، في هذه الحالة، استمرار حياة الأسطورة؟ فهي، كما قال رونسارد، قصة " فقيرة " في ظاهرها، إلا أنها قاومت العصور، وعاش اسم هيلين " طالما عاشت الأقلام والكتب ". وهذا يعني إعطاء الأدب دور جامع للتراث وحافظ له.‏

    - الأسطورة وولادة السيناريو :‏

    ربما نتمكن من القراءة في هذه الأسطورة " الفقيرة " أو في أساطير أخرى تحاول فرض ذاتها، لأحد المسارات التي تقدم للخيال " هذا الركام الشبيه بالأساطير " الذي تناولناه سابقاً انظر الفصل الرابع).‏

    أسطورة الشاعر البائس :‏

    يمكن تقديم شاهد على هذا التكوّن الإشكالي البطيء مع " أسطورة " الشاعر البائس، الذي حدده جان لوك ستينميتز أعمال ونقد، 1982، الجزء السابع) إنها دعوة، في عدة صفحات، إلى التفكير في " تكوين الأسطورة " انطلاقاً من أجزاء متفرقة من حياة شعراء مثل هومير، ولا تاس، وميلتون، وكامونس، وسرفانتس، أوشاتوبريان. وهكذا ترتسم قصة، قصة هؤلاء " المفكرين الشغوفين بالبؤس " الذين تحدث عنهم فيني في " ستيللو "، بدأ الأمر بمخطط، ثم بشخصية نموذجية، لينتهي برمز أسطوري، وهكذا وجد الشاعر البائس قبل أن يصبح الشاعر الملعون) في حالات مثل شينييه، ومالفيلاتر أو جيلبير، بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وجد عناصر جديدة من أجل حكاية يمكن أن تتحول إلى سيناريو.‏

    - الولادة الأدبية لدون جوان :‏

    بواسطة " بيرلادور إشبيلية " لتيرسود ومولينا، أي من خلال نص واحد، من الممكن، ضمن منظور الأدب العام أسطورة وأدب )، أكثر من منظور الأدب المقارن، أن نرى كيف يصنع نص معين قصة أسطورية. مع تيرسو، بدأت ما اتفق على تسميتها بأسطورة دون جوان : وسيكون صحيحاً أكثر أن نقول إن هذه الشخصية بدأت، لأول مرة، تتخذ رمز غاوٍ كان موجوداً بصورة خفية وارتجالية في التراث الشعبي الإسباني والأوروبي. فخلال ثلاثة أيام، كانت الكوميديا هي الفضاء الضروري لرجل أنيق، " رجل دون اسم "، كما قيل في بداية المسرحية، كي يصبح " البيرلا دور لأشبيلية "، وقد قدم تيرسو هذه الحكاية النموذجية إلى جمهوره على صورة موعظة. بعد علاقته الغرامية مع إيزابيلا وهروبه، أصبح دون جوان موضوعاً لأسطرة حقيقية عند عمه " دون بيدرو الذي كذب على ملكه. ثم ولدت هذه الكذبة أول صورة منتقاة لشاب غاوٍ، مثلما ولدت أول حبكة، وأول حكاية خرافية تقوم على الشجاعة والحزم والإقدام، وإضفاء الصفة البطولية على عمل دنيء في حد ذاته، وتجمع بين الصورة الإيجابية لمغامر يعرف كيف يتخلص من أي مأزق يقع فيه. وبين الصورة ذات الدلالة الكبيرة، صورة " الأفعى الملتفة ". ونجد تناقضاً في أساس خطاب العم : يتجاوز وجود الشر والصورة هنا من يبنيهما. يتعلق الأمر هنا ببيت من الشعر، مثل أبيات أخرى، يعد مؤشراً بالنسبة للمشاهد، ولكل من يرغب في رؤية شيء آخر غير مشهد العالم، والإمساك بمعنى الكذبة التي يقدمها دون بيدرو على المسرح.‏

    بعد ذلك، نرى دون بيدرو يسترسل أمام أوكتافيو من جديد في حبكة، وأسطرة أخرى للغاوي المجهول. وبفعله هذا، يذكّر بأنه لا وجود للأسطورة دون قصة : ويحكي واحدة منها لأوكتافيو. ويجمع بين الغواية والليل في استعارة طويلة رتيبة، الدياجي العملاقة) ويكررها فيما بعد من خلال التعريف المستحيل للغاوي : " عملاق " أو " وحش ". لايكتفي خطاب دون بيدرو، أو حكايته الخرافية، بطرح شبكة مجازية إغواء - ليل )، بل يصف نوعية العمل المشروع به : المجهول يتحدى السماء والسلطة الملكية، ويقارن الغاوي، الذي لم يأخذ اسماً بعد، بالشيطان، وهذا التشبيه هوالذي أتاح لدون بيدرو أن يدعم كذبته التي يلقيها على أوكتافيو، العاشق قليل الحظ : فهو يجعل الغواية عملاً شيطانياً، وعملاً خارقاً، ويكون بذلك أول من أعد شكلاً من الترجمة للأسطورة الدونجوانية، عبارة عن مزيج من الحقيقة والكذب، ومن عناصر مبتذلة وشاعرية، أصبح في النهاية حقيقة كما قيل. مع خطابي دون بيدرو، نشاهد ما سيسميه علماء الاجتماع " الإشاعة" وبصورة أوضح : العم والمجتمع هما أول من اصطنع قصة، هي أول نسخة للأسطورة الدونجوانية، مع تحديد حدودها الشيطانية، والمبالغة في قيمتها أو الطابع الغيبي، وكل هذا أدى إلى جعل الغاوي أكثر من إنسان عادي. وليس ثمة أسم للغاوي بعد، وبالكاد يرتسم له وجه. لكن له قصة اخترعها محيطه المباشر.‏

    إن شخصية " تيسبي " هي التي منحت دون جوان شهرته الاسمية ووضعيته المعبرة " في أحضان امرأة " وتيسبي هي امرأة طائشة وقعت بسرعة في هوى دون جوان الذي أصبح غاوياً بسبب شخصيته الجذابة. وهكذا سوف تكتسب قصة دون جوان سمة " أسطورية " أخرى. إن تيسبي العاشقة تجري وراء المجون مع إيزابيلا، وتقضي مغامرة في إسبانيا : فلا أسطورة دون قصة مكررة.‏

    وتكرار القصة هو الذي يجعلها مثالاً. والحالة هذه فإن قصة دون جوان هي تكرار : فأولاً وقبل كل شيء، تعبر أسطورة دون جوان عن الآلية ذاتها التي لولاها لن يكون هناك أسطورة. في نهاية أول يوم، صارت تيسبي الضحية الثالثة المعروفة : وهذا الموقف الثلاثي هو الذي أوصل دون جوان إلى تلك الأصالة المشبوهة في الإغواء، التي يقدمها " كعادة قديمة ". وصار دون جوان في نظر خادمه " عقاباً للنساء "، وفي نظر تيسبي " الغيمة الطالعة من البحر ".‏

    وفجأة أصبح للرجل الذي كان دون اسم في البداية أسماء كثيرة : وبذلك بدأت الحكاية الخرافية. نتذكر هنا أن دون جوان عوقب على جريمة لم يرتكبها، لكنه كان ينوي ارتكابها : فقصة دون جوان التي اخترعها تيرسود مولينا هي قصة فيها مغالاة وقصة نموذجية في الوقت نفسه. وحرض على القصة مجتمع قائم على الخبث، فجاءت موجهة إلى المجتمع كرد على مشاكله الخاصة به، لذا، فإن هذه القصة " الأسطورة " تتشوه خارج إسبانيا.‏

    إن المسرحية التي تنتهي باستذكار ضريح دون جوان هي قصة معبرة بالمعنى الدقيق للكلمة. لكن فيها أكثر من ذلك. يقدم " كاتالينون " الخادم، تلخيصاً للعمل في بضعة أبيات، أمام شخصيات جاهلة، وأمام جمهور رأى كل شيء أيضاً. هذا التكرار ليس غلطاً عادياً، بل إنه يسمح، في نهاية المطاف، بمعرفة المقاطع الرئيسة في قصة دون جوان. إذ يحكي الخادم في قليل من الأبيات المخطط الأسطوري، والتركيب الأدنى : لأنه لا أسطورة دون تصميم أولي يمكن استحضاره : وهذه الحكاية هي " حقيقية " وصدى لكلمة أظهر دون بيدرو كذبها. وتركز كلمة الختام الموجهة، إلى الملك، على " الذاكرة " : هذه القصة التي يجب تذكرها هي آخر تبيان للطابع النموذجي لكل أسطورة.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:41 pm

    - الأسطورة والتاريخ الثقافي :‏

    يتدخل المقارن عند أول تحول كبير في الأساطير القديمة:‏

    إن مبدأ بشرية الآلهة قد أعيد أخذه ودخل المذهب المسيحي بواسطة " لا كتانس " في " مؤسساته اللاهوتية "، واستمر لوقت طويل أثناء العصور الوسطى، وفي العصر الذهبي لإسبانيا أيضاً، وكان مملوءاً بالحكايات الخرافية والأساطير " المُلحدة"، كان إيفيمير، وهو كاتب يوناني من القرن الثالث قبل الميلاد، يعتقد بوجود شخصيات بشرية مشهورة وراء صور الآلهة). ويمكن أن نستشف من خلال الأساطير القديمة والنصوص المقدسة والرمزية، تلميحاً للحياة البشرية، وتخفي تزيينات الخيال حقائق مقدسة.‏

    وهذا ما طرحه خوان بيريزدي مويا في " الفلسفات المقدسة " خمس طبعات بين عامي 1585- 1673) ؛ وفراي بالتسار دي فيتوريا في " مسرح الآلهة في جنتيليداد " 1620).‏

    ويفسر نظام التفكير أيضاً الاستغلال الشعري " للتحولات " لأوفيد كنماذج شعرية مثلما يشرح التفسيرات الكاثوليكية للإله " بان " في الحكاية الخرافية " إيكاونرسيس" التي أعادت قراءتها الراهبة خوانا إينس دولاكروز في " تأليه نرسيس "، كرمز للكنيسة العاشقة للسيد المسيح أوكتورية ممكنة " لحدائق غازلات الصوف " للرسام فيلا سكويه.‏

    - التاريخ الأسطوري وأصله :‏

    إذا تناولنا أرضية التاريخ الأدبي، فمن الممكن النجاح في دراسات تعاقبية بصورة واسعة، والتي تظهر كيف يتم الانتقال من شخصية ما أونموذج أدبي إلى الأسطورة. وتقدم تاريخين مختلفين للتطورات .‏

    * إيفيجيني :‏

    تتبع جان - ميكل غليكسون تاريخها في " إيفيجيني من اليونان إلى أوروبا في عصر الأنوار " 1985 P.U.F)وسرعان ما تتجاوز شخصية إيفيجيني أبعاد شخصية أدبية صرفة أسم، كنية، نسب )، وتبدو " متأصلة في المكان والزمان "، و" تشغل مكاناً في عمق خيال الشعب اليوناني " تغير المأساة، مسبقاً، النظرة إلى العالم المشترك، هذه النظرة المقدمة من الأسطورة الخرافية، والتراث الأسطوري. وتفسح المجال للمقارنة بين التراث الديني والمفاهيم الجديدة في القانون والفلسفة. فالشرط الإلهي معروض، لكن أوربيد يركز على المأساة البشرية. وهكذا تطرح الأسطورة مسألة الروابط بين المؤثر والمقدس، بتعابير جمالية ودينية ويميز ج. م. غليكسون مأساة حول معبد التضحية تصل إلى مأساة " روترو ". إلا أن التجديدات المتأنقة بدأت تحل تدريجياً، دون إلغاء المؤثر جروح العاطفة محل " القلق الذي يأتي مباشرة من السماء، بحسب المأساة القديمة" وتبقى مأساة أوربيد النص الأساسي، إلا أن النصوص الجديدة تظهر علاقة تردد بين العاطفة و " بطولة محرومة، من الآن فصاعداً، من إطارها الديني غير المتفق عليه ". إن المسرحيين في النصف الثاني من القرن الثامن عشر عادوا إلى المؤثر " الخالص "، الأكثر قرباً من النموذج القديم، وهم يرفضون، بوضوح، الخاتمة الدينية لأوربيد التجلي الإلهي، و " النور الديني ")، لكنهم يستنجون الوعد النهائي بدين " أقل همجية ". أصبحت شخصيات إيفيجيني أيضاً " أناشيد للبشرية الفاضلة "، وحذف منها المعنى الديني للمسرحية اليونانية ولغزها. أماغوته الذي نهل من أعماق ينابيع التراث الأسطوري، فإنه يعطي " هالة من القدسية " إلى دين للبشرية يختزل الأسطورة " صورة تورية فلسفية ". إلا أنه لايمكن التقليل من دور الروابط بين المؤثر والمقدس، بوصفها العنصر الأساسي لهذه " الأسطورة الخرافية " على الرغم من تقلبها.‏

    أسطورة هيلين :‏

    تمكننا الدراسة التي قام بها جان لوي باكس عن هذه الأسطورة، من فهم ولادة التاريخ الأسطوري وتطوره، و المشكوك فيه دائماً. وهذه الملاحظة أقرب إلى التناقض : إن أسطورة هيلين ‎ " لم تنل حظاً كبيراً " إنها بعيدة عن فرض وجودها " بالعظمة نفسها" كأعمالٍ مثل أوديب، وفاوست، وتريستان أودون جوان.‏

    ويبدو أن قدر " هيلين " أن تكون هامشية، في نصوص هوميروس. " العنصر الوحيد الثابت منها هو اسمها : وهذا قليل ". مع ذلك، لا تخلو الشخصية من صفات بشرية وإلهية في الوقت نفسه. وقد يبدو تاريخ هيلين، عندئذ، كتاريخ " الوجود المحتمل للمقدس في صميم الشخصية الأسطورية الخرافية " وهنا يطرح السؤال : " ما مصير الأسطورة الحقيقية التي كانت حية قديماً، عندما تتناولها آلة التفسير الهائلة : الأدب؟ " وماذا يعني، في هذه الحالة، استمرار حياة الأسطورة؟ فهي، كما قال رونسارد، قصة " فقيرة " في ظاهرها، إلا أنها قاومت العصور، وعاش اسم هيلين " طالما عاشت الأقلام والكتب ". وهذا يعني إعطاء الأدب دور جامع للتراث وحافظ له.‏

    - الأسطورة وولادة السيناريو :‏

    ربما نتمكن من القراءة في هذه الأسطورة " الفقيرة " أو في أساطير أخرى تحاول فرض ذاتها، لأحد المسارات التي تقدم للخيال " هذا الركام الشبيه بالأساطير " الذي تناولناه سابقاً انظر الفصل الرابع).‏

    أسطورة الشاعر البائس :‏

    يمكن تقديم شاهد على هذا التكوّن الإشكالي البطيء مع " أسطورة " الشاعر البائس، الذي حدده جان لوك ستينميتز أعمال ونقد، 1982، الجزء السابع) إنها دعوة، في عدة صفحات، إلى التفكير في " تكوين الأسطورة " انطلاقاً من أجزاء متفرقة من حياة شعراء مثل هومير، ولا تاس، وميلتون، وكامونس، وسرفانتس، أوشاتوبريان. وهكذا ترتسم قصة، قصة هؤلاء " المفكرين الشغوفين بالبؤس " الذين تحدث عنهم فيني في " ستيللو "، بدأ الأمر بمخطط، ثم بشخصية نموذجية، لينتهي برمز أسطوري، وهكذا وجد الشاعر البائس قبل أن يصبح الشاعر الملعون) في حالات مثل شينييه، ومالفيلاتر أو جيلبير، بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وجد عناصر جديدة من أجل حكاية يمكن أن تتحول إلى سيناريو.‏

    - الولادة الأدبية لدون جوان :‏

    بواسطة " بيرلادور إشبيلية " لتيرسود ومولينا، أي من خلال نص واحد، من الممكن، ضمن منظور الأدب العام أسطورة وأدب )، أكثر من منظور الأدب المقارن، أن نرى كيف يصنع نص معين قصة أسطورية. مع تيرسو، بدأت ما اتفق على تسميتها بأسطورة دون جوان : وسيكون صحيحاً أكثر أن نقول إن هذه الشخصية بدأت، لأول مرة، تتخذ رمز غاوٍ كان موجوداً بصورة خفية وارتجالية في التراث الشعبي الإسباني والأوروبي. فخلال ثلاثة أيام، كانت الكوميديا هي الفضاء الضروري لرجل أنيق، " رجل دون اسم "، كما قيل في بداية المسرحية، كي يصبح " البيرلا دور لأشبيلية "، وقد قدم تيرسو هذه الحكاية النموذجية إلى جمهوره على صورة موعظة. بعد علاقته الغرامية مع إيزابيلا وهروبه، أصبح دون جوان موضوعاً لأسطرة حقيقية عند عمه " دون بيدرو الذي كذب على ملكه. ثم ولدت هذه الكذبة أول صورة منتقاة لشاب غاوٍ، مثلما ولدت أول حبكة، وأول حكاية خرافية تقوم على الشجاعة والحزم والإقدام، وإضفاء الصفة البطولية على عمل دنيء في حد ذاته، وتجمع بين الصورة الإيجابية لمغامر يعرف كيف يتخلص من أي مأزق يقع فيه. وبين الصورة ذات الدلالة الكبيرة، صورة " الأفعى الملتفة ". ونجد تناقضاً في أساس خطاب العم : يتجاوز وجود الشر والصورة هنا من يبنيهما. يتعلق الأمر هنا ببيت من الشعر، مثل أبيات أخرى، يعد مؤشراً بالنسبة للمشاهد، ولكل من يرغب في رؤية شيء آخر غير مشهد العالم، والإمساك بمعنى الكذبة التي يقدمها دون بيدرو على المسرح.‏

    بعد ذلك، نرى دون بيدرو يسترسل أمام أوكتافيو من جديد في حبكة، وأسطرة أخرى للغاوي المجهول. وبفعله هذا، يذكّر بأنه لا وجود للأسطورة دون قصة : ويحكي واحدة منها لأوكتافيو. ويجمع بين الغواية والليل في استعارة طويلة رتيبة، الدياجي العملاقة) ويكررها فيما بعد من خلال التعريف المستحيل للغاوي : " عملاق " أو " وحش ". لايكتفي خطاب دون بيدرو، أو حكايته الخرافية، بطرح شبكة مجازية إغواء - ليل )، بل يصف نوعية العمل المشروع به : المجهول يتحدى السماء والسلطة الملكية، ويقارن الغاوي، الذي لم يأخذ اسماً بعد، بالشيطان، وهذا التشبيه هوالذي أتاح لدون بيدرو أن يدعم كذبته التي يلقيها على أوكتافيو، العاشق قليل الحظ : فهو يجعل الغواية عملاً شيطانياً، وعملاً خارقاً، ويكون بذلك أول من أعد شكلاً من الترجمة للأسطورة الدونجوانية، عبارة عن مزيج من الحقيقة والكذب، ومن عناصر مبتذلة وشاعرية، أصبح في النهاية حقيقة كما قيل. مع خطابي دون بيدرو، نشاهد ما سيسميه علماء الاجتماع " الإشاعة" وبصورة أوضح : العم والمجتمع هما أول من اصطنع قصة، هي أول نسخة للأسطورة الدونجوانية، مع تحديد حدودها الشيطانية، والمبالغة في قيمتها أو الطابع الغيبي، وكل هذا أدى إلى جعل الغاوي أكثر من إنسان عادي. وليس ثمة أسم للغاوي بعد، وبالكاد يرتسم له وجه. لكن له قصة اخترعها محيطه المباشر.‏

    إن شخصية " تيسبي " هي التي منحت دون جوان شهرته الاسمية ووضعيته المعبرة " في أحضان امرأة " وتيسبي هي امرأة طائشة وقعت بسرعة في هوى دون جوان الذي أصبح غاوياً بسبب شخصيته الجذابة. وهكذا سوف تكتسب قصة دون جوان سمة " أسطورية " أخرى. إن تيسبي العاشقة تجري وراء المجون مع إيزابيلا، وتقضي مغامرة في إسبانيا : فلا أسطورة دون قصة مكررة.‏

    وتكرار القصة هو الذي يجعلها مثالاً. والحالة هذه فإن قصة دون جوان هي تكرار : فأولاً وقبل كل شيء، تعبر أسطورة دون جوان عن الآلية ذاتها التي لولاها لن يكون هناك أسطورة. في نهاية أول يوم، صارت تيسبي الضحية الثالثة المعروفة : وهذا الموقف الثلاثي هو الذي أوصل دون جوان إلى تلك الأصالة المشبوهة في الإغواء، التي يقدمها " كعادة قديمة ". وصار دون جوان في نظر خادمه " عقاباً للنساء "، وفي نظر تيسبي " الغيمة الطالعة من البحر ".‏

    وفجأة أصبح للرجل الذي كان دون اسم في البداية أسماء كثيرة : وبذلك بدأت الحكاية الخرافية. نتذكر هنا أن دون جوان عوقب على جريمة لم يرتكبها، لكنه كان ينوي ارتكابها : فقصة دون جوان التي اخترعها تيرسود مولينا هي قصة فيها مغالاة وقصة نموذجية في الوقت نفسه. وحرض على القصة مجتمع قائم على الخبث، فجاءت موجهة إلى المجتمع كرد على مشاكله الخاصة به، لذا، فإن هذه القصة " الأسطورة " تتشوه خارج إسبانيا.‏

    إن المسرحية التي تنتهي باستذكار ضريح دون جوان هي قصة معبرة بالمعنى الدقيق للكلمة. لكن فيها أكثر من ذلك. يقدم " كاتالينون " الخادم، تلخيصاً للعمل في بضعة أبيات، أمام شخصيات جاهلة، وأمام جمهور رأى كل شيء أيضاً. هذا التكرار ليس غلطاً عادياً، بل إنه يسمح، في نهاية المطاف، بمعرفة المقاطع الرئيسة في قصة دون جوان. إذ يحكي الخادم في قليل من الأبيات المخطط الأسطوري، والتركيب الأدنى : لأنه لا أسطورة دون تصميم أولي يمكن استحضاره : وهذه الحكاية هي " حقيقية " وصدى لكلمة أظهر دون بيدرو كذبها. وتركز كلمة الختام الموجهة، إلى الملك، على " الذاكرة " : هذه القصة التي يجب تذكرها هي آخر تبيان للطابع النموذجي لكل أسطورة.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:41 pm

    الأسطورة والقصة :‏

    من خلال نص واحد، مأساة الملك كريستوف ديمي سيزير، يمكن أيضاً فهم كيف أسس أبو الزنوج أسطورة، عبر القدرة الشاعرية والسياسية، وبذلك كتب التاريخ من خلال قصة نموذجية عن الملك الطاغي هنري كريستوف. وإقفال المسرحية على صورة ضريح يقلب طريقة العمل المأساوي إلى الطريقة الفرنسية " الكلاسيكية " : لم تعد الأسطورة هي المصدر والنموذج والنص الأولي للمأساة، إنها مأساة من التاريخ مستوحاة من أسلوب شكسبير وكلوديل، هي التي تتحول في النهاية، إلى شكل خاتمة، وإلى أسطورة، وإعادة كتابة للتاريخ، وقصة مسلية، تجمع تاريخ ثلاثة قرون من العبودية والخزي في قصة جديدة.‏

    وصورة العنقاء هي المأزق النهائي، والنموذج عند العرق الأسود بكامله : لا وجود للأسطورة دون مخاطب، كفيل وضامن وممثل للنموذج.‏

    - شعرية الأسطورة :‏

    يجب الانطلاق من أهم سمتين شكليتين أو بنيوتين للأسطورة :‏

    إنها حكاية ومخطط أوحوار. يدرس جان إيف تادييه في " الحكاية الشعرية " غاليمار 1994) " العلاقة بين شكلين أدبيين "، و" المتغيرات في نظامين اثنين ". وتنتمي الإمكانيات الثلاث التي يميزها إلى " القوانين " الثلاثة التي صاغها بييربرونيل. فإما أن تكون الحكاية الشعرية " أسطورية بصورة كاملة " الإشعاع)، أو أنها " تدمج أساطير " على شكل " حكايات منتظمة " مرونة )، وأخيراً " قد يوجد فيها أساطير غامضة "، وتقرأ " من خلال بعض الحلقات من التاريخ أوبعض الأبطال " أو " أنها تتفجر مثل وابل من اللمحات الرمزية " انبثاق). في الحقيقة، إن الأمر يتعلق، خاصة، بتبيان أن الحكاية الشعرية تبتكر أساطير جديدة كما فعل أراغون )، عندما لايدخل في نصها أساطير قديمة حالة أول حكاية لجيونو). فالحكاية الشعرية " آلة تنتج معان خفيّة ". " وبذلك تتعارض مع الحكاية الواقعية" وفي ذلك دلالة على أن متابعة التحليل تؤدي إلى تحليل الشعارات والأحلام. وإذا عدنا إلى فكرة " المخطط " فإننا سنفهم ليس فقط الوضع التاريخي الأسطوري لنص ما، ولكن أيضاً العلاقة التي تربط المخطط الأسطوري ببنية النص المدروس، وتختلط ولادة الأسطورة، إذن، مع تشكل المخطط، والسيناريو من أجل قصة جديدة. ويكمن العمل النقدي الشاعري أولاً في تحديد المخطط الأسطوري الثوابت، والعناصر المكونة )، وفي تبيان عمله وتبدلاته.‏

    - قراءة الأسطورة :‏

    يواجه المقارن قراءات : أن يدرس بُنى النص المخطط الأسطوري )، ومشاكل التناص الانتقال من نص إلى آخر ووجود صورة عن الأسطورة في النص )، وأخيراً المسائل المتعلقة بالأشكال والأجناس الأدبية مقارنة مع المخطط الأسطوري، وهذا ما اسماه جان روسيه بسعادة " التحولات الجانبية " أسطورة دون جوان، أ. كولان، 1976 )، وهي دراسة تفيدنا كدليل وتساعدنا في اكتشاف نمط جديد من القراءة الممكنة، قياساً إلى القراءات المفهرسة انظر الفصل الأول)، أو بالأحرى إلى منهج جديد في مقارنة النصوص.‏

    - المنهج البنيوي وتطابق النصوص :‏

    أعد لنا جان روسيه " سيناريو دونجوانياً دائماً " يبلغ عدد مكوناته وثوابته ثلاثة : الميت " لولاه لسمعنا قصة أخرى " )، والنساء " مجموعة من الضحايا وضحية متميزة ") ؛ وأخيراً البطل ذاته، الذي " يتصدى للموت " والذي سيتلقى " العقاب النهائي ". ربما يجب الحديث، إذن، عن العقاب، وليس عن البطل، بالنسبة لهذا الثابت. وبالتحديد، فإن هذا " الثابت " يشكل عنصراً من نموذج ما، لايرتبط بأي علاقة مع الثوابت التي شاهدناها آنفاً انظر الفصل الأول). وتشكل الثوابت تجريداً : أي هناك " تشكيل ثلاثي أدنى " يحدد " علاقة ثلاثية مشتركة ".‏

    على الرغم من أن جان روسيه يقترح " منهجاً بنيوياً " فإنه لايريد أن يتقيد به : فهو يريد قراءة النصوص وإجراء " تحليلات مصغرة " و " تطابقات " لمختلف العناصر والمقاطع والوحدات، و " تكديس المواد " لمعالجة نصوص الأسطورة " كما لو كانت متزامنة بحيث يستخلص منها الترتيبات الرئيسة ". لنترجم ذلك بطريقة مقارنة.‏

    - " التطابق " : يجب الترحيب بظهور هذه الكلمة. فإذا كان تكوّن مادة ماثمرة لقراءات واستبصارات ومعارف، ويرتكز على تلاقي الأفكار أوعلى تداعي الموضوعات أو الأفكار المُحرضة هنا من اسم الخصم، وعنوانات يمكن تتبعها بسهولة، فإن إعداد المخطط، والمقارنات بين نص ونص آخر تتم من خلال التطابق. لم يعد الأمر يتعلق إذن، بأخذ ورد) أو بقراءات " جانبية "، أو قراءات عكسية (29) ، وذلك كان موضوع الفصل السابق.‏

    إن وجود مخطط أو بنية، في الأساطير والحكايات الخرافية القديمة، يفسر وضع منهج بوحي بنيوي، مثلما يظهر في أعمال ليفي - ستراوس.‏

    - الثوابت والمتغيرات :‏

    يتيح نموذج الثوابت الثلاثة " فرز " النصوص ويبرر رفض النماذج الأخرى من الغاوين والغواية كازانوفا، لوفلاس ).‏

    يتم اعتماد بعض النصوص وفق ملاءمتها الكبيرة إلى حد ما لنموذج معين، وليس وفق خصائصها الجمالية. إلا أنه لايمكن إهمال التزامنية ولا خصوصية كل نص أو أهمية " النصوص - الوسيطة " مثل " دون جوان 1813) ل. أ. ت. آ. هو فمان، حيث تلتقي ثلاثة أجناس أدبية : حكاية تروي عرْضاً لأوبرا موزا " دون جيوفاني "، ودراسة لشخصية دون جوان. وتتشكل شعرية الأسطورة من خلال القراءات المتنوعة للمادة، وهذه القراءات هي " أسفار عبر الأشكال ". يبقى الثابت الذي يصبح إذن متغيراً) لموت دون جوان وعقوبته أحد أهم الأزمنة في دراسة جان روسيه. في الواقع، إن الاعتقاد بتساوي كل الثوابت يعني الوقوع في كاريكاتور بنيوي. إن المساس بالموضوع الأسطوري) للموت والعقاب يعني إفساد المنطق الأول للأسطورة، وتعديل مضمونها، ومداها، ومغزاها. فالعمل الشعري حول العقاب لايستخدم فقط مشكلة شكلية : إنه يتعلق بمادة الأسطورة ذاتها، والمعنى الذي يمكن أن تأخذه في مجتمع وثقافة معينين. ألم توضع صرخة سغاناريل الشهيرة والغريبة في " دون جوان موليير" " ضماناتي، ضماناتي " التي أطلقت بعد عقوبة معروضة بدقة مسرح بآلات مع تغييرات في المنظر )، في الخاتمة للتذكير بأن المسرحية كلها مبنية وفق مبدأ المسرح داخل المسرح؟ يحتفظ كل العالم في هذه المسرحية بدور مزدوج، ولغة مزدوجة حيث لم يتوقف دون جوان والزوج السيد - الخادم عن اختبار مواقف دراماتيكية.‏

    إن هذه الشخصيات تتنكر، وتتشبه المسرحية أحياناً باستعراض ذكرى مبغض البشر حيث نجد المبدأ البنيوي نفسه )، وتضع دون جوان دائماً ضمن مواقف مسرحية جديدة : أمام إلفير مرتين )، وأمام والده مرتين )، وأمام أحد الفقراء، وأحد الارستقراطيين دون كارلوس) الذي يشكك بقانون الشرف بصورة مطلقة على خلاف أخيه دون ألونسو )، ثم أمام الاثنين، وأخيراً أمام تمثال. تصنع المسرحية من دون جوان شخصية لملهاة داخل الملهاة مع الفلاحين إلى حد جعله مضحكاً وشخصية هزلية، أو أيضاً لعبة داخل لعبة أخرى، ابتكرت من أجل طرد السيد ديمانش أي اسم لمسرحية لا تتحدث إلا عن السماء! )، وتقدم هذه اللعبة " كسرٍ " وتتكرر في المستوى الهزلي من خلال سغاناريل. وبعد تنفيذ العقوبة، وارتياح كل العالم، يبقى موليير - سغاناريل مطالباً بضماناته، كما لو أنه يتساءل إذا كان يمكن للمسرحية المعروضة أن تكون أيضاً " مثمرة "، ولم يُهجر هذا السؤال بعد مصائب طرطرف.‏

    الدراسة الشعرية للأسطورة هي هذا الزمن من القراءة الذي تستدعى خلاله المعلومات التاريخية، أو تسمح بوضع تصور لتفسير معين. وهذا ما يمكن أن يُسمى منطق الأسطورة، مثلما تحدثنا عن منطق للصورة، في الحالتين، يجب استخلاص تفسير يقوم على سيناريو، وحكاية خرافية، وتركيبه ضمن سلاسل تشكيلية، وتبدلاته المحتملة، واشتقاقاته بالمقارنة مع مخطط أولي. وكل هذا يستحق تفسيراً مزدوجاً : داخلياً، بالمقارنة مع اقتصاد النص المدروس، وخارجياً، بالمقارنة مع خيال كاتب أو عصر، أو ثقافة.‏

    - الأسطورة والخيال :‏

    تتطلب الأسطورة الأدبية، على شكل نص، تأملاً وتفسيراً للتاريخ الفريد دائماً، والمثالي، والذي كان قد عرض ثانية أمام القارئ، والمشاهد، الذي يمكن أن يكون قد علم، مثل الكاتب، بوجود تواريخ أخرى معاصرة، سابقة أو موازية. لا وجود لدراسة في الأساطير دون اختبار استقبال الأسطورة. بدأ هذا الاستقبال للتاريخ في وقت مبكر جداً : مع الكاتب الذي يعتمد على سيناريو معين، بدلاً من اختراع سيناريو جديد.‏

    - التلقي وإعادة التفسير :‏

    يلاحظ أندري دابزي انتشار أسطورة فاوست الألمانية أكثر من أسطورة جان دارك، على الرغم من أن الأسطورة الفرنسية أثرت في شيلر في " عذارى من أورليان ". تولد الأسطورة نوعاً من الشغف برموزها) : يشير أندري دابزي إلى أنه كان يوجد " موضة فاوستية " رومانسية. ويمكن أن تتداخل الأساطير أحياناً : مثلما فعل غراب عندما ألف " دون جوان وفاوست " 1829). ونحن نوافق على أن مثل هذه التداخلات لا تقف عند حد اللعبة التناصية للموضوعات أو النماذج. يمكن أن تقتلع الأساطير من سياقها الأصلي و" تهمش ". إنها تتحدث بلغة الخيال المتأصلة فيها : ألف الكاتب الأرجنتيني إيستانيسلاوديل كامبو مسرحية " فاوست في بوينيس آيريس " حيث يحضر راع أرجنتيني عرضاً لفاوست.‏

    يمكن لقصة أسطورية أن تخفي قصة أسطورية أخرى. غالباً ما تخدم المسرحية الإسبانية الساحر العجيب) لكالديرون كتتمة إسبانية لأي برنامج يتناول أسطورة فاوست : يتعلق الأمر هنا بذوق فاسد للنوافذ المزيفة التي يتحدث عنها باسكال.‏

    ليس من الضرورة أن يشير كل تحالف مع الشيطان إلى حكاية فاوست:‏

    صحيح أن هذه الحكاية تضمنت هذا العنصر أو هذا الثابت من " كتاب الشعب، 1578 )، ولكن ليس ضرورياً أن " ينتج " كل تحالف مع الشيطان أسطورة فازستية : يستفيد كالديرون من الأساس الفولكلوري المحلي والتراث القومي خاصة مسرحية سابقة لميرادو أميسكوا )، ويقتبس كثيراً من " الأسطورة الخرافية الذهبية " من أجل إخراج الموت المزدوج لسيبيريان دو أنتيوس، وجوستين. مع ذلك، فإن غوته حرفي أن يقول إن " موضوع فاوست قد عولج بعظمة كبيرة " في هذه المسرحية.‏

    وهذا يشير إلى أن المقارِن بحاجة إلى اليقظة أكثر من حاجته إلى الحماس.‏

    - فهرسة للخيال :‏

    تكمن الفائدة الكبيرة التي تقدمها الدراسة التي قام بها أندري دابزي حول أسطورة فاوست أسطورة فاوست، أ. كولان، 1972)، من وجهة نظرنا، في إرادة وضع تصور للعلاقة بين قصة فاوست والتاريخ الثقافي الذي تحاوره، ومقارنتها مع قصص أخرى تنتمي إلى الثقافة الغربية مثل أسطورة دون جوان)، والتي تجاورها وتعايشها و تتقاطع معها : وبذلك تصبح الأساطير، مثل الموضوعات، موسوعة خيالية يمكن الاستفادة منها.‏

    قراءة أسطورة فاوست :‏

    في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، حل فاوست، بصورة عملية، محل النموذج القديم للمشعوذ أو الساحر. وبذلك أعطى لهذا النموذج التقليدي " رمزه الحديث ". وصنع العصر الرومانسي بعد ذلك من فاوست دونجواناً عاشقاً جذاباً إن لم يكن مُجدِّفاً أنيقاً ). إن ما يقرّب الرمزين والقصتين ليس الكارثة التي تؤكد انحرافهما ولكن هذا " الطموح المثالي والمطلق " الذي يجسدانه من وجهة نظر الأجيال الرومانسية.‏

    وبالطريقة نفسها التي تقاطع فيها فاوست " دون جوان "، أوجد القرن التاسع عشر " فاوست " مع اليهودي الضال، و " مانفرد " لبايرون، و " زار ثوسترا ، وباراسيلز ". هذه اللقاءات، وهذه التقاطعات، تفسر عبر إرادة العثور على رموز وقصص يمكن لثورة الكائن البشري فيها، ولعظمته، وطموحاته الشرهة، أن تجد ظرفاً، أو شكلاً ليناً قابلاً لتحولات متعددة قانون المرونة). ولكن، كانت " العدوى " مع بروميثيوس هي الأكثر والأعمق، بروميثيوس الثورة، والتقدم، الذي يبشر الإنسان " بسعادته عبر قواه الخاصة " والحالة هذه، إن اختيار هذا الطريق يؤدي، بصورة غير متوازنة، إلى تفضيل " أحد محوري الأسطوري "، وهما " ديناميكية الإنسان "، ونسيان أو رفض " الحد المأساوي النابع من الالتزام بالشر ". على هذا المستوى، أخذت أسطورة فاوست كامل مداها وكشفت عن علة وجودها، ورسالتها الأساسية. يظهر " أندري دابزي أن قصة فاوست ترتكز على التجربة المسيحية والغربية للإنسان، وعلى حريته، ومسؤوليته الشخصية. الإنسان الغربي لايتطابق مع فاوست، ولا مع " الرجل الفاوستي " مثلما يدّعي سبينغلر. ولكن يبقى فاوست إحدى صوره المفضلة، وربما يكون حقيقة الرمز الوحيد الحي من رموزنا الأسطورية القديمة. ما هي القراءة التي كانت قد مورست من أجل الوصول إلى هذه النتيجة؟‏

    لنستمع إلى أندري دابزي: " لاتقتصر دراسة أسطورة أو موضوع أدبي على فهرس عشوائي من العنوانات أو الاستشهادات المقتلعة من سياقها. من بين كل تبدلات حكاية فاوست، يجب علينا البحث عن منطق، وثوابت. نتج عن التاريخ بنية أدبية متعددة الأشكال، تمتلك نوعاً من التميّز، ومرونة نسبية : تتفاعل، بصورة مختلفة مع الحوادث، والأفكار، والشعارات، ولها ردودها وانحرافاتاتها، وتفرض نفسها على الكاتب بصورة كبيرة، وحتى على العبقري " خاصة العبقري " الذي يريد التلاعب فيها عبر خياله " يجب التفكير إذن باستمرارية الاسطورة، وقابليتها للتبدل، وسياقها الواسع نسبياً ولكنه ليس مطلقاً ويخضع، دون شك، لبعض المبادئ غير الأدبية).‏

    لماذا لم يستطع فاوست حتى الآن " وضع نظارتين لمادية فظة "، ولا " ارتداء اللباس الجماعي "؟ هل تربطه أصوله المسيحية بتصور روحي وشخصي لابل فردي) للحياة؟ إن إعادة قراءة التاريخ الأسطوري يعطي جواباً نهائياً على هذا السؤال. تنبع أصالة اسطورة فاوست، وفق رأي أندري دابزي، من التوتر المأساوي الموجود بين المحورين المتعارضين : اندفاع الإنسان وضغط الشر عليه.‏

    بالنسبة لفاوست ودون جوان، لايمكن للمحور الأول السير دون الآخر، وهذا ما يفسر الفائدة الدائمة للجمهور. إن أسطورة فاوست تأكيد للإنسان وتحذير حول حدود الشرط الإنساني، في الوقت نفسه. لايمكن فصل الأسطورة التي قرأها أندري دابزي " كحكاية رمزية لموقف وجودي مثالي "، عمّا نسميه " الخيال. " يمكن للأسطورة أن تمر بمراحل، وتتعرض للاختفاء، والزوال، لتولد من جديد ثانية. ولكنها تفترض استمرارية عبر إعادة استخدامها، لأن التاريخ الأسطوري أخذ " صدى جماعياً ".‏

    - من الشعرية إلى التأويل :‏

    كل جيل يعيد استخدام " المخطط الحدثي"، ويجدده، أخذ هذه المفهوم من علم الإنسان البنيوي عند ليفي - ستراوس). يمكن إضافة المنظور التفسيري التأويلي) إلى منظور جان روسيه الشعري غالباً، من أجل فهم العمق التاريخي والثقافي لقصة معينة. منذ أربعة قرون، تعد قصة فاوست قصة الأجيال المتعاقبة، الساعية للوصول إلى حلمها في المجد والنجاح. تذكّر الأسطورة كل جيل جديد أنه كتب على الإنسان أن يختار حياته، وأن يكون سيد نفسه أو عبداً. مما لا شك فيه، أن تفسير قصة، يشكل فيها التحالف مع الشيطان النواة الأولية والمركزية، لا يمكنه بسهولة تناسي الأبعاد الدينية، والأخلاقية أوالفلسفية.‏

    على المقارن ودارس الأدب بصورة عامة) أن يعزل العامل المشترك في الجوهر مع قصة أصبحت أسطورة. إن طبيعة القصة وصبغتها، يؤثران إذن قليلاً في عملية التفسير.‏

    أظهرت كولييت آستييه في " أسطورة أوديب " أ. كولان، 1974) الاحتمالات المختلفة لموقف مقدس في الأصل، من وجهة نظر الكتابة المسرحية، أو الروائية).‏

    يرجع جان بيرو(30) الزوج التوأم في أسطورة التوائم التي درسها، إلى علاقات ثنائية ينتظم حولها الفكر البدائي. تبدو أسطورة التقمص (31) كنموذج للأساطير، بالنسبة لبيير برونيل . ولكن هناك استثناءات خاصة في المستويات الشعرية. يمكن أن يكون التقمص مجرد موضوع أدبي بسيط، عندما يختزل إلى فكرة، أو فرضية عامة. تقع بعض التسويات أحياناً، مثلما حدث في " دفاتر مالت لوريد بريج " حيث لا يحتفظ ريلكه من قصته بيبليس (32) وكادموس (33) انطلاقاً من أوفيد )، إلا بلحظة التقمص في الأصل.‏

    يوجد بعض الصور، والمقارنات، والذكريات التي تشير إلى " إفقار " الأسطورة، إذ تصبح " إطاراً فارغاً "، أو أداة، أو " زخرفة خالصة " كذلك بعد تمييز التقمص العمودي الذي يرافق الكائنات )، والأفقي الذي ينقل الكائنات من شخصية إلى شخصية أخرى وفق طريقة بروتيه )، والتأمل في مفهوم الخيال الذي يفترض دائماً التقمص، طرح بيير برونيل السؤال الأساسي الذي يجذب باتجاهه التقمص كحكاية أسطورية : لا يتعلق الأمر بملاقاة كائنات أوتغييرها، ولكن بكشف " الكائنات التي تتلاقى في الحياة " و " الحيوان الذي سنتقمصه "، أو " الذي يحمله كلٌ منّا في داخله ". يصبح التقمص إذن تعبيراً عن وحي داخل يتجاوز الحد بين المادة والروح. هل الأسطورة هي التقمص؟ نعم، دون شك، ولكنها أيضاً تقمص يتظاهر بوصف الآخر من أجل وصف الذات نفسها، ويوحي بحادثة لا تحدث أبداً " يبقى لوسيوس دو أبولي (34) إنساناً على الرغم من تحوله إلى حمار ". هي أيضاً مجاز، في استخدامات حديثة وحيد القرن لأيونيسكو )، وبصورة أكثر عمقاً، في الكتابة والأدب حيث يمكن أن نعد مغامرات " الأنف " لغوغول التعبير النموذجي : وهذا يظهر، من جهة، أننا نستطيع إعطاء الانطباع بوجود معنى مجازي، يبقى، في الواقع، غائباً، ومن جهة أخرى، نستطيع أن نحكي عن تقمصات أنف ما، عن طريق سرد مغامرات المجاز نفسها.‏

    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 3:42 pm

    علم الأساطير والأسطورة الشخصية :‏

    ضمن منظور التفسير الضروري للأسطورة، والدراسة من أجل تجاوز المخطط، والتصميم إلى تبدلات مختلفة للتركيب، نفهم كيف نستطيع ضم مفهوم " الأسطورة الشخصية "، على هذا المستوى من التأمل.‏

    * منهج : النقد النفسي :‏

    لايتعلق الأمر هنا بتعسف أو سهولة لغوية، لإحدى هذه الظهورات التي تسمح بها كلمة أسطورة. ينطلق المفهوم الذي قدمه شارل مورون من التحولات المهيمنة إلى الأسطورة الشخصية، كورتي، 1963) من محاولة تطبيق نوع من التحليل النفسي على الأدب النقد النفسي). تبدو الأسطورة التي يكتشفها شارل مورن عبر تطابق نصوص لمؤلف واحد نقطة لمنهج مهم )، والتي تنتج عن تداعيات، وتجميع صور ثابتة.‏

    يقود، التكرار، غير الارادي، إلى صورة أسطورة شخصية، تفسّر كتعبير عن الشخصية اللاواعية للكاتب : ومثلما يحدث دائماً في التحليل النفسي، تقارن نتائج القراءة بمعطيات السيرة الذاتية. مبادئ القراءة، خاصة " تطابق " النصوص، قريبة من المبادئ التي كانت قد أعطيت من أجل اختبار بنية الأسطورة ومخططها. وتتطلب الأسطورة الشخصية، هي أيضاً سيناريو أدنى. فإذا كان يبدو هنا أن المفهوم يحل محله، فإننا نوافق على أنه يوجد بين الأساطير القديمة وشخصيات الكتّاب صلات مشتركة فريدة. يلاحظ بييربرونيل في نهاية " نقده الأسطوري " أن : " لكل كاتب أسطورته. فاليري ونرسيس، ريلكة و أورفي، كامووسيزيف. أما أندريه جيد الذي استفاد من كثير من الأساطير الإغريقية قبل أن يذوب مع " تيزي " في قصته الأخيرة، فإنه أوحى باسم بروميثيوس " كمثال " للكتّاب ". هذه الملاحظة دعوة جديدة لممارسة الأدب العام والمقارن الذي يجب أن يحجز نفسه داخل حدود سلسلة واحدة من النصوص. تهدف الدراسة إلى تفسير العلاقة بين الأسطورة والكتابة وإيضاحها، وبين المخطط الأسطوري والخيال المبدع.‏

    - وجه لأسطورة أورفي :‏

    يمكن أن تعاد قراءة عمل الروائي الأرجنتيني إيرنيستو ساباتو، المحير للوهلة الأولى، عن طريق مقارنته بأسطورة أورفي، د. ش. باجو، أي ساباتو أو الأدب كمطلق، طبعة كاريبين، 1991).‏

    من أين ينشأ ما يمكن تسميته، في البداية، بمقارنة فرضية؟ تنشأ من المقاطع القوية والأساسية، والقصيرة مع ذلك، من شعرية ساباتو عندما يتحدث عن النزول إلى جهنم والصعود، وعندما يريد عرض عمل الروائي، والاستشهادات من " الإنسان تحت الأرض " لديستوفسكي الذي يعجب به بشدة .‏

    يشكل العالم السفلي. والجهنمي تتمة لتكرارات ومتتاليات يمكن تسميتها مجازاً بالكابوس (35)‏

    يجب أن تقارن هذه القراءات الأولى مع قصة أورفي من أجل مطابقة المخططين : مخطط الأسطورة الثابت والمعروف (36) مع المخطط الذي يرتسم في عمل سابوتو ودراساته. في الواقع، تتألف حكاية أورفي الأسطورية من ثلاث قصص متتالية : النزول إلى جهنم قصة أوريديس )(37) ، وأورفي الشاعر الكاهن بحسب راي هوراس، الذي وضع في المسرحيات من قبل كاهنات باخوس (38) .‏

    تتواجد هذه العناصر الثلاثة عند إعادة كتابة الحياة، التي هي شكل من الاعتراف، في الفرنسية، ملك الموت، طبعة سوي )، أو تتواجد في العالم الخيالي الرسام جوان بابلوكاستيل في " النفق " سوي). الإنسان المشتت هو أحد الرموز الكبرى المفضلة عند الروائي والدارس، مثلما هوالحال في العمل المبعثر أو المقسم. مع ذلك، وبصورة متوازية مع هاجس التشتت، والتمزق، تظهر إرادة التوحد، ودور الكاتب كمبدع للكلمات، والشاعر الشاهد، مثل أورفي، الذي يجلب الحضارة للناس. تتطابق رسالة الشاعر هذه مع نظرية الفن " كتنبؤ " عند ساباتو، التي تأثرت، دون شك، بالرومانسيات الألمانية.‏

    يمكن أن يكون لمفهوم " الاسترجاع " أصداء مسيحية وفلسفية، ولكنه يرجع أيضاً إلى فكرة " الاسترجاع " نفسها من خلال الغناء، التي لا يمكن فصلها عن شخصية أورفي المعتنقة للمسيحية.‏

    أخيراً، إن فكرة الفن " المؤسس " لكتابة روائية تكون " كاشفة " أو مبدأ جمالياً مثل " الكتابة تعني الوجود بصورة عامة "، تذكرنا بالشاعر أورفي، ونائبه ريلكه : " الغناء و جود " سونيتة أورفي، الجزء الأول، والثالث)‏

    إن عمل ساباتو الذي يستند بصورة مَرَضيّة على الظلمات وجهنم استفاد من أسطورة أورفي، حيث وضعت القصة الأسطورية، الحية، والكامنة ضمن النص. وإذا كان الروائي يتحدث غالباً عن " عمق " فإن ذلك يكون بالمعنى الذي أراده جان - بيير ريشارد في " شعر وعمق " : " يتعلق الأمر بتجاوز العمق والعودة منه حراً، وإنسانياً ". هذا المبدأ أخلاقي وجمالي في الوقت نفسه، ظهر دفعة واحدة، بصورة أساسية من خلال " الفات - Levates" المستوحى من اسم أورفي.‏

    ليست الأساطير القديمة هي وحدها من يمتلك الأفضلية في أن تصبح أساطير شخصية. يمكن أن يتحول الفضاء المفضل للسيرة الذاتية والكتابة إلى أسطورة شخصية، مثل الفضاء الكراييبي، والبحر الأبيض المتوسط بالنسبة للكوبي أليجو كاربنتييه، أو صقليا بالنسبة لبول موران في كتابه " فينيسيا " يمكن أن يصبح الفضاء مادة للكتابة ويساعد في تفسير حياة الكاتب أوعمله.‏

    - الأدب كمثيولوجيا :‏

    يشير نور ثروب فري في كتابه " الخيال التثقيفي " 1984) إلى أن الأدب يقوم اليوم بالعمل نفسه الذي كانت تقوم به الأسطورة قديماً، لأن الأدب والمثيولوجيا ينتميان إلى العالم الذي يبنيه الإنسان لا إلى العالم الذي يراه. إن الأسطورة، وإن كانت كلاماً شعرياً، تميل إلى جهة العقل الأول، لأنها من طبيعة الثقافة لامن طبيعة الطبيعة. بهذا المعنى، إن دراسة الأساطير تعني بالنسبة للمقارن بداية الاقتراب من سؤال شعري في غاية الأهمية : ما هي الكتابة؟‏

    يبدو أن تطور الأسطرة قد اندمج بتطور الحضارة نفسها، عبر سعي الإنسان للسيطرة التدريجية على كل ما هو خارج طبيعة العقل الأول، بفضل القدرات الخلاقة لهذا العقل.‏

    تشترك الأساطير في هذا المشروع المطلق الذي عرّفه هولديرلان بهذه الكلمات : " يعيش الإنسان على هذه الأرض من خلال الشعر ".‏

    الأشكال، والأجناس، والنماذج‏

    استطاع فحص برنامج الدراسات المقارنة، المنطلق من الاتصالات والتبادلات لمعانقة العلاقات بين الثقافات، والذي يفصل في الاستخدام الشعري بين بعض المواد مثل الصور، والموضوعات، والأساطير، حتى الآن أن يدفع إلى التفكير بزيارة موجهة من مستقر إلى صالات متعددة :‏

    ألم يرجع الفصل السابق إلى مجال يحس فيه المقارن أنه في بيته)؟ إلا إذا كان الانتقال من Mesolgie )(39) إلى دراسة الترجمة )، ومن علم الصورة) المتعلق بالصورة) إلى علم الموضوعات) و الميثيولوجيا) لا يذكّر المتدرب المقارني الساخر بالتهديدات المرعبة لـ Toinette) إلى سيدها، المريض الخيالي، أو بغارة لا نعرفها في مشفى غريب للآداب في الوقت نفسه. ومشفى الآداب عنوان حوار عذب للبرتغالي فرانسيسكو مانويل دوميلو في القرن السابع عشر.‏

    ننتقل، في هذا الفصل، إلى مستوى أعلى بدقة أكثر، نستعير مرقاة توصلنا إلى مستوى نستطيع أن نكتشف منه منظورات نظرية. إن كلمة نستعير) هي الكلمة المناسبة. استفاد المقارن من تأملات قام بها منذ عقود عدة، منظرون مهتمون بالعشر ومنظرون .إن الأشكال والأجناس Morphologie) (40) وGénologie)(41) تعيّن مجالات ودراسات لايمكنها أن تنشد أي خصوصية مقارنية). ربما أن مفهوم النموذج) وحده هو الذي يفتح الطريق أمام تفكير أصيل، ويعبر عن إمكانيات التفكير النظري.‏

    - مشاكل المورفولوجيا الأدبية :‏

    عند طرحه المورفولوجيا) يؤكد كلوديو غوين في كتابه بحق أن الجانب الموضوعاتي) لاينفصل عن الجانب الشكلي) : ولم يفصلا إلا للسهولة أخذ هذا الإجراء هنا).‏

    -المادة والشكل :‏

    لايوجد شكل خالص )، هذا ما يكرره كلوديوغوين، ويستشهد بجان روسيه في شكل ومعنى )(42) الذي يحدد ما يضبطه النقد في عمل أدبي بهذه العبارات : " الازدهار المتزامن لبنية وفكر، ودمج شكل وتجربة يكون المكوّن والنمو فيهما متضامنين. كان يمكن أن يستشهد ببعض التأكيدات الأخرى، المأخوذة من مقدمة الكتاب نفسه، وهو خطاب حقيقي في المنهج) : يوجد العمل من خلال الاتحاد الوثيق بين شكل وخيال). إن خطوط القوة) و الرمز الملازم )، و شبكة الحضورات) أو الأصداء) في نص، و شبكة التقاربات )، تدعى بنيات) أو ثوابت شكلية). ولكن يجب التذكير بأن الأمر يتعلق بنقد) وليس بتاريخ أدبي) .من أجل استباق العلاقات بين الأدب والفنون انظر الفصل التاسع )، ومن أجل وضع التفكير بالمورفولوجيا الأدبية ضمن منظور ينفتح على الإبداع، بالمعنى الواسع، يمكن العودة، بصورة مفيدة، إلى الكتاب الصغير لمؤلفه مؤرخ الفن الكبير هنري فوسيلون (43) ، وإلى الفصل الموسوم أشكال ضمن المادة). فهو يؤكد أنه يجب التحرر من الثنائيات الضدية القديمة) التي هي المادة والشكل أو الروح والمادة، والتي يمكن مقارنتها بثنائية الشكل والجوهر )، إذا أردنا أن نفهم أي شيء عن حياة الأشكال).‏

    ولأننا نريد أن نفهم أي شيء عن حياة الأشكال) الأدبية، فإننا نفكر بالسمة الثابتة، والدائمة، واللاإختزالية للتوافق المحكم بين الشكل والمادة). يجب اعتبار أن الشكل لا يؤثر كمبدأ فوقي، يقولب مادة سلبية) لأن المادة تفرض شكلها الخاص على الشكل). تؤخذ المورفولوجيا هنا ضمن العلاقات المركبة للشكل والمادة صورة، موضوع، أسطورة )، وكتتمة لتحولات عبر الانتقالات من نص إلى آخر، ومن أدب إلى آخر.‏

    (1) سلسلة ماذا أعرف؟ العدد / 670/‏

    (2) طبعة دي روشيه، 1988‏

    (3) أي أن الموضوع ليس خارجاً عن نطاق عمله. المترجم )‏

    (4) صدر عن دار سوي، 1957‏

    (5) أندريه دابزي، في خاتمة كتابه، " وجوه فارست في القرن العشرين " P. U. f ، 1967‏

    (6) مظاهر الأسطورة، غاليمار، 1963، القدسي والدنيوي، غاليمار، 1965.‏

    (7) الحب والغرب، 1939، 10/18.‏

    (Cool انظر، أساطير وعلم الاساطير في الأدب الفرنسي، أ. كولان 1969، طبعة ثانية، 1980‏

    (9) نهرليتيه : أحد أنهار جهنم، من يشرب منه ينسى ماضيه المترجم)‏

    (10) الغوليم : من التراث اليهودي في أوروبا الشرقية، وهو كائن اصطناعي على هيئة بشرية يحيا للحظات عند تثبيت سورة من التوراة على جبينه المترجم)‏

    (11) انظر تشكل الأساطير واستمرارها، أعمال ندوة نانتير 1974، باريس، الآداب الجميلة، 1977‏

    (12) المينوثور : من الأساطير اليونانية. وهو وحش له رأس ثور، ولد من تزاوج باسيفا زوجة مينوس مع ثور أرسله الإله أبو سيدون حبسه مينوس في متاهة وكان يلقي إليه كل سنة سبعة أولاد وسبع بنات من أثينا ليلتهمهم .‏

    (13) أسطورة نابليون، أ. كولان، 1971‏

    (14) مطبعة جامعة أكسفورد، 1969، أخذت من محاضرات بين عامي 1948- 1949 .‏

    (15) ميونيخ، ف، فينيك، 1977 .‏

    (16) الغشتالية أو الصيغية : نظرية فلسفية ترفض تقسيم الظواهر النفسية والفيزيولوجية والجسدية إلى عناصر متمايزة، بل تعتبرها كلاً لا ينفصل وتسميها " صيغاً أو أشكالاً " ويؤدي تغيير ما إلى تغيير في كل الظاهرة.‏

    (17) الداندية : طريقة في الغنج والأناقة، نشأت في انكلترا عام 1815 تقريباً‏

    (18) قبل - الرافائيلي : نظرية الرسامين الإنكليز الذين أرادوا تجديد الرسم عن طريق تقليد الرسامين الإيطاليين السابقين لرافائيل.‏

    (19) السنتور : كائن خرافي نصفه رجل ونصفه فرس كان يعيش في تّساليا، بحسب الأسطورة.‏

    (20) عرب غرناطة في الأدب، 1956، أعيد طباعة هذه الدراسة عام 1989.‏

    (21) ابن سراج : قبيلة مغربية في مملكة غرناطة في القرن الخامس عشر. استوحى شاتوبريان منها أقصوصته " مغامرات ابن سراج الأخير " 1826‏

    (22) انظر ، سيمون فريس، أسطورة انتنيغون، أ. كولان، 1974، وجورج شتينر، الأنتيغونيات، غاليمار 1986‏

    (23) انظر، ج بلوندل، الفردوس المفقود 1667- 1967 )، دارمينا، آداب حديثة، وجان جيلليه، الفردوس المفقود في الأدب الفرنسي، من فولتير إلى شاتوبريان، دار كلينكسييك، 1975.‏

    (24) انظر، إيف جيرو، حكاية دافني الخرافية، دراسة حول نموذج التقمص النباتي في الأدب والفنون، جنيف، دروز، 1969.‏

    (25) أشكال بسيطة، سوي، 1981‏

    (26) أسطورة هيلين، أدوسا، 1984‏

    (27) نقد أسطوري، نظرية ومسار، p.u.f. 1992‏

    (28) كايوا دارس متخصص في القواعد، ويتحدث عن " مجاز بعيد "‏

    (29) القراءة العكسية نوع من القراءة كان سائداً في العصر الوسيط حيث يتم عكس الحروف أو المقاطع.‏

    (30) الأسطورة والأدب تحت تأثير التوأمة، P.U.F . 1967‏

    (31) أ. كولان، 1974‏

    (32) الاسم في الأصل بيبلوس، وهي مدينة فينيقية، تقع على بعد 35 كم شمال بيروت‏

    (33) كادموس : أحد الأبطال الفينيقيين زوج هارمونيا، ووالد إينووسيميلي، والمؤسس الأسطوري لطيبة.‏

    (34) فيلسوف وكاتب لاتيني، كتب حكايته الرومانسية " التقمصات، أو الحمار الذهبي " التي تصف مجتمع القرن الثاني. اتهم بالشعوذة فدافعت عنه أبولي. م)‏

    (35) انظر، المشهد الافتتاحي، لسوبر هيروس تومباس، ترجمه إلى الفرنسية، أليجاندرا، سوي.‏

    (36) انظر، إيفاكوشنر، أسطورة أورفي في الأدب الفرنسي المعاصر، نيزي، 1961‏

    (37) ) انظر الرواية التي أعطاها فيرجيل في الجزء الرابع الجيورجي.‏

    (38) باخوس هو إله الخمر عند الرومان‏

    (39) دراسة التأثيرات المتبادلة بين الأوساط والأعضاء التي تعيش فيها.‏

    (40) علم التشكل‏

    (41) علم الداخل‏

    (42) كورتي، 1963‏

    (43) حياة الأشكال، 1943، منشورات ‎p.uf ، كادريج‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 10:54 pm

    - المخطط الأول أو الفرضية الأولى

    ننتقل من المعلومات المستخلصة من الفهرس وقراءات النصوص) إلى مخطط أول للمسار، أو فرضية أولى انظر الفصل الأول)، ضمن الحد الذي ترتسم فيه نقاط التقاء يمكن تحويلها إلى مسارات للدراسة. تُظهر الكتابات عن الوباء ثلاثة أزمنة للدراسة : البحث عن أسباب الأمراض، والشروط الحاسمة أوالمساعدة، والبحث الوبائي الذي يؤدي إلى تشخيص المرض، وجمع الأعراض، وأخيراً الإجراءات الطبية. مارس الطب، لحقبة طويلة، علم تشخيص مرضي خارجي أقام عليه علم تصنيف أمراض سريري أو دراسة الأمراض)، قبل اكتشاف علم التصنيف التشريحي، مما ساعد على التعرف على حد مزدوج، ضمن نصوص مثل نصوص العصر القديم أو غيرها : كشف الآثار الواضحة، ووصف المرض، والتخلي سريعاً عن التدوين الصعب أوالذي من المستحيل القيام به. هناك سؤال في الشعرية : كيف يجتمع تشخيص المرض مع التخيّل؟ تحاول الروح، من خلال البحث عن الأسباب، الانتصار على البؤس وما هو عصي على الفهم، وهذا أيضاً عنصر من عناصر تعريف الوباء المرئي، الكلي الوجود ودون تفسير، والأسوأ من ذلك أنه لايمكن الفرار منه. ضمن المجتمعات التي تقوم على عقيدة سماوية، يعطي الوباء قيماً رمزية مثل كونه مظهراً من مظاهر سخط الآلهة وقدرتهم(1) نتعلم أيضاً كيف يحاول التفسير استغلال المدال العلمي أو العلمي المنتحل من أجل روح حديثة) : فساد الهواء، واختلال الفصول، نظرية الأبخرة الفاسدة) التي صاغها الطبيب الصقلي فراسكاتور، العلم والخرافة اللذان يربطان بين الوباء ومرور نجم اعتقاد مثبت في - الهوصار على السقف، ومعرفة تسمح بتقويم ما هو مختلف عن غيره)، وأخيراً الشائعات والذعر الجماهيري، آبار مسمومة، وناشرو الطاعون. انتقلنا من الطب إلى النفسية الجماعية التي يتكفل الأدب بتسجيل تطورها (2)‏

    القراءات، والبحوث ضرورية لكنها لسيت كافية من اجل تجنب الأخطاء، والسذاجات، ومن أجل عدم الاقتصار على الاستخدام الفني) للوباء في الأدب الروائي غالباً أكثر معرفة من الناقد).‏

    - تاريخ الأفكار وشعرية النصوص :‏

    يترك أساس تاريخ الأفكار المكان لصالح مسائل أدبية خالصة، ولكن يجب دائماً ربطها بالإشكالية التاريخية. تخص هذه المسائل وضع الأدب الوبائي). لا يستطيع الكاتب ولا يريد أن يحل محل الطبيب، أو المؤرخ. ما الذي يمكن أن تكون عليه طبيعة المادة الوبائية ودورها في الأدب ضمن نص، وفي لحظة معينة، وفق الفكرة التي نأخذها عن الشعر، والتخييل ؟) ستحتفظ طرق الظهور الوبائي بانتظام إلى حد ما، بالخيال : مباغتة الظهور، عنف ظاهرة الموت، امتداد الظاهرة، هلع فردي وجماعي أو نصف جماعي خراب في قضاء، أو مجتمع صغير، أو فضاء مدني يمكن السيطرة عليه ظاهرياً في التصدي) إن تدوين الآثار يقرب النص من علم الأمراض التاريخي طرح الفساد العميق للأخلاق، والحياة الاجتماعية)، ويصبح الوباء وسيله معرفة أخلاقية، وحتى نفسية، يكشف السلوك، والمعتقدات الدينية، والتصرفات.‏

    يجب إذن دراسة الاختلافات بين موضوع الوباء، والقصة الوبائية. من الواضح جداً أن هناك تباعداً كبيراً بين الخطاب الطبي، والعلمي، وبين القصة الوبائية التي تستطيع التقاط الظاهرة المرضية إلا ضمن بعض آثارها الجوهرية، ولكنها ثانوية، بالمقارنة مع البحث الطبي. يصبح الوباء إذن موضوع قصة وحبكتها السردية من هنا جاء استخدام مفهومات جاهزة في التحليل النصي من أجل فهم كيف يصنع الموضوع بالنص : قصة مأساة معيشة أو يعاد عيشها، وحتى مؤلفة، ومتخيّلة، ومزمنة، وكفاح يومي ضد الكارثة، والرعب والألم اليومي. في هذا المعنى، لن يكون هناك إلا وباء واحد شعري) بصورة كاملة : طاعون دياكاميرون الذي لم يوصف بدقة، والذي هو سابق على القصص التي أسسها وولدها.‏

    - الموضوعاتية والكتابة :‏

    يشكل الوباء، كمادة، موضوعاً أدبياً يتطلب جولات، إن لم يوجد جرد بالأسباب نفكر بالفصل السادس من الموت في صقلية). ينظم الفضاء والزمن بعمق الوقائع التاريخية أو الروائية.‏

    يبدو المؤرخون والروائيون مهتمين بإعادة تركيب إيقاع انتشار الكارثة وطرقه، ضمن مجموعة اتصالية (3) تاريخية، مع تتابع جمل أساسية : الانطلاق، والشائعات، والخطورة، الذروة، والانحسار، والخمود، والاستئناف، والاكتمال. التجربة هي نفسها من الواقعة التاريخية إلى التخييل : إعادة تركيب سيناريو وبائي لقاء مفيد مع هذه الكلمة التي استخدمت في الفصل السابق من أجل فهم كيف تتموضع الصورة داخل النص). إجمالاً : انتصار مؤقت للكارثة على منطقة، أو فضاء، أو مدينة غالباً وتكون وعاء مغلقاً تنتشر فيه وتتكاثر الروائح النتنة والشائعات، وتظهر النتائج المختلفة للكارثة، اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، ونفسياً.‏

    بالنسبة لمدوّن الأخبار مثل دوفوي القريب من الرواية إلى حد ما )، ولكاتب التخييل، تعد مسائل التشكيل السردي هي نفسها : فمن جهة كيفية الوصول إلى نظرة متنوعة تتطلبها الظاهرة الجماعية من هنا البانوراما المدهشة المسيطرة على الفضاء في بداية - الهوصار - واستخدام الطريقة التزامنية)، وكيفية إعادة تركيب المادة المتنوعة لمظاهر الكارثة، داخل مخطط القصة. ومن جهة أخرى، ما الموقف الذي يجب تبنيه إزاء الحدث؟ وأي لوحة وبائية يحتفظ بها؟ من هنا تبني وبعث الشخصيات لمواقف معينة، وآراء إزاء الوباء. كيف نجمع القصة والخطاب، السرد والشروحات؟ كيف نحافظ على الوحدة، وبعض التنوع وتشجيعه، كيف نصل إلى تجزيء اللوحة؟ من هنا، مثلاً، استدعاء الظاهرة بوساطة قالب من النوادر، ويصبح الوباء ملفاً لمصائب منتشرة، وبوساطة مشاهد تدور من خلال رسم مرضي آثار مأساوية، تعبيرية السمات الملتقطة )، وبوساطة التصنيف، والملف لحالات حدودية بين المبالغ فيه، وغير الطبيعي، والنموذجي. اليومية الوبائية تتبدل في الحالة الحدية : يمكن لكل عنصر في اليومية أن يتحول إلى أعراض، ويطرح الموضوع الوبائي مسألة الواقعية غير الموجودة. لا سبيل لاستغراب ذلك : فهو الموضوع) يقوم بدور الصاهر لليومي، وينشئ حالة استثنائية.‏

    لكل وباء حياته اليومية، ومغامراته، وأبطاله.‏

    - تطور الموضوع وتحولاته :‏

    يمكن الحديث عن تصالبات موضوعاتية انظر في الفصل السادس، مسألة التداخل بين أسطورة وأخرى). وتظهر الرغبة لكتابة التحولات في اليومية. في هذه النقطة، المدينة الوبائية مضطربة، وتعرض صورة معكوسة عن ذاتها : رفض اليومية، والسياق الفظيع للوباء يبعث الصورة الكرنفالية المدينة القائمة على التلال في - الهوصار - والتصرفات غير الطبيعية في لندن دوفوي ). ولكن استحضار انقلاب القيم، وتغير السلوكيات لايمكنهما استبعاد النظرات الأخلاقية : ننتقل من المرض المفرط إلى الاعتبارات حول الألم، ومن التوازن المقطوع إلى اختبار الانقطاعات، والتأمل في المعيار وفاعليته ضمن مجتمع كان في صحة جيدة، والمسار المزدوج للمرض الوبائي في الجسد الاجتماعي المريض.‏

    يبقى تحديد الموضوعاتية الخاصة بكل نص واستغلالها، والاستخدام الشعري الخاص بكل نص، ومنطقه الشعري، ستستخدم هذه المعطيات في كل مرة كتحديد، وتفرد داخل تطورات للعناصر المشتركة : دراسة الزمن في ما هو جريدة يومية) عند دوفوي، وموضوعاتية لونية عند جيونو بياض الموت، والحر، الميل إلى البياض للقيء).‏

    انتقلنا من تاريخ الأفكار سريعاً إلى تساؤلات حول الطبيعة الشعرية، وأخيراً إلى قراءات عازلة آلية خيال معين.‏

    - بين الوثيقة والتخييل :‏

    يطرح الحوار بين الأدب وتاريخ الأفكار أمام الأدب، والمقارن بعض المشاكل حُدد قسم منها سابقاً انظر الفصل الرابع ).‏

    المشكلة الرئيسية هي مشكلة الدور المسند إلى النص الأدبي : وأحياناً مشكلة السجلات، والوثيقة. ما هو البعد المعطى، والمتروك للتخييل ؟‏

    تحل المشكلة أحياناً من خلال الطبيعة نفسها للنص المختار.‏

    ضمن إعلان قديم لجان فابر، ولكنه نموذجي، ومخصص للعالم الجديد كموضوع قبل - رومانسي من أندريه شينييه إلى ميكي ويكز )(4) كان الشعر المدروس فلسفياً ووصفياً غالباً، وكأن عصور الأنوار أثرت فيه. الحديث عن مثل هذا الموضوع، يعني الاغتراف بتوسع من كتابات متنوعة : " صانعو دعايات، وجغرافيون، واقتصاديون، وفلاسفة، كلهم يجب أن يستدعوا للشهادة "‏

    هناك رغبة كبيرة لتحويل الموضوع إلى فصل لتاريخ ثقافي ضخم : (5) عندئذ نلتزم بتاريخ الأفكار، ونتخلى عن البعد الشعري للنصوص المختارة لكي لا ننظر فيها إلا إلى مخططات فكرية. يمكن أيضاً إعادة تركيز مجال الدراسات وتحويله إلى دراسة في النموذج الأدبي، وحتى في الأسطورة، والصورية الثقافية : مثل رمز كريستوف كولومبوس.‏

    يتحدث جان فابرعن موضوع) كريستوف كولومبوس، بطل رمز، ورمز المغامرة الإنسانية، وبروميثيوس جديد، وفاوست آخر) ضمن آداب عديدة. هل هو نموذج أدبي، أم أسطورة، أم موضوع؟‏

    وأي كلمة تضاف عندما يفسر جان فابر العالم الجديد كتورية شعرية ؟‏

    لماذا ليس تفسيراً، وذريعة أو مجازاً؟ بالنسبة لكاتب مثل أليجوكار بنتييه الذي يقتصر عمله، المتأرجح بين شطي المحيط الأطلسي، على رمز صانع الحبكة كولومبوس الهارب والظل)، تعد الرواية أسطورة، وحكاية خرافية، وكل عمل، كتابي أو سياسي، ينتمي إلى المجاز يجب العمل مجازياً - هكذا يقول إنريك في نهاية - الرقص المقدس). لا يقوم هذا التكاثر للكلمات على غموض مصطلحي :‏

    إنه يشير إلى حلول متنوعة، وإلى قيم مختلفة لكتابة الموضوع، والموضوعاتية التي نستطيع أن نسميها أيضاً شعرية.‏

    - تاريخ أفكار، وعقيدة، ورؤية العالم :‏

    يبقى، مع ذلك، مشكلة أخيرة تثار من خلال الربط المربك بين الموضوع وتاريخ الأفكار الذي يزعج أنصار الأدب الخالص). مع بعض الموضوعات، يصبح الأدب العام والمقارن مكان تأملات تاريخية، واجتماعية، وثقافية أكثر منها شعرية. من أجل تجنب هذه العدوى سنطلق كلمة عقيدة) التي تحسس بروحها الحزبية، وحتى المحاربة، في حين أنها تذكر بالواقع الملازم لكل مجتمع. أو سنتحدث عن رؤية العالم) للعقيدة، وهي باب مفتوح على العقيدة استخدم لوكاتش المفهوم) أو على المثالية، وتاريخ الروح الإنسانية. في تتبعنا للطرق المثالية، لن نتردد في تبيان كيف أن الموضوع جزء مرتبط بروح العصر) الذي تتخفى وراءه موضوعاتية العصر). من المؤكد أنه كان هناك كثير من الأفكار) حول الموضوع، سواء تعلق الأمر بعقيدة أم بمثالية.‏

    هذا يعني نسيان أن روح العصر، التي، من المؤكد، أنها أدت إلى قراءات مثالية، كانت المفهوم المركزي عند الثوريين الألمان في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر هينينغ - ونيثامر) .‏

    يحدد المفهوم قوة لاتقهر يزيل تقدمها العوائق المؤسساتية.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 10:59 pm

    أعاد هيغيل أخذ المفهوم بهذا المعنى، ثم انتقد أي المفهوم) بوصفه شيئاً غير محدد، ومدمراً، قبل أن يستثمر في التعريف، داخل تاريخ الروح، وفي نظام قائم، وعقلية سكونية ومتماسكة يمكن التقاط حدودها ومضمونها. كل شيء إذن يعتمد على الاستعمال الذي ندعي فعله بالأفكار والكلمات. ربما تكون الموضوعاتية اللحظة التي يكتشف فيها الأدبي، دون نسيان أنه يدرس أشكالاً، أن الكلمات، بما فيها كلمات النص الأكثر أدبية، تذكّر بطريقة معقدة بأفكار وليس بوقائع. يظهر التوضيح الذي مر أن المقارن، الأديب يستطيع أن يفيد من تاريخ الأفكار من أجل .... التفكير ومنع الآخرين من أن يفكروا بدلاً عنه، في ماهو مفيد.‏

    الموضوعاتية والمقارنية الشعرية.‏

    هناك ملاحظة مدهشة في بداية كتاب - شعرية الفضاء (6)‏

    يشير غاستون باشلا إلى أنه سيقترح تحليلات للصور : اعتبر الفضاء شبكة موضوعاتية ضخمة. ومع ذلك، أهمل مشكلة تأليف القصيدة). أظهرت الموضوعات هنا كمنتجة للنصوص، دون أن يفكر بدراسة وضعها ضمن شكل. سيوجه هذا التشيع باحثين آخرين نحو الملف. في مقابل ذلك، سنذكر مشروع جان - بيير ريشارد شعر وعمق )(7) ، الذي يهدف إلى إيجاد القصد الأساسي لمؤلف معين ووصفه) :هنا نقد خلاق بالمعنى الشعري للتعبير وليس نقداً فلسفياً. بين هذين الطرفين، هناك مكان لإعداد القراءات التي تظهر الموضوع كوسيلة من وسائل العثور على طرق الإبداع. شدد ف. شاردان (Cool بفائدة على هذا التوجه عندما عارض فيه بين الموضوعاتية وجمالية التلقي، فأصبحت الموضوعاتية ثقلاً موازناً) لجمالية التلقي.‏

    أما بالنسبة لكتاب برونيل - بيشوا - روسو، فإنه يشير إلى أنه يوجد منهج موضوعاتي) (9) ، ولكن المقارن يمتلك مناهج) عدة لكي يقوم بدراسة موضوعاتية بصورة جيدة : مثل المنهج التاريخي، والمناهج المسماة بالبنيوية.‏

    - بين البنية والشكل.‏

    يمكن بسهولة نقل الزمن الثاني لدراسة الصورة انظر الفصل الرابع )، وهي لحظة بنيوية، إلى الدراسة الشعرية) لموضوع : كيف يعطي الموضوع شكلاً للنص، البنية. نسجل المساواة بين الشكل والبنية، ولهذا نرجع إلى جان روسيه ومقدمته للشكل والمعنى كورتي، 1962). ولكن يجب أيضاً فحص العلاقات التي يقيمها الموضوع مع مفهوم الجنس النوع)، الذي هو توسع شعري آخر.‏

    إذا أخذنا، من الكوميديا الإلهية، الموضوع، المتكرر، والبنيوي، للدائرة الجهنمية، فإننا نستطيع أن نرى كيف يخدم كموضوعاتية، وعنصر مشيّد لتسجيلات أخرى للفضاء. مثلاً الباب الخامس من كتاب - عنصر الأنوار - لأليجو كاربنتييه حيث يندمج موضوع غويان، وهو فضاء تشاؤمي، مع الموضوعاتية الجهنمية (10) .‏

    إن القوانين الثلاثة للفعل المقارني التي استخلصها بييربرونيل البروز، والمرونة، والإشعاع، انظر الفصل الأول) هي مبادئ أساسية لتوجيه قراءة موضوعاتية : سنتذكر، بصورة خاصة، القانون الثاني وعلاقاته مع التحليل البنيوي انظر أيضاً الفصل التالي). يسمح الموضوع، إذن بتتبع عمل) النص، وفي هذا المستوى، يمكن أن تسمى الدراسة، بحق، شعرية).‏

    أمام نصوص عدة مع وضع مقارني إجباري) كيف نمارس قراءة تبدو مصنوعة من قراءات متشابكة ومنفصلة؟ هذا يتطلب أن يستطيع نص إضاءة نص آخر، من خلال سلسلة من الانزلاقات المراقبة، وتشابهات مكتشفة ومستثمرة. بهذه الصورة، تبدو القراءة سماعاً للنصوص، الأكثر تفصيلاً وسعة في الوقت نفسه، إنها تشبه لعبة مرايا حيث ترتسم تعاقبياً المبادئ المنظمة، والمخططات المؤسسة، ومنطق الخيال الإبداعي وانحرافاته، وانزياحات العناصر وحساسيتها الزائدة، والدوافع الثانوية. قراءات متذبذبة ومتصالبة في الوقت نفسه حيث لا يمكن للمختص بهذا الأدب أو ذاك أن يتعرف ثانية على نصه، ومؤلفه. هنا يطرح سؤال :‏

    هل هناك معنى واحد، ووجه واحد خاص بالنص الأدبي؟ بوساطة هذا المنهج الذي استند على تحليلات البنيان، دُرس موضوع هاييتي من خلال ثلاثة نصوص: مملكة هذا العالم لأليجوكاربنتييه، ومأساة الملك كريستوف لأيمي سيزير، وجزر العاصفة لبيرنارد دادييه (11) لهذا، من الواضح أنه على المقارن أن يراقب، من خلال قراءات مسبقة أو متوازية، تمريناته، ويتأكد من فائدة مايعتقد اكتشافه، وما يظن أنه قدمه. هذه القراءات هي دائماً قراءات ثانية. ولكن من الذي قال إنه لافائدة من إعادة القراءة؟ من المؤكد، مع ذلك، أنه عليه أن يتجنب خطراً مزدوجاً : فإما أن يكرر بديهيات على هذا، لماذا طرح نصوص أخرى ؟)، أو أن يصل إلى نتائج تعسفية، وأصالات غير مفيدة، ومغلوطة في مبدئها نفسه. ولكن القراءة النقدية تكون دائماً جديدة، عندما تدار بصورة جيدة.‏

    - مسارات موضوعاتية جديدة :‏

    يجب الاعتراف أن الجدة تتأتى أيضاً من الاختيار البصير للموضوع، أي إما من زوايا مهاجمة النصوص، وإما من الإمكانيات الجديدة في التجميع. في الحالة الأولى، يتعلق الأمر غالباً بقراءة تهتم بنص. نتذكر البداية المذهلة لدراسة جان بييرريشارد حول فلوبير (12) : " يؤكل كثيراً في روايات فلوبير ". أو أيضاً الأثر) المدهش، الموضوع والأسطورة الشخصية التي يستخلصها ميشيل ريفاتير من قراءة مذكرات ماوراء القبر) (13)‏

    في الحالة الثانية، تبدو الإمكانيات المتاحة أمام المقارن غير محددة : عليه أن يفرض صحة تجميعه. ولأن احتمال نص واحد أو كاتب مستبعد من الآن فصاعداً، فإننا سننطلق إذن، من الإمكانية المزدوجة )(14) ، وسننتقل عبر النموذج المشترك إلى موضوعاتية العصر(15) ، أو عبر النموذج الذي يتحول إلى مادة رومانسية (16) ، من أجل الوصول إلى موضوعاتية قريبة من تاريخ الأفكار(17) . إن ابتكار موضوع تحت شكل جديد وصياغته، وقدرته على التوليف بين إشكاليات ذات طبيعات مختلفة تاريخية، وجمالية، واجتماعية، وتحليلية نفسية .... إلخ)، ذلك كله يبقى المعيار لكل دراسة موضوعاتية جيدة وقوية في الأدب العام والمقارن.‏

    - الجبل :‏

    الدراسة قديمة، ولكنها تبقى نموذجية. أظهرت السويسرية كلير - إليان إنجيل في كتابها - الأدب الألبي نسبة إلى جبال الألب) في فرنسا وانكلترا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر (18) ، بروز موضوع في أدبين، والكتابة التدريجية عن عنصر حقيقي) والذي لم يكن له وضع أدبي قبل النصف الثاني من القرن الثامن عشر، بذلك يكشف الموضوع حالة من الحساسية الأوربية عشية عصر الأنوار. ونجد مساراً موازياً في التاريخ وتاريخ الأفكار، والعقليات(19)‏

    - النموذج والموضوع :‏

    يدمج لابيا تولومي (20) ، الموضوع والنموذج الأدبي، ويظهر حالة حدية تقريباً للموضَعة تحويل إلى موضوع)، الأدبية، وأيضاً الرسمية والموسيقية.‏

    يقال إن السمة الوهمية للشخصية وصراخه من الألم خدما كمحرض لخيال الشعراء، والفنانين، والموسيقيين، ستاندال، مع مقطع من - الحب -، دونيزيتي، كارلومارينكو، مسرحي إيطالي، الشاعر المكسيكي غوتيريز ناجيرا، دانوزيو، سواريس، باريس، أنا تول فرانس، ألدوس هو كسلي، غوستاف دوري، دانت - غابرييل روستي، والمسرحية القصيرة - حوار في المستنقع لمارغريت يورسينار.‏

    عندما يسمح وجود نص كامل قصيدة - مسرحية) بالتحليل الشعري، يجب أن يجعل تواتر الإشارات والمقاطع المقارن حذراً، ويوجهه نحو تاريخ الحساسيات، لحظة من الخيال الأوربي بصورة أساسية، ونحو فحص علم الجمال، الانحطاطي هنا.‏

    الموضوع، والجنس، أو الجنيس :‏

    يمكن أخذ حالة التطور لموضوعاتية بحرية ملازمة لولادة رواية بحرية)، بدءاً من العصر الرومانسي دوما، ميريميه، جول، فيرن، ستيفنسون، ميلفيل) هذا يعني إذن سيناريوات) جديدة لأن المغامرات البحرية، وغرق السفن، والقرصان كثروا قبلاً ضمن الرواية اليونانية، وضمن الحوليات أو القصائد الملحمية في انكلترا أو في الجزيرة الإيبيرية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.‏

    في حالات أخرى الشعور السوداوي عند بروست، وث. مان، وإيتالو سفيفو، وروبير موزيل )، يلائم الموضوع نفسه مع أشكال روائية مختلفة، ويمكن أن أيضاً من وجهة نظر اجتماعية أزمة قيم) وكذلك من وجهة نظر شعرية وفلسفية : وهذا مافعله فيليب شاردان(21)‏

    - المدينة : موضوعاً وكتابة :‏

    غذى الموضوع برامج وندوات متعددة (22) ولكن تنظيم اختيار النصوص وثائق ظاهرة)، واستراتيجيات القراءة، يمكنه دائماً أن يثير إضاءات جديدة. سنعطي ثلاثة أمثلة إذا لم تكن تستعمل منهجية فإنها على الأقل تستعمل مبادئ مختلفة للقراءة.‏

    يقابل أنطونيلا ليونسيني بارتولي بين أربعة نصوص في كتابه الجولان في روما القديمة )(23) ، وهذه النصوص هي : مدام جيرفيزي، 1869) للأخوين غونكورت، وطفل الشهوة 1889)، لـ غ. دانوزيو، والأممي 1894) لبول بورجيه، والحياة في روما 1910 )لفيرنون لي اسم مستعار لفيولي باجي ).‏

    تقدم الأعمال موضوعاتية مشتركة : فيها ذوق أرستقراطي، وحساسية قوية نحو جمالية الخراب، والافتتان بالقوة الروحية للفن.‏

    ولكن، قبلاً، يمكن الإشارة إلى أن فيرنون لي وحده أراد إخماد هذا الافتتان وتحويله إلى موضوع جمالي، ضمن نص لايعد عملاً خيالياً ولكنه ملاحظات متفرقة. إن ذلك كله مسار يرتسم بدءاً من استخدام موضوعاتية الانحطاط عند غونكورت وحتى فكرة البعث عند فيرنون - غالباً ما تكون روما زخرفة وإطارا باروكياً، وكذلك مشهداً عقلياً وداخلياً، وفضاء مؤنثاً إلا عند فيرنون لي. هناك اختلافات في الكتابة يجب الإشارة إليها بوضوح : أصبحت روما، مع بورجيه، المكان لرواية قضية (24) ، تسمح للبطل بالانتقال من الافتتان المضني إلى الالتزام. وفي ضوء أعمال ماريو براز، تم الوصول إلى توضيح مفهوم الانحطاط) نستخلص من الندوة المخصصة لباريس وظاهرة العواصم الأدبية التي ذكرت سابقاً في الفصل الثاني)، الإعلان القصير والكثيف لروس شامبير الذي أعطى عبر كوميديا القصر )(25) مثالاً جيداً عن الاتفاق بين الموضوع وصول الكوميديين إلى القصر) والشكل المسرح ضمن المسرح) هنا يأخذ يوليس لجيمس جويس، وزازي في الميترو لريمون كينو، لكي يقترح قراءة تناصية أي متصالبة)، مكرسة لاستخراج نوع من الموضوعاتية لوظيفة تأملية ذاتية). يتعلق الأمر، بدقة أكثر، بزيارة المدينة حيث يظهر اشتراك ملح إلى حد ما بين دافع الإغراء ودافع الفوضى) منذ بودلير، يفكر بالمدينة بصورة مزدوجة فهي مكان الفوضى، والتبعثر يستبعد كل إمكانية للجمع، وهي مكان التقاء. انظر، عابرة) يسمح هذا المعطى المزدوج بجمع نصين مختلفين بشدة حيث تقرأ كتابة متموسقة، ومتعددة الأصوات، ويسمح أيضاً برؤية كيف يموضع) كينو المعطى المزدوج إغراء الفوضى)، عن طريق العودة إلى مصادر إغرائية) لسردية تقليدية، في حين أن جويس كان يبحث عن استخدام هذا المعطى في الكتابة. من هنا تأتي فكرة أن النصين يجيبان على التمييز الذي قام به رولان بارت في كتابة س / ز (26) بين نص قابل للقراءة) ونص قابل للكتابة) في لقاء آخر مع موضوع المدينة (27) جمع كاميل دومولييه الرواية الحديثة والمعاصرة مع المدينة الحديثة التي لا يمكن للفضاء فيها أبداً أن يمسك في شموليته، ولكن عبر انقطاعات زمنية، وتباينات فضائية :‏

    ملصقات، و مونتاجات) تساعد على خلق شك في موضوع التعبير والانقطاعات داخل وحدة الشعور والواقع، والتي تتوافق مع انقطاعات سردية تجعل كل استمرارية للمسرود مستحيلة.‏

    يضاف إلى ذلك استثمار الصور الاستيهامية مثل المتاهة، بابل أو بابيلون، وخلق فضاء حواري، متعدد اللغة، والصوت المتميز للمدينة الحديثة التي تحولت إلى فضاء روائي. عنصر مفيد بالنسبة لفصل قادم انظر الفصل السابع) : الموضوع شكل من النموذج المحرض) للنص : نموذج وصفي، وسردي بحسب الحالة هذا ما نسميه سيناريو).‏

    إنه دائماً موقف وصفي، ومعطى المادة) مع إمكانية سردية إلى حد ما. إن تتبع هذه الإمكانيات السردية المختلفة، يعني أيضاً ضمن التعاقب أوالتزامن، ملاحظة كيفية وجود موضوع في حياة مجتمع وجماعة، وعصر، وكاتب.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:01 pm

    - الموضوعاتية والخيال‏

    لن نُفاجأ بالعثور أيضاً في هذا المستوى على شاغل كلي الوجود : هوالمؤرخ انظر سابقاً تطور العقيدة والخيال).‏

    - خيال المؤرخين :‏

    يجب القول إن هذا المستوى الثالث) كما يسميه المؤرخون، هو مستوى العقليات والحساسيات. لم يعد المستوى الأول الزمن القصير) مستوى السياسي والحدث، ولا الثاني للزمن المتوسط مستوى الدورة، والاتجاه، والمصادفة، والذي يعيد إلى المستوى الاقتصادي، ولكنه الزمن الطويل، الحقبة الطويلة الأثيرة عند فيرناند بروديل (28) سيستحوذ المؤرخ على موضوع، ومعطى، وموقف إنساني ليصنع تاريخ البشر : كليو الهابطة إلى أرض البشر، هذا هو المسار المؤسس للتاريخ الجديد. مسار سنرى إلى أي حد ابتعد عن المعطيات الاجتماعية حصراً، والاقتصادية التي كان يمكنها أن تكون لتحليلات عقائدية. من الواضح أن هناك صلات متعددة بين التاريخ الجديد ورواج خيال معين أصبح مجال بحث مفضل، ومفهوماً متعدد المعاني، ويمكن القول إنه استكشافي بسهولة. هناك أيضاً، عند المؤرخين الافتتان بالتركيبات الواسعة التي نسيها الأدب. تركيبات موضوعاتية مثل الموت الذي درسه جان ديلومو.‏

    - الأدب والحساسية :‏

    بالنسبة للمؤرخ، كل شيء قابل لأن يصبح موضوعاتياً. أصدر آلان كوربان، أحد أساتذة هذا التاريخ الجديد، دراسة حول الأجراس على الأرض، مشهد رنان وثقافة حساسة في الأرياف في القرن التاسع عشر، ألبان ميشيل، 1994. هل كان يستحق هذا الموضوع مساراً مقارنياً؟ كان المأسوف عليه إروان كوبين قد فكر بذلك منذ عام 1971، ضمن مقالة بقيت خصوصية وعنوانها : الأجراس المحزنة (29) ، مع عنوان فرعي إيضاحي : " تغيرات دافع في الأدب الأوربي " تكشف الدراسة عن فهرس جيد حول الدافع، أوالموضوع، أو الرمز المتعلق بالجرس في الأدب. نجد في هذا الفهرس شيلر، وأو هلاند، وكونراد - فيرديناندماير، وبودلير، وإدغار آلان بو، وفيكتور هوغو ونوتردام باريس، وديكنز، وبوشكين.‏

    فجأة ظهرت المقالة ضيقة جداً بالنسبة للأجراس، حتى المحزنة.‏

    ما الذي يجب فعله بهذه الأسماء الكبيرة لأن موضوعاتية هذا الجنس لا تقتصر حتماً على مبتدئين)؟‏

    يجب الارتقاء بعزم فوق كل عمل لاستخلاص بعض التكرارات للدراسة، وسمات دائمة متواجدة مع روايات مختلفة تقوم على رهانات شعرية مختلفة، ومتعلقة بدافع ذي أصداء دينية، وبرؤى مختلفة للعالم.‏

    تفيد الكتابة هنا وفي أي مكان آخر في التجاوز المعبر للواقع، ويذكر كوبين بصورة مناسبة فكرة هاري ليفان خلال حديثه في مؤتمر الرابطة الدولية للأدب المقارن بلغراد، 1967) عن ميزة الواقعية في محاربة التقاليد). هكذا خدمت الأجراس هنا في التغلب على استذكار مجموعة من التأملات الجمالية، في حين أنها اتجهت مع آلان كوربان نحو تاريخ الديانة والمواقف أمام شعائر الحياة.‏

    - الخيال والمجتمع :‏

    أراد آلان كوربان في دراسة سابقة (30) أن يتأمل بعض أوجه المنظر ودوافعه، على حد الأرض والبحر، وهذا خيار لم يكن ينكره مقارن باسم الموضوعاتية أو العلاقات بين الأدب والفنون.‏

    وهذه هي خاتمة هذه الدراسة التي تهمنا مع بعض التنبيهات أن على المقارن أن يسمع. أمام هذه الصور الدائمة، وفي مواجهة الزمن الطويل، يحدد كوربان : " أن الأمر لايتعلق بالانضمام إلى الإيمان ببنيات انتروبولوجية للخيال لاتتغير مع الزمن. المنظر مرسل لصور تسهل الانتقال من الوعي إلى اللاوعي، وتقدم خطة التحليل رموزاً تقاوم فوقها الحساسية، ولكن العمليات تتم، برأيي، وفق آليات يمكن تأريخها "‏

    رأينا في المقطع انتقاداً موجهاً إلى جيلبير - دوراند. لقد قيل كل شيء في بضعة سطور : لهذا تحدثنا، منذ الفصل السابق، عن الخيال الاجتماعي، يمكن التعرف عليه في زمن وثقافة معينين.‏

    إن سمة العناصر القابلة للتأريخ مثل الموضوعات) تهم الدراسات التعاقبية حيث تظهر حقب الاستغلال دون تجديد، ومراحل تطور خيال. الموضوعات هي وسائل لتحديد التاريخ الأدبي وتمييزه، مثل الترجمات أو الصور انظر الفكرة التي عبر عنها سابقاً جورج بوليه). بذلك تقدم دراسة الموضوعات للمقارن أعمالاً عديدة، ومحددة : مثل التعرف على العلاقات المحتملة بين النصوص والسياق الاجتماعي، وتتبع استراتيجيات استدلالية، والتقاط أصداء روحية، واكتشاف أن دراسة الأدب تستطيع، مثل التاريخ، أن تكشف عن أبعاد عاطفية وحساسة.‏

    يقترب الموضوع حيناً مما يمكن تسميته بالمتخيل، والأسطورة، وحيناً آخر يدفع المقارن إلى فهم المنطق التخيلي : كلمات لفاليري في كتابه مقدمة في منهج ليوناردو فينشي) 1894).‏

    وفي الحالتين، يحرص هذا الأخير على عدم نسيان المنظور التاريخي، الذي سيسمح له، في مكان آخر، بحصر كل ما هو موضوع كامل)، ويعاد أخذه، ويتأدب تحدثنا في الفصل السابق عن عناصر مأخوذة ضمن تطور اجتماعي)، وما هو موضوع شخصي، يمكن أن يصل إلى الموضوع الهاجسي أو إلى أسطورة شخصية بالمعنى الذي استخدمه شارل مورون). أشير إلى هذه الطرق بوضوح في نهاية الفصل الذي خصصه برونيل، وبيشوا، وروسو لهذه المسألة. في المقابل، يبدو من غير الممكن، والبعيد عن التفكير إعادة أخذ فكرة موضوعاتية أبدية)، حتى وإن تعلق الأمر بموضوعات قديمة جداً.‏

    القديم الجمعي، أو الحقبة الطويلة ليسا مبدئياً ماوراء التاريخي الأبدي. ويمكن القول إن الموضوعاتية تشجع على مقارنة الموضوعات القديمة والموضوعات الحالية التي نقلتها لنا الحياة الحديثة. من بين الدراسات الموضوعاتية الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكننا أن نذكر دراسة الاستعباد النسائي) من روسو إلى زولا (31) مظهرة الاستغلال الدائم للجسد الأنثوي في المجتمات والآداب الأوروبية الغربية خاصة الفرنسية). المثال الثاني الذي سجل في موروث أكثر من عشرين سنة هو : الأدب والغذاء (32) .‏

    دُرست فيه التصرفات الشاذة للآكلين، وفقد الشهوة إلى الطعام، والشراهة التي تقود إلى موضوعاتية ملحة للبدانة فيما يبدو) أما فيما يتعلق بالآكلين الشاذين، فإننا نجدهم عند هويسمان، ث. مان والوجبات التي لا تنتهي في Buddenbrook ).‏

    يمكن الربط بين الموضوعين الحاملين : موضوع المرأة و موضوع التغذية أو دراسة الآكلات الشاذات الثلاث : مدام دومورتسوف في الزنبق في الوادي)، وإيما بوفاري، المتخفية عن الأنظار، وجيرفيز. وكشاهد على المثال المضاد أو الموضوع المضاد يمكن ذكر أعمال المؤرخة الأمريكية كارولين بينوم الموجهة نحوالربط القوي مفهوم مقارني) بين فقدان الشهوة إلى الطعام وبين الروحانية النسائية في العصور الوسطى (33) .‏

    ويمكن أن نذكر أيضاً الندوة الغنية جداً التي نظمت في ديجون حول موضوع لاينضب : خيال الخمر، مرسيليا، جان لافيت، 1983.‏

    من المؤكد أن الموضوعاتية تفتح على منظورات لا محدودة : يستطيع المقارن دائماً أن يحاول رفع وتد الغطاء الذي يغطي، حسب رأيه، مشكلة معقدة. يمكنه اختيار موضوع غير مدروس كثيراً، لكنه يعده مفيداً من خلال المنظورات التي يقدمها، ويستطيع أن يختار نصوصاً معروفة يريد رؤيتها ثانية، أوغير معروفة كثيراً من أجل توضيح دراسة الموضوع، ويستطيع أخيراً أن يعتمد على تجميعات يقدمها واضحة ومدهشة في الوقت نفسه.‏

    وعليه أخيراً الاختيار بين موضوعين : طريق يجب توضيحه أو درب مطروق، وللثاني أفضلية واضحة في إثارة قليل من الغبار، أو ذر الرماد في العيون.‏

    (1) انظر بداية مسرحية سوفوكليس - أوديب ملكاً - وانظر أيضاً العهد القديم والجديد، L uc ، XXI ، مثلاً‏

    (2) انظر أيضاً الرأي العام وتطوره في مانوسك لجيونو.‏

    (3) مجموعة عناصر متجانسة من الميسور الانتقال باستمرار من واحد إلى آخر فيها.‏

    (4) الرابطة الدولية للأدب المقارن، شابيل هيل، 1958.‏

    (5) انظر الكتاب الجميل لأنتونيلو جيري La dispota del Nuovo mondo storia di una polemica ، ميلانو، 1955، حول وضع أمريكا ضمن منظومات فكر الأوربيين وخيالهم .‏

    (6) p.u.f، كادريج‏

    (7) سوي، 1955‏

    (Cool البحث في LGS ، الكتاب الابيض‏

    (9) الباث لميشليه من خلال ذاته، جان - بيير ريشارد‏

    (10) خمس عشرة دراسة حول Elsiglo de las fuces هارماتان، ريسيف، 1983‏

    (11) انظر صور هايتي وأساطير، طبعة، ريسيف، 1948‏

    (12) أدب وإثارة، سوي، 1954‏

    (13) إنتاج النص، سوي، 1979‏

    (14) انظر جوليان هيرفييه، فردان ضد التاريخ : بيير دريو لاروشيل، إرنست جونجر، كلانكسيك، 1978‏

    (15) جان بالاسيو، بيير ونهاية القرن، سيغوييه، 1990.‏

    (16) إليزابيت رافو - رالو، صور المراهقة في بعض حكايات القرن العشرين، كورتي، 1989، أو ف شاردان، الحب داخل الكره أوالغيرة ضمن الأدب الحديث، جنيف، دروز، 1990.‏

    (17) ميشيل ديلون، فكرة الطاقة عند منعطف الأنوار، P.U.F ، 1988 أو غوتيل بونو، الجنون في الأدب الخيالي CNRS، 1987.‏

    (18) شامبيري، 1930‏

    (19) فيليب جوتارد، طبعة ابتكار الجبل الأبيض، غاليمار - جوليارد، أرشيف، 1986.‏

    (20) Purgatoire ، النشيد الخامس.‏

    (21) رواية الشعور السوداوي، جنيف، دروز، 1983.‏

    (22) انظر مثلاً : مرايا المدينة، تصورات وإسقاطات، Ens ، القديس - كلود، ديدييه، 1985، أو خيال المدينة، إيدولون، جامعة بوردو الثالثة، 1986‏

    (23) أنكونا، طبعة نوف ريسيرش، كابري كورنيو، 1993‏

    (24) الرواية القضية هي رواية يقصد بها التدليل على صحة نظرية.‏

    (25) كورتي، 1967.‏

    (26) S/ Z ، سوي، 1970‏

    (27) المدينة الحديثة في الآداب الحديثة، جامعة نانتير، 1993‏

    (28) كتابات في التاريخ، شامب - فلاماريون‏

    (29) Archiv fiir das studium der neueren sprachen und literaturen , 1971‏

    (30) أرض الفراغ، الحادث ورغبة الساحل، شامب - فلاماريون، 1988.‏

    (31) كارول، أ. موسمان، السياسيون وروايات الميلاد، كامبردج، 1993‏

    (32) ليليان فورست، طبعة ديزور دلي ايتر، بنسلفاينا، 1992‏

    (33) الصيام والمآدب المقدسة، سيرف، 1994‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:02 pm

    - الأشكال والأجناس

    عرض كتاب بيشوا - روسو مسائل المورفولوجيا الأدبية) بعد عرض الدراسة الموضوعاتية )، وأعيد أخذ هذا التوجه في كتاب عام 1983(1) الذي اختفى فيه، مع ذلك، العنوان الرئيسي البنيوية الأدبية). يمكن أن نستغرب السرعة التي عولجت فيها مسألة الأشكال، ولكن الاستغراب يزول عندما نتذكر أننا قرأنا في الفصل المخصص للتاريخ الأدبي العام) عرضاً للأجناس الأدبية التي تندمج تحت منظور دراسة تاريخية موسعة : حيث تعرض مشاكل الأسلوب، والحقبنة، والأجيال. مع ذلك، أدير التفكير حول الأجناس ضمن منظور شعري. بشهادة هذه الكلمات في المقدمة : " إن الوجود التعاقبي - التاريخي - للأجناس الأدبية هو الدليل الساطع على تقليد يفرض نفسه على المؤلفين. يحصل أحياناً أن يبدع العمل شكله، ويحصل غالباً، أو على الأقل كان قد حصل، أن ينزلق العمل ضمن شكل يكون موروثاً من الماضي القديم [ ....]. " كانت فكرة الشكل) حاضرة، إلى حد أن الملحمة، والقصيدة الغنائية، والمأساة، والملهاة كانت تقارن ببراميل حقيقية من فراشات الليل الأوربية التي تملأ في كل مرة بسائل مختلف). ولكن يشار، في الحال، إلى أن " البراميل يتغير شكلها تحت تأثير المواد التي نسكبها فيها " وكأن هذا من أجل تأييد هنري فوسيلون أوجان روسيه ربما من المناسب، عندئذ، الحديث ليس عن براميل) ولكن عن هذه القرب القديمة وعن هذا النبيذ الجديد اللواتي حكم العهد الجديد بتعارضها بصورة نهائية، وقد يكون من المناسب خاصة حل بعض المسائل المصطلحية التي تقارن بغرابة بالمسائل التي تقاطعت سابقاً.‏

    - مسائل المصطلح :‏

    يمكن أن تستخدم كلمة شكل) لكي تعيّن عنصراً يؤدي إلى التنظيم الداخلي للنص المدروس أو يسمح بدراسات ماوراء نصية ذات طبيعة تاريخية أو شعرية مثل حياة الأشكال الأدبية. وتسمح الكلمة بالتجريد الأكبر، والتعميم في دراسة المورفولوجيا). علاوة على ذلك، عند الاستخدام، وبالرجوع إلى دراسات الأدب العام والمقارن أو إلى أعمال أكثر اختصاصية في الشعرية، يبدو أن الجنس ليس إلا وجهاً خاصاً للشكل. وتستدعي كلمة الشكل عناصر تعريف خاصة : هي السمات الجنسية، وتثير امتدادات : سنتحدث عن طبقات جنسية) لايمكنها أن تندمج مع مفهوم الجنس يتجاوز الشعري والتراجيديا الشعر والمسرح). أخيراً، لايمكن التفكير بالجنس خارج السلسلة أو المجموعة التي نسميها منظومة) الأجناس، في أدب وعصر معينين يمكننا أن نتمرد ضد المقاربات الأولى هذه ونقرر أن الشكل يحيل إلى إجراءات تنظم الكتابة وتحددها، وتكون مُقنّنة، وثابتة مثل تقاليد النظم، والمجموعات المقطعية الشعرية والعروضية، والتقسيم إلى فصول ... ولكن يجب القبول مباشرة أنه في حالة السونيتة (2) الحدود بين الجنس والشكل غير واضحة المعالم كثيراً، ونجد الجنس، أوبصورة أصح الجنيس فئة مستخدمة كثيراً في الواقع) مع السونيتة الغزلية أو السونيتة الساخرة، والهجائية، إلخ. وإذا كان بعضهم يفضل الحديث، حول هذه النقطة، عن نماذج وفي الانكليزية Modes) فإن الهجاء، والمجاز، والمحاكاة الساخرة، والهزأة نماذج بنية شاملة لنص وتؤكد على الميزة الجزئية للنص المدروس (3) . سنتحدث عندئذ عن طبقة جمالية _ أديبة) أو عن نغمة انفعالية) (4) ، أو عن نغمة مسيطرة )(5) ، وهذا يتطلب، في الحالات كلها، شكلاً أو أشكالاً عدة يستطيع المقارن أن يجمعها بدلاً من أن يحاول تضيفها.‏

    يمكن أيضاً تأييد أن الانتقال من الشكل إلى الجنس ظاهرة تاريخية : يصبح الشكل) سونيتة أو الشكل) حوار جنسين في عصر النهضة(6) عندما ينزع الشكل لأن يتطابق مع النص في كليته، يمكن القول إن الشكل ينزع لأن يصبح جنساً.‏

    يدخل الموضوع ثالثاً في الجدال بين الشكل والجنس. مثلما يظهر دومينيك كومب ضمن توضيح تركيبي قيّم (7) ، فإن مفهوم الجنس) تقاطع لمعايير موضوعاتية) مثل موضوع العمل المقصود، ومعايير شكلية) لغوية، وأسلوبية، وطرق التعبير، والشكل المنظوم أم لا، والبنية). ولكن كما أن، المادة التي تدرس، لفظية تعرف الفنون غير اللفظية أيضاً التضيف ضمن أجناس )، فإنه من المستحيل مواجهة فحص المعايير الشكلية الخالصة) : سيكون هناك دائماً مزيج) من المسائل الدلالية والشكلية. فضلاً عن ذلك، فإن مشكلة الهوية الجنسية) لنص هل هو رواية مغامرات أو رواية نفسية؟ أو كوميديا أو تراجي - كوميديا ؟) تختفي في الحالة التي يتفوق فيها النص الأدبي على الجنس المحدد هل البحث رواية ؟).‏

    - الجنس والنموذج :‏

    ينزع البعد الشعري لنص ما إذن إلى إزالة الجنسانية ونفيها، هذه الجنسانية التي يبدو أن النص يحييها. على العكس من ذلك، يستطيع نص أن يستعير من نص آخر عناصر جنسية، وبالتأكيد، موضوعاتية. نعلم أن هذا الشكل من الاستعارة) يفيد المقارنين في المقام الأول (Cool . يمكننا أن نطلق اسم النموذج) على النص الذي يقدم إمكانية لاستعارات عناصر شكلية وموضوعاتية وتقليدها واقتباسها. يبدو وأن مفهوم النموذج) إذن يقودنا نحو تطورات التبادلات، ولكن هنا أيضاً يمكن أن نستخدم الكلمة عندما نفحص التشكل الداخلي لنص مسألة في الشعرية ). النموذج، مثل الموضوع أو الأسطورة، تناص، وما وراء نصي في الوقت نفسه. مما لا شك فيه أن هذه الميزة المزدوجة هي التي تصنع من النموذج عنصراً يتجاوز حدود النص، ومفهوماً مناسباً مع ذلك، يستخدمه المقارنون بإرادة. يظهر تاريخ العلاقات الأدبية أنه يمكن للنص أن يصبح نموذجاً) مثل الكوميديا الإلهية )، وضمن هذه الحالة، تصبح صورة الكاتب نموذجاً). لا يمكن لنص أن يكوّن جنساً : إن سلسلة معينة هي التي تعطي وجوداً للجنس في تاريخ تطور أدبي كما في التاريخ الأدبي) وتستطيع السلسلة أيضاً أن تصبح نموذجاً) : سنتحدث، بهذا المعنى، عن نموذج مولييري، أو زولي نسبة إلى زولا )، انطلاقاً من عدد من النصوص التي تتعدد وفق مخططات خاصة، أوالتي تسمح بالتقليد، وإعادة الإنتاج. كل نص يجيب عن أشكال متعددة ويخضع لها، يشكل جزءاً من سلسلة تسمى جنساً، إلا إذا كان مثالاً أو نموذجاً. إن دراسة حالة محددة ستوضح هذه المفهومات.‏

    - الشكل المثال والنموذج:‏

    في المؤتمر الثاني للرابطة الدولية للأدب المقارن شابيل هيل، 1958) طرح مارسيل باتايون في بضع صفحات رائعة المشكلة المحددة والنظرية للشكل) بخصوص عمل عظيم لايخضع للتصنيف من الأدب الإسباني : هو Celestina) 1499) لفيرناندو روجاس.‏

    ويحدد مباشرة أنه سيأخذ كلمة الشكل) ضمن المعنى التالي : "العمل بوصفه مثالاً عن جنس مقيّد ". فالشكل هنا إذن خاضع لغاية أو على الأقل لقصد) يوجه البنية) أو البنية الدقيقة )، وهو يختلط أحياناً بالأسلوب أو المعمارية العامة).‏

    يسمح مفهوم الشكل) إذن بالذهاب إلى أقرب ما يمكن من تشكل نص متميز وأول).‏

    هذه المسرحية الغريبة ليست رواية، ولا رائدة للشكل الروائي، ولا مأساة شكسبيرية قبل الأدب، ولا شكلاً مبكراً للرواية البيكارسكية بسبب الأم القوادة سيليستينا )، وجددت بجرأة، وبلغة دارجة، الكوميديا الإنسانية في اللغة اللاتينية. وهي غير قابلة للتمثيل. لأنها صممت من أجل متعة القراءة بصوت مرتفع) انطلاقاً من تحليل النص الأول، يمكن فحص النسخ والإضافات اللاحقة. وعليه لايمكن أن يفصل التحليل الواضح للمادة، عن تحليل طرق التعبير .وتركيبهما وحده يحدد الجنس السيليسيتني ).‏

    ويعرف مارسيل باتايون هذا الجنس وفق نموذج داخلي) بمكونين اثنين نتذكر عمل جان روسيه حول أسطورة دونجوان) : ولد زوج من العشاق، ولعبة محترفي الدعارة، والقوادة.‏

    ما الذي نقص هذا أم ذاك من المكونين )، وطور في جنس آخر، ونغمة أخرى، سواء كان نوعاً من الكوميديا نسيان المكوّن الأول )، أم ضمن فعل نثري مثل La Dorotea للوب دوفيغا عبر الخضوع للمكوّن الثاني). انطلاقاً من هذا المثال الشاذ خلص مارسيل باتايون إلى ضرورة دراسة الأشكال كضرورة للأدب العام). ولكنه يسجل أيضاً أن الجنس السيليستيني قلما كان له امتدادات خارج إسبانيا. هذه الملاحظة التي أرعبت المقارنين المتزمتين والصلبين مع ماذا ستقارنون هذا النص ؟) سمحت، بالعكس، لهذا الأستاذ المقارن باقتراح برنامج صغير للأدب العام والمقارن : استجواب الاقتباسات ومقدماتها، وسبر مجال الأشكال المتقاربه، والتفكير باتجاه التراجي - كوميديا )، وأخيراً مراجعة الموروث الوطني) والتساؤل عما إذا لم يكن هناك دعوة للاستقبال بالنسبة لبعض الأشكال الأدبية، أو بالعكس للرفض بالنسبة لأشكال أخرى. نقر أيضاً أن الشكل المقصود قلما سمح بتكوين جنس، ولكنه كان من نوع الجنس الذي جدده.‏

    لم يكن هناك نموذج) سيليستيني، ونكبة تعوضها ثروة النمط لسيليسيتنا، رمز بديل للأم القوّادة. إخفاق تاريخي وشعري، ولكنه نصر للشكل المتفرد عمل وحيد دون خلف)، ونصر حقيقي على المستوى الخيالي ومشكوك فيه على المستوى الأخلاقي ...) : ربما يكونون مجددين، ولكنهم ليسوا مبتدئين. أليس التجديد، بالنسبة لماريفو هذا " الكلام المصطنع "، وشكلاً من الدعابة، ودون شك، شكلاً من الروح والحساسية، وأكثر من ذلك أيضاً، بحسب التعريف الموفق لديلوفر، معنى جديداً للحوار الذي لم يحلم أحد قبله بجعله ...) عنصراً مستقلاً). سيصبح الإصلاح) بالنسبة لغولدوني وليسينغ المفهوم الأساسي الذي يلخص مشروعهم. مع ذلك، وكما أظهر في دراسة مقارنة (9) ، إذا كانت إرادة التجديد عند ليسينغ تحمل بصحة ماريفو، وإذا توصل إلى الأصالة بفضل نموذج أجنبي، يمكن شرعاً التساؤل عن المدى التجديدي لهذه الأشكال الجديدة. هل كانت الحقبة التي تغطيها المسرحيات، وهي إجمالاً منتصف القرن، حقبة تجديد حقيقة؟ ألم تنزع التواريخ الأدبية إلى تفضيل القسم الثاني من القرن، وظهور المأساة البرجوازية)؟ من المناسب إذن دراسة المسرحيات داخل إطار مرن ونظري في الوقت نفسه من أجل احترام كل مسرحية، وكذلك من أجل الوصول إلى منظورات للتركيب. لايمكن لهذه المنظورات أن تظهر بوضوح إلا في نهاية الدراسة. ولكنها تستطيع أيضاً أن تبرز كفرضيات يجب التحقق منها أي إشكالية المسألة )، انطلاقاً من تفكير عام) حول البعد التجديدي) لمثل هذا المسرح. من هنا يأتي التحليل المقارن الذي يتبع النقاط التالية : التقليد والتجديد، استخدامات وأدوار : من الشخصية إلى الشخص، والشكل الهزلي والهزل.‏

    - التقليد والتجديد :‏

    يجب وضع هذه المسرحيات بين هذا الرهان المزدوج، ودراسة نماذج العمل في المسرحيات تقليد موليير، وتأثير المسرحيات الإنكليزية العاطفية). تجرى هذه الدراسة من خلال قراءات نقدية، وفهرسة إضافية، ومن خلال إعادة فحص المسرحيات في الوقت نفسه. سندرس أيضاً فعل الفضاء والزمان ومشاكلهما، خاصة ضغط الأحداث الداخلية وقيمتها، وهي غير موجودة تقريباً عند ماريفو، من هنا يأتي عدم عمل يغني الواقع ويعدله، ويطبعه بطابعه، وشكله، وخياله ضمن فضاء اجتماعي وثقافي معين.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:03 pm

    من المورفولوجيا إلى التاريخ الأدبي العام :‏

    إن المقاربة التاريخية والشعرية لمسائل الموضوعاتية والمورفولوجيا ذكرت في كتاب بيشوا - روسو، وفي كتاب برونيل - بيشوا - روسو، بوصفها الإمكانية الأولى، الخصبة لدراسة التاريخ الأدبي العام. لهذا، فإن القسم الأعظم من برامج الإجازة )، ومن المسائل الواردة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة، يتوجه نحو هذه الإشكالية المزدوجة التي تسمح بتعددية القراءات : " يمكن لدراسة الأجناس الأدبية التعاقيبة والتزامنية، في الوقت نفسه، أن تشكل، إذن إسهاماً مفيداً في التاريخ الأدبي العام، خاصة إذا اهتمت بالموضوع نفسه الذي عالجه الكتّاب الأكثر تنوعاً، في الزمن والفضاء الموضوعاتيين) : les Antiganes ، les Amphitryons ، والقصائد المكرسة لمآثر الأبطال الوطنيين، تكشف في الوقت نفسه كمونات الموضوع، وسمات العصور والبلدان، وأخيراً، عبقرية كل مؤلف " هل يجب أيضاً ملاحظة المدى المحدود لهذا الكشف إذا أثبت تفرد كل كاتب أو كل عمل؟ في المقابل، إذا كانت المسألة المحفوظة تسمح بقراءة حقبة من التاريخ الأدبي، وإذا كان اختيار النصوص المجموعة يسمح بتمييز هذا العرض أوغيره للشعرية أو التاريخ الأدبي، فإن المسألة الموجهة نحوالأشكال أو الأجناس الأدبية سيكون لها مستويات دراسة متنوعة.‏

    - مثال على الدراسة الشكلية والموضوعاتية :‏

    عام 1992 -1993، كانت إحدى المسائل الموضوعة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة تحت عنوان : " أشكال جديدة للكوميديا في القرن الثامن عشر "، واقترح كنماذج للدراسة : مدرسة الأمهات والأم الحميمة لماريفو، والخادمة العاشقة لغولدوني، و Mirna von Barnhelm لليسينع.‏

    - من النص إلى الإشكالية.‏

    إذا دققنا في هذه المسرحيات الأربع، يلاحظ بقوة أن المؤلفين الثلاثة لم يكونوا مبتدئين في اللحظة التي أعطوا فيها مسرحياتهم الكوميدية :‏

    فائدة العرض) التقليدي والثقل الكبير للماضي عند ليسينغ، ولكنه عرض كاذب، ومعلومات غير صحيحة تثير موقفاً فعالاً عند المشاهد المشترك في الفعل؛ ودراسة النهايات المولييرية جداً عند غولدوني، ومحاكاة معروفة للمريض الخيالي)، والنهاية الغامضة في الأم الحميمة)، وهي تجديد حقيقي عائد إلى المقاربة الخاصة للأم، مدام أرغانت، والنهايات في أزمنة عديدة عند ليسينغ، مع انتباه خاص موجه نحو التلاؤم النفسي والاجتماعي مصالحة بين وتيلهام، ثم الوصول المثقف عليه للعم، وزواج التالية- التي ليست جارية- بالمساعد وليس الوصيفة).‏

    - الشخصيات والأفراد:‏

    من فوز اللعبة، ننتقل إلى فحص منظومة الشخصيات بالنسبة للأعمال، وإعادة أخذ الأدوار النسائية، سندرس الانتقال من العمل المقنَّن) إلى تثبيت الشخصية كفرد، ستدرس أيضاً تبدلات الثنائي سيد- خادم بوصفها أوجهاً شكلية بنيوية)، وكذلك تغيرات الأعمال أو الأدوار دور الأم، ودور الجارية).‏

    لا تسجل ترقية الجارية فقط في مستوى اللعبة المأساوية:‏

    يتعلق الأمر بدقة أكثر، بحديث أتى ليفسد ترتيب الأعمال والأدوار، من هنا يأتي تحليل أهمية اللغة تحليل) أشكال الحوار وتنوع النبرة، رائع عند ليسينغ، والعلاقة بين اللغة والجسد عند الضابط تيلهيم)، إن الحديث بالنسبة للشخصيات النسائية كارولين غولدوني) يعني تطوير استراتيجية الكلام، وإقامة علاقة قوة لصالح المرأة التي لا تستبعد الأثر المضحك، ولا الدرس الأخلاقي.‏

    *- الشكل الهزلي والهزل:‏

    هل يمكن حصر دلائل حساسية جديدة، أي حساسية جمهور جديد مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، أو يتوجه طوعاً نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية؟ سنلاحظ التباعد الذي يتعمق بين الشكل الهزلي) والهزل) بوصفه مجموعة من التصرفات الغياب شبه الكامل للهزل التهريجي، وهزل الحبكة، ويميل هزل الموقف نحو الهزل اللفظي)، يقود تحليل الهزل إلى الكشف في سلوك تيلهيم عن نموذج) مولييري قريب من ألسيست)، وفجأة، عن غنج عند مينا التي تشبه سيليمين قراءة ثانية للنص وإعادة تقويم له).‏

    يمكن أخيراً حصر دلائل حساسية جديدة جمالية الدموع عند غولدوني، وحنان عند ماريفو)، تطرح مشكلة مزدوجة: ازدهار جنس فرعي هو الكوميديا العاطفية) وأكثر أهمية: ولادة جمهور جديد يفرض هذه النبرة الجديدة، جمهور مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، ويتوجه نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية، هذا تفصيل مقارني) ليس واحداً فيها:‏

    تستند اثنتان من مسرحياتنا بوضوح على الكرم: تُرجمت مسرحية غولدوني في فرنسا تحت عنوان : الخادمة الكريمة، وعرفت مسرحية ليسينغ اقتباساً بعنوان: العشاق الكرماء.‏

    إذا أضفنا آثار معنى كلمة الحميمة)، فإننا نسلط الضوء هنا على علاقات إنسانية جديدة تسمح بربط الحساسية والاجتماعية، وهي موضوعات مهمة بالنسبة للعصر المدروس.‏

    وليس أقل صحة من ذلك أن الكوميديات صدعت منظومة الأجناس، هذه المنظومة لم تتزعزع: كان يجب انتظار بومارشي من أجل تجديد الهزل والكوميديا دون أي مركزية فرنسية).‏

    لقد شاهدنا تخريب الإرث المولييري وما بعده، ضمن تجريب الأشكال والبنيات الجديدة، كان ليسينغ هو الذي قدم الكوميديا الأكثر إعداداً في معنى تجريب أشكال أو صيغ جديدة).‏

    على الرغم من اختلافات هذه المسرحيات، فإنها قدمت كلها مخاطر محتملة، يمكن أن يقود تبسيط الفعل رفض كوميديا الحبكة)، إلى مسرح سكوني وقع ديدرو والجنس- البرجوازي- في هذا الفخ).‏

    لأننا نريد بقوة أن نجعل من شخصية ما نموذجاً، ننسى فردانيتها، أو تميزها ليسينغ، وغولدوني) يمكن أن تؤدي أسبقية اللغة إلى مسرح مهذار، وذلك اعوجاج أدانه روسو(10) ، أخيراً، تكشف هذه المسرحيات أن النقاش الكبير يبقى نقاش التوازن بين المسرحة والعودة إلى الواقع. من الواضح أن مسرحيينا وثقوا بالأشكال؛ فإذا لم يدافعوا عن جمالية جديدة حقيقة على الرغم من جهود غولدوني وليسينغ) فإن بعض العناصر الشلكية، على الأقل، تسير في اتجاه تجديد جزئي ضمن إطار لم يُطرح ثانية للمناقشة: وهذا ماصنعه ديدرو لكن دون نجاح.‏

    إننا نلاحظ، من خلال هذا المثال، إلى أي حد يعد هذا المفهوم للشكل) ملائماً ومرناً ويسمح بالانتقال من حقيقة موضوع إلى مفهوم جنس) مرافق طوعاً لمنظور تاريخي؛ سيقال مثل ذلك عن مفهوم النموذج)، الذي يتضمن الأبعاد التاريخية، والشعرية، والمقارني، وهذا المفهوم هو الذي يقيم رابطاً مفهومياً وجمالياً، في الوقت نفسه، بين الأشكال والأجناس، وتبقى هذه الأشكال والأجناس، بدءً من الآن فصاعداً، في مركز كل تفكير للشعرية المقارنية.‏

    - عناصر من أجل شعرية مقارنة:‏

    عرض كتاب بيشوا- روسو تمييزاً مفيداً بين جنس حقيقي)، وجنس مضمر) وجنس مفيد)، غالباً مايتطابق الجنس الحقيقي)، مع المقاربة التاريخية، ويبدو أن الجنس المضمر) يقوم على تفكير شعري، أما الجنس المفيد)، وهي كلمة مستغربة، فإنه يشدد على الجانب الكشفي، زوراً، لمثل هذا المفهوم، الذي يناسب أكثر درج مكتبة أو فرعاً بسيطاً منها، وتصنيفاً غير متقن، ولكن مناسب وجدير بإرضاء الروح العملية، دون أن نجعل منه معياراً أساسياً:‏

    "تاريخ، راوية، بلاغة، مسرح"، ونصنع من هذه الفائدة)، أو من هذه الميزة المناسبة) مستوى مستقلاً للتفكير: هو مستوى الأدب العام، أو مستوى نوع من النظرية الأدبية.‏

    -الجنس الحقيقي) أو المستوى التاريخي:‏

    يجب أن نفهم من الجنس الحقيقي) الجنس المحدد تاريخياً والممارس بوعي)، مثل التراجيديا الكلاسيكية، والموشح الغنائي، والقصيدة الغنائية، وحوار الأموات، يمكن أن يعطي التعريف مكاناً لكتابات نقدية أو نظرية(11) . في هذه الدراسة القصيرة، ننتقل من أرسطو إلى خطب تاس، وإلى مؤسسات فوسيوس، كان يمكننا أن نستمر مع فولتير لكي نلاحظ أن الجنس الملحمي تحول إلى شعر سردي وتعليمي في القرن الثامن عشر، وأنه استمر بصعوبة في القرن التاسع عشر، ولم يظهر إلا نادراً في القرن العشرين.‏

    يحدد دانييل ماديلينا(12) ، الأوديسا لكازانتزاكي كآخر مثال، نستطيع أن نضيف إليه، جزئياً فقط، مثال القصيدة العامة) لبابلو نيرودا، إن فائدة مثل هذا المسار التاريخي التعاقبي والشعري مضاعفة: حصر الكلام النقدي للعصر عن جنس محدد، ودراسة خطاب الأدب عن ذاته وتوضيح أن الأجناس، المدروسة هكذا، هي، كما يقول بيشو- روسو "أعضاء حية لا تقبل المنازعة"، لا يتعلق الأمر بموقف أثير عند برونيتيير(13) ، ولا بمنظور دارويني تقريباً مطبق على الأدب، لم ينس الشكلانيون الروس بصورة كاملة وجهة النظر هذه عندما قبلوا نضوب الأشكال والنماذج وزوالها، وكذلك ارتقاء أشكال، وأجناس جاءت من محيط منظومة الأدب، وعندما تحدثوا عن أجناس معروفة، ومقننة، وفكروا بطبقة ضمن الأجناس الأدبية.‏

    يفكر المقارِن بأشكال، وأجناس، ونماذج موجودة استطاعت أن تثير حركة، واتجاهاً، وتتمة لمحاكاة، في لحظات محددة(14) . إما أن يكون الجنس أو الجنيس)، موضوع دراسة تزامنية أو تعاقبية في سبيل إشكالية(15) ؛ أو أن نبقى ضمن منظور تاريخي، حيث سيسمح الشكل أو الجنيس بإضاءات شعرية: الرواية، القصيدة)، ليس القصة ولا القصة القصيرة)(16) ، أوأيضاً الحوار الداخلي، وهو شكل هارب، صعب التعريف ومع ذلك يمكن تأريخه وأصبح نموذجاً) منذ أكاليل الغار قُطعت)، لإدوارد دو جاردان(17) .‏

    من المفيد إذن تتبع مسار الأشكال، والأجناس التي أصبحت نماذج من خلال ثروتها)، بهذه الصفة، تشكل أيضاً جزءاً من الأدب كمؤسسة، وسيعاد أخذ هذه المسألة في الفصل القادم، يدفع البعد التاريخي إلى التفكير في العلاقات التي تقيمها الأجناس مع الجمهور أو الجماهير، ومع منظومات قيم هذه الجماهير، والمجتمعات التي تشكلها، أليس لاختفاء التراجيديا اليونانية أو الكلاسيكية) علاقة مع اختفاءات ذات طبيعة عقائدية تطهيرية مثلاً)، يُفسر تطور بعض طقوس القراءة، التطور الموازي للأجناس أو الأجناس الفرعية في حالة الرواية والانتقال إلى الراوية الجديدة).‏

    هناك أشعار، تسمى أشعار مناسَبة)، لا تخص فقط أحداثاً تمت، ولكنها تخص أيضاً بعض الجماهير التي اختفت، وسيكون تطور اجتماعي معين تفسيراً لموت بعض الأجناس: يجب تحديد العلاقات.‏

    يجهل أدبنا الحالي، تقريباً، عظات الأموات والتأبين، حتى وإن أعطى أندريه مالرو بنجاح نوعاً من الرونق لهذا الجنيس، ويجهل أكثر قصيدة العرس، والمدح، والانتخاب، والرسالة الشعرية، والحكاية الشعبية، المنظومة لا الشعارات...... ولكن روايات بوليسية يمكن أن نقرأ من خلالها في القرن الأخير، ولادة علم- التخييل، أو تغييرات تعبيرية: لم يعد للساغة(18) علاقة مع الملحمة الشمالية(19) ، ولكنها تصف شكلاً من نموذج الرواية الدارجة نموذج غالسورثي ليس غريباً عن هذه الثروة)، يخاطر المنظور التاريخي دائماً بالسقوط في التأريخية، إذا لم يقم على تفكير شعري ومقارني موسع.‏

    - الجنس المضمر أو المستوى الشعري:‏

    استطاع كلوديو غوين، بقدرة، الحديث عن جنس كنموذج عقلي) بالنسبة للكاتب كما هو الحال بالنسبة للناقد، ربما لا يبتعد هذا المفهوم عن الجنس المضمر) الذي تحدث عنه بيشوا- روسو، والذي يتحدد من خلال وظيفته وغايته، ومادته أو أسلوبه).‏

    لا يمكن لنص أدبي أن ينتسب إلى صنف واحد، عند طرحه للمقارنة، لم يتردد كلوديو غوين من الإشارة إلى أن الحصان الأشقر لا ينتسب إلا لجنس الخيل، ولكن ينتسب نص أدبي إلى أصناف أو أجناس عدة، قد يكون أكثر براعة مقارنة السفينة، بمنارتين: تحدد السفينة طريقها متجاوزة أحد المضائق، بفضل منارتين تقودانها، ولكن هاتين المنارتين لا تلغيان حرية المناورة للربان؛ لا بل بالعكس، تفرضان عليه المناورة، وتشجعان عليها، يوجد هنا استعارة جميلة في الإبداع الأدبي بين الواجب الشكلي والحرية الخلاقة، أما بالنسبة للمقارِن فإنه يهتم بدراسة التطورات الشعرية، أي، في هذا المستوى، بظواهر انتقال الأشكال والأجناس الأدبية وتبنيها أو رفضها.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:05 pm

    من الموروفولوجيا إلى الشعرية:‏

    بحسب بيشوا-روسو، تدمج المورفولوجيا الأدبية الأجناس ضمن تفكير واسع حول الأشكال، منظور إليها من جانبين أساسيين: أشكال التأليف وأشكال التعبير، شكل يؤخذ ضمن "معنى تقني" شكل المُقولب(20) أو البناء) "مخطط أو خطة من أجل تنظيم المواد"، وأيضاً " نموذج أصلي لجنس محصور" نجد ثانية كلمات مارسيل باتايون). يُقدَم الشكل، أو المخطط، والنموذج الأصلي، كأنها مبتكرة من عبقرية كاتب عظيم، وأكثر ندرة من منظر، أو أنها توضحت بصبر عبر أجيال عدة [....]" ضمن هذا المنظور، وُجِدت الأجناس ثانية لكي تحاط مباشرة باستقبالات منهجية: وجب إعطاؤها تعريفاً "في مكان مابين" سلسلتين من الصعوبات: "ذات مجردة ومستنزفة"، نقصد النظرة النظرية) و"فيض من الإبداعات الفردية" شعرية لن تكون مقارنة).‏

    وهذا هو موضوع تفكير جان- لويس باكي في كتابه الوجيز) 1989)، ضمن صفحات مثيرة، حيث وُزِعَت، في الفقرة، ملاحظات حول المعنى المنشط الجيد، مثلاً السهولة التي نستطيع بواسطتها بناء "نظرية للرواية بالاستناد إلى زولا لوحده" _موجهة إلى متفرنسين يستهويهم مايسمى بالأدب العام)، وحول ضرورة انفتاح التفكير الشعري على تعددية المنظومات العروضية، معلياً من شان البلاغة، ومقترحاً التوجه نحو نظرية للأدب، ولكن دون "الاندفاع نحو التعميم الذي يستهوي بعض المختصين"، ونحو الدفاع عن شعرية مقارنية للاختلافات)، تكون موثوقة ومبجلة، ومفتوحة أمام الشعريات غير الأوروبية، التي تستطيع أن تُظهر "عبر التضاد" بعض "السمات الأساسية للبلاغة الغربية".*)‏

    إننا نجد بطريقة أقل طموحاً وأكثر صرامة، المشاكل القديمة للثوابت).‏

    يظهر ج.ل.باكي كل الفائدة التي تأتي من تشجيع المقارنات بين الغرب والشرق، والمتحررة من كل فكرة انتماء، أو تأثير "لا تصبح المقاربة هنا، بعد فوات الأوان مجالاً للتساؤل حول شرعيتها الخاصة، عندما تطرح قضية التأثير، يتساءل المقارن، إذا كان يملك الحق بإيجاد جو من الإلفة بين عملين، ويجد نوعاً من العزاء إذا استطاع إظهار أن أحدهما يولد الثاني، وإن كان ذلك خفية، المقارنة، هنا بالعكس، لها قيمة كشفية: يُستخدم الدخيل كنموذج، من أجل إيضاح النظام الغربي، والكشف عن الاستثناءات".‏

    نستطيع عندئذ أن نتساءل: إذا كان ضرورياً ترك المجال الغربي من أجل فهم شيء معين عن حياة الأشكال، وعن الشعرية المقارنة.‏

    ليس خطأ القول إن المقارن غالباً مايجمع أشكالاً متشابهة ويقارن بينها، من المؤكد أن الرواية الغزلية الأوروبية تستحق أن تقارن وتقرّب من Monogatori اليابانية التي ظهرت في العصر نفسه، وضمن بنيات اجتماعية يمكن أن تكون متشابهة، من المؤكد أيضاً، أنه يجب معرفة المبدأ الأساسي للشعرية السنسكريتية، وRasa) التي تنظر إلى الشعر على أنه خطاب انفعالي من أجل استخدام تأملات متوازية بين منظومات الفكر والخيالات المختلفة(21) .‏

    *- شعرية الاختلاف:‏

    دون الذهاب بعيداً أي بما معناه: الاستفادة من المعارف اللغوية المتوسطة والشائعة)، يمكن أن نجمع حصاداً وافراً من الاختلافات الشعرية، عن طريق البحث داخل المنظومات الأدبية الغربية وتواريخها الأدبية: يعني فهم أن الكلاسيكية الألمانية ليس لها علاقة كبيرة مع كلاسيكيتنا، وأن كوميديا dell_Arte تتطلب معرفة جمالية تراجيدية خاصة متحررة من ماريفو، وأن الحقائقية* الإيطالية ليس من مصلحتها أن تدمج مع الطبيعية الفرنسية، وأن -طقس الأسرار الذاتي** -ليس المعادل للسرّية* )، وأن الكوميديا لايمكن أن تعرض مع مبادئ الوحدات الثلاث، وأن النهار) ليس مشهداً، وأن المهرج المسرحي ليس بهلولاً ولا خادماً، وأن الغريغوريا شكلاً قصيراً ابتكره رامون غوميز الذي عرّفه كمركب، من استعارة وجرعة من الدعابة.... إن التشابهات بين الأشكال الأوروبية أو الغربية تقود المقارِن إلى مواجهة شعرية اختلافية) تركز على الأجناس الفرعية، وتمارس تجميعات بارعة للنصوص، سمح المفهوم الأثير عند أرتود مسرح الفظاظة) منذ عدة سنوات، بإدخال مسألة في شهادة الأستاذية حول هذا الموضوع): استخلص منها بيير برونيل تركيباً موحياً(22) .‏

    انطلاقاً من التمييز الذي قدمته مارغريت يورسينار في ملحق العمل في السواد) بين الرواية التاريخية وهي جنس قننه والتر سكوت، ورواية التاريخ حيث تكون المادة التاريخية موضوعاتية وإشكالية، يمكننا أن نكوّن فكرة حول جنس فرعي غير منتظر، ومع ذلك واضح يضيء مثلاً رواية مثل عصر الأنوار) الكاربنتييه.‏

    وانطلاقاً من بعض الصفحات المثيرة للفيلسوفة الإسبانية ماريا زامبرانو الاعتراف: جنس أدبي)، يمكننا أن نقرأ، ليس في اعترافات سان أوغستان أو روسو، ولكن في النفق) لإيرنيستو سيباتو، وفي Alescis لمارغريت يورسينار، ونجد بعض الاختلافات بين الاعتراف، والسيرة الذاتية، واليوميات أو المذكرات أو هذا الشكل المختفي الذي هو دفتر المذكرات).‏

    *- البلاغي والشعري:‏

    في موازاة أشكال التأليف، يميز بيشوا-روسو، مثلما هو الحال في كتاب عام 1983، أشكال التعبير)، مشيراً مباشرة إلى أن هذا المجال لا يستميل كثيراً البحث)، يبدو للوهلة الأولى خاصة أنه غير متجانس ومعقد: "يجب على هذا النوع من الدراسة، الذي يركز على جمل منعزلة، وأحياناً على أجزاء من جمل ونادراً على مقاطع، أن ينتقل من مجموعة من التفصيلات الفضولية إلى تركيب مُقنع، من يسجل منهجه يقدم خدمة عظيمة".‏

    ومن أجل إعطاء المثال يتابع المؤلفون: لتوجيه البحث، سنحدد بإرادة طرق التعبير، في المعنى الذي تحدث فيه الإغريق عن الدوري متعلق بالدوريين) أو الهوائي، إن الألعاب المتحركة للأسلوب، والنبرة، والكلمة، والعلاقات بين الكلمة، والفكر، والصمت تقرب أعمالاً، وتظهر ظواهر معمّدة مثل سخرية، ومحاكاة ساخرة، وهزل، وفي بعض العصور، هُزأة macaronees، ونقديات مجموعة من النصوص النقدية)، وmongense أو dada عرف المقابل أقل من التبدلات: سمو، رصانة، فصاحة".)‏

    سيبدو أنه يوجد في ذهن المؤلفين حلم بحث بين البلاغة والأسلوبية العامة والمقارنة، وهذاالبحث نهاية تتكرر ويوصل إليها استخدام كلمة الشكل عندما نضيّع من أمامنا ضرورة وظيفة بنيوية في حدها الأدني، إن مايمكن أن يغني من وجهة نظرنا، التفكير حول مفهوم الشكل، كما يفهم هنا، هو الربط الذي لا ينفصل، والجوهري بين الكلام، أي بين شكل من الأسلوب، لبعض الصور، وبين شكل متفرد، وجنس أو نموذج، إن الحديث عن أدب عام ومقارن لنموذج دانتي، وراسيني، وهوغوي، يعني، بحسب الحالة، عرض موضوعات، وبنيات، وكذلك، أيضاً مصطلح، بهذا المعنى، يجب أن تتجه الدراسة إلى الجزء من الجملة، ونحو عبارة بارت الشهيرة أفضل فضاء ممكن نستطيع منه ملاحظة المعاني(23) ، مروراً برموز البلاغة نفكر بتحليل بول ريكور للاستعارة) وصولاً إلى الكلمة شرط أن تقدم تعريفاً للشكل، أو على الأقل عنصراً مشكِّلاً، سنحدد الفائدة الثابتة لبعض الدراسات مثل دراسات إيريك أو يرباخ(24) ، وليو سبيتزر(25) .‏

    من بين هذه الأشكال الدقيقة)، أو الوحدات الدنيا، يحتفظ مثلاً بالعنوان والاستهلال أو بالبيت الأخير من السونيتة السقوط الشهير)، هذه الأشكال ليست مستقلة بعكس -الأشكال البسيطة(26) - لأندريه جول، أو التي درسها آلان مونتاندون مثل قصيدة الهجاء، والمثل، والحكمة، والحقيقة العامة، والقول المأثور)(27) .‏

    يجب أيضاً أن نحتفظ بالعلل، النموذج) الذي أشار إليه كتاب بيشوا- روسو، وعُرف عبر الدراسة القديمة لإيرنست- روبير كورتيوس(28) .‏

    إن نقطة انطلاق هذا التركيب المدهش الذي يعود إلى ألماني مختص بالأمور الرومانية، بلاغية: يتعلق الأمر برؤية ما احتُفظ به من الموروث القديم، اللاتيني خاصة، ضمن آداب العصر الوسيط الأوروبي، وحتى ماوراء ذلك في نهايةعصر الأنوار، في الفصل المخصص للنموذج) دُرست الإجراءات الاستدلالية مثل خطاب التعازي، ونموذج الاستهلال، ونموذج الخاتمة، والمتتاليات النمطية، مثل استدعاء الطبيعة، والعالم المعكوس، والطفل والكهل، والمرأة المسنة، والفتاة الشابة، من الواضح أن الاستعارات قد عولجت: مثل الاستعارات المتعلقة بالملاحة، والشخصيات، والتغذية، وأجزاء الجسد، والمسرح مسرح العالم العظيم، الذي كان مفضلاً في العصر الباروكي، موجود مسبقاً عند أفلاطون، وفي كتابات شيشرون، وسينيك أو بويس)، يجب الإشارة إلى أن هذه الدراسة للاستعارات، أُخذت ثانية منذ عهد قريب، ضمن منظور فلسفي، عبر هانس بلوميمبيرغ الذي عُرفت أعماله من المقارنين وترجمت إلى الفرنسية(29) .‏

    يعانق نموذج كورتيوس مجالاً واسعاً، إذا لم يكن يستطيع أن ينطلق من الكلمة، فإنه يستطيع أن ينطلق على الأقل، من الرمز، والتركيب التعبيري إلى التكرار المقنن، أي النموذج)، مثل الخطاب حول الأسلحة والعلوم، وعرض منظر مثالي، وطلب الوحي، أو الكتاب كاختصار للعالم، نخطئ إذا اعتبرنا هذه الأمثلة موضوعات مضمرة، من المؤكد أنها أمثلة اتحاد لا ينفصل بين المادة والشكل.‏

    - تحليل شكل مصغّر أو متتالية:‏

    يتعلق الأمر بعمل جان روسيه عيونهم تتلاقى) كورتي، 1984)، المكرس لمشهد النظرة الأولى في الرواية)، إن الدراسة، وإن كانت قد ركزت على الأدب الفرنسي مع قليل جداً من التجوال في الآداب الأجنبية)، تعد نموذجاً للدراسة الشكلية والشعرية المقارنة، هناك تفصيل موضح: يتحدث جان روسيه تلقائياً عن موضوع) يحتفظ في بضعة سطور، وأحياناً في بضعة صفحات، وأيضاً في مشهد مفتاح)، بشكل ثابت)، "مرتبط بموقف أساسي"، و"علل سردية"، تحت هذه الصيغ، المواجهة، وإحضار كائنين يريان بعضهما بعضاً لأول مرة، ويقعان في العشق.‏

    يتحدث جان روسيه عن وحدة ديناميكية) أو أيضاً عن وظيفة) داخل نص بسبب قدرته التوليدية)، تبدأ وثائق الظاهرة من الرواية اليونانية Theagene et chariclee وحتى مقاطع من خطاب غزلي لبارت، أما فيما يتعلق بالمنهج، يستطيع المقارن، هنا أيضاً، أن يستعمله كثيراً.‏

    1- أولاً: استخلاص عدد من الميزات الثابتة)، من نصوص يتم اختيارها بصورة عشوائية، ثم بعد ذلك تشكيلها ضمن بنية متجانسة).‏

    2- بعد أن يتكون النموذج) ونجد ثانية مخطط الأسطورة)، يصبح من الممكن تنظيم دراسة، ومسار..... مدار عبر ثوابت مكشوفة على سلسلة من النصوص المتطابقة)، يلاحظ إعادة ظهور كلمة مطابقة)، التي لا تنفصل عن منهج يكوّن نموذجاً.‏

    3- هنا، يقوم النموذج الذي هو نوع من الشكل المثالي)، بدور شبكة من القراءة)، تسمح بطرح مسائل ملائمة) وتنظيم تطور الدراسة.‏

    4- استجوب بلزاك أولاً لفترة طويلة، ولكن أيضاً كريتيان دو تروي، وروبلي، وروسو، وغوته، وفلوبير التربية العاطفية) وندجادو بروتون.‏

    5- يسمح النموذج النظري بعزل ثلاثة احتمالاات سردية:‏

    أ- الأثر، ومباغتة الأثر.‏

    ب- التجاوز، وإيصال رسالة واضحة أو خفية.‏

    ج- تجاوز البعد أو إلغاؤه.‏

    6- تأخذ الانزياحات تقريباً من الأهمية مقدار ما تأخذه تطبيقات النموذج أو انتشاراته: الالتقاء دون رؤيا، والتجاوز كتواتر أولي مثلما هو الحال في المشهد المدهش للقبلة على الكتف في الزنبق في الوادي)، يقدم التبادل تنوعاً مفيداً من الحالات و المشاهد: التبادل سعيد أو صعب، الاتصال معرقل أو مؤجل، التبادل مقسم أو متوقف، يشار أيضاً إلى أنه في الانزياحات والانتهاكات، الرؤيا مستبقة بفضل صورة مرسومة، الرؤيا مرفوضة امرأة محجبة)، الرؤيا محجوبة لقاء ليلي) أو الرؤيا مؤخرة الاستماع).‏

    إننا نقيس إلى أي حد هذه النموذجية الفريدة، أكثر فائدة من بعض الحوارات المجردة أو التصنيفات أو علوم قوانين التصنيف، إن الهام في الشعرية، هو إمكانية وإرادة) أخذ نص في الحسبان، في كليته، أو سلسلة ينتسب إليها هذا النص، والقدرة على قراءتها ضمن كل أبعاد كتابتها ونماذجها.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:07 pm

    من شعرية الأشكال إلى نظرية للنماذج:‏

    نستبعد من هذا المستوى النظري زمن دراسة لا يمكن نسيانه ضمن برنامج الأدب العام والمقارن، ولكنه لا ينتمي تحديداً إلى المقرر.‏

    يتعلق الأمر بتعلم شعريات مختلفة منذ أرسطو(30) . نأخذ أولاً ثلاثة أمثلة على التفكير الشعري، استخدمت كثيراً من قبل المقارن لأنها تتقاطع، في جزء كبير منها مع التساؤلات الأساسية التي يوجهها إلى الأدب.‏

    يقترح ميخائيل باختين نظرية للأشكال الروائية أو للجنس المتعدد الأشكال بعمق والذي هو الرواية، يمكن أن يبدو شاذاً أن نريد القيام بمقاربة نظرية للجنس الأكثر تغيراً في الشكل، والذي يبدو أن تطوره عبر القرون يتحدى كل مقاربة تركيبية، وحتى كل تاريخ إذا أخذنا بعين الاعتبار أصوله المتعددة، وغير الأكيدة.‏

    يمكن أن نجرب الكشف عن اللحظات الرئيسية لتقليد أدبي بالمعنى الأوسع للتعبير، منذ الروايات اليونانية وحتى الرواية الجديدة من أجل التحقق من صحة ادعاء بول فاليري غير المشجع كثيراً والذي يعتبر أن كل الانزياحات تنتسب إلى الرواية). ولكن منذ كتاب علم الجمال ونظرية الرواية)(31) ، يُفهم بصورة أفضل طبيعة نوع متعدد الأشكال، وجمالية متناقضة، على خلاف الأجناس الأخرى التي وُضعت في الفنون الشعرية)، الرواية ليست جنساً قائماً)، وهي غير مفهرسة، وإن لم تكن تستمد أصولها، فهي على الأقل تستمد شرعيتها من هذا المجال الغامض الذي كان القدماء يسمونه الكوميديا الجادة)، وأصبحت جنساً مسيطراً، وغازياً، ومتداخلاً مع منظومة أدبية، مع بقائها جنساً بصورة عميقة في صيرورتها، وأكثر من ذلك، لا تنسجم جيداً مع الأجناس الأخرى، وتهدف إلى تفكيكها، وتعيش فيها عن طريق تحريفها.‏

    استطاع باختين أن يعطي من هذه الشعرية المعجزة، ثلاث سمات تكوينية:‏

    1- عالم صغير من لغات مختلفة حوارية وتعدد الأصوات).‏

    2- تنظيم الفضاء والزمن ضمن بنية متميزة تسمى CHRONOTOJE).‏

    3- جنيس وحيد يتكون من الاتصال بالواقع، إنه هذه القصة التي تريد أن تكون صحيحة، وواقعية، على الرغم أو بسبب) من خاصيتهاالتخيلية رائعة، خرافية، روائية، أسطورية، بحسب العصور)، إن هذا الوجود لهذا العالم الآخر، الذي تسعى إليه كل رواية ونجد حدس باختين الأساسي حول العلاقات الخاصة للرواية مع الواقع)، هو الذي يجعل عبثاً مشكلة الواقعية المطبقة على الرواية، القصة الروائية غير صحيحة بصورة إجبارية وجوهرية؛ لم يكن العالم الذي يشكله الروائي قد وصف عن طريق النظر إلى الواقع كنموذج، ولكن عن طريق الاستماع إلى الكلمات مع ذلك، تسعى هذه القصة لأن تكون صحيحة؛ سواء كان ذلك يحدث أم أنه واقع يمتلك حدث الروائي الجرأة في أن يُقارن بقرار الخالق.‏

    ولكن في حين أن الكلام الشعري يعرض الأساسي، نجد أن الكلام الروائي يُبرز، اختياراً، الأسمى، أو المبتذل، أو الحياة ببساطة.‏

    كل رواية، وكل قصة حقيقية تسعى لأن تعيد خلق عالم ثانٍ، وهذا يجب أن يضع المشاكل التقنية، والشكلية في المعنى الضيق للتعبير، في مكانها الحقيقي، لا تقوي الرواية التجديد ولا الموروث في ذاته، ولا التجديد الآلي، ولا التقليد غير المتميز: إنها تهدف إلى تأسيس عالم جديد، ولهذا فإن مايسمى بأزمة الرواية، منذ مطلع العصور الحديثة تفرز من المشاكل التقنية أو الخيارات الجمالية، أقل مما تفرزه من إعادة الطرح للبحث الدوري، لأسباب فوق- أدبية، ذات طبيعة فلسفية أو سياسية، للخيال الإبداعي وطبيعته وقدرته، وبصورة أساسية للعلاقات بين العالم والإنسان، سواء كان هذا الإنسان مبدعاً أم قارئاً.‏

    - الشعرية من وجهة نظر جيرار جينيت.‏

    يقصد جيرار جينيت بالشعرية) نظرية عامة للأشكال الأدبية)(32) يستطيع المقارن أن يقدم إسهامه فيها من خلال اتساع الآداب التي يعرفها وتنوعها، يرتكز هذا التفكير على مفهوم النص المتعدد) أي الطبقات العامة المختلفة أو السامية التي يتبع لها النص: مثل الطرق السردية هي نظرية طريقة السرد)، والأشكال العروض هي نظرية الأبيات)، والموضوعات والأجناس، والرموز، والأساليب وكل العناصر التي تكوّن نصاً خاصاً، وتأخذ في الحسبان كل نص في خصوصيته(33) .‏

    أعد جيرار جينيت أسس نظرية شعرية عن طريق التأمل في تاريخ الشعريات المختلفة منذ أرسطو، ندين له بأنه أوضح أن الثالوث المشهور للأجناس الملحمية، والغنائية، والدراماتيكية ينتج عن قراءة خاطئة لأرسطو، في المقابل، نجد عند غوته التقسيم الثلاثي، انطلاقاً من الأشكال الطبيعية، أو المواقف الأساسية أو الطبقات الجنسية ملحمية، وغنائية، ودراماتيكية)، وأكثر أيضاً عند هيغل(34) ، حيث استخدم نظام الطبقات نفسه من أجل دعم فلسفته في التاريخ: وجدت البشرية، عن طريق البدء بالملحمي، ثم اكتشاف الذاتية مع الغنائية، الشكل الكامل لفكرها في المأساة.‏

    لا يمكن لإرادة تأسيس نظرية أدبية أن تتجاوز إعادة فحص تاريخ الآداب ومفهومات هذه الآداب عبر وساطة الشعريات. أخيراً، قدم جيرار جينيت إيضاحات مهمة، مثلاً بين المحاكاة و diegesis(35) وسمح بتقدم في وصف التلاعبات النصية، خاصة التناصية الجمعية(36) ، وفي دراسة مرفقات النص)، أو العناصر الخارجية مثل الطبعة، والسلسلة، والتمهيد، .... الخ، والتي تسهم في الهوية الجنسية) للنص(37) .‏

    - الأجناس من وجهة نظر جان ماري شيفير.‏

    يعيد جان - ماري شيفير في كتابه ماالجنس الأدبي؟ سوي، 1989)* أخذ مكتشفات جينيت، ولكنه يهتم بفهم في ماذا يسمح مفهوم الجنس بنماذج مختلفة من تصنيفات النصوص الأدبية، لقد أهمل الجولات التاريخية التي يبدو أن دراسة الأجناس تفضلها، أو بصورة أولى المواقف المعيارية أو الجوهرية، لهذا، تبدو كل دراسة للأجناس أو الأشكال محكومة بالتأرجح بين التوجه التاريخي الذي يجازف بالوقوع في الإحصاء، وفهرسة حالات مادية،وبين التوجّه الشعري الذي يريد أن يرى منذ أرسطة الأجناس كأصناف): من هنا فكرة النموذج البيولوجي) الملازم للتفكير في الأجناس المنظور إليها بحسب تطورها وغايتها الخاصين وهي فكرة أثيرة عند برونيتيير في القرن الماضي)، في حين أن كل جنس يعتمد على كل المكونات الأخرى في المنظومة.‏

    سنستخرج من عمل جان-ماري شيفير، بعض المفهومات العملية المفيدة للمقارِن.‏

    - تفكيك السياق وإعادته ثانية:‏

    كل نص سياقي، ويمكن أن يُحدد نشاط النص نفسه، عندما يُقرأ في سياقات مختلفة، من هنا تأتي فكرة ربط السياق بإعادة الخلق الجنسي، وسيكون للترجمة تأثيرات في طبيعة جنس وفي إدراكه من قبل جماهير مختلفة، وهذه نقطة انطلاق ثمينة بالنسبة للمقارن الذي يجد تماسكاً في مسار تفكير انظر الفصل الثالث).‏

    ونفهم أيضاً كيف أثرت جمالية التلقي في مسألة الأجناس: وهذه المسألة مرتبطة بمشاكل تفكيك السياق) وإعادة ربط السياق)، والترجمة- الاقتباس، وساطة للانزياح الجنسي) تؤدي إلى إعادة تشكيل) مهمة التجنيس) النص- المصدر، يستطيع النص- الهدف النص المستقبل) من جهته أن يدخل سمات جنسية مستحدثة).‏

    بالإضافة إلى ذلك، ومثلما هو الحال بالنسبة للأعمال الفنية، إننا نرى إعادة تصنيفات بعد دخول أعمال جديدة: لم تكن فكرة الرسم التصويري) ملائمة إلا بعد ولادة فن مجرد)، ونحن مجبرون على وضع الأجناس وتعريفها بصورة أخرى، وفق طرق أخرى أو معايير غير تلك التي كانت معاصرة في إبداعها، من الواضح أننا نحكم على الملاحم الهوميرية ونحددها بصورة لا يستطيع اليونانيون القيام بها، وقُرِّبت الأوديسا كثيراً من رواية المغامرات، بعد إعادة السياق بالنسبة للأدب الروائي.وأصبحت بعض السمات التي كانت جامدة جنسياً) ذات نشاط متجدد جنسياً): مغامرات فردية، وقصة حب زوجية وبنوية...الخ.‏

    يبدو مفهوم تفكيك السياق) إذن مهماً بالنسبة لمقاربة مقارنية.‏

    إن ترجمة -ألف ليلة وليلة- لأنطون غالان وتلقيها في فرنسا، حولت في بداية القرن الثامن عشر نصوصاً إلى حكايات شرقية، ومن الواضح أن هذه النصوص لم تكن كذلك في ثقافتها الأصلية.‏

    - تجنيس نظمي وتجنيس قرائي:‏

    يميز جان- ماري شيفير بين تجنيس نظمي) يُرجع إلى مستوى تكوّن النص) ويحيل بصورة عامة إلى تقليد سابق للنص في مايخص السمات المتجددة جنسياً هذاما أمكن تسميته من قبل أي د.هيرش بالجنس الجوهري)، وبين جنس خارجي) أو جنس تصنيفي).‏

    يُرجع إلى القارئ الضرورة التي عنده للتصنيف)، وإلى النظام القرائي وليس النظام النظمي، من جهة القارئ، هناك أفق توقع جنسي وأفق سياقي، يرتبط أفق التوقع غالباً بتصنيف جنسي مسيطر) أذواق مسيطرة تتناسب مع جنس مشهور)، هناك إذن انزياحات ممكنة بين تجنيس نظمي) وتجنيس قرائي)، حالة قصوى:‏

    التراجيديا اليونانية التي نعرفها انطلاقاً من سبع تراجيديات لإيشيل من أصل مئتين وتسعين)، وسبع تراجيديات لسوفوكليس من أصل مئة وثلاث وعشرين)، وثماني عشرة تراجيديا ليوربيدس من أصل اثنتين وتسعين)، يمكن أن نصل من ذلك إذن إلى التساؤل عن طبيعة مفهوم الجنس ووظيفته، أهو وساطة تصنيف، أم إمكانية قراءة.، وتفسير للنصوص:‏

    - الأجناس وطرق التصنيف:‏

    سيكون هناك مفهومات عملياتية أخرى يستشهد بها وتسمح بتمييزات مفيدة، مثلاً "الفهرس" الذي يُرجع إلى عدة مرفقات النص انظر جينيت)، العنوان، والعنوان الفرعي، والعلامة، والتنبيه)، والسمات الجنسية) التي هي تناصية) ذات وظيفة بنيوية حصراً).‏

    تقارن العلاقة بين الفهرست والسمات بالعلاقة التي يمكن أن توجد بين واجهة منزل والمواد التي صنعت منها)، يمكن أن تكون الواجهة خادعة)..... يسمح مفهوم الجنس خاصة لجان ماري شيفير بالتفكير في معنى تصنيف النصوص)، ويُمارس هذا العمل غالباً من قبل المقارنين: ماهي المعايير التي يجري على أساسها التصنيف؟ يمكننا أن نميز منها أربعة أنساق:‏

    1- التمثيل عن ملكية مثل المسرود).‏

    2- تطبيق قاعدة هذا النص سونيتة).‏

    3- وجود علاقة جنسية إقامة سلالة نصية، ونشاط مقارن للغاية.....).‏

    4- وجود علاقة تشابهية يشبه هذا النص في بعض السمات نصاً آخر يشكل جزءاً من جنس محدد).‏

    يُحيل هذا الاحتمال الأخير إلى المقارنة دون انتماء وإذن إلى المقارنة التي يمكننا أن نمارسها بين أدبين لم يحدث اتصال بينهما، والمقارنة التي تسمح بالحديث عن رواية) بخصوص نص صيني الذي هو في الحقيقة نموذج خاص للسرد داخل نظام أدبي خاص.‏

    - نظرية أجناس أم نظرية نماذج؟‏

    إذا كانت أعمال جيرار جينيت، وجان ماري شيفير تستطيع أن تخدم كثيراً المقارِن من أجل صياغة تفكير نظري، فهل يعني ذلك أنه لا يملك نظرية خاصة؟ في نهاية الفصل حول الشعرية المقارنة)(38) توصل جان لويس باكي إلى طرح بعض المبادئ، وخاصة إلى تحذيرات مفيدة في تشكيل نظرية للأجناس) هذه الإشارة تتقاطع مع اقتراح كان قد صيغ سابقاً بالاعتماد على أفكار أخرى:تقود دراسة نظرية الأجناس إلى توضيح مفهوم النموذج؛ إنه في الواقع، متكرر إلى حد أننا، في كتب الآداب الجميلة أو الشعرية، نسند تعريفاً غير مستخدم كثيراً إلى نموذج كبير، القصيدة الغزلية هي فيرجيل، والقصيدة الغنائية هي هوراس ...)، إن حقيقة التأكيدات المتشابهة لا تهم كثيراً: يتعلق الأمر بأفكار أسطورية حصراً، وتخدم من خلال وضوح رموز متميزة، ومتنوعة وأصيلة، ولكن عبر انحراف نظرية الأجناس، نضطر لدراسة ثروة المؤلفين الكبار، وتشكيل أسطورتهم.)‏

    ونكتشف من خلال هذه الوسيلة، بصورة أفضل، كيف كانت ظاهرة القراءة تاريخياً" هذا صحيح دون أدنى شك، ولكن ألم يكن هناك طريقة أفضل من معارضة دراسة العمل أو المؤلف، بدراسة نموذج) متشكّل من القراءات كلها والخطابات النقدية التي تُدخِل، لقاء تشوهات ربما تكون حساسة، عملاً مافي جنس معين".)‏

    حدس خصب: يعيد مفهوم النموذج) إلى ثروة نص، وشكل أصبح جنساً، قابلاً لأن يُنتج ثانية انطلاقاً من اختيار بعض السمات الجنسية. يجب أن يُفضل، إذن، هذا المفهوم في الأدب العام والمقارن، بالنسبة للأشكال والأجناس التي درست كثيراً من قبل دارسين آخرين.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:08 pm

    يشير مانفريد جستيجر في بيان قصير وكثيف(39) إلى فائدة مفهوم النموذج ضمن منظورات تاريخ الأدب القائم على نموذج الاستمرار / والانقطاع.‏

    أعاد ألفارومانويل ما شادوا أخذ هذه الإشارة(40) ، ويستخدم هذا المفهوم لإعادة قراءة القرن التاسع عشر البرتغالي؛ ويميز بين نماذج المرجعية) مقبوسات، وأسماء تعمل سلطة)، وفهرس ثقافي) وبين نماذج منتِجة) وتحديداً النماذج التي ستُنتج نصوصاً وتغذي الخيال البرتغالي، لهذا، يستطيع النموذج أن يمارس تأثيراً من خلال ثلاث مستويات ممكنة، أو وفق ثلاث احتمالات:‏

    1- القواعد الاجتماعية، والأخلاقية، والعقائدية: تستعير الرواية البيكارسكية- التشردية) عند ليزاج من الموروث البيكارسكي الإسباني، ولكنها تخضع لأخلاقية أخرى وعقيدة، غير أخلاق النموذج الأصلي وعقيدته في Gwzman لماتيو ألمان ولاحقيه.‏

    2- السمات الشكلية التي يسمى مجموعها غالباً جنساً): سيستخدم النموذج التراجيدي الراسيني في التراجيديا الفولتيرية، وفي التراجيديا المسماة كلاسيكية- جديدة في أوربا، ولكن كلام العاطفة، وبلاغة الخطابات، والنظام العقلاني للشخصيات سيصيبه التشوه والانحراف.‏

    3- الموضوعاتية التي يشكل مجموعها خيال نص، أثار الصعود الحديث للدكتاتوريات في أفريقيا بروز رواية الدكتاتور)، هذه الرواية الفرانكوفوني مثل الكونغولي سوني لابوتانسي)، هذه الرواية التي تعود في بعض.السمات مثل العقيدة، والعالم- ثالثية، والأساليب، والباروكية أو الأسطورية الأفريقية، والموضوعاتية، ورمز الدكتاتور العسكري) إلى الرواية الإسبانية- الأمريكية خاصة غارسيا ماركيز)، التي قرئت عبر ترجمات فرنسية، استُخدِمت هذه الترجمات إذن كنموذج) بالنسبة لرواية جديدة، لا تدين كثيراً للنماذج الأوروبية مثل رواية الواقعية- الجديدة، والرواية النفسية، والرواية الجديدة)، التي كانت قد خدمت أجيال ماقبل الاستقلال ومابعده، إن فائدة مثل هذا التأثير)، ومثل هذا الانتقال، هي القدرة على فهم تطور أفرقة النموذج الإسباني- الأمريكي اللاتيني). نستخلص مفهوم النموذج)، ومايسمح به ليس كخاتمة لهذا الفصل ولكن كمقدمة للفصل التالي. في المكان الأول، إعادة كتابة العلاقات الأدبية عن طريق تركيز التحليل على تشكيل تقليد أدبي: مثل تشكيل جنس أدبي عبر تثبيت سمات جنسية لنموذج، ونشره ومعرفته من خلال تقليد وإعادة إنتاج مختلفين)، وفي المكان الثاني، إمكانية جديدة لقراءة شعرية للنصوص النموذج كمبدأ منظِم للنص)، وأخيراً، المنظور النظري المفتوح مع الوجه المثلث الذي يستطيع المقارن تحته أن يواجه النص الأدبي: مجموعة من القواعد، ومجموعة من الإشكال الجمالية، ومجموعة من الموضوعات التي تجعل النص حكاية خرافية)، إذا أُريد جيداً الإمساك بالوظيفة الحكائية، والقدرة على خلق قصة عبر كلمات، وروايتها إلى الذات أو إلى الآخرين)، كعنصر أساسي يحدد الكتابة في المستوى نفسه لخلق الأشكال.‏

    (1) المقصود كتاب ما الأدب المقارن؟ الذي ألفه بيشوا، وروسو، وبرونيل. وكانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قد صدرت قبل هذا التاريخ ودون مشاركة بييربرونيل.‏

    (2) السونيتة : قصيدة من أربعة عشر بيتاً‏

    (3) انظر : قراءة ثانية للهزل، لاليشيفارون، حلو الهزل، القديم و الجديد في التفكير الجمالي، مطابع جامعة فانسين، 1991‏

    (4) ميكيل دوفريسن، الشعري، P.u.f ، 1963‏

    (5) جورج مولينييه، عناصر من الأسلوبية الفرنسية، P.U.F. ، 1986‏

    (6) انظر يفون بيلنجي، السونيتة في عصر النهضة، دار هواة الكتب، 1988، وسوزان غيلوز، الحوار، p.u.f 1992 .‏

    (7) الأجناس الأدبية، هاشيت، 1992‏

    (Cool انظر الدراسة النموذجية للمتفرنسة : سيسيل كافيلاك، إسبانيا في الثلاثية - البيكارسكية - لليزاج : استعارات أدبية، استعارة ثقافية، جامعة بوردو الثالثة ، 1984، مجلدان.‏

    (9) جاك لاكان، ماريفو في ألمانيا، 1975‏

    (10) هيلواز الجديدة، الجزء الثاني، ص 17.‏

    (11) انظر بيير براشين، منشورات وأ.ب. سميت، نظرية الملحمة في أوربا الغربية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، مينارد، محفوظات الآداب الحديثة، 1993‏

    (12) -الملحمة، puf 1986.‏

    (13) تطور الأجناس، 1890.‏

    (14) انظر إيف شيفريل، الطبيعية، دراسة حركة أدبية عالمية، P.U.F، 1980؛ ودانييل ماديلينا، السيرة الذاتية، P.U.F، 1984؛ وفلورنس غويه، القصة، P.U.F. 1993‏

    (15) انظر، الشعرية، 1977/ عدد /32، وهو عدد خاص.‏

    (16) انظر ه.ف. إمبير، أعمال المؤتمر السادس عشر SFLGC، مونبلييه، 1980‏

    (17) انظر المقالة المثيرة لبليندا كانون، ماالحوار الداخلي؟ كي فولتير، شتاء عام 1992، العدد /4‏

    (18) الساغة: حكاية شعبية تاريخية أو اسطورية من الأدب الاسكندنافي.‏

    (19) المقصود إيرلندة، والدانمارك، والنرويج، والسويد.‏

    (20) المقولِب: عامل يفرغ مصنوعات النحات في قوالب.‏

    *) -1- انظر العدد الخاص من R.L.C، 1991/2، الشعريات الشرقية والشعرية الغربية‏

    (21) - انظر ف.ك. شاري، النقد السنسكريتي، جامعة هاواي، 1990‏

    *) مذهب مدرسة أدبية موسيقية في إيطاليا، في أواخر القرن التاسع عشر، تدعو إلى تمثيل الحقائق برمتها، على غرار المدرسة الواقعية الفرنسية.‏

    **) طقس مختص بالأسرار المقدسة.‏

    *) اسم كان يطلق على تمثيلية دينية في العصور القديمة يدخل فيها الآلهة والقديسون والشياطين.‏

    (22) مسرح وفظاظة، مكتبة مريديان، 1982.‏

    (23) انظر أو دوكرو، وتودوروف، القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، سوي، ص 280.‏

    (24) Mimesis، 1946، غاليمار، 1968.‏

    (25) دراسات في الأسلوب ،غاليمار، 1970.‏

    (26) الترجمة الفرنسية، دار سوي، 1972.‏

    (27) انظر الأشكال القصيرة، دار هاشيت، 1993‏

    (28) الأدب الأوروبي والعصر الوسيط اللاتيني، p.U.F 1956‏

    (29) انظر غرق مع مشاهد، دار آرش، 1994‏

    (30) انظر التوضيح المفيد لدافيد فونتين، الشعرية، مقدمة في النظرية العامة للأشكال الأدبية، جامعة ناثان، 1993، انظر أيضاً: م.م. مونغ، دراسات في تاريخ الشعرية، جامعة ميتز، بيتر لانغ، 1984.‏

    (31) غاليمار، تُرجم عام 1978.‏

    (32) رموز : المجلد الثالث.‏

    (33) انظر مقدمة في النص المتعدد، دار سوي، 1979، وأُعيد أخذه في جيرار جينيت و أل، نظرية الأجناس، دار سوي، 1986.‏

    (34) علم الجمال، المجلد الرابع، القسم الثالث.‏

    (35) حدود السرد، رموز، الجزء الثاني، 1969.‏

    (36) طروس، سوي، 1982.‏

    (37) انظر مدخل، دار سوي، 1987.‏

    *) ترجمت هذا الكتاب عن الفرنسية، وصدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، 1997.‏

    (38) الوجيز في الأدب المقارِن.‏

    (39) المؤتمر العاشر للرابطة الدولية للأدب المقارن، نيويورك، 1982.‏

    (40) الرومانسيات في البرتغال: نماذج أجنبية، وتوجهات وطنية، باريس ك. غولبينكيان، 1986.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:09 pm

    8- التاريخ والمنظومة الأدبيان

    توجه دراسة الأشكال الأدبية المقارِن نحو سؤال صاغه جان بول سارتر بالطريقة الجوهرية التي نعرفها: ما الأدب؟ في هذا المستوى من التجريد، يندثر الأدب المقارن أمام الأدب العام الذي لا يركز على "إطلاق عموميات على الآداب" مقبوس من إيتامبل)، ولكن هل سيكون هذا الأدب حقيقة) أدباً عاماً، وفق رغباته، عند مزج لغات الأرض كلها، أو أن الأمر -يحتاج إلى قليل منها؟ أو أن ذلك سيكون "نظرية للأدب" مؤسساتية في بلدان عدة؟ أو "علم الأدب" الذي ذكره إيف شيفريل في نهاية كتابه Quesais-je?)، ليُبعَد بعد ذلك مباشرة، ليس دون سبب؟ أو "فلسفة الأدب" لبيشوا- روسو، التي أُلغيت بعد ذلك؟ مهما تكن التسمية من المؤكد أن مسائل المصطلح تلازم المجال المقارني)، من الضروري نقل التفكير الأدبي، أو بصورة أدق، الشعري، من الأساس التاريخي الذي تبناه دائماً إلى مستوى أعلى.‏

    - عناصر التأريخ الأدبي:‏

    نذكر أنه منذ سنوات الخمسينيات، كان رينيه ويلك قد انتقد الموقف التاريخي) للمقارنين الفرنسيين، أُثيرت مسألة العلاقات بين الأدب والتاريخ الأدبي من جديد في سنوات الستينيات، وغذت، جزئياً، النزاعات بين النقد القديم والنقد الجديد.‏

    - الأدب والتاريخ الثقافي:‏

    في النص الأخير من النصوص الثلاثة التي تؤلف كتاب حول راسين)(1) ، والمعنون تاريخ أم أدب؟) أخذ هذا النص من مقالة منشورة في حولياتESC، أيار - حزيران، 1960) أدان رولان بارت بحق الخلط بين التاريخ والنقد الأدبيين، والمكانة المُبالغ فيها التي أخذتها السيرة في التاريخ الأدبي، وتقديس وقائع الطرفة وتواريخها.‏

    تتطلب صناعة التاريخ الأدبي التخلي عن الفرد و"الانتقال المتأني إلى مستوى التقنيات، والقواعد، والشعائر، والعقليات الجماعية"، ومقاربة الجانب المؤسساتي) للأدب.‏

    لقد اتخذ بارت) من المؤرخ لوسيان فيبفر موجهاً أو بصورة أدق كلود بيشوا مستشهداً بلوسيان فيبفر) الذي كان قد بيّن قصور التاريخ الأدبي من غوستاف لانسون إلى دانييل مورنيه) وطرح بعض التساؤلات البسيطة الموجهة نحو العلاقات المعقدة بين الأدب والحياة الاجتماعية(2) .‏

    نقتبس من لوسيان فيبفر: "يجب ......) إعادة تركيب الوسط المكان)، والتساؤل مَنْ كَتَبَ، ومن أجل مَن، ومن قرأ؛ ولماذا؛ ويجب معرفة التعليم الذي كان قد تلقاه في المدرسة أو خارجها، الكتّاب، وبصورة موازية معرفة تعليم قرائهم......؛ ويجب معرفة النجاح الذي ناله هؤلاء وأولئك، ومدى النجاح وعمقه؛ ويجب ربط التغيرات في العادة، والذوق، والكتابة، واهتمامات الكتاب، مع تقلبات السياسة، والتحولات في التفكير الديني، وتطورات الحياة الاجتماعية، وتغيرات النموذج الفني والذوق، ...... الخ يجب...... لن أكمل.".‏

    هذا البرنامج الطموح، غير المحدود هو الذي أعاد أخذه رولان بارت: "دراسة الوسط، أو الأوساط؛ و"الجماهير"؛ و"التكون العقلي لهذا الجمهور"، والمؤلفين؛ وأخيراً "أعمال العقلية الجماعية" آخذاً، بخصوص راسين، أمنية جان بومييه. "بتاريخ الأسطورة الراسينية"، أي البحث في الأوجه التي أعطاها النقد لراسين وعمله)، وأكثر من ذلك "تاريخ الخيال في القرن السابع عشر"(3)‏

    إننا نرى أن هذا البرنامج يمس، في الوقت نفسه، تاريخ المجتمعات والعقليات، وعلم اجتماع الأدب والأدب العام، تحت زاوية العلاقات بين الأدب والمجتمع.‏

    كانت جمالية التلقي قد درست بعض المسائل المتعلقة بالجمهور، وبعضها الآخر كان قد درس منذ سنوات طويلة من قبل بيير بورديو، وفريقه، وهي تصنف "الحقل الأدبي"، والأدب كمؤسسة)، وتحلل المكانة الاجتماعية، والسياسية للكاتب داخل هذا الحقل)، وأخيراً، هناك مسائل أخرى موجهة نحو المستوى الثالث)، وهو مفهوم يعيد بعد السياسي والاقتصادي) إلى تاريخ العقليات.‏

    بالنسبة لرولان بارت، لا يمكن فصل تاريخ الأدب) عن تاريخ فكرة الأدب نفسها)، وهذه بديهية أساسية تحدد هذا الجسر الضروري بين التاريخ الأدبي والنظرية الأدبية: يتحدث بارت عن هذا النوع من الأنطولوجيا- علم الكائن- التاريخية) التي يجب تأليفها: مازال البحث موضع اهتمام ورعاية، ولكنه لم يَقَوَ على نسيان بعض المشاكل الخاصة، ويمكن أن نقول "مشاكل شعرية"، وأخذ مثالاً من البلاغة الكلاسيكية المدروسة بصورة سيئة، إن ما تفرضه اللغة- عبر رموز البلاغة كلها- هو تقطيعاً للعالم) وشكلاً للعالم) مهماً بمقدار أهمية التقديم التاريخي بالنسبة لتاريخ الرسم، وهكذا انتهى إلى أن الأدب ينتظر Francastel، مشيراً بذلك إلى مؤرخ الفن بيير فرانكاستيل المهتم بإقامة روابط بين المجتمعات والأشكال الفنية، كان يمكنه أيضاً أن يذكر هنري فوسيلون، وإيرفان بانوفسكي، أوآرنست كاسيريه، ضمن منظورات تاريخ ثقافي.‏

    بصورة أدق لنقف عند المسار الذي تقترحه مقالة رولان بارت:‏

    1- اختبار التاريخ.‏

    2- زمن الدراسة الشكلية.‏

    3- ضرورة المقاربة النظرية، العامة.‏

    - التاريخ المقارن للآداب:‏

    بمبادرة من جاك فوازين، وتحت إشراف الرابطة الدولية للأدب المقارن Ailc)، بدأت المقارنية العالمية مشروعاً ضخماً منذ ربع قرن هو إصدار سلسلة من الأعمال الجماعية التي تشكل في مجموعها تاريخاً مقارنياً للآداب في اللغات الأوروبية، صدرت حتى الآن مجلدات عدة أولها تحت إشراف Ulrich Weisstein حول التعبيرية) 1973)، والثاني تحت إشراف غيورغي فاجدا ويدرس منعطف عصر الأنوار، 1760-1820) خاصة الأجناس المنظومة من الأنوار إلى الرومانسية 1982).‏

    ويقدم الثالث الذي نظمته آنا بالاكيان الحركة الرمزية) 1982)؛ وصدر مجلد تحت إشراف جان فيسجير بر حول المقدمات الأدبية في القرن العشرين) 1984)، وصدر مجلد خامس تحت إشراف جماعي، تيبور كلانيكزاي، وإيفا كوشنر)، وأندريه ستيغمان، مكرس لعصر النهضة وولادة الروح الجديدة- 1400-1480)، 1988)؛ وأخيراً، صدر مجلدان تحت إشراف آلبير جيرارد وكرسا لآداب أفريقيا شبه الصحراوية في اللغات الأوروبية)، 1986)، نُشرت هذه المجلدات في بودابست من قبل أكاديمية العلوم، وتعكس جيداً توجهات التأريخ المقارني واهتماماته: مثل تجنب تجميع الآداب، وتنظيم أعمال جماعية، واختيار حقبة تارة، وتارة أخرى حركة، وتارة ثالثة مجال أدبي وثقافي، والاهتمام بالتحقيب، وإظهار الاهتمام بلحظات التغير أكثر من الاهتمام بالعصور المتجانسة التي تسيطر عليها أجناس أدبية محددة جيداً.‏

    يوسع الأدب العام والمقارن، إذن، إلى أبعاد متعددة القوميات أو فوق القوميات، مفهومات، وحقائق اجتماعية، وتاريخية، تقدمها التواريخ الأدبية القومية): مثل العصور، والحقب، والحركات، والمذاهب والاتجاهات، والمدارس، والأساليب، ومانسميه أسلوب العصر)(4) .‏

    تفيد هذه الأعمال الواسعة من التحليل، والوصف، والتركيب، في إعادة النظر في التحقيب، والإشتراك الجيد لللآداب ذات الانتشار القليل، وإعادة التوازن، إذن، لما هو غالباً نتيجة لمعارف مرتكزة على أدبين أو عدة آداب عظيمة، وهي أيضاً تعبير عن حلم أدب عالمي حاضر في ذهن المشتركين.‏

    بصورة عامة، يفضل التأريخ المقارني الزمن المتوسط، وأحياناً الزمن الطويل، ولكنه نادراً مايفكر في الزمن القصير، على كل حال، يجب رفع المبادرات المفيدة المنصبة على التزامنيات الأدبية)(5) ، وحتى المنصبة على سنة هامة بصورة خاصة(6) .‏

    ضمن هذه الكتابة للتاريخ الأدبي، تكثر مشاكل المصطلح، أي مشاكل المنهج أيضاً؛ وتنصب على نصف الدزينة) من المفهومات المستشهد بها، والمرتبطة بالتحقيب، من الواضح أن مشكلة اختيار مقطع تاريخي) مهمة، بالإضافة إلى مسائل تأريخ.ظاهرة تعود في الزمن حتى بدايته، أو تنزل حتى نهايته، ولكن، إن مايبدو أساساً، هو إعادة تركيب تعقيد الزمن التاريخي، هنا أيضاً، نترك الكلام لهنري فوسيلون حياة الأشكال): "إن المؤرخ الذي يقرأ تتابعياً يقرأ أيضاً أفقياً عرضياً)، بصورة متزامنة، مثل الموسيقي الذي يقرأ توليفة جوقة موسيقية، التاريخ ليس أحادياً ولا تتابعاً خالصاً، يمكن أن يعد تراكباً للحظات الحاضرة الممتدة بصورة واسعة...... في التاريخ نفسه، لا يحتل السياسي، والاقتصادي، والفني الموقع نفسه على خطهم الخاص، والخط الذي يجمعهم في لحظة معينة هو غالباً متعرج جداً...... التاريخ بصورة عامة نزاع بين النضوج المبكر، والحاضر، والتأخر".‏

    - المدة الزمن) في التاريخ الأدبي:‏

    إن عمل مؤرخ الأدب وهو في جزء منه عمل المقارن) هو خط استمراريات في المكان الذي يبدو أنه لا يوجد فيه إلا التفَتيت والتقسيم، وحصر لحظات التغير- النادرة- المثار غالباً عبر ظهور عمل جديد، ومدرسة جديدة، من هنا تأتي دراسات شعرية بصورة واسعة، وبيانات، وكذلك أيضاً آثارها، وأصداؤها، وهناك دراسات أخرى وسيطة بين علم الاجتماع وتاريخ العقليات، حول بعض المفهومات مثل مفهوم الفضيحة) أو القطيعة).‏

    ولا يستطيع هذا المفهوم الأخير، الذي تعيش عليه الحداثة)، أن يصبح مبدأ تحليل تاريخي، يهتم بتقدير إيقاع التفعيلات التي تشخص التطور الأدبي، وهذه فرضية خاصة بتاريخ أدبي شعري، وتتقاطع فكرة نص حواري: كل نص يجدد في بعض المجالات، ويتقدم في بعض النقاط، ويظهر أقل تجديداً في بعض الوجوه، يقوم المبدأ الريمبالدي الذي بحسبه "يجب حتماً أن يكون الإنسان حديثاً" على صراخ، ورغبة، ولكن ليس على التاريخ الأدبي.‏

    في مقابل "أيديولوجية القطيعة"(7) أو مايسميه أو كتافيوباز "تقليد القطيعة"، ينتصب بناء الثوابت، أو الكليات، أو النماذج الأصلية بمقدار طرق الهروب من التاريخ. نعرف أن الثابت الوحيد الممكن الوصول إليه هو الثابت الذي يدمج بناء الروح نموذج، مخطط).‏

    إنه معزول لكي يجابه مباشرة بالتطور التاريخي، أو بالحوار بين الآداب، لا يستطيع الثابت إلا أن يكون تعبيراً عن تعطيل اصطلاحي للزمن، وهذا شكل من الزمن التاريخي للروح التي تبحث عن فهم المتنوع، والمعقد، يجب أن يعيش التاريخ الأدبي الأزمنة الثلاثة للتاريخ التي ميزها فيرناند بروديل: "المدة الطويلة"، وحتى "الجيل المتعدد"، ولكن ليس فوق- الجيل)، ثم الزمن الوسيط الجيلي) ظاهرة الجيل، ويمكن تعريفه بعبارات Forma mentis مشتركة، وتجمع من الأفكار، والقراء، والمراجع الجمالية، والأيديولوجية، وهو هام إلى حد ما، بالنسبة لبعض الآداب، مثل الآداب الإيبيرية، والإيبيرية- الأمريكية)؛ وأخيراً، الزمن القصير، وهو زمن الحدث الذي يتجاوز الحقل الأدبي ويؤثر فيه.‏

    إن شكلاً أدبياً، بالمعنى الواسع، هو أيضاً نوع من المدة الزمنية)؛ والتي خلالها يُعرف، أو يُستقبل، ويُنشر، ويعد حجة، ومرجعاً لجماعة معينة، ولكن من الواضح جداً أن سونيتة بيترارك ليس لها علاقة كبيرة مع سونيتة مالارميه، دون وجوب نسيان مدة الانتشار الأعظمي لشكل ما(Cool .‏

    يجب أن تدخل في المدة، أعياد الميلاد، والاحتفالات التذكارية، والتذكارات المئوية المئوية الثالثة لغونغورا المعاد اكتشافه عبر- الجيل 27-) والتلوثات الدنيوية إن نهاية قرن تجلب نهاية أخرى، مالذي يجب قوله عن نهاية ألفية؟)، وكل عناصر زمن طقسي، زمن ذكريات، زمن أحكام نهائية، وأعداد خاصة من المجلات، والمقابلات مع الأحياء، وإعادة تقويمات، واكتشافات)، وعودات إلى.....)، ونسيان، زمن يرى انبعاث أسماء قديمة، وتغييب أسماء أخرى، حيث تتطابق أذواق الحياة، ويقاس عمل الجيل القادم: زمن التاريخ الأدبي هو أيضاً زمن يمكن عكسه، ومتعدد الأصوات، وجمعي.‏

    إن المدة، في الأدب، هي أيضاً التقاء الجمالية، والشعرية، والحضارة المادية: تاريخ الكتاب، وتاريخ العلاقات الفكرية، وكذلك أيضاً التجارية، وحتى الاقتصادية، "تجارة الأفكار" التي طُرحت سابقاً، يستطيع المقارِن أن يفيد كثيراً من الدراسات حول تجارة الكتاب التي بدأها لوسيان فيبفر، وتابعها هنري جان مارتان، ودانييل روش، أو روبير دارنتون.‏

    ضمن هذه المدة الاستعراضية، المعادة صياغتها، تنضوي بعض المسائل الأكثر تعقيداً: مثل ولادة أسلوب ومدته، ومفهوم عتبة عصر معين) الذي درسه هانس- روبيرت ياوس، وكذلك مفهومات الأوج)، والقمة)، والمنعطف)، وتوسع تراث ما) مع بعض الغيابات تراث الرواية البلزاكية....) وعليه فإن مفهوم الأسلوب)، ارتجاعي بصورة واسعة منسحب على الماضي): هذا مانستطيع، حالياً، وعيه، عبر لعبة البعد التاريخي، لأسلوب أعوام الخمسينيات، ونموذج) أو نماذج) fifties، حتى في تعبيراتها الكاريكاتورية. يتطلب التراث تطور التخزين، وأرشفة الأحداث والأشكال الأدبية، وتطور التناصية. تُصنع ثقافة، أو مجموعات ثقافية معينة من التقاليد التراثية التراث الكلاسيكي، التراث الواقعي... الخ).‏

    يمكننا إرادة فهم كيف تشكلت، وانتقلت بين الذاكرة والنسيان، والتجديد والمقاومة، والابتكار والتخلق؛ وكيف تخلد أشكال كتابة وقراءة، وموضوعاتهما وأصولهما، لا وجود لتقليد أدبي دون وجود مجموعة من النصوص المرجعية، ودون تعليقات نقدية وتفسيرية، وتقويمية، وتخليدية، ودون انشقاقات أيضاً.‏

    لا وجود لـ dosca دون هرطقة.... انتقلنا، بصورة إجبارية، من البحث التاريخي إلى جرد مجموعة، ومنظومة تسمى أيضاً أدباً.‏

    مما لاشك فيه أن كلمة منظومة) تُحيل إلى مستوى نظري من التفكير، ولكن الأمر يتعلق، في الواقع، بامتلاك وسائل الوصف التاريخي والشعري للأدب، وهذا مالايسمح به فحص الأشكال والأجناس انظر الفصل السابع).‏

    - الأدب كمنظومة:‏

    استعير مفهوم المنظومة) من الشكلانيين الروس، وطُبق على الأدب، وشكل منذ سنوات السبعينات تقدماً منهجياً بارزاً من أجل التوفيق بين الشرط التاريخي وبين ضرورة الوصف الدقيق للظاهرة الأدبية، وظهر المفهوم) تحت اسم منظومة متعددة) اقترحه إيتمار -إيفين زوهار في ورقة عمل مقدمة إلى ندوة حول نظرية التاريخ الأدبي)، وأعيد استخدامه عام 1979، في العدد الأول من مجلة الشعرية اليوم)، في غضون ذلك، نشر كلوديو غيلين مقالة بعنوان الأدب كمنظومة)(9) ، وقدم جوزي لامبير جامعة لوفان) عام 1980، إلى ندوة SFLGC) في مونبلييه دفاعاً عن برنامج ا لدراسات المقارنة: الأدب المقارن ونظرية ا لمنظومة المتعددة)، وتابع الوصف النظري للمنظومة الأدبية في مقالات متعددة. استُخدم مفهوم المنظومة المتعددة) حديثاً من قبل بعض الباحثين الكنديين في سبيل تاريخ أدبي جديد لكندا(10) .‏

    في البرازيل، افتتح أنطونيو كانديدو كتابه الهام تشكيل الأدب البرازيلي) 1975)، بفصل موسوم الأدب كمنظومة).‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon السبت يونيو 07, 2008 11:09 pm

    مثال على المنظومة الأدبية:‏

    يواجه أنطونيو كلوديو الأدب كمنظومة من الأعمال المرتبطة مع بعضها عبر قواسم مشتركة تسمح باستخلاص السمات المميزة لعصر معين). هذه القواسم المشتركة داخلية اللغة، والموضوعات، والصور)، واجتماعية، ونفسية، وتجعل من الأدب مظهراً عضوياً عن الحضارة، ويميز بين مجموعة من منتجي الأدب الواعين إلى حد مالدورهم، وبين مجموعة المتلقين الذين يشكلون النماذج المختلفة للجماهير، وآلية الناقل للرسالة) لغة مترجمة إلى أساليب، الذي يربط المنتدين بالمتلقين، يشكل المجموع نموذجاً من الاتصال الإنساني الداخلي يسمى أدباً يبدو، من هذه الزاوية، كمنظومة رمزية) تتحول بفضلها الأحاسيس الأكثر غوراً عند الفرد، بحسب الاتصالات بين البشر، وعناصر تفسير الواقع.‏

    يتحول النشاط الأدبي إلى تقليد يقارنه كانديدو بنقل المناوبة في الملعب سباق التتابع): تُبتكر استمرارية أدبية مع تشكيل نماذج) نفكر بكلمة Pattern الإنكليزية، وهي مفهوم قريب من النموذج)، تفرض نفسها على الفكر والتصرفات، التي يجب العودة إليها من أجل قبولها، أو رفضها، "دون هذا التراث لا وجود للأدب كظاهرة عن حضارة"، في مواجهة هذا التراث، هناك مظاهر أدبية ذات إلهام فردي أو تحت تأثير آداب أخرى، وتشكل محطات مهمة في تشكيل المنظومة، يشير انطونيو كانديدو إلى أنه أراد، قبل كل شيء كتابة "تاريخ البرازيليين ضمن رغبتهم في امتلاك أدب"، وهذا مثال ثمين بصورة خاصة بالنسبة للمقارِن، لأنه يُظهر، داخل فضاء لغوي واحد، عناصر متعددة لإشكالية مقارنية، وأكثر من ذلك، لإشكالية الأدب العام من خلال إرادة ربط سيرورة التطور الأدبي بثوابت مختلفة مثل المرسلين، والمتلقين، وأدوات الإرسال)، وشرحها بواسطة تساؤلات مختلفة: اجتماعية، جمالية، ورمزية.‏

    - نظرية المنظومة المتعددة:‏

    إن الفرضيات، والبديهيات التي سمحت بإطلاق فكرة المنظومة المتعددة) أعادت أخذ مقترحات قدمها الشكلانيون الروس، خاصة إيوري تينيانوف، ورومان جاكبسون في مقالة صغيرة عام 1928، أعيد نشرها في كتاب نظرية الأدب)(11) : "مشاكل الدراسات الأدبية واللغوية"، كل عمل أدبي هو منظومة، وكلٌ ذو دلالة، وتشكل مجموعة النصوص التي تمتلك سمات مشتركة منظومة من الأنظمة، وتحت صيغة أخرى، نجد شعوراً مسبقاً عند الشكلاني الروسي ف.شكلو فسكي قدمه عام 1921 وعام 1923، تحت اسم قانون التطبيق)*، والذي ينظر إلى العمل الأدبي كمجموعة من الطبقات التي تتنازع فيما بينها، سواء تعلق الأمر بطبقات ثقافية رسمية)، معترف بها، أم بطبقات قادمة من ثقافة شعبية غير معترف بها، تلاقي أيضاً الفكرة الكبيرة والتي بحسبها تطبق الثقافة غير الرسمية، تحت مختلف الأشكال، على الأدب الرسمي لاحتلاله وتغييره، يُستخدم هذا الربط بين المشاكل الجمالية، والاجتماعية- الثقافية، وبين فكرة التوتر بين الطبقات ذات الأصل المختلف، أيضاً كأساس لنظرية الحوارية) عند ميخائيل بختين.‏

    يلاحظ إيتمار إيفين -زوهار بحق، في مقالته البرامجية عام 1979(12) ، أن تمثُّل النظريات الشكلانية، والبنيوية في أوربا الغربية كان انتقائياً، ضمن الحد الذي لم تصنع فيه هذه النظريات أبداً مقابل تصور تاريخي وهذا ماكان عليه الحال في فرنسا مثلاً).‏

    إن النص والمنظومة الأدبيين يشكلان مجموعات طبقية للنظم التي تفسر بعضها بعضاً وتدخل في تنازع.‏

    - وصف المنظومة الأدبية المتعددة:‏

    تتألف المنظومة من ثلاثة أشكال من النصوص: النصوص الأدبية، بالمعنى الدقيق، وبالمعنى الأكثر اتساعاً لكلمة أدب، والنصوص النقدية كل ما يسمح بإعادة تركيب المنظر الأدبي، من هنا تأتي أهمية مافوق النصوص)، ومرفقات النصوص)، مثل المقدمات، والإعلانات، والجدالات، والحسابات السنوية....)، وأخيراً النصوص الكامنة الممكنة) أو النماذج) التي ينتسب مجموعها إلى المنظومة المتعددة، لأنها المنظومة) تشكل منها التركيب المجرد، والنظري: يتحدد نظام أدبي عبر وجود عدد من النماذج الممكنة، وفي لحظة معينة، والتي هي قابلة لإعادة الإنتاج إلى حد ما، وتعد النماذج المسيطرة بين النماذج الأكثر قابلية لإعادة الإنتاج، وأيضاً الأكثر قابلية، إلى مدى معين، للتنازع.‏

    اقترح جوزي لامبير التمييز بين ثلاثة معطيات أساسية من أجل وصف المنظومة الأدبية:‏

    - p أو إنتاج اللحظة، أي النشاطات الأدبية كلها في لحظة معينة؛‏

    - T ، أو التراث، أي النشاطات الأدبية القديمة التي تستمر تتعايش) مع حاضر خاص.‏

    - I - أو استيراد، أي النشاطات أو النصوص التي تستوردها المنظومة الأدبية من منظومات أدبية مجاورة، تسمح ملاحظة التداخلات بين P.T.I بصياغة بعض مبادئ عمل المنظومة الأدبية:‏

    يمكن أن تكون p غير موجودة بالنسبة لجنس أدبي معين لا تمتلكه منظومة أدبية)؛ وتستطيع T أن تغيّب أو تخفي I منظومة أدبية محافظة)؛ يمكن توجيه I ضد T مقدمة الترجمان من أجل معارضة تراث موجود).‏

    يُفسر قسم هام من نظرية المنظومة المتعددة عبر الاهتمام بمشكلات الترجمة البحوث الأولى لإيتمار إيفين- زوهار، ولا مبير) أو بدقة أكثر بالأدب المترجَم)، الذي يأخذ مكاناً، كما هو، ضمن المنظومة الأدبية المترجِمة منظومة لغة المصب).‏

    - المنظومة المتعددة والتعارضات الأساسية.‏

    يقيم مفهوم المنظومة المتعددة بعض السلاسل من التعارضات الأساسية التي تبني المنظومة المقصودة؛ يجب دراستها من وجهة نظر تاريخية البعد التاريخي مطلوب دائماً)، سنفصل السلاسل الثلاث الأساسية.‏

    - الأدب الأولي مقابل الأدب الثانوي:‏

    إن أدب النموذج "الأولي" يعيد النظر في الاصطلاحات، والقواعد، والنماذج المعمول بها؛ إنه يدخل إجراءات جديدة في الكتابة والقراءة.‏

    يستغل الأدب الثانوي الاصطلاحات الأدبية والجمالية ويحتفظ بها.‏

    ولكن أي عمل، وأي مؤلف لا يستطيع أن يكون أولياً أو ثانوياً بصورة كاملة، يستطيع نص ثانوي، محافظ في الظاهر، من وجهة نظر جمالية نفكر بمسرح سارتر)، أن يكون نص معارضة اجتماعية، يجب أن يدرس النص، والأدب بصورة عامة من موقع الاتصال، والتلقي، والتقويم، أو بصورة أصح من موقع إعادة التقويم الدائمة.‏

    تُترجم هذه التغيرات عبر مواقف مختلفة داخل المنظومة، وتتطور وفق تطور هذه المنظومة.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:18 pm

    - الخيال والمجتمع :‏

    أراد آلان كوربان في دراسة سابقة (30) أن يتأمل بعض أوجه المنظر ودوافعه، على حد الأرض والبحر، وهذا خيار لم يكن ينكره مقارن باسم الموضوعاتية أو العلاقات بين الأدب والفنون.‏

    وهذه هي خاتمة هذه الدراسة التي تهمنا مع بعض التنبيهات أن على المقارن أن يسمع. أمام هذه الصور الدائمة، وفي مواجهة الزمن الطويل، يحدد كوربان : " أن الأمر لايتعلق بالانضمام إلى الإيمان ببنيات انتروبولوجية للخيال لاتتغير مع الزمن. المنظر مرسل لصور تسهل الانتقال من الوعي إلى اللاوعي، وتقدم خطة التحليل رموزاً تقاوم فوقها الحساسية، ولكن العمليات تتم، برأيي، وفق آليات يمكن تأريخها "‏

    رأينا في المقطع انتقاداً موجهاً إلى جيلبير - دوراند. لقد قيل كل شيء في بضعة سطور : لهذا تحدثنا، منذ الفصل السابق، عن الخيال الاجتماعي، يمكن التعرف عليه في زمن وثقافة معينين.‏

    إن سمة العناصر القابلة للتأريخ مثل الموضوعات) تهم الدراسات التعاقبية حيث تظهر حقب الاستغلال دون تجديد، ومراحل تطور خيال. الموضوعات هي وسائل لتحديد التاريخ الأدبي وتمييزه، مثل الترجمات أو الصور انظر الفكرة التي عبر عنها سابقاً جورج بوليه). بذلك تقدم دراسة الموضوعات للمقارن أعمالاً عديدة، ومحددة : مثل التعرف على العلاقات المحتملة بين النصوص والسياق الاجتماعي، وتتبع استراتيجيات استدلالية، والتقاط أصداء روحية، واكتشاف أن دراسة الأدب تستطيع، مثل التاريخ، أن تكشف عن أبعاد عاطفية وحساسة.‏

    يقترب الموضوع حيناً مما يمكن تسميته بالمتخيل، والأسطورة، وحيناً آخر يدفع المقارن إلى فهم المنطق التخيلي : كلمات لفاليري في كتابه مقدمة في منهج ليوناردو فينشي) 1894).‏

    وفي الحالتين، يحرص هذا الأخير على عدم نسيان المنظور التاريخي، الذي سيسمح له، في مكان آخر، بحصر كل ما هو موضوع كامل)، ويعاد أخذه، ويتأدب تحدثنا في الفصل السابق عن عناصر مأخوذة ضمن تطور اجتماعي)، وما هو موضوع شخصي، يمكن أن يصل إلى الموضوع الهاجسي أو إلى أسطورة شخصية بالمعنى الذي استخدمه شارل مورون). أشير إلى هذه الطرق بوضوح في نهاية الفصل الذي خصصه برونيل، وبيشوا، وروسو لهذه المسألة. في المقابل، يبدو من غير الممكن، والبعيد عن التفكير إعادة أخذ فكرة موضوعاتية أبدية)، حتى وإن تعلق الأمر بموضوعات قديمة جداً.‏

    القديم الجمعي، أو الحقبة الطويلة ليسا مبدئياً ماوراء التاريخي الأبدي. ويمكن القول إن الموضوعاتية تشجع على مقارنة الموضوعات القديمة والموضوعات الحالية التي نقلتها لنا الحياة الحديثة. من بين الدراسات الموضوعاتية الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكننا أن نذكر دراسة الاستعباد النسائي) من روسو إلى زولا (31) مظهرة الاستغلال الدائم للجسد الأنثوي في المجتمات والآداب الأوروبية الغربية خاصة الفرنسية). المثال الثاني الذي سجل في موروث أكثر من عشرين سنة هو : الأدب والغذاء (32) .‏

    دُرست فيه التصرفات الشاذة للآكلين، وفقد الشهوة إلى الطعام، والشراهة التي تقود إلى موضوعاتية ملحة للبدانة فيما يبدو) أما فيما يتعلق بالآكلين الشاذين، فإننا نجدهم عند هويسمان، ث. مان والوجبات التي لا تنتهي في Buddenbrook ).‏

    يمكن الربط بين الموضوعين الحاملين : موضوع المرأة و موضوع التغذية أو دراسة الآكلات الشاذات الثلاث : مدام دومورتسوف في الزنبق في الوادي)، وإيما بوفاري، المتخفية عن الأنظار، وجيرفيز. وكشاهد على المثال المضاد أو الموضوع المضاد يمكن ذكر أعمال المؤرخة الأمريكية كارولين بينوم الموجهة نحوالربط القوي مفهوم مقارني) بين فقدان الشهوة إلى الطعام وبين الروحانية النسائية في العصور الوسطى (33) .‏

    ويمكن أن نذكر أيضاً الندوة الغنية جداً التي نظمت في ديجون حول موضوع لاينضب : خيال الخمر، مرسيليا، جان لافيت، 1983.‏

    من المؤكد أن الموضوعاتية تفتح على منظورات لا محدودة : يستطيع المقارن دائماً أن يحاول رفع وتد الغطاء الذي يغطي، حسب رأيه، مشكلة معقدة. يمكنه اختيار موضوع غير مدروس كثيراً، لكنه يعده مفيداً من خلال المنظورات التي يقدمها، ويستطيع أن يختار نصوصاً معروفة يريد رؤيتها ثانية، أوغير معروفة كثيراً من أجل توضيح دراسة الموضوع، ويستطيع أخيراً أن يعتمد على تجميعات يقدمها واضحة ومدهشة في الوقت نفسه.‏

    وعليه أخيراً الاختيار بين موضوعين : طريق يجب توضيحه أو درب مطروق، وللثاني أفضلية واضحة في إثارة قليل من الغبار، أو ذر الرماد في العيون.‏

    (1) انظر بداية مسرحية سوفوكليس - أوديب ملكاً - وانظر أيضاً العهد القديم والجديد، L uc ، XXI ، مثلاً‏

    (2) انظر أيضاً الرأي العام وتطوره في مانوسك لجيونو.‏

    (3) مجموعة عناصر متجانسة من الميسور الانتقال باستمرار من واحد إلى آخر فيها.‏

    (4) الرابطة الدولية للأدب المقارن، شابيل هيل، 1958.‏

    (5) انظر الكتاب الجميل لأنتونيلو جيري La dispota del Nuovo mondo storia di una polemica ، ميلانو، 1955، حول وضع أمريكا ضمن منظومات فكر الأوربيين وخيالهم .‏

    (6) p.u.f، كادريج‏

    (7) سوي، 1955‏

    (Cool البحث في LGS ، الكتاب الابيض‏

    (9) الباث لميشليه من خلال ذاته، جان - بيير ريشارد‏

    (10) خمس عشرة دراسة حول Elsiglo de las fuces هارماتان، ريسيف، 1983‏

    (11) انظر صور هايتي وأساطير، طبعة، ريسيف، 1948‏

    (12) أدب وإثارة، سوي، 1954‏

    (13) إنتاج النص، سوي، 1979‏

    (14) انظر جوليان هيرفييه، فردان ضد التاريخ : بيير دريو لاروشيل، إرنست جونجر، كلانكسيك، 1978‏

    (15) جان بالاسيو، بيير ونهاية القرن، سيغوييه، 1990.‏

    (16) إليزابيت رافو - رالو، صور المراهقة في بعض حكايات القرن العشرين، كورتي، 1989، أو ف شاردان، الحب داخل الكره أوالغيرة ضمن الأدب الحديث، جنيف، دروز، 1990.‏

    (17) ميشيل ديلون، فكرة الطاقة عند منعطف الأنوار، P.U.F ، 1988 أو غوتيل بونو، الجنون في الأدب الخيالي CNRS، 1987.‏

    (18) شامبيري، 1930‏

    (19) فيليب جوتارد، طبعة ابتكار الجبل الأبيض، غاليمار - جوليارد، أرشيف، 1986.‏

    (20) Purgatoire ، النشيد الخامس.‏

    (21) رواية الشعور السوداوي، جنيف، دروز، 1983.‏

    (22) انظر مثلاً : مرايا المدينة، تصورات وإسقاطات، Ens ، القديس - كلود، ديدييه، 1985، أو خيال المدينة، إيدولون، جامعة بوردو الثالثة، 1986‏

    (23) أنكونا، طبعة نوف ريسيرش، كابري كورنيو، 1993‏

    (24) الرواية القضية هي رواية يقصد بها التدليل على صحة نظرية.‏

    (25) كورتي، 1967.‏

    (26) S/ Z ، سوي، 1970‏

    (27) المدينة الحديثة في الآداب الحديثة، جامعة نانتير، 1993‏

    (28) كتابات في التاريخ، شامب - فلاماريون‏

    (29) Archiv fiir das studium der neueren sprachen und literaturen , 1971‏

    (30) أرض الفراغ، الحادث ورغبة الساحل، شامب - فلاماريون، 1988.‏

    (31) كارول، أ. موسمان، السياسيون وروايات الميلاد، كامبردج، 1993‏

    (32) ليليان فورست، طبعة ديزور دلي ايتر، بنسلفاينا، 1992‏

    (33) الصيام والمآدب المقدسة، سيرف، 1994‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:18 pm

    7 - الأشكال والأجناس

    عرض كتاب بيشوا - روسو مسائل المورفولوجيا الأدبية) بعد عرض الدراسة الموضوعاتية )، وأعيد أخذ هذا التوجه في كتاب عام 1983(1) الذي اختفى فيه، مع ذلك، العنوان الرئيسي البنيوية الأدبية). يمكن أن نستغرب السرعة التي عولجت فيها مسألة الأشكال، ولكن الاستغراب يزول عندما نتذكر أننا قرأنا في الفصل المخصص للتاريخ الأدبي العام) عرضاً للأجناس الأدبية التي تندمج تحت منظور دراسة تاريخية موسعة : حيث تعرض مشاكل الأسلوب، والحقبنة، والأجيال. مع ذلك، أدير التفكير حول الأجناس ضمن منظور شعري. بشهادة هذه الكلمات في المقدمة : " إن الوجود التعاقبي - التاريخي - للأجناس الأدبية هو الدليل الساطع على تقليد يفرض نفسه على المؤلفين. يحصل أحياناً أن يبدع العمل شكله، ويحصل غالباً، أو على الأقل كان قد حصل، أن ينزلق العمل ضمن شكل يكون موروثاً من الماضي القديم [ ....]. " كانت فكرة الشكل) حاضرة، إلى حد أن الملحمة، والقصيدة الغنائية، والمأساة، والملهاة كانت تقارن ببراميل حقيقية من فراشات الليل الأوربية التي تملأ في كل مرة بسائل مختلف). ولكن يشار، في الحال، إلى أن " البراميل يتغير شكلها تحت تأثير المواد التي نسكبها فيها " وكأن هذا من أجل تأييد هنري فوسيلون أوجان روسيه ربما من المناسب، عندئذ، الحديث ليس عن براميل) ولكن عن هذه القرب القديمة وعن هذا النبيذ الجديد اللواتي حكم العهد الجديد بتعارضها بصورة نهائية، وقد يكون من المناسب خاصة حل بعض المسائل المصطلحية التي تقارن بغرابة بالمسائل التي تقاطعت سابقاً.‏

    - مسائل المصطلح :‏

    يمكن أن تستخدم كلمة شكل) لكي تعيّن عنصراً يؤدي إلى التنظيم الداخلي للنص المدروس أو يسمح بدراسات ماوراء نصية ذات طبيعة تاريخية أو شعرية مثل حياة الأشكال الأدبية. وتسمح الكلمة بالتجريد الأكبر، والتعميم في دراسة المورفولوجيا). علاوة على ذلك، عند الاستخدام، وبالرجوع إلى دراسات الأدب العام والمقارن أو إلى أعمال أكثر اختصاصية في الشعرية، يبدو أن الجنس ليس إلا وجهاً خاصاً للشكل. وتستدعي كلمة الشكل عناصر تعريف خاصة : هي السمات الجنسية، وتثير امتدادات : سنتحدث عن طبقات جنسية) لايمكنها أن تندمج مع مفهوم الجنس يتجاوز الشعري والتراجيديا الشعر والمسرح). أخيراً، لايمكن التفكير بالجنس خارج السلسلة أو المجموعة التي نسميها منظومة) الأجناس، في أدب وعصر معينين يمكننا أن نتمرد ضد المقاربات الأولى هذه ونقرر أن الشكل يحيل إلى إجراءات تنظم الكتابة وتحددها، وتكون مُقنّنة، وثابتة مثل تقاليد النظم، والمجموعات المقطعية الشعرية والعروضية، والتقسيم إلى فصول ... ولكن يجب القبول مباشرة أنه في حالة السونيتة (2) الحدود بين الجنس والشكل غير واضحة المعالم كثيراً، ونجد الجنس، أوبصورة أصح الجنيس فئة مستخدمة كثيراً في الواقع) مع السونيتة الغزلية أو السونيتة الساخرة، والهجائية، إلخ. وإذا كان بعضهم يفضل الحديث، حول هذه النقطة، عن نماذج وفي الانكليزية Modes) فإن الهجاء، والمجاز، والمحاكاة الساخرة، والهزأة نماذج بنية شاملة لنص وتؤكد على الميزة الجزئية للنص المدروس (3) . سنتحدث عندئذ عن طبقة جمالية _ أديبة) أو عن نغمة انفعالية) (4) ، أو عن نغمة مسيطرة )(5) ، وهذا يتطلب، في الحالات كلها، شكلاً أو أشكالاً عدة يستطيع المقارن أن يجمعها بدلاً من أن يحاول تضيفها.‏

    يمكن أيضاً تأييد أن الانتقال من الشكل إلى الجنس ظاهرة تاريخية : يصبح الشكل) سونيتة أو الشكل) حوار جنسين في عصر النهضة(6) عندما ينزع الشكل لأن يتطابق مع النص في كليته، يمكن القول إن الشكل ينزع لأن يصبح جنساً.‏

    يدخل الموضوع ثالثاً في الجدال بين الشكل والجنس. مثلما يظهر دومينيك كومب ضمن توضيح تركيبي قيّم (7) ، فإن مفهوم الجنس) تقاطع لمعايير موضوعاتية) مثل موضوع العمل المقصود، ومعايير شكلية) لغوية، وأسلوبية، وطرق التعبير، والشكل المنظوم أم لا، والبنية). ولكن كما أن، المادة التي تدرس، لفظية تعرف الفنون غير اللفظية أيضاً التضيف ضمن أجناس )، فإنه من المستحيل مواجهة فحص المعايير الشكلية الخالصة) : سيكون هناك دائماً مزيج) من المسائل الدلالية والشكلية. فضلاً عن ذلك، فإن مشكلة الهوية الجنسية) لنص هل هو رواية مغامرات أو رواية نفسية؟ أو كوميديا أو تراجي - كوميديا ؟) تختفي في الحالة التي يتفوق فيها النص الأدبي على الجنس المحدد هل البحث رواية ؟).‏

    - الجنس والنموذج :‏

    ينزع البعد الشعري لنص ما إذن إلى إزالة الجنسانية ونفيها، هذه الجنسانية التي يبدو أن النص يحييها. على العكس من ذلك، يستطيع نص أن يستعير من نص آخر عناصر جنسية، وبالتأكيد، موضوعاتية. نعلم أن هذا الشكل من الاستعارة) يفيد المقارنين في المقام الأول (Cool . يمكننا أن نطلق اسم النموذج) على النص الذي يقدم إمكانية لاستعارات عناصر شكلية وموضوعاتية وتقليدها واقتباسها. يبدو وأن مفهوم النموذج) إذن يقودنا نحو تطورات التبادلات، ولكن هنا أيضاً يمكن أن نستخدم الكلمة عندما نفحص التشكل الداخلي لنص مسألة في الشعرية ). النموذج، مثل الموضوع أو الأسطورة، تناص، وما وراء نصي في الوقت نفسه. مما لا شك فيه أن هذه الميزة المزدوجة هي التي تصنع من النموذج عنصراً يتجاوز حدود النص، ومفهوماً مناسباً مع ذلك، يستخدمه المقارنون بإرادة. يظهر تاريخ العلاقات الأدبية أنه يمكن للنص أن يصبح نموذجاً) مثل الكوميديا الإلهية )، وضمن هذه الحالة، تصبح صورة الكاتب نموذجاً). لا يمكن لنص أن يكوّن جنساً : إن سلسلة معينة هي التي تعطي وجوداً للجنس في تاريخ تطور أدبي كما في التاريخ الأدبي) وتستطيع السلسلة أيضاً أن تصبح نموذجاً) : سنتحدث، بهذا المعنى، عن نموذج مولييري، أو زولي نسبة إلى زولا )، انطلاقاً من عدد من النصوص التي تتعدد وفق مخططات خاصة، أوالتي تسمح بالتقليد، وإعادة الإنتاج. كل نص يجيب عن أشكال متعددة ويخضع لها، يشكل جزءاً من سلسلة تسمى جنساً، إلا إذا كان مثالاً أو نموذجاً. إن دراسة حالة محددة ستوضح هذه المفهومات.‏

    - الشكل المثال والنموذج:‏

    في المؤتمر الثاني للرابطة الدولية للأدب المقارن شابيل هيل، 1958) طرح مارسيل باتايون في بضع صفحات رائعة المشكلة المحددة والنظرية للشكل) بخصوص عمل عظيم لايخضع للتصنيف من الأدب الإسباني : هو Celestina) 1499) لفيرناندو روجاس.‏

    ويحدد مباشرة أنه سيأخذ كلمة الشكل) ضمن المعنى التالي : "العمل بوصفه مثالاً عن جنس مقيّد ". فالشكل هنا إذن خاضع لغاية أو على الأقل لقصد) يوجه البنية) أو البنية الدقيقة )، وهو يختلط أحياناً بالأسلوب أو المعمارية العامة).‏

    يسمح مفهوم الشكل) إذن بالذهاب إلى أقرب ما يمكن من تشكل نص متميز وأول).‏

    هذه المسرحية الغريبة ليست رواية، ولا رائدة للشكل الروائي، ولا مأساة شكسبيرية قبل الأدب، ولا شكلاً مبكراً للرواية البيكارسكية بسبب الأم القوادة سيليستينا )، وجددت بجرأة، وبلغة دارجة، الكوميديا الإنسانية في اللغة اللاتينية. وهي غير قابلة للتمثيل. لأنها صممت من أجل متعة القراءة بصوت مرتفع) انطلاقاً من تحليل النص الأول، يمكن فحص النسخ والإضافات اللاحقة. وعليه لايمكن أن يفصل التحليل الواضح للمادة، عن تحليل طرق التعبير .وتركيبهما وحده يحدد الجنس السيليسيتني ).‏

    ويعرف مارسيل باتايون هذا الجنس وفق نموذج داخلي) بمكونين اثنين نتذكر عمل جان روسيه حول أسطورة دونجوان) : ولد زوج من العشاق، ولعبة محترفي الدعارة، والقوادة.‏

    ما الذي نقص هذا أم ذاك من المكونين )، وطور في جنس آخر، ونغمة أخرى، سواء كان نوعاً من الكوميديا نسيان المكوّن الأول )، أم ضمن فعل نثري مثل La Dorotea للوب دوفيغا عبر الخضوع للمكوّن الثاني). انطلاقاً من هذا المثال الشاذ خلص مارسيل باتايون إلى ضرورة دراسة الأشكال كضرورة للأدب العام). ولكنه يسجل أيضاً أن الجنس السيليستيني قلما كان له امتدادات خارج إسبانيا. هذه الملاحظة التي أرعبت المقارنين المتزمتين والصلبين مع ماذا ستقارنون هذا النص ؟) سمحت، بالعكس، لهذا الأستاذ المقارن باقتراح برنامج صغير للأدب العام والمقارن : استجواب الاقتباسات ومقدماتها، وسبر مجال الأشكال المتقاربه، والتفكير باتجاه التراجي - كوميديا )، وأخيراً مراجعة الموروث الوطني) والتساؤل عما إذا لم يكن هناك دعوة للاستقبال بالنسبة لبعض الأشكال الأدبية، أو بالعكس للرفض بالنسبة لأشكال أخرى. نقر أيضاً أن الشكل المقصود قلما سمح بتكوين جنس، ولكنه كان من نوع الجنس الذي جدده.‏

    لم يكن هناك نموذج) سيليستيني، ونكبة تعوضها ثروة النمط لسيليسيتنا، رمز بديل للأم القوّادة. إخفاق تاريخي وشعري، ولكنه نصر للشكل المتفرد عمل وحيد دون خلف)، ونصر حقيقي على المستوى الخيالي ومشكوك فيه على المستوى الأخلاقي ...) : ربما يكونون مجددين، ولكنهم ليسوا مبتدئين. أليس التجديد، بالنسبة لماريفو هذا " الكلام المصطنع "، وشكلاً من الدعابة، ودون شك، شكلاً من الروح والحساسية، وأكثر من ذلك أيضاً، بحسب التعريف الموفق لديلوفر، معنى جديداً للحوار الذي لم يحلم أحد قبله بجعله ...) عنصراً مستقلاً). سيصبح الإصلاح) بالنسبة لغولدوني وليسينغ المفهوم الأساسي الذي يلخص مشروعهم. مع ذلك، وكما أظهر في دراسة مقارنة (9) ، إذا كانت إرادة التجديد عند ليسينغ تحمل بصحة ماريفو، وإذا توصل إلى الأصالة بفضل نموذج أجنبي، يمكن شرعاً التساؤل عن المدى التجديدي لهذه الأشكال الجديدة. هل كانت الحقبة التي تغطيها المسرحيات، وهي إجمالاً منتصف القرن، حقبة تجديد حقيقة؟ ألم تنزع التواريخ الأدبية إلى تفضيل القسم الثاني من القرن، وظهور المأساة البرجوازية)؟ من المناسب إذن دراسة المسرحيات داخل إطار مرن ونظري في الوقت نفسه من أجل احترام كل مسرحية، وكذلك من أجل الوصول إلى منظورات للتركيب. لايمكن لهذه المنظورات أن تظهر بوضوح إلا في نهاية الدراسة. ولكنها تستطيع أيضاً أن تبرز كفرضيات يجب التحقق منها أي إشكالية المسألة )، انطلاقاً من تفكير عام) حول البعد التجديدي) لمثل هذا المسرح. من هنا يأتي التحليل المقارن الذي يتبع النقاط التالية : التقليد والتجديد، استخدامات وأدوار : من الشخصية إلى الشخص، والشكل الهزلي والهزل.‏

    - التقليد والتجديد :‏

    يجب وضع هذه المسرحيات بين هذا الرهان المزدوج، ودراسة نماذج العمل في المسرحيات تقليد موليير، وتأثير المسرحيات الإنكليزية العاطفية). تجرى هذه الدراسة من خلال قراءات نقدية، وفهرسة إضافية، ومن خلال إعادة فحص المسرحيات في الوقت نفسه. سندرس أيضاً فعل الفضاء والزمان ومشاكلهما، خاصة ضغط الأحداث الداخلية وقيمتها، وهي غير موجودة تقريباً عند ماريفو، من هنا يأتي عدم عمل يغني الواقع ويعدله، ويطبعه بطابعه، وشكله، وخياله ضمن فضاء اجتماعي وثقافي معين.‏

    - من المورفولوجيا إلى التاريخ الأدبي العام :‏

    إن المقاربة التاريخية والشعرية لمسائل الموضوعاتية والمورفولوجيا ذكرت في كتاب بيشوا - روسو، وفي كتاب برونيل - بيشوا - روسو، بوصفها الإمكانية الأولى، الخصبة لدراسة التاريخ الأدبي العام. لهذا، فإن القسم الأعظم من برامج الإجازة )، ومن المسائل الواردة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة، يتوجه نحو هذه الإشكالية المزدوجة التي تسمح بتعددية القراءات : " يمكن لدراسة الأجناس الأدبية التعاقيبة والتزامنية، في الوقت نفسه، أن تشكل، إذن إسهاماً مفيداً في التاريخ الأدبي العام، خاصة إذا اهتمت بالموضوع نفسه الذي عالجه الكتّاب الأكثر تنوعاً، في الزمن والفضاء الموضوعاتيين) : les Antiganes ، les Amphitryons ، والقصائد المكرسة لمآثر الأبطال الوطنيين، تكشف في الوقت نفسه كمونات الموضوع، وسمات العصور والبلدان، وأخيراً، عبقرية كل مؤلف " هل يجب أيضاً ملاحظة المدى المحدود لهذا الكشف إذا أثبت تفرد كل كاتب أو كل عمل؟ في المقابل، إذا كانت المسألة المحفوظة تسمح بقراءة حقبة من التاريخ الأدبي، وإذا كان اختيار النصوص المجموعة يسمح بتمييز هذا العرض أوغيره للشعرية أو التاريخ الأدبي، فإن المسألة الموجهة نحوالأشكال أو الأجناس الأدبية سيكون لها مستويات دراسة متنوعة.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:20 pm

    - مثال على الدراسة الشكلية والموضوعاتية :‏

    عام 1992 -1993، كانت إحدى المسائل الموضوعة في شهادة الأستاذية في الآداب الحديثة تحت عنوان : " أشكال جديدة للكوميديا في القرن الثامن عشر "، واقترح كنماذج للدراسة : مدرسة الأمهات والأم الحميمة لماريفو، والخادمة العاشقة لغولدوني، و Mirna von Barnhelm لليسينع.‏

    - من النص إلى الإشكالية.‏

    إذا دققنا في هذه المسرحيات الأربع، يلاحظ بقوة أن المؤلفين الثلاثة لم يكونوا مبتدئين في اللحظة التي أعطوا فيها مسرحياتهم الكوميدية :‏

    فائدة العرض) التقليدي والثقل الكبير للماضي عند ليسينغ، ولكنه عرض كاذب، ومعلومات غير صحيحة تثير موقفاً فعالاً عند المشاهد المشترك في الفعل؛ ودراسة النهايات المولييرية جداً عند غولدوني، ومحاكاة معروفة للمريض الخيالي)، والنهاية الغامضة في الأم الحميمة)، وهي تجديد حقيقي عائد إلى المقاربة الخاصة للأم، مدام أرغانت، والنهايات في أزمنة عديدة عند ليسينغ، مع انتباه خاص موجه نحو التلاؤم النفسي والاجتماعي مصالحة بين وتيلهام، ثم الوصول المثقف عليه للعم، وزواج التالية- التي ليست جارية- بالمساعد وليس الوصيفة).‏

    - الشخصيات والأفراد:‏

    من فوز اللعبة، ننتقل إلى فحص منظومة الشخصيات بالنسبة للأعمال، وإعادة أخذ الأدوار النسائية، سندرس الانتقال من العمل المقنَّن) إلى تثبيت الشخصية كفرد، ستدرس أيضاً تبدلات الثنائي سيد- خادم بوصفها أوجهاً شكلية بنيوية)، وكذلك تغيرات الأعمال أو الأدوار دور الأم، ودور الجارية).‏

    لا تسجل ترقية الجارية فقط في مستوى اللعبة المأساوية:‏

    يتعلق الأمر بدقة أكثر، بحديث أتى ليفسد ترتيب الأعمال والأدوار، من هنا يأتي تحليل أهمية اللغة تحليل) أشكال الحوار وتنوع النبرة، رائع عند ليسينغ، والعلاقة بين اللغة والجسد عند الضابط تيلهيم)، إن الحديث بالنسبة للشخصيات النسائية كارولين غولدوني) يعني تطوير استراتيجية الكلام، وإقامة علاقة قوة لصالح المرأة التي لا تستبعد الأثر المضحك، ولا الدرس الأخلاقي.‏

    *- الشكل الهزلي والهزل:‏

    هل يمكن حصر دلائل حساسية جديدة، أي حساسية جمهور جديد مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، أو يتوجه طوعاً نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية؟ سنلاحظ التباعد الذي يتعمق بين الشكل الهزلي) والهزل) بوصفه مجموعة من التصرفات الغياب شبه الكامل للهزل التهريجي، وهزل الحبكة، ويميل هزل الموقف نحو الهزل اللفظي)، يقود تحليل الهزل إلى الكشف في سلوك تيلهيم عن نموذج) مولييري قريب من ألسيست)، وفجأة، عن غنج عند مينا التي تشبه سيليمين قراءة ثانية للنص وإعادة تقويم له).‏

    يمكن أخيراً حصر دلائل حساسية جديدة جمالية الدموع عند غولدوني، وحنان عند ماريفو)، تطرح مشكلة مزدوجة: ازدهار جنس فرعي هو الكوميديا العاطفية) وأكثر أهمية: ولادة جمهور جديد يفرض هذه النبرة الجديدة، جمهور مولع بموضوعات تفكير منسجمة مع اهتمامات المرحلة، ويتوجه نحو مسائل جديدة في الأخلاق، فردية كانت أم اجتماعية، هذا تفصيل مقارني) ليس واحداً فيها:‏

    تستند اثنتان من مسرحياتنا بوضوح على الكرم: تُرجمت مسرحية غولدوني في فرنسا تحت عنوان : الخادمة الكريمة، وعرفت مسرحية ليسينغ اقتباساً بعنوان: العشاق الكرماء.‏

    إذا أضفنا آثار معنى كلمة الحميمة)، فإننا نسلط الضوء هنا على علاقات إنسانية جديدة تسمح بربط الحساسية والاجتماعية، وهي موضوعات مهمة بالنسبة للعصر المدروس.‏

    وليس أقل صحة من ذلك أن الكوميديات صدعت منظومة الأجناس، هذه المنظومة لم تتزعزع: كان يجب انتظار بومارشي من أجل تجديد الهزل والكوميديا دون أي مركزية فرنسية).‏

    لقد شاهدنا تخريب الإرث المولييري وما بعده، ضمن تجريب الأشكال والبنيات الجديدة، كان ليسينغ هو الذي قدم الكوميديا الأكثر إعداداً في معنى تجريب أشكال أو صيغ جديدة).‏

    على الرغم من اختلافات هذه المسرحيات، فإنها قدمت كلها مخاطر محتملة، يمكن أن يقود تبسيط الفعل رفض كوميديا الحبكة)، إلى مسرح سكوني وقع ديدرو والجنس- البرجوازي- في هذا الفخ).‏

    لأننا نريد بقوة أن نجعل من شخصية ما نموذجاً، ننسى فردانيتها، أو تميزها ليسينغ، وغولدوني) يمكن أن تؤدي أسبقية اللغة إلى مسرح مهذار، وذلك اعوجاج أدانه روسو(10) ، أخيراً، تكشف هذه المسرحيات أن النقاش الكبير يبقى نقاش التوازن بين المسرحة والعودة إلى الواقع. من الواضح أن مسرحيينا وثقوا بالأشكال؛ فإذا لم يدافعوا عن جمالية جديدة حقيقة على الرغم من جهود غولدوني وليسينغ) فإن بعض العناصر الشلكية، على الأقل، تسير في اتجاه تجديد جزئي ضمن إطار لم يُطرح ثانية للمناقشة: وهذا ماصنعه ديدرو لكن دون نجاح.‏

    إننا نلاحظ، من خلال هذا المثال، إلى أي حد يعد هذا المفهوم للشكل) ملائماً ومرناً ويسمح بالانتقال من حقيقة موضوع إلى مفهوم جنس) مرافق طوعاً لمنظور تاريخي؛ سيقال مثل ذلك عن مفهوم النموذج)، الذي يتضمن الأبعاد التاريخية، والشعرية، والمقارني، وهذا المفهوم هو الذي يقيم رابطاً مفهومياً وجمالياً، في الوقت نفسه، بين الأشكال والأجناس، وتبقى هذه الأشكال والأجناس، بدءً من الآن فصاعداً، في مركز كل تفكير للشعرية المقارنية.‏

    - عناصر من أجل شعرية مقارنة:‏

    عرض كتاب بيشوا- روسو تمييزاً مفيداً بين جنس حقيقي)، وجنس مضمر) وجنس مفيد)، غالباً مايتطابق الجنس الحقيقي)، مع المقاربة التاريخية، ويبدو أن الجنس المضمر) يقوم على تفكير شعري، أما الجنس المفيد)، وهي كلمة مستغربة، فإنه يشدد على الجانب الكشفي، زوراً، لمثل هذا المفهوم، الذي يناسب أكثر درج مكتبة أو فرعاً بسيطاً منها، وتصنيفاً غير متقن، ولكن مناسب وجدير بإرضاء الروح العملية، دون أن نجعل منه معياراً أساسياً:‏

    "تاريخ، راوية، بلاغة، مسرح"، ونصنع من هذه الفائدة)، أو من هذه الميزة المناسبة) مستوى مستقلاً للتفكير: هو مستوى الأدب العام، أو مستوى نوع من النظرية الأدبية.‏

    -الجنس الحقيقي) أو المستوى التاريخي:‏

    يجب أن نفهم من الجنس الحقيقي) الجنس المحدد تاريخياً والممارس بوعي)، مثل التراجيديا الكلاسيكية، والموشح الغنائي، والقصيدة الغنائية، وحوار الأموات، يمكن أن يعطي التعريف مكاناً لكتابات نقدية أو نظرية(11) . في هذه الدراسة القصيرة، ننتقل من أرسطو إلى خطب تاس، وإلى مؤسسات فوسيوس، كان يمكننا أن نستمر مع فولتير لكي نلاحظ أن الجنس الملحمي تحول إلى شعر سردي وتعليمي في القرن الثامن عشر، وأنه استمر بصعوبة في القرن التاسع عشر، ولم يظهر إلا نادراً في القرن العشرين.‏

    يحدد دانييل ماديلينا(12) ، الأوديسا لكازانتزاكي كآخر مثال، نستطيع أن نضيف إليه، جزئياً فقط، مثال القصيدة العامة) لبابلو نيرودا، إن فائدة مثل هذا المسار التاريخي التعاقبي والشعري مضاعفة: حصر الكلام النقدي للعصر عن جنس محدد، ودراسة خطاب الأدب عن ذاته وتوضيح أن الأجناس، المدروسة هكذا، هي، كما يقول بيشو- روسو "أعضاء حية لا تقبل المنازعة"، لا يتعلق الأمر بموقف أثير عند برونيتيير(13) ، ولا بمنظور دارويني تقريباً مطبق على الأدب، لم ينس الشكلانيون الروس بصورة كاملة وجهة النظر هذه عندما قبلوا نضوب الأشكال والنماذج وزوالها، وكذلك ارتقاء أشكال، وأجناس جاءت من محيط منظومة الأدب، وعندما تحدثوا عن أجناس معروفة، ومقننة، وفكروا بطبقة ضمن الأجناس الأدبية.‏

    يفكر المقارِن بأشكال، وأجناس، ونماذج موجودة استطاعت أن تثير حركة، واتجاهاً، وتتمة لمحاكاة، في لحظات محددة(14) . إما أن يكون الجنس أو الجنيس)، موضوع دراسة تزامنية أو تعاقبية في سبيل إشكالية(15) ؛ أو أن نبقى ضمن منظور تاريخي، حيث سيسمح الشكل أو الجنيس بإضاءات شعرية: الرواية، القصيدة)، ليس القصة ولا القصة القصيرة)(16) ، أوأيضاً الحوار الداخلي، وهو شكل هارب، صعب التعريف ومع ذلك يمكن تأريخه وأصبح نموذجاً) منذ أكاليل الغار قُطعت)، لإدوارد دو جاردان(17) .‏

    من المفيد إذن تتبع مسار الأشكال، والأجناس التي أصبحت نماذج من خلال ثروتها)، بهذه الصفة، تشكل أيضاً جزءاً من الأدب كمؤسسة، وسيعاد أخذ هذه المسألة في الفصل القادم، يدفع البعد التاريخي إلى التفكير في العلاقات التي تقيمها الأجناس مع الجمهور أو الجماهير، ومع منظومات قيم هذه الجماهير، والمجتمعات التي تشكلها، أليس لاختفاء التراجيديا اليونانية أو الكلاسيكية) علاقة مع اختفاءات ذات طبيعة عقائدية تطهيرية مثلاً)، يُفسر تطور بعض طقوس القراءة، التطور الموازي للأجناس أو الأجناس الفرعية في حالة الرواية والانتقال إلى الراوية الجديدة).‏

    هناك أشعار، تسمى أشعار مناسَبة)، لا تخص فقط أحداثاً تمت، ولكنها تخص أيضاً بعض الجماهير التي اختفت، وسيكون تطور اجتماعي معين تفسيراً لموت بعض الأجناس: يجب تحديد العلاقات.‏

    يجهل أدبنا الحالي، تقريباً، عظات الأموات والتأبين، حتى وإن أعطى أندريه مالرو بنجاح نوعاً من الرونق لهذا الجنيس، ويجهل أكثر قصيدة العرس، والمدح، والانتخاب، والرسالة الشعرية، والحكاية الشعبية، المنظومة لا الشعارات...... ولكن روايات بوليسية يمكن أن نقرأ من خلالها في القرن الأخير، ولادة علم- التخييل، أو تغييرات تعبيرية: لم يعد للساغة(18) علاقة مع الملحمة الشمالية(19) ، ولكنها تصف شكلاً من نموذج الرواية الدارجة نموذج غالسورثي ليس غريباً عن هذه الثروة)، يخاطر المنظور التاريخي دائماً بالسقوط في التأريخية، إذا لم يقم على تفكير شعري ومقارني موسع.‏

    - الجنس المضمر أو المستوى الشعري:‏

    استطاع كلوديو غوين، بقدرة، الحديث عن جنس كنموذج عقلي) بالنسبة للكاتب كما هو الحال بالنسبة للناقد، ربما لا يبتعد هذا المفهوم عن الجنس المضمر) الذي تحدث عنه بيشوا- روسو، والذي يتحدد من خلال وظيفته وغايته، ومادته أو أسلوبه).‏

    لا يمكن لنص أدبي أن ينتسب إلى صنف واحد، عند طرحه للمقارنة، لم يتردد كلوديو غوين من الإشارة إلى أن الحصان الأشقر لا ينتسب إلا لجنس الخيل، ولكن ينتسب نص أدبي إلى أصناف أو أجناس عدة، قد يكون أكثر براعة مقارنة السفينة، بمنارتين: تحدد السفينة طريقها متجاوزة أحد المضائق، بفضل منارتين تقودانها، ولكن هاتين المنارتين لا تلغيان حرية المناورة للربان؛ لا بل بالعكس، تفرضان عليه المناورة، وتشجعان عليها، يوجد هنا استعارة جميلة في الإبداع الأدبي بين الواجب الشكلي والحرية الخلاقة، أما بالنسبة للمقارِن فإنه يهتم بدراسة التطورات الشعرية، أي، في هذا المستوى، بظواهر انتقال الأشكال والأجناس الأدبية وتبنيها أو رفضها.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:21 pm

    - من الموروفولوجيا إلى الشعرية:‏

    بحسب بيشوا-روسو، تدمج المورفولوجيا الأدبية الأجناس ضمن تفكير واسع حول الأشكال، منظور إليها من جانبين أساسيين: أشكال التأليف وأشكال التعبير، شكل يؤخذ ضمن "معنى تقني" شكل المُقولب(20) أو البناء) "مخطط أو خطة من أجل تنظيم المواد"، وأيضاً " نموذج أصلي لجنس محصور" نجد ثانية كلمات مارسيل باتايون). يُقدَم الشكل، أو المخطط، والنموذج الأصلي، كأنها مبتكرة من عبقرية كاتب عظيم، وأكثر ندرة من منظر، أو أنها توضحت بصبر عبر أجيال عدة [....]" ضمن هذا المنظور، وُجِدت الأجناس ثانية لكي تحاط مباشرة باستقبالات منهجية: وجب إعطاؤها تعريفاً "في مكان مابين" سلسلتين من الصعوبات: "ذات مجردة ومستنزفة"، نقصد النظرة النظرية) و"فيض من الإبداعات الفردية" شعرية لن تكون مقارنة).‏

    وهذا هو موضوع تفكير جان- لويس باكي في كتابه الوجيز) 1989)، ضمن صفحات مثيرة، حيث وُزِعَت، في الفقرة، ملاحظات حول المعنى المنشط الجيد، مثلاً السهولة التي نستطيع بواسطتها بناء "نظرية للرواية بالاستناد إلى زولا لوحده" _موجهة إلى متفرنسين يستهويهم مايسمى بالأدب العام)، وحول ضرورة انفتاح التفكير الشعري على تعددية المنظومات العروضية، معلياً من شان البلاغة، ومقترحاً التوجه نحو نظرية للأدب، ولكن دون "الاندفاع نحو التعميم الذي يستهوي بعض المختصين"، ونحو الدفاع عن شعرية مقارنية للاختلافات)، تكون موثوقة ومبجلة، ومفتوحة أمام الشعريات غير الأوروبية، التي تستطيع أن تُظهر "عبر التضاد" بعض "السمات الأساسية للبلاغة الغربية".*)‏

    إننا نجد بطريقة أقل طموحاً وأكثر صرامة، المشاكل القديمة للثوابت).‏

    يظهر ج.ل.باكي كل الفائدة التي تأتي من تشجيع المقارنات بين الغرب والشرق، والمتحررة من كل فكرة انتماء، أو تأثير "لا تصبح المقاربة هنا، بعد فوات الأوان مجالاً للتساؤل حول شرعيتها الخاصة، عندما تطرح قضية التأثير، يتساءل المقارن، إذا كان يملك الحق بإيجاد جو من الإلفة بين عملين، ويجد نوعاً من العزاء إذا استطاع إظهار أن أحدهما يولد الثاني، وإن كان ذلك خفية، المقارنة، هنا بالعكس، لها قيمة كشفية: يُستخدم الدخيل كنموذج، من أجل إيضاح النظام الغربي، والكشف عن الاستثناءات".‏

    نستطيع عندئذ أن نتساءل: إذا كان ضرورياً ترك المجال الغربي من أجل فهم شيء معين عن حياة الأشكال، وعن الشعرية المقارنة.‏

    ليس خطأ القول إن المقارن غالباً مايجمع أشكالاً متشابهة ويقارن بينها، من المؤكد أن الرواية الغزلية الأوروبية تستحق أن تقارن وتقرّب من Monogatori اليابانية التي ظهرت في العصر نفسه، وضمن بنيات اجتماعية يمكن أن تكون متشابهة، من المؤكد أيضاً، أنه يجب معرفة المبدأ الأساسي للشعرية السنسكريتية، وRasa) التي تنظر إلى الشعر على أنه خطاب انفعالي من أجل استخدام تأملات متوازية بين منظومات الفكر والخيالات المختلفة(21) .‏

    *- شعرية الاختلاف:‏

    دون الذهاب بعيداً أي بما معناه: الاستفادة من المعارف اللغوية المتوسطة والشائعة)، يمكن أن نجمع حصاداً وافراً من الاختلافات الشعرية، عن طريق البحث داخل المنظومات الأدبية الغربية وتواريخها الأدبية: يعني فهم أن الكلاسيكية الألمانية ليس لها علاقة كبيرة مع كلاسيكيتنا، وأن كوميديا dell_Arte تتطلب معرفة جمالية تراجيدية خاصة متحررة من ماريفو، وأن الحقائقية* الإيطالية ليس من مصلحتها أن تدمج مع الطبيعية الفرنسية، وأن -طقس الأسرار الذاتي** -ليس المعادل للسرّية* )، وأن الكوميديا لايمكن أن تعرض مع مبادئ الوحدات الثلاث، وأن النهار) ليس مشهداً، وأن المهرج المسرحي ليس بهلولاً ولا خادماً، وأن الغريغوريا شكلاً قصيراً ابتكره رامون غوميز الذي عرّفه كمركب، من استعارة وجرعة من الدعابة.... إن التشابهات بين الأشكال الأوروبية أو الغربية تقود المقارِن إلى مواجهة شعرية اختلافية) تركز على الأجناس الفرعية، وتمارس تجميعات بارعة للنصوص، سمح المفهوم الأثير عند أرتود مسرح الفظاظة) منذ عدة سنوات، بإدخال مسألة في شهادة الأستاذية حول هذا الموضوع): استخلص منها بيير برونيل تركيباً موحياً(22) .‏

    انطلاقاً من التمييز الذي قدمته مارغريت يورسينار في ملحق العمل في السواد) بين الرواية التاريخية وهي جنس قننه والتر سكوت، ورواية التاريخ حيث تكون المادة التاريخية موضوعاتية وإشكالية، يمكننا أن نكوّن فكرة حول جنس فرعي غير منتظر، ومع ذلك واضح يضيء مثلاً رواية مثل عصر الأنوار) الكاربنتييه.‏

    وانطلاقاً من بعض الصفحات المثيرة للفيلسوفة الإسبانية ماريا زامبرانو الاعتراف: جنس أدبي)، يمكننا أن نقرأ، ليس في اعترافات سان أوغستان أو روسو، ولكن في النفق) لإيرنيستو سيباتو، وفي Alescis لمارغريت يورسينار، ونجد بعض الاختلافات بين الاعتراف، والسيرة الذاتية، واليوميات أو المذكرات أو هذا الشكل المختفي الذي هو دفتر المذكرات).‏

    *- البلاغي والشعري:‏

    في موازاة أشكال التأليف، يميز بيشوا-روسو، مثلما هو الحال في كتاب عام 1983، أشكال التعبير)، مشيراً مباشرة إلى أن هذا المجال لا يستميل كثيراً البحث)، يبدو للوهلة الأولى خاصة أنه غير متجانس ومعقد: "يجب على هذا النوع من الدراسة، الذي يركز على جمل منعزلة، وأحياناً على أجزاء من جمل ونادراً على مقاطع، أن ينتقل من مجموعة من التفصيلات الفضولية إلى تركيب مُقنع، من يسجل منهجه يقدم خدمة عظيمة".‏

    ومن أجل إعطاء المثال يتابع المؤلفون: لتوجيه البحث، سنحدد بإرادة طرق التعبير، في المعنى الذي تحدث فيه الإغريق عن الدوري متعلق بالدوريين) أو الهوائي، إن الألعاب المتحركة للأسلوب، والنبرة، والكلمة، والعلاقات بين الكلمة، والفكر، والصمت تقرب أعمالاً، وتظهر ظواهر معمّدة مثل سخرية، ومحاكاة ساخرة، وهزل، وفي بعض العصور، هُزأة macaronees، ونقديات مجموعة من النصوص النقدية)، وmongense أو dada عرف المقابل أقل من التبدلات: سمو، رصانة، فصاحة".)‏

    سيبدو أنه يوجد في ذهن المؤلفين حلم بحث بين البلاغة والأسلوبية العامة والمقارنة، وهذاالبحث نهاية تتكرر ويوصل إليها استخدام كلمة الشكل عندما نضيّع من أمامنا ضرورة وظيفة بنيوية في حدها الأدني، إن مايمكن أن يغني من وجهة نظرنا، التفكير حول مفهوم الشكل، كما يفهم هنا، هو الربط الذي لا ينفصل، والجوهري بين الكلام، أي بين شكل من الأسلوب، لبعض الصور، وبين شكل متفرد، وجنس أو نموذج، إن الحديث عن أدب عام ومقارن لنموذج دانتي، وراسيني، وهوغوي، يعني، بحسب الحالة، عرض موضوعات، وبنيات، وكذلك، أيضاً مصطلح، بهذا المعنى، يجب أن تتجه الدراسة إلى الجزء من الجملة، ونحو عبارة بارت الشهيرة أفضل فضاء ممكن نستطيع منه ملاحظة المعاني(23) ، مروراً برموز البلاغة نفكر بتحليل بول ريكور للاستعارة) وصولاً إلى الكلمة شرط أن تقدم تعريفاً للشكل، أو على الأقل عنصراً مشكِّلاً، سنحدد الفائدة الثابتة لبعض الدراسات مثل دراسات إيريك أو يرباخ(24) ، وليو سبيتزر(25) .‏

    من بين هذه الأشكال الدقيقة)، أو الوحدات الدنيا، يحتفظ مثلاً بالعنوان والاستهلال أو بالبيت الأخير من السونيتة السقوط الشهير)، هذه الأشكال ليست مستقلة بعكس -الأشكال البسيطة(26) - لأندريه جول، أو التي درسها آلان مونتاندون مثل قصيدة الهجاء، والمثل، والحكمة، والحقيقة العامة، والقول المأثور)(27) .‏

    يجب أيضاً أن نحتفظ بالعلل، النموذج) الذي أشار إليه كتاب بيشوا- روسو، وعُرف عبر الدراسة القديمة لإيرنست- روبير كورتيوس(28) .‏

    إن نقطة انطلاق هذا التركيب المدهش الذي يعود إلى ألماني مختص بالأمور الرومانية، بلاغية: يتعلق الأمر برؤية ما احتُفظ به من الموروث القديم، اللاتيني خاصة، ضمن آداب العصر الوسيط الأوروبي، وحتى ماوراء ذلك في نهايةعصر الأنوار، في الفصل المخصص للنموذج) دُرست الإجراءات الاستدلالية مثل خطاب التعازي، ونموذج الاستهلال، ونموذج الخاتمة، والمتتاليات النمطية، مثل استدعاء الطبيعة، والعالم المعكوس، والطفل والكهل، والمرأة المسنة، والفتاة الشابة، من الواضح أن الاستعارات قد عولجت: مثل الاستعارات المتعلقة بالملاحة، والشخصيات، والتغذية، وأجزاء الجسد، والمسرح مسرح العالم العظيم، الذي كان مفضلاً في العصر الباروكي، موجود مسبقاً عند أفلاطون، وفي كتابات شيشرون، وسينيك أو بويس)، يجب الإشارة إلى أن هذه الدراسة للاستعارات، أُخذت ثانية منذ عهد قريب، ضمن منظور فلسفي، عبر هانس بلوميمبيرغ الذي عُرفت أعماله من المقارنين وترجمت إلى الفرنسية(29) .‏

    يعانق نموذج كورتيوس مجالاً واسعاً، إذا لم يكن يستطيع أن ينطلق من الكلمة، فإنه يستطيع أن ينطلق على الأقل، من الرمز، والتركيب التعبيري إلى التكرار المقنن، أي النموذج)، مثل الخطاب حول الأسلحة والعلوم، وعرض منظر مثالي، وطلب الوحي، أو الكتاب كاختصار للعالم، نخطئ إذا اعتبرنا هذه الأمثلة موضوعات مضمرة، من المؤكد أنها أمثلة اتحاد لا ينفصل بين المادة والشكل.‏

    - تحليل شكل مصغّر أو متتالية:‏

    يتعلق الأمر بعمل جان روسيه عيونهم تتلاقى) كورتي، 1984)، المكرس لمشهد النظرة الأولى في الرواية)، إن الدراسة، وإن كانت قد ركزت على الأدب الفرنسي مع قليل جداً من التجوال في الآداب الأجنبية)، تعد نموذجاً للدراسة الشكلية والشعرية المقارنة، هناك تفصيل موضح: يتحدث جان روسيه تلقائياً عن موضوع) يحتفظ في بضعة سطور، وأحياناً في بضعة صفحات، وأيضاً في مشهد مفتاح)، بشكل ثابت)، "مرتبط بموقف أساسي"، و"علل سردية"، تحت هذه الصيغ، المواجهة، وإحضار كائنين يريان بعضهما بعضاً لأول مرة، ويقعان في العشق.‏

    يتحدث جان روسيه عن وحدة ديناميكية) أو أيضاً عن وظيفة) داخل نص بسبب قدرته التوليدية)، تبدأ وثائق الظاهرة من الرواية اليونانية Theagene et chariclee وحتى مقاطع من خطاب غزلي لبارت، أما فيما يتعلق بالمنهج، يستطيع المقارن، هنا أيضاً، أن يستعمله كثيراً.‏

    1- أولاً: استخلاص عدد من الميزات الثابتة)، من نصوص يتم اختيارها بصورة عشوائية، ثم بعد ذلك تشكيلها ضمن بنية متجانسة).‏

    2- بعد أن يتكون النموذج) ونجد ثانية مخطط الأسطورة)، يصبح من الممكن تنظيم دراسة، ومسار..... مدار عبر ثوابت مكشوفة على سلسلة من النصوص المتطابقة)، يلاحظ إعادة ظهور كلمة مطابقة)، التي لا تنفصل عن منهج يكوّن نموذجاً.‏

    3- هنا، يقوم النموذج الذي هو نوع من الشكل المثالي)، بدور شبكة من القراءة)، تسمح بطرح مسائل ملائمة) وتنظيم تطور الدراسة.‏

    4- استجوب بلزاك أولاً لفترة طويلة، ولكن أيضاً كريتيان دو تروي، وروبلي، وروسو، وغوته، وفلوبير التربية العاطفية) وندجادو بروتون.‏

    5- يسمح النموذج النظري بعزل ثلاثة احتمالاات سردية:‏

    أ- الأثر، ومباغتة الأثر.‏

    ب- التجاوز، وإيصال رسالة واضحة أو خفية.‏

    ج- تجاوز البعد أو إلغاؤه.‏

    6- تأخذ الانزياحات تقريباً من الأهمية مقدار ما تأخذه تطبيقات النموذج أو انتشاراته: الالتقاء دون رؤيا، والتجاوز كتواتر أولي مثلما هو الحال في المشهد المدهش للقبلة على الكتف في الزنبق في الوادي)، يقدم التبادل تنوعاً مفيداً من الحالات و المشاهد: التبادل سعيد أو صعب، الاتصال معرقل أو مؤجل، التبادل مقسم أو متوقف، يشار أيضاً إلى أنه في الانزياحات والانتهاكات، الرؤيا مستبقة بفضل صورة مرسومة، الرؤيا مرفوضة امرأة محجبة)، الرؤيا محجوبة لقاء ليلي) أو الرؤيا مؤخرة الاستماع).‏

    إننا نقيس إلى أي حد هذه النموذجية الفريدة، أكثر فائدة من بعض الحوارات المجردة أو التصنيفات أو علوم قوانين التصنيف، إن الهام في الشعرية، هو إمكانية وإرادة) أخذ نص في الحسبان، في كليته، أو سلسلة ينتسب إليها هذا النص، والقدرة على قراءتها ضمن كل أبعاد كتابتها ونماذجها.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:22 pm

    من شعرية الأشكال إلى نظرية للنماذج:‏

    نستبعد من هذا المستوى النظري زمن دراسة لا يمكن نسيانه ضمن برنامج الأدب العام والمقارن، ولكنه لا ينتمي تحديداً إلى المقرر.‏

    يتعلق الأمر بتعلم شعريات مختلفة منذ أرسطو(30) . نأخذ أولاً ثلاثة أمثلة على التفكير الشعري، استخدمت كثيراً من قبل المقارن لأنها تتقاطع، في جزء كبير منها مع التساؤلات الأساسية التي يوجهها إلى الأدب.‏

    يقترح ميخائيل باختين نظرية للأشكال الروائية أو للجنس المتعدد الأشكال بعمق والذي هو الرواية، يمكن أن يبدو شاذاً أن نريد القيام بمقاربة نظرية للجنس الأكثر تغيراً في الشكل، والذي يبدو أن تطوره عبر القرون يتحدى كل مقاربة تركيبية، وحتى كل تاريخ إذا أخذنا بعين الاعتبار أصوله المتعددة، وغير الأكيدة.‏

    يمكن أن نجرب الكشف عن اللحظات الرئيسية لتقليد أدبي بالمعنى الأوسع للتعبير، منذ الروايات اليونانية وحتى الرواية الجديدة من أجل التحقق من صحة ادعاء بول فاليري غير المشجع كثيراً والذي يعتبر أن كل الانزياحات تنتسب إلى الرواية). ولكن منذ كتاب علم الجمال ونظرية الرواية)(31) ، يُفهم بصورة أفضل طبيعة نوع متعدد الأشكال، وجمالية متناقضة، على خلاف الأجناس الأخرى التي وُضعت في الفنون الشعرية)، الرواية ليست جنساً قائماً)، وهي غير مفهرسة، وإن لم تكن تستمد أصولها، فهي على الأقل تستمد شرعيتها من هذا المجال الغامض الذي كان القدماء يسمونه الكوميديا الجادة)، وأصبحت جنساً مسيطراً، وغازياً، ومتداخلاً مع منظومة أدبية، مع بقائها جنساً بصورة عميقة في صيرورتها، وأكثر من ذلك، لا تنسجم جيداً مع الأجناس الأخرى، وتهدف إلى تفكيكها، وتعيش فيها عن طريق تحريفها.‏

    استطاع باختين أن يعطي من هذه الشعرية المعجزة، ثلاث سمات تكوينية:‏

    1- عالم صغير من لغات مختلفة حوارية وتعدد الأصوات).‏

    2- تنظيم الفضاء والزمن ضمن بنية متميزة تسمى CHRONOTOJE).‏

    3- جنيس وحيد يتكون من الاتصال بالواقع، إنه هذه القصة التي تريد أن تكون صحيحة، وواقعية، على الرغم أو بسبب) من خاصيتهاالتخيلية رائعة، خرافية، روائية، أسطورية، بحسب العصور)، إن هذا الوجود لهذا العالم الآخر، الذي تسعى إليه كل رواية ونجد حدس باختين الأساسي حول العلاقات الخاصة للرواية مع الواقع)، هو الذي يجعل عبثاً مشكلة الواقعية المطبقة على الرواية، القصة الروائية غير صحيحة بصورة إجبارية وجوهرية؛ لم يكن العالم الذي يشكله الروائي قد وصف عن طريق النظر إلى الواقع كنموذج، ولكن عن طريق الاستماع إلى الكلمات مع ذلك، تسعى هذه القصة لأن تكون صحيحة؛ سواء كان ذلك يحدث أم أنه واقع يمتلك حدث الروائي الجرأة في أن يُقارن بقرار الخالق.‏

    ولكن في حين أن الكلام الشعري يعرض الأساسي، نجد أن الكلام الروائي يُبرز، اختياراً، الأسمى، أو المبتذل، أو الحياة ببساطة.‏

    كل رواية، وكل قصة حقيقية تسعى لأن تعيد خلق عالم ثانٍ، وهذا يجب أن يضع المشاكل التقنية، والشكلية في المعنى الضيق للتعبير، في مكانها الحقيقي، لا تقوي الرواية التجديد ولا الموروث في ذاته، ولا التجديد الآلي، ولا التقليد غير المتميز: إنها تهدف إلى تأسيس عالم جديد، ولهذا فإن مايسمى بأزمة الرواية، منذ مطلع العصور الحديثة تفرز من المشاكل التقنية أو الخيارات الجمالية، أقل مما تفرزه من إعادة الطرح للبحث الدوري، لأسباب فوق- أدبية، ذات طبيعة فلسفية أو سياسية، للخيال الإبداعي وطبيعته وقدرته، وبصورة أساسية للعلاقات بين العالم والإنسان، سواء كان هذا الإنسان مبدعاً أم قارئاً.‏

    - الشعرية من وجهة نظر جيرار جينيت.‏

    يقصد جيرار جينيت بالشعرية) نظرية عامة للأشكال الأدبية)(32) يستطيع المقارن أن يقدم إسهامه فيها من خلال اتساع الآداب التي يعرفها وتنوعها، يرتكز هذا التفكير على مفهوم النص المتعدد) أي الطبقات العامة المختلفة أو السامية التي يتبع لها النص: مثل الطرق السردية هي نظرية طريقة السرد)، والأشكال العروض هي نظرية الأبيات)، والموضوعات والأجناس، والرموز، والأساليب وكل العناصر التي تكوّن نصاً خاصاً، وتأخذ في الحسبان كل نص في خصوصيته(33) .‏

    أعد جيرار جينيت أسس نظرية شعرية عن طريق التأمل في تاريخ الشعريات المختلفة منذ أرسطو، ندين له بأنه أوضح أن الثالوث المشهور للأجناس الملحمية، والغنائية، والدراماتيكية ينتج عن قراءة خاطئة لأرسطو، في المقابل، نجد عند غوته التقسيم الثلاثي، انطلاقاً من الأشكال الطبيعية، أو المواقف الأساسية أو الطبقات الجنسية ملحمية، وغنائية، ودراماتيكية)، وأكثر أيضاً عند هيغل(34) ، حيث استخدم نظام الطبقات نفسه من أجل دعم فلسفته في التاريخ: وجدت البشرية، عن طريق البدء بالملحمي، ثم اكتشاف الذاتية مع الغنائية، الشكل الكامل لفكرها في المأساة.‏

    لا يمكن لإرادة تأسيس نظرية أدبية أن تتجاوز إعادة فحص تاريخ الآداب ومفهومات هذه الآداب عبر وساطة الشعريات. أخيراً، قدم جيرار جينيت إيضاحات مهمة، مثلاً بين المحاكاة و diegesis(35) وسمح بتقدم في وصف التلاعبات النصية، خاصة التناصية الجمعية(36) ، وفي دراسة مرفقات النص)، أو العناصر الخارجية مثل الطبعة، والسلسلة، والتمهيد، .... الخ، والتي تسهم في الهوية الجنسية) للنص(37) .‏

    - الأجناس من وجهة نظر جان ماري شيفير.‏

    يعيد جان - ماري شيفير في كتابه ماالجنس الأدبي؟ سوي، 1989)* أخذ مكتشفات جينيت، ولكنه يهتم بفهم في ماذا يسمح مفهوم الجنس بنماذج مختلفة من تصنيفات النصوص الأدبية، لقد أهمل الجولات التاريخية التي يبدو أن دراسة الأجناس تفضلها، أو بصورة أولى المواقف المعيارية أو الجوهرية، لهذا، تبدو كل دراسة للأجناس أو الأشكال محكومة بالتأرجح بين التوجه التاريخي الذي يجازف بالوقوع في الإحصاء، وفهرسة حالات مادية،وبين التوجّه الشعري الذي يريد أن يرى منذ أرسطة الأجناس كأصناف): من هنا فكرة النموذج البيولوجي) الملازم للتفكير في الأجناس المنظور إليها بحسب تطورها وغايتها الخاصين وهي فكرة أثيرة عند برونيتيير في القرن الماضي)، في حين أن كل جنس يعتمد على كل المكونات الأخرى في المنظومة.‏

    سنستخرج من عمل جان-ماري شيفير، بعض المفهومات العملية المفيدة للمقارِن.‏

    - تفكيك السياق وإعادته ثانية:‏

    كل نص سياقي، ويمكن أن يُحدد نشاط النص نفسه، عندما يُقرأ في سياقات مختلفة، من هنا تأتي فكرة ربط السياق بإعادة الخلق الجنسي، وسيكون للترجمة تأثيرات في طبيعة جنس وفي إدراكه من قبل جماهير مختلفة، وهذه نقطة انطلاق ثمينة بالنسبة للمقارن الذي يجد تماسكاً في مسار تفكير انظر الفصل الثالث).‏

    ونفهم أيضاً كيف أثرت جمالية التلقي في مسألة الأجناس: وهذه المسألة مرتبطة بمشاكل تفكيك السياق) وإعادة ربط السياق)، والترجمة- الاقتباس، وساطة للانزياح الجنسي) تؤدي إلى إعادة تشكيل) مهمة التجنيس) النص- المصدر، يستطيع النص- الهدف النص المستقبل) من جهته أن يدخل سمات جنسية مستحدثة).‏

    بالإضافة إلى ذلك، ومثلما هو الحال بالنسبة للأعمال الفنية، إننا نرى إعادة تصنيفات بعد دخول أعمال جديدة: لم تكن فكرة الرسم التصويري) ملائمة إلا بعد ولادة فن مجرد)، ونحن مجبرون على وضع الأجناس وتعريفها بصورة أخرى، وفق طرق أخرى أو معايير غير تلك التي كانت معاصرة في إبداعها، من الواضح أننا نحكم على الملاحم الهوميرية ونحددها بصورة لا يستطيع اليونانيون القيام بها، وقُرِّبت الأوديسا كثيراً من رواية المغامرات، بعد إعادة السياق بالنسبة للأدب الروائي.وأصبحت بعض السمات التي كانت جامدة جنسياً) ذات نشاط متجدد جنسياً): مغامرات فردية، وقصة حب زوجية وبنوية...الخ.‏

    يبدو مفهوم تفكيك السياق) إذن مهماً بالنسبة لمقاربة مقارنية.‏

    إن ترجمة -ألف ليلة وليلة- لأنطون غالان وتلقيها في فرنسا، حولت في بداية القرن الثامن عشر نصوصاً إلى حكايات شرقية، ومن الواضح أن هذه النصوص لم تكن كذلك في ثقافتها الأصلية.‏

    - تجنيس نظمي وتجنيس قرائي:‏

    يميز جان- ماري شيفير بين تجنيس نظمي) يُرجع إلى مستوى تكوّن النص) ويحيل بصورة عامة إلى تقليد سابق للنص في مايخص السمات المتجددة جنسياً هذاما أمكن تسميته من قبل أي د.هيرش بالجنس الجوهري)، وبين جنس خارجي) أو جنس تصنيفي).‏

    يُرجع إلى القارئ الضرورة التي عنده للتصنيف)، وإلى النظام القرائي وليس النظام النظمي، من جهة القارئ، هناك أفق توقع جنسي وأفق سياقي، يرتبط أفق التوقع غالباً بتصنيف جنسي مسيطر) أذواق مسيطرة تتناسب مع جنس مشهور)، هناك إذن انزياحات ممكنة بين تجنيس نظمي) وتجنيس قرائي)، حالة قصوى:‏

    التراجيديا اليونانية التي نعرفها انطلاقاً من سبع تراجيديات لإيشيل من أصل مئتين وتسعين)، وسبع تراجيديات لسوفوكليس من أصل مئة وثلاث وعشرين)، وثماني عشرة تراجيديا ليوربيدس من أصل اثنتين وتسعين)، يمكن أن نصل من ذلك إذن إلى التساؤل عن طبيعة مفهوم الجنس ووظيفته، أهو وساطة تصنيف، أم إمكانية قراءة.، وتفسير للنصوص:‏

    - الأجناس وطرق التصنيف:‏

    سيكون هناك مفهومات عملياتية أخرى يستشهد بها وتسمح بتمييزات مفيدة، مثلاً "الفهرس" الذي يُرجع إلى عدة مرفقات النص انظر جينيت)، العنوان، والعنوان الفرعي، والعلامة، والتنبيه)، والسمات الجنسية) التي هي تناصية) ذات وظيفة بنيوية حصراً).‏

    تقارن العلاقة بين الفهرست والسمات بالعلاقة التي يمكن أن توجد بين واجهة منزل والمواد التي صنعت منها)، يمكن أن تكون الواجهة خادعة)..... يسمح مفهوم الجنس خاصة لجان ماري شيفير بالتفكير في معنى تصنيف النصوص)، ويُمارس هذا العمل غالباً من قبل المقارنين: ماهي المعايير التي يجري على أساسها التصنيف؟ يمكننا أن نميز منها أربعة أنساق:‏

    1- التمثيل عن ملكية مثل المسرود).‏

    2- تطبيق قاعدة هذا النص سونيتة).‏

    3- وجود علاقة جنسية إقامة سلالة نصية، ونشاط مقارن للغاية.....).‏

    4- وجود علاقة تشابهية يشبه هذا النص في بعض السمات نصاً آخر يشكل جزءاً من جنس محدد).‏

    يُحيل هذا الاحتمال الأخير إلى المقارنة دون انتماء وإذن إلى المقارنة التي يمكننا أن نمارسها بين أدبين لم يحدث اتصال بينهما، والمقارنة التي تسمح بالحديث عن رواية) بخصوص نص صيني الذي هو في الحقيقة نموذج خاص للسرد داخل نظام أدبي خاص.‏

    - نظرية أجناس أم نظرية نماذج؟‏

    إذا كانت أعمال جيرار جينيت، وجان ماري شيفير تستطيع أن تخدم كثيراً المقارِن من أجل صياغة تفكير نظري، فهل يعني ذلك أنه لا يملك نظرية خاصة؟ في نهاية الفصل حول الشعرية المقارنة)(38) توصل جان لويس باكي إلى طرح بعض المبادئ، وخاصة إلى تحذيرات مفيدة في تشكيل نظرية للأجناس) هذه الإشارة تتقاطع مع اقتراح كان قد صيغ سابقاً بالاعتماد على أفكار أخرى:تقود دراسة نظرية الأجناس إلى توضيح مفهوم النموذج؛ إنه في الواقع، متكرر إلى حد أننا، في كتب الآداب الجميلة أو الشعرية، نسند تعريفاً غير مستخدم كثيراً إلى نموذج كبير، القصيدة الغزلية هي فيرجيل، والقصيدة الغنائية هي هوراس ...)، إن حقيقة التأكيدات المتشابهة لا تهم كثيراً: يتعلق الأمر بأفكار أسطورية حصراً، وتخدم من خلال وضوح رموز متميزة، ومتنوعة وأصيلة، ولكن عبر انحراف نظرية الأجناس، نضطر لدراسة ثروة المؤلفين الكبار، وتشكيل أسطورتهم.)‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:22 pm

    ونكتشف من خلال هذه الوسيلة، بصورة أفضل، كيف كانت ظاهرة القراءة تاريخياً" هذا صحيح دون أدنى شك، ولكن ألم يكن هناك طريقة أفضل من معارضة دراسة العمل أو المؤلف، بدراسة نموذج) متشكّل من القراءات كلها والخطابات النقدية التي تُدخِل، لقاء تشوهات ربما تكون حساسة، عملاً مافي جنس معين".)‏

    حدس خصب: يعيد مفهوم النموذج) إلى ثروة نص، وشكل أصبح جنساً، قابلاً لأن يُنتج ثانية انطلاقاً من اختيار بعض السمات الجنسية. يجب أن يُفضل، إذن، هذا المفهوم في الأدب العام والمقارن، بالنسبة للأشكال والأجناس التي درست كثيراً من قبل دارسين آخرين.‏

    يشير مانفريد جستيجر في بيان قصير وكثيف(39) إلى فائدة مفهوم النموذج ضمن منظورات تاريخ الأدب القائم على نموذج الاستمرار / والانقطاع.‏

    أعاد ألفارومانويل ما شادوا أخذ هذه الإشارة(40) ، ويستخدم هذا المفهوم لإعادة قراءة القرن التاسع عشر البرتغالي؛ ويميز بين نماذج المرجعية) مقبوسات، وأسماء تعمل سلطة)، وفهرس ثقافي) وبين نماذج منتِجة) وتحديداً النماذج التي ستُنتج نصوصاً وتغذي الخيال البرتغالي، لهذا، يستطيع النموذج أن يمارس تأثيراً من خلال ثلاث مستويات ممكنة، أو وفق ثلاث احتمالات:‏

    1- القواعد الاجتماعية، والأخلاقية، والعقائدية: تستعير الرواية البيكارسكية- التشردية) عند ليزاج من الموروث البيكارسكي الإسباني، ولكنها تخضع لأخلاقية أخرى وعقيدة، غير أخلاق النموذج الأصلي وعقيدته في Gwzman لماتيو ألمان ولاحقيه.‏

    2- السمات الشكلية التي يسمى مجموعها غالباً جنساً): سيستخدم النموذج التراجيدي الراسيني في التراجيديا الفولتيرية، وفي التراجيديا المسماة كلاسيكية- جديدة في أوربا، ولكن كلام العاطفة، وبلاغة الخطابات، والنظام العقلاني للشخصيات سيصيبه التشوه والانحراف.‏

    3- الموضوعاتية التي يشكل مجموعها خيال نص، أثار الصعود الحديث للدكتاتوريات في أفريقيا بروز رواية الدكتاتور)، هذه الرواية الفرانكوفوني مثل الكونغولي سوني لابوتانسي)، هذه الرواية التي تعود في بعض.السمات مثل العقيدة، والعالم- ثالثية، والأساليب، والباروكية أو الأسطورية الأفريقية، والموضوعاتية، ورمز الدكتاتور العسكري) إلى الرواية الإسبانية- الأمريكية خاصة غارسيا ماركيز)، التي قرئت عبر ترجمات فرنسية، استُخدِمت هذه الترجمات إذن كنموذج) بالنسبة لرواية جديدة، لا تدين كثيراً للنماذج الأوروبية مثل رواية الواقعية- الجديدة، والرواية النفسية، والرواية الجديدة)، التي كانت قد خدمت أجيال ماقبل الاستقلال ومابعده، إن فائدة مثل هذا التأثير)، ومثل هذا الانتقال، هي القدرة على فهم تطور أفرقة النموذج الإسباني- الأمريكي اللاتيني). نستخلص مفهوم النموذج)، ومايسمح به ليس كخاتمة لهذا الفصل ولكن كمقدمة للفصل التالي. في المكان الأول، إعادة كتابة العلاقات الأدبية عن طريق تركيز التحليل على تشكيل تقليد أدبي: مثل تشكيل جنس أدبي عبر تثبيت سمات جنسية لنموذج، ونشره ومعرفته من خلال تقليد وإعادة إنتاج مختلفين)، وفي المكان الثاني، إمكانية جديدة لقراءة شعرية للنصوص النموذج كمبدأ منظِم للنص)، وأخيراً، المنظور النظري المفتوح مع الوجه المثلث الذي يستطيع المقارن تحته أن يواجه النص الأدبي: مجموعة من القواعد، ومجموعة من الإشكال الجمالية، ومجموعة من الموضوعات التي تجعل النص حكاية خرافية)، إذا أُريد جيداً الإمساك بالوظيفة الحكائية، والقدرة على خلق قصة عبر كلمات، وروايتها إلى الذات أو إلى الآخرين)، كعنصر أساسي يحدد الكتابة في المستوى نفسه لخلق الأشكال.‏

    (1) المقصود كتاب ما الأدب المقارن؟ الذي ألفه بيشوا، وروسو، وبرونيل. وكانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قد صدرت قبل هذا التاريخ ودون مشاركة بييربرونيل.‏

    (2) السونيتة : قصيدة من أربعة عشر بيتاً‏

    (3) انظر : قراءة ثانية للهزل، لاليشيفارون، حلو الهزل، القديم و الجديد في التفكير الجمالي، مطابع جامعة فانسين، 1991‏

    (4) ميكيل دوفريسن، الشعري، P.u.f ، 1963‏

    (5) جورج مولينييه، عناصر من الأسلوبية الفرنسية، P.U.F. ، 1986‏

    (6) انظر يفون بيلنجي، السونيتة في عصر النهضة، دار هواة الكتب، 1988، وسوزان غيلوز، الحوار، p.u.f 1992 .‏

    (7) الأجناس الأدبية، هاشيت، 1992‏

    (Cool انظر الدراسة النموذجية للمتفرنسة : سيسيل كافيلاك، إسبانيا في الثلاثية - البيكارسكية - لليزاج : استعارات أدبية، استعارة ثقافية، جامعة بوردو الثالثة ، 1984، مجلدان.‏

    (9) جاك لاكان، ماريفو في ألمانيا، 1975‏

    (10) هيلواز الجديدة، الجزء الثاني، ص 17.‏

    (11) انظر بيير براشين، منشورات وأ.ب. سميت، نظرية الملحمة في أوربا الغربية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، مينارد، محفوظات الآداب الحديثة، 1993‏

    (12) -الملحمة، puf 1986.‏

    (13) تطور الأجناس، 1890.‏

    (14) انظر إيف شيفريل، الطبيعية، دراسة حركة أدبية عالمية، P.U.F، 1980؛ ودانييل ماديلينا، السيرة الذاتية، P.U.F، 1984؛ وفلورنس غويه، القصة، P.U.F. 1993‏

    (15) انظر، الشعرية، 1977/ عدد /32، وهو عدد خاص.‏

    (16) انظر ه.ف. إمبير، أعمال المؤتمر السادس عشر SFLGC، مونبلييه، 1980‏

    (17) انظر المقالة المثيرة لبليندا كانون، ماالحوار الداخلي؟ كي فولتير، شتاء عام 1992، العدد /4‏

    (18) الساغة: حكاية شعبية تاريخية أو اسطورية من الأدب الاسكندنافي.‏

    (19) المقصود إيرلندة، والدانمارك، والنرويج، والسويد.‏

    (20) المقولِب: عامل يفرغ مصنوعات النحات في قوالب.‏

    *) -1- انظر العدد الخاص من R.L.C، 1991/2، الشعريات الشرقية والشعرية الغربية‏

    (21) - انظر ف.ك. شاري، النقد السنسكريتي، جامعة هاواي، 1990‏

    *) مذهب مدرسة أدبية موسيقية في إيطاليا، في أواخر القرن التاسع عشر، تدعو إلى تمثيل الحقائق برمتها، على غرار المدرسة الواقعية الفرنسية.‏

    **) طقس مختص بالأسرار المقدسة.‏

    *) اسم كان يطلق على تمثيلية دينية في العصور القديمة يدخل فيها الآلهة والقديسون والشياطين.‏

    (22) مسرح وفظاظة، مكتبة مريديان، 1982.‏

    (23) انظر أو دوكرو، وتودوروف، القاموس الموسوعي لعلوم اللغة، سوي، ص 280.‏

    (24) Mimesis، 1946، غاليمار، 1968.‏

    (25) دراسات في الأسلوب ،غاليمار، 1970.‏

    (26) الترجمة الفرنسية، دار سوي، 1972.‏

    (27) انظر الأشكال القصيرة، دار هاشيت، 1993‏

    (28) الأدب الأوروبي والعصر الوسيط اللاتيني، p.U.F 1956‏

    (29) انظر غرق مع مشاهد، دار آرش، 1994‏

    (30) انظر التوضيح المفيد لدافيد فونتين، الشعرية، مقدمة في النظرية العامة للأشكال الأدبية، جامعة ناثان، 1993، انظر أيضاً: م.م. مونغ، دراسات في تاريخ الشعرية، جامعة ميتز، بيتر لانغ، 1984.‏

    (31) غاليمار، تُرجم عام 1978.‏

    (32) رموز : المجلد الثالث.‏

    (33) انظر مقدمة في النص المتعدد، دار سوي، 1979، وأُعيد أخذه في جيرار جينيت و أل، نظرية الأجناس، دار سوي، 1986.‏

    (34) علم الجمال، المجلد الرابع، القسم الثالث.‏

    (35) حدود السرد، رموز، الجزء الثاني، 1969.‏

    (36) طروس، سوي، 1982.‏

    (37) انظر مدخل، دار سوي، 1987.‏

    *) ترجمت هذا الكتاب عن الفرنسية، وصدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، 1997.‏

    (38) الوجيز في الأدب المقارِن.‏

    (39) المؤتمر العاشر للرابطة الدولية للأدب المقارن، نيويورك، 1982.‏

    (40) الرومانسيات في البرتغال: نماذج أجنبية، وتوجهات وطنية، باريس ك. غولبينكيان، 1986.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:23 pm

    8- التاريخ والمنظومة الأدبيان

    توجه دراسة الأشكال الأدبية المقارِن نحو سؤال صاغه جان بول سارتر بالطريقة الجوهرية التي نعرفها: ما الأدب؟ في هذا المستوى من التجريد، يندثر الأدب المقارن أمام الأدب العام الذي لا يركز على "إطلاق عموميات على الآداب" مقبوس من إيتامبل)، ولكن هل سيكون هذا الأدب حقيقة) أدباً عاماً، وفق رغباته، عند مزج لغات الأرض كلها، أو أن الأمر -يحتاج إلى قليل منها؟ أو أن ذلك سيكون "نظرية للأدب" مؤسساتية في بلدان عدة؟ أو "علم الأدب" الذي ذكره إيف شيفريل في نهاية كتابه Quesais-je?)، ليُبعَد بعد ذلك مباشرة، ليس دون سبب؟ أو "فلسفة الأدب" لبيشوا- روسو، التي أُلغيت بعد ذلك؟ مهما تكن التسمية من المؤكد أن مسائل المصطلح تلازم المجال المقارني)، من الضروري نقل التفكير الأدبي، أو بصورة أدق، الشعري، من الأساس التاريخي الذي تبناه دائماً إلى مستوى أعلى.‏

    - عناصر التأريخ الأدبي:‏

    نذكر أنه منذ سنوات الخمسينيات، كان رينيه ويلك قد انتقد الموقف التاريخي) للمقارنين الفرنسيين، أُثيرت مسألة العلاقات بين الأدب والتاريخ الأدبي من جديد في سنوات الستينيات، وغذت، جزئياً، النزاعات بين النقد القديم والنقد الجديد.‏

    - الأدب والتاريخ الثقافي:‏

    في النص الأخير من النصوص الثلاثة التي تؤلف كتاب حول راسين)(1) ، والمعنون تاريخ أم أدب؟) أخذ هذا النص من مقالة منشورة في حولياتESC، أيار - حزيران، 1960) أدان رولان بارت بحق الخلط بين التاريخ والنقد الأدبيين، والمكانة المُبالغ فيها التي أخذتها السيرة في التاريخ الأدبي، وتقديس وقائع الطرفة وتواريخها.‏

    تتطلب صناعة التاريخ الأدبي التخلي عن الفرد و"الانتقال المتأني إلى مستوى التقنيات، والقواعد، والشعائر، والعقليات الجماعية"، ومقاربة الجانب المؤسساتي) للأدب.‏

    لقد اتخذ بارت) من المؤرخ لوسيان فيبفر موجهاً أو بصورة أدق كلود بيشوا مستشهداً بلوسيان فيبفر) الذي كان قد بيّن قصور التاريخ الأدبي من غوستاف لانسون إلى دانييل مورنيه) وطرح بعض التساؤلات البسيطة الموجهة نحو العلاقات المعقدة بين الأدب والحياة الاجتماعية(2) .‏

    نقتبس من لوسيان فيبفر: "يجب ......) إعادة تركيب الوسط المكان)، والتساؤل مَنْ كَتَبَ، ومن أجل مَن، ومن قرأ؛ ولماذا؛ ويجب معرفة التعليم الذي كان قد تلقاه في المدرسة أو خارجها، الكتّاب، وبصورة موازية معرفة تعليم قرائهم......؛ ويجب معرفة النجاح الذي ناله هؤلاء وأولئك، ومدى النجاح وعمقه؛ ويجب ربط التغيرات في العادة، والذوق، والكتابة، واهتمامات الكتاب، مع تقلبات السياسة، والتحولات في التفكير الديني، وتطورات الحياة الاجتماعية، وتغيرات النموذج الفني والذوق، ...... الخ يجب...... لن أكمل.".‏

    هذا البرنامج الطموح، غير المحدود هو الذي أعاد أخذه رولان بارت: "دراسة الوسط، أو الأوساط؛ و"الجماهير"؛ و"التكون العقلي لهذا الجمهور"، والمؤلفين؛ وأخيراً "أعمال العقلية الجماعية" آخذاً، بخصوص راسين، أمنية جان بومييه. "بتاريخ الأسطورة الراسينية"، أي البحث في الأوجه التي أعطاها النقد لراسين وعمله)، وأكثر من ذلك "تاريخ الخيال في القرن السابع عشر"(3)‏

    إننا نرى أن هذا البرنامج يمس، في الوقت نفسه، تاريخ المجتمعات والعقليات، وعلم اجتماع الأدب والأدب العام، تحت زاوية العلاقات بين الأدب والمجتمع.‏

    كانت جمالية التلقي قد درست بعض المسائل المتعلقة بالجمهور، وبعضها الآخر كان قد درس منذ سنوات طويلة من قبل بيير بورديو، وفريقه، وهي تصنف "الحقل الأدبي"، والأدب كمؤسسة)، وتحلل المكانة الاجتماعية، والسياسية للكاتب داخل هذا الحقل)، وأخيراً، هناك مسائل أخرى موجهة نحو المستوى الثالث)، وهو مفهوم يعيد بعد السياسي والاقتصادي) إلى تاريخ العقليات.‏

    بالنسبة لرولان بارت، لا يمكن فصل تاريخ الأدب) عن تاريخ فكرة الأدب نفسها)، وهذه بديهية أساسية تحدد هذا الجسر الضروري بين التاريخ الأدبي والنظرية الأدبية: يتحدث بارت عن هذا النوع من الأنطولوجيا- علم الكائن- التاريخية) التي يجب تأليفها: مازال البحث موضع اهتمام ورعاية، ولكنه لم يَقَوَ على نسيان بعض المشاكل الخاصة، ويمكن أن نقول "مشاكل شعرية"، وأخذ مثالاً من البلاغة الكلاسيكية المدروسة بصورة سيئة، إن ما تفرضه اللغة- عبر رموز البلاغة كلها- هو تقطيعاً للعالم) وشكلاً للعالم) مهماً بمقدار أهمية التقديم التاريخي بالنسبة لتاريخ الرسم، وهكذا انتهى إلى أن الأدب ينتظر Francastel، مشيراً بذلك إلى مؤرخ الفن بيير فرانكاستيل المهتم بإقامة روابط بين المجتمعات والأشكال الفنية، كان يمكنه أيضاً أن يذكر هنري فوسيلون، وإيرفان بانوفسكي، أوآرنست كاسيريه، ضمن منظورات تاريخ ثقافي.‏

    بصورة أدق لنقف عند المسار الذي تقترحه مقالة رولان بارت:‏

    1- اختبار التاريخ.‏

    2- زمن الدراسة الشكلية.‏

    3- ضرورة المقاربة النظرية، العامة.‏

    - التاريخ المقارن للآداب:‏

    بمبادرة من جاك فوازين، وتحت إشراف الرابطة الدولية للأدب المقارن Ailc)، بدأت المقارنية العالمية مشروعاً ضخماً منذ ربع قرن هو إصدار سلسلة من الأعمال الجماعية التي تشكل في مجموعها تاريخاً مقارنياً للآداب في اللغات الأوروبية، صدرت حتى الآن مجلدات عدة أولها تحت إشراف Ulrich Weisstein حول التعبيرية) 1973)، والثاني تحت إشراف غيورغي فاجدا ويدرس منعطف عصر الأنوار، 1760-1820) خاصة الأجناس المنظومة من الأنوار إلى الرومانسية 1982).‏

    ويقدم الثالث الذي نظمته آنا بالاكيان الحركة الرمزية) 1982)؛ وصدر مجلد تحت إشراف جان فيسجير بر حول المقدمات الأدبية في القرن العشرين) 1984)، وصدر مجلد خامس تحت إشراف جماعي، تيبور كلانيكزاي، وإيفا كوشنر)، وأندريه ستيغمان، مكرس لعصر النهضة وولادة الروح الجديدة- 1400-1480)، 1988)؛ وأخيراً، صدر مجلدان تحت إشراف آلبير جيرارد وكرسا لآداب أفريقيا شبه الصحراوية في اللغات الأوروبية)، 1986)، نُشرت هذه المجلدات في بودابست من قبل أكاديمية العلوم، وتعكس جيداً توجهات التأريخ المقارني واهتماماته: مثل تجنب تجميع الآداب، وتنظيم أعمال جماعية، واختيار حقبة تارة، وتارة أخرى حركة، وتارة ثالثة مجال أدبي وثقافي، والاهتمام بالتحقيب، وإظهار الاهتمام بلحظات التغير أكثر من الاهتمام بالعصور المتجانسة التي تسيطر عليها أجناس أدبية محددة جيداً.‏

    يوسع الأدب العام والمقارن، إذن، إلى أبعاد متعددة القوميات أو فوق القوميات، مفهومات، وحقائق اجتماعية، وتاريخية، تقدمها التواريخ الأدبية القومية): مثل العصور، والحقب، والحركات، والمذاهب والاتجاهات، والمدارس، والأساليب، ومانسميه أسلوب العصر)(4) .‏

    تفيد هذه الأعمال الواسعة من التحليل، والوصف، والتركيب، في إعادة النظر في التحقيب، والإشتراك الجيد لللآداب ذات الانتشار القليل، وإعادة التوازن، إذن، لما هو غالباً نتيجة لمعارف مرتكزة على أدبين أو عدة آداب عظيمة، وهي أيضاً تعبير عن حلم أدب عالمي حاضر في ذهن المشتركين.‏

    بصورة عامة، يفضل التأريخ المقارني الزمن المتوسط، وأحياناً الزمن الطويل، ولكنه نادراً مايفكر في الزمن القصير، على كل حال، يجب رفع المبادرات المفيدة المنصبة على التزامنيات الأدبية)(5) ، وحتى المنصبة على سنة هامة بصورة خاصة(6) .‏

    ضمن هذه الكتابة للتاريخ الأدبي، تكثر مشاكل المصطلح، أي مشاكل المنهج أيضاً؛ وتنصب على نصف الدزينة) من المفهومات المستشهد بها، والمرتبطة بالتحقيب، من الواضح أن مشكلة اختيار مقطع تاريخي) مهمة، بالإضافة إلى مسائل تأريخ.ظاهرة تعود في الزمن حتى بدايته، أو تنزل حتى نهايته، ولكن، إن مايبدو أساساً، هو إعادة تركيب تعقيد الزمن التاريخي، هنا أيضاً، نترك الكلام لهنري فوسيلون حياة الأشكال): "إن المؤرخ الذي يقرأ تتابعياً يقرأ أيضاً أفقياً عرضياً)، بصورة متزامنة، مثل الموسيقي الذي يقرأ توليفة جوقة موسيقية، التاريخ ليس أحادياً ولا تتابعاً خالصاً، يمكن أن يعد تراكباً للحظات الحاضرة الممتدة بصورة واسعة...... في التاريخ نفسه، لا يحتل السياسي، والاقتصادي، والفني الموقع نفسه على خطهم الخاص، والخط الذي يجمعهم في لحظة معينة هو غالباً متعرج جداً...... التاريخ بصورة عامة نزاع بين النضوج المبكر، والحاضر، والتأخر".‏

    - المدة الزمن) في التاريخ الأدبي:‏

    إن عمل مؤرخ الأدب وهو في جزء منه عمل المقارن) هو خط استمراريات في المكان الذي يبدو أنه لا يوجد فيه إلا التفَتيت والتقسيم، وحصر لحظات التغير- النادرة- المثار غالباً عبر ظهور عمل جديد، ومدرسة جديدة، من هنا تأتي دراسات شعرية بصورة واسعة، وبيانات، وكذلك أيضاً آثارها، وأصداؤها، وهناك دراسات أخرى وسيطة بين علم الاجتماع وتاريخ العقليات، حول بعض المفهومات مثل مفهوم الفضيحة) أو القطيعة).‏

    ولا يستطيع هذا المفهوم الأخير، الذي تعيش عليه الحداثة)، أن يصبح مبدأ تحليل تاريخي، يهتم بتقدير إيقاع التفعيلات التي تشخص التطور الأدبي، وهذه فرضية خاصة بتاريخ أدبي شعري، وتتقاطع فكرة نص حواري: كل نص يجدد في بعض المجالات، ويتقدم في بعض النقاط، ويظهر أقل تجديداً في بعض الوجوه، يقوم المبدأ الريمبالدي الذي بحسبه "يجب حتماً أن يكون الإنسان حديثاً" على صراخ، ورغبة، ولكن ليس على التاريخ الأدبي.‏

    في مقابل "أيديولوجية القطيعة"(7) أو مايسميه أو كتافيوباز "تقليد القطيعة"، ينتصب بناء الثوابت، أو الكليات، أو النماذج الأصلية بمقدار طرق الهروب من التاريخ. نعرف أن الثابت الوحيد الممكن الوصول إليه هو الثابت الذي يدمج بناء الروح نموذج، مخطط).‏

    إنه معزول لكي يجابه مباشرة بالتطور التاريخي، أو بالحوار بين الآداب، لا يستطيع الثابت إلا أن يكون تعبيراً عن تعطيل اصطلاحي للزمن، وهذا شكل من الزمن التاريخي للروح التي تبحث عن فهم المتنوع، والمعقد، يجب أن يعيش التاريخ الأدبي الأزمنة الثلاثة للتاريخ التي ميزها فيرناند بروديل: "المدة الطويلة"، وحتى "الجيل المتعدد"، ولكن ليس فوق- الجيل)، ثم الزمن الوسيط الجيلي) ظاهرة الجيل، ويمكن تعريفه بعبارات Forma mentis مشتركة، وتجمع من الأفكار، والقراء، والمراجع الجمالية، والأيديولوجية، وهو هام إلى حد ما، بالنسبة لبعض الآداب، مثل الآداب الإيبيرية، والإيبيرية- الأمريكية)؛ وأخيراً، الزمن القصير، وهو زمن الحدث الذي يتجاوز الحقل الأدبي ويؤثر فيه.‏

    إن شكلاً أدبياً، بالمعنى الواسع، هو أيضاً نوع من المدة الزمنية)؛ والتي خلالها يُعرف، أو يُستقبل، ويُنشر، ويعد حجة، ومرجعاً لجماعة معينة، ولكن من الواضح جداً أن سونيتة بيترارك ليس لها علاقة كبيرة مع سونيتة مالارميه، دون وجوب نسيان مدة الانتشار الأعظمي لشكل ما(Cool .‏

    يجب أن تدخل في المدة، أعياد الميلاد، والاحتفالات التذكارية، والتذكارات المئوية المئوية الثالثة لغونغورا المعاد اكتشافه عبر- الجيل 27-) والتلوثات الدنيوية إن نهاية قرن تجلب نهاية أخرى، مالذي يجب قوله عن نهاية ألفية؟)، وكل عناصر زمن طقسي، زمن ذكريات، زمن أحكام نهائية، وأعداد خاصة من المجلات، والمقابلات مع الأحياء، وإعادة تقويمات، واكتشافات)، وعودات إلى.....)، ونسيان، زمن يرى انبعاث أسماء قديمة، وتغييب أسماء أخرى، حيث تتطابق أذواق الحياة، ويقاس عمل الجيل القادم: زمن التاريخ الأدبي هو أيضاً زمن يمكن عكسه، ومتعدد الأصوات، وجمعي.‏

    إن المدة، في الأدب، هي أيضاً التقاء الجمالية، والشعرية، والحضارة المادية: تاريخ الكتاب، وتاريخ العلاقات الفكرية، وكذلك أيضاً التجارية، وحتى الاقتصادية، "تجارة الأفكار" التي طُرحت سابقاً، يستطيع المقارِن أن يفيد كثيراً من الدراسات حول تجارة الكتاب التي بدأها لوسيان فيبفر، وتابعها هنري جان مارتان، ودانييل روش، أو روبير دارنتون.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:24 pm

    ضمن هذه المدة الاستعراضية، المعادة صياغتها، تنضوي بعض المسائل الأكثر تعقيداً: مثل ولادة أسلوب ومدته، ومفهوم عتبة عصر معين) الذي درسه هانس- روبيرت ياوس، وكذلك مفهومات الأوج)، والقمة)، والمنعطف)، وتوسع تراث ما) مع بعض الغيابات تراث الرواية البلزاكية....) وعليه فإن مفهوم الأسلوب)، ارتجاعي بصورة واسعة منسحب على الماضي): هذا مانستطيع، حالياً، وعيه، عبر لعبة البعد التاريخي، لأسلوب أعوام الخمسينيات، ونموذج) أو نماذج) fifties، حتى في تعبيراتها الكاريكاتورية. يتطلب التراث تطور التخزين، وأرشفة الأحداث والأشكال الأدبية، وتطور التناصية. تُصنع ثقافة، أو مجموعات ثقافية معينة من التقاليد التراثية التراث الكلاسيكي، التراث الواقعي... الخ).‏

    يمكننا إرادة فهم كيف تشكلت، وانتقلت بين الذاكرة والنسيان، والتجديد والمقاومة، والابتكار والتخلق؛ وكيف تخلد أشكال كتابة وقراءة، وموضوعاتهما وأصولهما، لا وجود لتقليد أدبي دون وجود مجموعة من النصوص المرجعية، ودون تعليقات نقدية وتفسيرية، وتقويمية، وتخليدية، ودون انشقاقات أيضاً.‏

    لا وجود لـ dosca دون هرطقة.... انتقلنا، بصورة إجبارية، من البحث التاريخي إلى جرد مجموعة، ومنظومة تسمى أيضاً أدباً.‏

    مما لاشك فيه أن كلمة منظومة) تُحيل إلى مستوى نظري من التفكير، ولكن الأمر يتعلق، في الواقع، بامتلاك وسائل الوصف التاريخي والشعري للأدب، وهذا مالايسمح به فحص الأشكال والأجناس انظر الفصل السابع).‏

    - الأدب كمنظومة:‏

    استعير مفهوم المنظومة) من الشكلانيين الروس، وطُبق على الأدب، وشكل منذ سنوات السبعينات تقدماً منهجياً بارزاً من أجل التوفيق بين الشرط التاريخي وبين ضرورة الوصف الدقيق للظاهرة الأدبية، وظهر المفهوم) تحت اسم منظومة متعددة) اقترحه إيتمار -إيفين زوهار في ورقة عمل مقدمة إلى ندوة حول نظرية التاريخ الأدبي)، وأعيد استخدامه عام 1979، في العدد الأول من مجلة الشعرية اليوم)، في غضون ذلك، نشر كلوديو غيلين مقالة بعنوان الأدب كمنظومة)(9) ، وقدم جوزي لامبير جامعة لوفان) عام 1980، إلى ندوة SFLGC) في مونبلييه دفاعاً عن برنامج ا لدراسات المقارنة: الأدب المقارن ونظرية ا لمنظومة المتعددة)، وتابع الوصف النظري للمنظومة الأدبية في مقالات متعددة. استُخدم مفهوم المنظومة المتعددة) حديثاً من قبل بعض الباحثين الكنديين في سبيل تاريخ أدبي جديد لكندا(10) .‏

    في البرازيل، افتتح أنطونيو كانديدو كتابه الهام تشكيل الأدب البرازيلي) 1975)، بفصل موسوم الأدب كمنظومة).‏

    -مثال على المنظومة الأدبية:‏

    يواجه أنطونيو كلوديو الأدب كمنظومة من الأعمال المرتبطة مع بعضها عبر قواسم مشتركة تسمح باستخلاص السمات المميزة لعصر معين). هذه القواسم المشتركة داخلية اللغة، والموضوعات، والصور)، واجتماعية، ونفسية، وتجعل من الأدب مظهراً عضوياً عن الحضارة، ويميز بين مجموعة من منتجي الأدب الواعين إلى حد مالدورهم، وبين مجموعة المتلقين الذين يشكلون النماذج المختلفة للجماهير، وآلية الناقل للرسالة) لغة مترجمة إلى أساليب، الذي يربط المنتدين بالمتلقين، يشكل المجموع نموذجاً من الاتصال الإنساني الداخلي يسمى أدباً يبدو، من هذه الزاوية، كمنظومة رمزية) تتحول بفضلها الأحاسيس الأكثر غوراً عند الفرد، بحسب الاتصالات بين البشر، وعناصر تفسير الواقع.‏

    يتحول النشاط الأدبي إلى تقليد يقارنه كانديدو بنقل المناوبة في الملعب سباق التتابع): تُبتكر استمرارية أدبية مع تشكيل نماذج) نفكر بكلمة Pattern الإنكليزية، وهي مفهوم قريب من النموذج)، تفرض نفسها على الفكر والتصرفات، التي يجب العودة إليها من أجل قبولها، أو رفضها، "دون هذا التراث لا وجود للأدب كظاهرة عن حضارة"، في مواجهة هذا التراث، هناك مظاهر أدبية ذات إلهام فردي أو تحت تأثير آداب أخرى، وتشكل محطات مهمة في تشكيل المنظومة، يشير انطونيو كانديدو إلى أنه أراد، قبل كل شيء كتابة "تاريخ البرازيليين ضمن رغبتهم في امتلاك أدب"، وهذا مثال ثمين بصورة خاصة بالنسبة للمقارِن، لأنه يُظهر، داخل فضاء لغوي واحد، عناصر متعددة لإشكالية مقارنية، وأكثر من ذلك، لإشكالية الأدب العام من خلال إرادة ربط سيرورة التطور الأدبي بثوابت مختلفة مثل المرسلين، والمتلقين، وأدوات الإرسال)، وشرحها بواسطة تساؤلات مختلفة: اجتماعية، جمالية، ورمزية.‏

    - نظرية المنظومة المتعددة:‏

    إن الفرضيات، والبديهيات التي سمحت بإطلاق فكرة المنظومة المتعددة) أعادت أخذ مقترحات قدمها الشكلانيون الروس، خاصة إيوري تينيانوف، ورومان جاكبسون في مقالة صغيرة عام 1928، أعيد نشرها في كتاب نظرية الأدب)(11) : "مشاكل الدراسات الأدبية واللغوية"، كل عمل أدبي هو منظومة، وكلٌ ذو دلالة، وتشكل مجموعة النصوص التي تمتلك سمات مشتركة منظومة من الأنظمة، وتحت صيغة أخرى، نجد شعوراً مسبقاً عند الشكلاني الروسي ف.شكلو فسكي قدمه عام 1921 وعام 1923، تحت اسم قانون التطبيق)*، والذي ينظر إلى العمل الأدبي كمجموعة من الطبقات التي تتنازع فيما بينها، سواء تعلق الأمر بطبقات ثقافية رسمية)، معترف بها، أم بطبقات قادمة من ثقافة شعبية غير معترف بها، تلاقي أيضاً الفكرة الكبيرة والتي بحسبها تطبق الثقافة غير الرسمية، تحت مختلف الأشكال، على الأدب الرسمي لاحتلاله وتغييره، يُستخدم هذا الربط بين المشاكل الجمالية، والاجتماعية- الثقافية، وبين فكرة التوتر بين الطبقات ذات الأصل المختلف، أيضاً كأساس لنظرية الحوارية) عند ميخائيل بختين.‏

    يلاحظ إيتمار إيفين -زوهار بحق، في مقالته البرامجية عام 1979(12) ، أن تمثُّل النظريات الشكلانية، والبنيوية في أوربا الغربية كان انتقائياً، ضمن الحد الذي لم تصنع فيه هذه النظريات أبداً مقابل تصور تاريخي وهذا ماكان عليه الحال في فرنسا مثلاً).‏

    إن النص والمنظومة الأدبيين يشكلان مجموعات طبقية للنظم التي تفسر بعضها بعضاً وتدخل في تنازع.‏

    - وصف المنظومة الأدبية المتعددة:‏

    تتألف المنظومة من ثلاثة أشكال من النصوص: النصوص الأدبية، بالمعنى الدقيق، وبالمعنى الأكثر اتساعاً لكلمة أدب، والنصوص النقدية كل ما يسمح بإعادة تركيب المنظر الأدبي، من هنا تأتي أهمية مافوق النصوص)، ومرفقات النصوص)، مثل المقدمات، والإعلانات، والجدالات، والحسابات السنوية....)، وأخيراً النصوص الكامنة الممكنة) أو النماذج) التي ينتسب مجموعها إلى المنظومة المتعددة، لأنها المنظومة) تشكل منها التركيب المجرد، والنظري: يتحدد نظام أدبي عبر وجود عدد من النماذج الممكنة، وفي لحظة معينة، والتي هي قابلة لإعادة الإنتاج إلى حد ما، وتعد النماذج المسيطرة بين النماذج الأكثر قابلية لإعادة الإنتاج، وأيضاً الأكثر قابلية، إلى مدى معين، للتنازع.‏

    اقترح جوزي لامبير التمييز بين ثلاثة معطيات أساسية من أجل وصف المنظومة الأدبية:‏

    - p أو إنتاج اللحظة، أي النشاطات الأدبية كلها في لحظة معينة؛‏

    - T ، أو التراث، أي النشاطات الأدبية القديمة التي تستمر تتعايش) مع حاضر خاص.‏

    - I - أو استيراد، أي النشاطات أو النصوص التي تستوردها المنظومة الأدبية من منظومات أدبية مجاورة، تسمح ملاحظة التداخلات بين P.T.I بصياغة بعض مبادئ عمل المنظومة الأدبية:‏

    يمكن أن تكون p غير موجودة بالنسبة لجنس أدبي معين لا تمتلكه منظومة أدبية)؛ وتستطيع T أن تغيّب أو تخفي I منظومة أدبية محافظة)؛ يمكن توجيه I ضد T مقدمة الترجمان من أجل معارضة تراث موجود).‏

    يُفسر قسم هام من نظرية المنظومة المتعددة عبر الاهتمام بمشكلات الترجمة البحوث الأولى لإيتمار إيفين- زوهار، ولا مبير) أو بدقة أكثر بالأدب المترجَم)، الذي يأخذ مكاناً، كما هو، ضمن المنظومة الأدبية المترجِمة منظومة لغة المصب).‏

    - المنظومة المتعددة والتعارضات الأساسية.‏

    يقيم مفهوم المنظومة المتعددة بعض السلاسل من التعارضات الأساسية التي تبني المنظومة المقصودة؛ يجب دراستها من وجهة نظر تاريخية البعد التاريخي مطلوب دائماً)، سنفصل السلاسل الثلاث الأساسية.‏

    - الأدب الأولي مقابل الأدب الثانوي:‏

    إن أدب النموذج "الأولي" يعيد النظر في الاصطلاحات، والقواعد، والنماذج المعمول بها؛ إنه يدخل إجراءات جديدة في الكتابة والقراءة.‏

    يستغل الأدب الثانوي الاصطلاحات الأدبية والجمالية ويحتفظ بها.‏

    ولكن أي عمل، وأي مؤلف لا يستطيع أن يكون أولياً أو ثانوياً بصورة كاملة، يستطيع نص ثانوي، محافظ في الظاهر، من وجهة نظر جمالية نفكر بمسرح سارتر)، أن يكون نص معارضة اجتماعية، يجب أن يدرس النص، والأدب بصورة عامة من موقع الاتصال، والتلقي، والتقويم، أو بصورة أصح من موقع إعادة التقويم الدائمة.‏

    تُترجم هذه التغيرات عبر مواقف مختلفة داخل المنظومة، وتتطور وفق تطور هذه المنظومة.‏

    *- الأدب العالي مقابل الأدب الوضيع:‏

    يجب رؤية التعارض بين الأدب الرسمي أو المعترف به)، وحتى المقنّن)، والآداب المسماة هامشية)، مادون الأدب، والأدب الموازي، والأدب الشعبي، أو أيضاً أدب الجماهير، أو حتى نقيض الأدب، أو الآداب المضادة)، يسمح هذا التمييز بتحديد الاصطلاحات، والقواعد، والنماذج المعمول بها، وهذا مايعد من جهة أدباً، وتراثاً أدبياً، ومن جهة أخرى يدخل في نزاع مع هذه القواعد الجمالية، وحتى الأيديولوجية.‏

    نخلص من ذلك، فيما يخص الأدب الرسمي إلى إدخال مفهوم القانون) الأدبي أو الأدب المقنن)، والذي نستطيع تعريفه كمجموعة من النصوص تتعلق بها قيم سواء ضمن التعليم أم ضمن النقد الأدبي.‏

    هناك ضمن مفهوم القانون) فكرة مجموعة من النصوص تتشكل انطلاقاً من انتقاءات تتم وفق بعض القواعد، يشكل هذا المفهوم موضوع دراسات مقارنية تعد الأكثر إتقاناً ودقة في الوقت الحاضر، ويجب أن يؤخذ ضمن خليط مفيد من القيم الجمالية والأيديولوجية التي ينشرها(13) .‏

    يجب دراسة القانون في مستوى المنظومة الأدبية، ولكن لا يمكن فصله عمّا أسميناه الحقل الأدبي)، لأنه يسعى لأن يطبع أثره ضمن العالم المدرسي، والمؤسسات، وتنظيم ردود الفعل النقدية، والعلاقات الاجتماعية والثقافية للجمهور، يمكننا أن نقدم أن أفق التوقع لبعض الجماهير التي لها علاقات معينة مع الأدب القانوني في فضاء ثقافي معين. أخيراً، إن مفهوم القانون مرتبط بالفكرة التي تقول إن كل منظومة أدبية تسعى، في الوقت نفسه، إلى التطور وحماية نفسها، وحماية نصوصها)، يجب على التطور الأدبي أن يأخذ في الحسبان هذا الأدب الاحتياطي، المصنوع من نصوص عالية القيمة طورهذه الفكرة راكفيه شيفي تلميذ إيفين زوهار).‏

    يسعى النص القانوني لأن يكون مرجعاً أدبياً مستقراً، وهذا مانسميه بإرادة سلطة)، مع عدم نسيان ميزته كأسطورة) ثقافية، إلا إذا لم يشكل مجموع النصوص القانونية جزءاً مما يمكن تسميته ميثولوجيا وطنية)؛ أو نسيان أنه باختزاله إلى اسم، وعنوان، ومقبوس، يقوم بدور شبيه بدور النمط، ويمكن إعادة استخدامه في ظروف وسياقات مختلفة، يجب وجود قانونية دنيا لهومير من أجل الحديث عن موقف هوميري)، أو لكافكا من أجل موقف كافكي).‏

    يستطيع النقد، في هذه الحالة، أن يمتلك وظيفة التشكيك في العناصر التي تمنح القانونية، من جهته، يجب على مؤرخ الأدب أن يفهم وفق أي طرق فرضت هذه القانونية نفسها.‏
    moon
    moon
    نقيب
    نقيب


    ذكر
    عدد الرسائل : 110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 13
    تاريخ التسجيل : 04/06/2008

    الأدب العام والمقارن - صفحة 2 Empty رد: الأدب العام والمقارن

    مُساهمة من طرف moon الأحد يونيو 08, 2008 5:24 pm

    المركز مقابل المحيط:‏

    يجب أخذ المركز أيضاً ضمن المعنى الجغرافي والثقافي، وضمن بعده الرمزي: يسعى التراث)، إلى احتلال مركز المنظومة، ولكنه يُدفع، بصورة دائمة نحو المحيط ضمن المنظور التنازعي، أو الانحطاطي، الخاص بالمنظومة المتعددة)، إننا نفهم كيف أمكن لهذه الإشكالية، أن تفيد الآداب التي تدعى تحديداً بالآداب المحيطية انطلاقاً من مركز معين يعد حاضرة مستعمرة، وكذلك الآداب المسماة منطقية)، يتقاطع التفكير هنا مع مسارات أخرى:‏

    مثل المقارنية الداخلية) انظر الفصل الأول).، ومفهومات المناطق الأدبية انظر الفصل الثاني).‏

    اقترح جوزي لامبير، في بحثه المقدم في مونبلييه عام 1980، دراسة كل أدب انطلاقاً من استفتاء بسيط يمكن أن يكمل الجانب النفعي لهذه النظرية والذي ليس إحدى ميزاتها الدنيا):‏

    - ماهي القواعد المسيطرة/ والمسيطر عليها)؟‏

    - ماهي النماذجالمسيطرة/ والمسيطر عليها)؟‏

    - ماهي طبقات القواعد والنماذج التي تستطيع أن تظهر ضمن المنظومة المقصودة؟‏

    - ماهي الظواهر مؤلفون، وأعمال، وأساليب، وأوساط) التي تحتل موقعاً مركزياً أو محيطياً؟‏

    - ماهي الروابط مع المنظومات المجاورة روابط منظومية داخلية، أي الأساس نفسه للمقارنية في علاقاتها المسماة -ثنائية-)، والعلاقات داخل منظومة معينة بين ماتحت- المنظومات المختلفة علاقات منظومية داخلية، مثلاً بين الآداب والفنون)؟‏

    - ماهي العلاقات بين الإنتاج، والتراث، والاستيراد، منظومات أجنبية)؟‏

    - ماهي العلاقات فوق -النصية وتنظيمها، خاصة العلاقات مع النصوص الأدبية تحديداً؟‏

    - ماهي الروابط بين العناصر التجديدية الأولية) والعناصر التقليدية الثانوية)؟‏

    من الواضح أن مثل هذا الاستبيان يظهر فائدة المنظومة المتعددة، كتتمة للدراسات التاريخية للأدب، وأداة لإعادة كتابة الظواهر الجمالية، والمركبات الشعرية لمنظومة أدبية.‏

    - المنظومة وتطبيقاتها.‏

    تعد هذه النظرية، من خلال العلاقات التي تريد إقامتها مع التاريخ الثقافي، قريبة، إلى حد ما أحياناً، من علم رموز الثقافة كما مارسه إيوري لوتمان ومدرسة تارتو.‏

    تسمح المنظومة المتعددة، من خلال معارضتها لفكرة وجود جوهر للأدب، أو حتى أدبية)، بفهم كيف تتشكل المفهومات المتتابعة للأدب، وكيف تتشكل المجموعات الأجناس، والأشكال، والنماذج)، إنها تسمح بالإمساك جيداً بالإبداع الأدبي) بصورة عامة، وفي بعض المواقع الثقافية الخاصة.‏

    * الآداب التابعة: والآداب البارزة:‏

    إن مفهوم التبعية) هو قبل كل شيء ذو طبيعة سياسية واقتصادية استعمار). في الأدب، يترجم الاستعمار عبر فرض قواعد ونماذج: القسم الأكبر من التراث- التقليد)، والأدب المقنن القادم من المركز، والحاضرة، عن طريق المدرسة، بالنسبة لإفريقيا، أو المؤسسات الأكاديميات، وحلقات الفكر، والمجلات) أو الترجمة بالنسبة لأمريكا اللاتينية.‏

    كل أدب محيطي) هو حقل نشر بالنسبة للنماذج المستوردة. تؤمن هذه النماذج التكوّن الكامل للنصوص والانسجام إلى حد ما، هذه النصوص التي يشكل مجموعها أدباً تقليدياً حقيقياً تابعاً) يعد في الظاهر مثاقفة نتيجة للاستعمار).‏

    مع ذلك، ستترجم إعادة إنتاج نموذج، ومعرفته بوصفه نموذجاً منتجاً، عبر كتابة ثانية تؤدي إلى محاكاة مختلفة، ضمن الحد الذي تصدر فيه عن توترات بين النموذج المتلقى، والمقبول إلى نقطة معينة، وخلال زمن معين، وبين المنظومة الخاصة بمرجعيات النظام المستْعمَر، المتلقي بالضرورة.‏

    تتطلب إعادة تأهيل النماذج، وهي ظاهرة واضحة في كل أمريكا اللاتينية في الأدب والفنون لأننا نتحدث تحديداً عن الباروكية الاستعمارية) ليس مثاقفة) وهذا مفهوم من أصل انكلو- ساكسوني) ولكنها تتطلب تبادلاً ثقافياً وهي كلمة إسبانية).‏

    استُخدم هذا المفهوم من قبل الباحث الموسيقي الكوبي فيرناندو أورتيز ضمن نص عام 1940، ويتطلب أن يوجد دائماً جواب فعّال للمثقف على فرض نماذج خارجية، وردة فعل للجوهر البلدي)، المحلى إزاء التأثيرات الخارجية.‏

    وهو مفهوم رئيسي لأنه يسمح بفهم ماتكونه ظواهر التهجين الثقافي)، ونماذج المحاكاة والتأثيرات وحدودها.‏

    ويمكن لهذه النماذج أن تتوجه إلى أشكال أدبية، وطرق الكتابة، والقواعد الأيديولوجية علاقات النموذج المستورد مع المنظومة الأدبية التي يندمج فيها: جماهير جديدة، وتوقعات جديدة).‏

    والدوافع أو الموضوعات الخاصة بخيال جديد. المثاقفة العابرة أو المتبادلة) تتبدل، مثلما أشار البرازيلي هارولدو دوكامبوس في transvaloration من جهته، يدعم سيلفيانو سانتياغو(14) ، بحق، أن النص المتحرر من الاستعمار)، ضمن ثقافة محيطية أو مُسيطَر عليها، تنتهي لأن تكون أكثر غنى من النموذج الذي كان مصدر التأثر، لأنه يتضمن عرضاً النص المسيطِر، وجواباً لهذا العرض في مستوى النسج الروائي.‏

    يمكن التفكير بالأشكال الجديدة التي يمكن أن يأخذها التأثير أحادي الجانب والمسيطر عليه: إن الأدامة anthropophagie للحداثة البرازيلية 1922) افترسْ إذا لم تكن تريد أن تكون مفترَساً) والدجل) الشعري الذي مارَسه أيمي سيزير، كما لو أن سلب المصطلحات والتخصيص اللفظي كانا جوابين عن هذه السرقة للأسماء التي كان ضحيتها العبيد القدامى، والتي طرحها هنري كريستوف في مأساته، كل هذه الظواهر من التقليد الاستعماري اقتباس غير متميز لثقافة المركز)، واستلاب ثقافي نجد صداه في العمل الكلاسيكي بشرة سوداء وأقنعة بيضاء)(15) ، لفرانز فانون.‏

    فجأة، وجدت بعض الأعمال التي أخذت إشكالية التأثير من منظور جديد(16) ، فائدة جديدة، وإمكانيات جديدة للتطبيق ضمن سياق الآداب التابعة أو البارزة، إن حالات الرموز التي يميزها هارولد بلوم يمكن أن توضح العلاقات بين المنظومات أو داخلها انطلاقاً من علاقة القلق شبه الأوديبية التي يوجد ضمنها الأديب المحيطي)، في مواجهة التراث الأدبي الذي يبنيه أو يهدده، والذي انطلاقاً منه يجب عليه الأديب) بالضرورة أن يحدد موقعه.(17)‏

    سيحاول الكاتب إعادة توجيه التراث أو النموذج السابق، أو سيكمله بطريقة تضادية، ويستطيع أن يحاول القطيعة أو أن يفتح نصه على فرضيات جديدة بالمقارنة مع النموذج، أو أن يعود إلى النموذج الذي يعد نمطاً، وينتج نصاً، يعد في الواقع، شكلاً من النتيجة الجديدة للنموذج الأولي، وذلك فهرسة للحالات التي تتماشى مع البحث المفروض من المنظومة المتعددة: هناك دائماً وصف لوضع أدبي وثقافي محدد.‏

    سنستخلص من التاريخ الأدبي الجديد، أو بصورة أصح، من هذه الشعرية التاريخية الجديدة، بعض المفهومات الأساسية: مثل الانزياح، والاختلاف، والانقطاع التاريخي)، والتفاوت التاريخي، والجمالي والثقافي)، والتهجين، والسياق تسجيل ضمن المنظومة)، وفك السياق، وإعادة السياق، نمذجة عليا.... الخ.‏

    يتطلب انتقال الأشكال الأدبية وهجرتها، هنا أيضاً تحولها.‏

    نقول هنا حوارات الثقافات عند مقاربة حقل البحوث المقارن؛ ونحدد هنا: علاقات بين المنظومات حيث تقوم علاقات القوة بدور مهم أكثر من أي وقت مضى المركز مقابل المحيط).‏

    وليس صدفة أن تنتصر التحديدات المؤسسة للمقارنية:‏

    بين)..... وعبر)...‏

    الأدب العالمي،والوطني، والإقليمي المنطقي):‏

    يجب أن يُربط مفهوم المنظومة الأدبية مع حقيقة فضاء جغرافي، واجتماعي وثقافي، ينتج عن ذلك طرح أو إعادة طرح موضوع الفضاء الوطني لم يكن للأدب، واللغة، والثقافة، والأمة أبداً تقريباً حقائق لا يمكن تغييرها أو غير قابلة للتغيير)، وإعادة تعريف بعض المفهومات مثل الحدود، "انظر الفصل الأول" والمنطقة، "انظر الفصل الثاني").‏

    يمكن أن نعد الفرانكو فونية منظومة متعددة ضخمة، وينطبق الأمر نفسه على فضاءات أخرى X-Phones) إذا أعدنا استخدام صيغة إيف شيفريل).‏

    داخل هذه المنظومة المتعددة والمعقدة، يمكن وضع المنظومات الأدبية المختلفة التي تؤلف هذا المجموع، يمكن كذلك، إلى نقطة معينة، أن المنظومة المتعددة الإسبانية تشمل المنظومات الكاستيلية، والكاتالانية، والغاليسينية، والباسكية..‏

    يظهر التاريخ الأدبي والثقافي للبرتغال أنه كان هناك ومازال) ثلاثة مراكز في المنظومة المتعددة اللوسيتانية مراكز للحياة السياسية مع خيارات متباعدة أحياناً، وللحياة الثقافية مع دور النشر، والمجلات، والمؤسسات مثل الجامعات، وللحياة الاقتصادية): مثل لشبونة، وكذلك بورتو، وكوامبر.‏

    وهذا يعني نسيان الأدب الغني جداً لـ des acores، والحاضر بقوة داخل الحياة الأدبية لشبه الجزيرة. أين مركز المنظومة الجرمانية المتعددة في نهاية القرن التاسع عشر؟ هل هو برلين، أم فيينا، أم براغ؟ ألا يخفي مركز من هذه المراكز، مراكز أخرى؟ ماهو مركز المنظومة الفرانكوفونية السويسرية؟ هل هو جنيف، أم لوزان، أم .... باريس؟ تظهر المنظومة الأدبية أبعاداً مختلفة: هناك بعد) بين باريس وبروكسل أكثر من البعد بين بروكسل وباريس، بحسب مانكون داخل المنظومة الفرنسية أو داخل المنظومة الفرانكوفونية البلجيكية.‏

    يسمح مفهوم المنظومة الأدبية بإعادة التفكير في وضع الآداب الأقل نفوذاً)، وبخاصة وضع الأقليات اللغوية والثقافية.‏

    - الآداب الشفهية، والآداب المكتوبة.‏

    تتعلق مجالات الشفهية بالأدب العام، ويمكن أن تفيد المقارِن بصورة مزدوجة: فمن جهة، عبر القيام بدراسات تريد التقيد بالدراسات التي شرع بها علماء السلالات دراسات حول التقاليد الشفهية والشعبية، نسخ النصوص- السلالية وطباعتها)؛ ومن جهة أخرى، عبر دمج إشكالية الشفهية من أجل فهم أكثر اتساعاً، وأكثر نفوذاً لفكرة الأدب. نقترب من المثال الذي توصل إليه رولان بارت.‏

    في الحالة الأولى، قام مختصون بآداب أفريقيا، آداب محلية) ببحوث متميزة، مثل بحث جان ديريف حول ديولا ساحل العاج)، نذكر أيضاً المختارات المفيدة لجاك شيفرييه(18) .‏

    أو أيضاً دراسة كونشيتا بينيلا سيسبيد الذي درس، بحسب مبادئ الجمع العرقي خصائص الشعوب) استماع، تسجيل، نسخ وشروحات)، نصوصاً- إثنية في اللغة الإسبانية لشعوب سوداء علىالشاطئ الباسيفيكي لكولومبا(19) .‏

    أظهرت هذه الأعمال المنظومة الأدبية المركبة، لبعض السلالات العرقية مبادئ تصنيف الأجناس، وعلم قوانين التصنيف، ونظائر محتملة)، وموضوعاتية بعض الإنتاجات مثل الحكايات، والأساطير الخرافية)، وحدود قوة خيال معين.‏

    إنها تساعد على فهم أكثر تميزاً، ودقة لبعض الأشكال:‏

    مثل الحكايات، والأحجيات، والأمثال، وشعر الظرف، بمناسبة بعض الأحداث، وشعائر الحياة الاجتماعية الولادة، الزواج، الموت، رحلة الصيد)، وأدب التسلية أو الكلام الخفيف)، والأدب التعليمي أو الشعري أو الكلام الخطير)، وهي تلتمس في كل الحالات الشروط الخاصة للقول....)، إنها تقدم نظرات جديدة أو تؤكد معارف حول سير بعض دوافع الحكايات، وموضوعاتها، وبنياتها.‏

    يمكن أيضاً، في منتصف الطريق بين الشفهية والكتابة، أونصوص غير مطبوعة مرسلة عبر الراديو)، حالة بلدان أفريقيا المترسخ فيها هذا النوع من الكتابة).يمكن أن نضيف إليها كل المظاهر الموازية للأدب التي يتدخل فيها الحاكي، في المعنى التقليدي للعبارة، أو المتكلم الاتفاقي في موقف تجلٍ) قول نص- إثني أمام جماعة)، أو آخذاً الكلام من أجل حكايات مرتجلة قليلاً أو كثيراً لقاءات، اعترافات، حكايات حياة)، تعد هذه الأشكال الأخيرة مهمة في البلدان التي تحررت من الاستعمار منذ عهد قريب، والتي سيتأكد فيها بروز وعي وأشكال جديدة، إلى حد ما، للاستدلال.‏

    يجب أن تهتم هذه البحوث كلها، بمعطيات بيوغرافية محددة تتعلق بشخصيةالحاكي مثل العمر، والجنس، والأصل الاجتماعي، والاهتمام...الخ)، وأن تنتبه للتغيرات المرتبطة بموقف الاتصال الشفهي مثلاً، بحسب الجماهير، أو فعل الارتجال الذي يقدم أحد الموضوعات الأكثر إثارة والذي يسمح بمقاربة ظاهرة إبداع النص)، يجب أن يحرص النقل على أن يكون شاملاً ما أمكن ذلك بالنسبة لنماذج الجلسة وموضوعها: إيمائية، حركية، صمت، ردات فعل الجمهور، تأثيرات اللغة. بعد ذلك يأتي استغلال البنيات،والموضوعاتية: بحسب وجهة نظرالباحث وخياراته، تستلهم الدراسة من الأعمال الفولكلورية التسلسل، وانتقال الدوافع)، ومن الأنتروبولجيا البنيوية، أو من كل منهج استدلالي آخر، مثلاً الكتاب الشهير لبروب موروفولوجيا الحكاية)(20) .‏

    يثير استخدام هذا النص بالنسبة لهاوٍ، أو مبتدئ مشكلة: تركز الدراسة على مجموعة خاصة من الحكايات الرائعة، وهناك بعض التعسف في نقل المنهج، دون احتياط، إلى دراسة الحكايات أو الأساطير الخرافية، أو بالأحرى، إلى نص أدبي، مثلما نراه الآن. بصورة عامة، تمثل هذه الأعمال نوعاً من الأدب العام والمقارن الثاني الذي يقدم إضافات ثمينة بالنسبة لشعرية مقارنة حقيقية للأجناس والأشكال، والذي يجب أيضاً أن يكون أساس أدب عام ومقارن في أفريقيا، إذا كانت وسائل التعليم والبحث مؤمنة.‏

    تهدف المقاربة الثانية للشفهية إلى دراستها ضمن علاقاتها مع الكتابة، ضمن هذا المنظور، وهنا أيضاً في مجال الأدب العام، يجد المقارن أعمالاً شرع بها مختصون آخرون، بدءاً من أعمال المختص بالقرون الوسطى بول زومثور(21) الذي لم يتردد في الاستفادة من الأمثلة الحالية، والآثار الموضحة لوضع الشفهية. تسمح مقابلة الشفهية والكتابة بإغناء إشكالية الأدب، بحسب مختلف المقاييس: المتكلم، يحدد مفهوم المرسل، والتجلي يميز فكرة التلقي، ويدخل مفهوم النص- الأثني في سباق مع مفهوم النص) المعقد جداً مع ذلك، وأخيراً يسمح مفهوم كمفهوم الصوت بإعادة طرح مسألة نمذجة نص معين، يمكن قول مثل ذلك أيضاً عن مفهوم الإيقاع الذي خصّه هنري ميسشونيك بأعمال عدة.‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 20, 2024 1:16 am